كانون الاول - الجمعة 17/12/1999 السفارة
الإيرانية بدمشق تعقد مؤتمراً دولياً حول
الصحيفة السجادية |
دمشق
ـ ثائر سلوم لمناسبة
حلول شهر رمضان المبارك أقامت سفارة
الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق
مؤتمراً دولياً
حول «الصحيفة السجادية للإمام علي بن
الحسين زين العابدين (عليهما السلام»، في
مكتبة الأسد الوطنية بدمشق يومي السبت والأحد
الماضيين، شارك فيه مجموعة من رجال الدين
والفكر الإسلامي الإيرانيين والعرب: شيخ
الإسلام: أهمية الدعاء أشار
سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق
المهندس حسين شيخ الإسلام في كلمته إلى أهمية
الصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين (
عليهما السلام ) المعروف بـ ( زين العابدين ) و (
سيد الساجدين ) التي تتجلى في كون هذه الصحيفة
منظومة راقية من الأدعية التي تضع
الإنسان المؤمن أمام مسؤولياته تجاه خالق
الخلق والنبي الأكرم(ص) وجميع الأنبياء
والرسل والأئمة والأولياء . وأضاف
بأنها تضع الإنسان أيضا أمام مسؤولياته تجاه
الأسرة والمجتمع والأمة في جميع تفاصيل
وجوانب الحياة بما يؤدي به إلى سبل النجاة
والخلاص في دنياه وآخرته . وأكد
شيخ الإسلام على أهمية الدعاء والابتهال إلى
الله سبحانه وتعالى،
فالدعاء حاجة أساسية في حياة الإنسان
وضرورة أكد عليها المولى عز وجل بل وحث عليها
كما جاء في قوله تعالى، وقال ربكم ادعوني
استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين . كما إن الدعاء وسيلة
العبد الفقير إلى سيده وخالقه و مولاه العظيم
الغني قال
تعالى : ( يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله
والله هو الغني الحميد) وقال عز وجل ( قل ما
يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ). وقال
ان الأدعية التي وردت على لسان عظماء هذه
الأمة وتناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل، قد
عبرت بشكل دقيق عن معاني العبودية لله
والانقياد المطلق له تعالى وصولاً إلى خلاص
بني البشر وإنقاذهم من مغريات الحياة الدنيا
وتذكيرهم بواجباتهم الإنسانية السامية
وصولاً إلى الفوز بالنعيم المقيم في الحياة
الآخرة . ودعا
المهندس شيخ الإسلام أبناء الأمة الإسلامية
من اجل أن يتعرفوا الى أدعية بعضهم البعض، و
جمع كل ما لديهم من أدب الدعاء و نصوصه تعميما
للفائدة. و اعتبر أن مسؤولية جمع هذا التراث
العظيم تقع على عاتق منظمة المؤتمر الإسلامي . وشدد
على وجود عناصر شمولية جامعة خالدة تشترك
فيها كل الأمم والشعوب تكون مترسخة ومتجذرة
في عقائدها وتقاليدها وأدائها ومن ذلك كله
يعد (الدعاء ) محوراً معنوياً مشتركاً
لجميع بني البشر، فجميع الأمم والشعوب
بمختلف ألوانها ولغاتها ومعتقداتها وأديانها
، تلجأ إلى الدعاء إلى خالق السماوات والأرض
وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم لتلبية
حاجاتها ورغباتها وتطلعاتها، متوصلاً إلى أن
أهمية الدعاء تأتي باعتباره عامل اتفاق
وتفاهم وتلاق بين جميع الموحدين. وبما أننا
وفي إطار الحوار بين الحضارات نسعى إلى فرز
وتعيين القواسم
المشتركة التي تعزز مثل هذا الحوار وتؤكد على
أن (الدعاء) هو عامل قوي وقاسم مشترك يمكنه أن
يدعم هذا الحوار الذي دعا إليه فخامة الرئيس
الدكتور محمد خاتمي الموقر رئيس الجمهورية
الإسلامية الإيرانية، وإنني بدوري اقترح
اعتبار الصحيفة السجادية وثيقة أساسية في هذا
الاتجاه. وأشار
سعادة السفير إلى أن هذه الصحيفة طالما أكد
الإمام الخميني (قدس سره الشريف) على قراءة
ادعيتها العظيمة حتى انه اورد اهميتها في
مقدمة وصيته الالهية السياسية المعروفة
اظهاراً لمكانتها السامية والعجيبة، وهي
ايضاً الصحيفة
التي اوصى
القائد سماحة آية الله العظمى الامام
الخامنئي (دام ظله) بقراءة الكلمات النورانية
فيها، واعتبرها مدرسة في الحكمة والعبر
ودليلاً للحياة الانسانية السعيدة . آملي:
التوحيد والموحد تحدث
سماحة آية الله الشيخ عبد الله جوادي آملي من
إيران عن «التوحيد والموحد في الصحيفة
السجادية» قائلاً: إن البحث العنصري المحوري
الذي تتناوله الصحيفة السجادية ينقسم الى
قسمين : 1_
ما هو التوحيد
2_ من هو الموحد ؟ ان
هذا الكتاب الشريف من اوله الى آخره ومن ظاهره
الى باطنه ومن ادناه الى اعلاه ، ليس الا
بياناً حول ماهية التوحيد وماهية الموحد . لقد
قال اهل المعرفة ، ان الدعاء ، هو القران
الصاعد لكن ينبغي السؤال : اي دعاء يكون هو
القرآن الصاعد ؟ ودعاء اي داع يكون قرآناً
صاعداً ؟ اذ
لايصعد الى الله الا الكلم الطيب ، حيث قال
سبحانه وتعالى (اليه يصعد الكلم الطيب والعمل
الصالح يرفعه ). ان
مولانا السجاد عليه افضل صلاة المصلين ، قد
ادبنا وعلمنا كيف ندعو الله سبحانه
وتعالى يقول عليه السلام : (
ان الراحل اليك قريب المسافة وانك لاتحتجب عن
خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك) . اي
ان الداعي يرحل من الطبيعة
الى ما وراءها ، ومن الخلق الى الخالق. وفي
الجزء الثاني من هذا الدعاء يوضح الامام زين
العابدين(ع) : ان الله سبحانه وتعالى لا حجاب
له ، لانه نور السماوات والارض فلا شيء في
السماء قادر على حجب نور السماء ولا شيء في
الارض قادر على حجب نور الارض . لكن
الامام السجاد يستثني بقوله (ع) : الا ان
تحجبهم الاعمال دونك ، اي بمعنى ان العقيدة
السيئة تكون حاجبة وان الاخلاق السيئة تكون
حاجبة ، والاعمال السيئة حاجبة. اذاً
ليس بين العبد ومولاه حجاب الا ذنبه، والامام
السجاد يريد هنا في هذا الدعاء تشخيص
هذا الحجاب اولاً والعمل على خرقه وازالته
ثانياً ، ثم انه كان في ادعيته يقتبس من
القران الكريم لان الداعي الذي لا يقتبس من
القرآن الكريم لن يكون دعاؤه قرآنا صاعداً. فانوس:
نماذج أكد
الدكتور وجيه فانوس من لبنان في محاضرته «الانسان
في نماذج ادعية الصحيفة السجادية» على مفهوم
العلاقة بين الانسان والله باعتبارها شيء ما
ينظم جميع مجالات الوجود الانساني وآفاقه في
النماذج التي تم عرضها من أدعية الإمام زين
العابدين (ع) في الصحيفة السجادية . وقال إنه
من الواضح ان الامام لا يرى اي تحقيق لحضوره
الانساني واي تجلّ لصورته الانسانية ، عبر
هذه العلاقة الا من خلال ارتباطه التسليمي
بالله، لقد
اسلم الانسان، عبر ما تشف عنه الادعية جميع
أمره لله تعالى ، تاركاً قيادة نفسه اليه،
فالتسليم الايماني المطلق قوام صورة هذا
الانسان بيد ان هذا التسليم ليس من باب
التواكل او التخاذل تجاه المسؤوليات
الحياتية : التي تجابهه والتي الزم نفسه
بمواجهتها والارتفاع الى مستوى مسؤليتها. انه
تسليم يرتبط ارتباطا صميميا بكنه هذا الانسان
متمثلاً بحقيقة نواياه المضمرة كما المعلنة.
ومن الواضح ان الانسان في هذه الادعية يدرك
ان نواياه هذه ، أكانت تجاه نفسه او تجاه
الاخرين ، هي مفتاح ممارسته للعيش وهو يدرك
يقينا وايمانا ان على هذه النوايا الا تتوجه
لغير الله ، والا تكون الا من منطلقات الايمان
الكلي والشمولي به . وأضاف:
إنسان دعاء الصحيفة السجادية ، انسان النية
التي اخلصت جهرها وسرها لرب العالمين ، وهو
الانسان الذي ذاته بجميع طاقاتها ، اقوالاً
وافعالا وآمالاً ورؤى ، الىالله سبحانه
وتعالى . شيخ
أمين: إيحاءات وتوقف
الدكتور بكري شيخ امين من سورية عند بعض
الإيحاءات «من وحي الصحيفة السجادية» وقال:
ثمة مدينة فاضلة لم تشرب مبادءها من
افلاطون ولا من نبع ارضي غربي أو غير غربي ،
انما شربت من تعاليم السماء واستمدت مبادءها
من كتاب الله العزيز واحاديث رسوله الكريم (ص)،
وخير مثال على هذه المدينة الفاضلة ما نجده في
رسالة الامام زين العابدين علي ابن الحسين (
عليهما السلام ) المشهورة برسالة الحقوق ،
والمسجلة في مجموعة الصحيفة السجادية . واضاف:
إن المبادئ الاصيلة لهذه المدينة الفاضلة
المسلمة ، مستمدة من القران الكريم واحاديث
رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن
سيرة الصحابة الكرام وشمائل آل بيت الرسول
رضوان الله عليهم اجمعين ، ولاشيء خارج هذا
الاطار الشريف . السيد:
نظرة في محراب وقدم
الشيخ السيد محمد عبد الستار السيد من سورية «نظرة
تأمل في محراب زين العابدين» قال فيها: في ظل
هذا العروج الروحي والارتقاء النفسي
والشفافية الانسانية والسمو الوجداني ، كانت
عبادة زين العابدين وكانت الصحيفة السجادية ،
هذه الذخيرة الايمانية الحية الادبية
العظيمة . واشار
إلى أن دعاء الامام السجاد ، يحمل في طياته
تاريخاً يهز الوجدان ويحرك المشاعر ويهز
اوتار القلوب ويطلق بلاغة اللسان، من هنا
كانت ادعية الامام اعظم واكثر تاثيرا وبلاغة
من الخطب لأن الادعية كانت صوت ضميره ونداء
قلبه واداة التعبير الكريمة عن عواطف نفسه
العظيمة المنيبة الى الله . ووصف
هذه الادعية بأنها دليل مستقل من دلائل عظمة
الامام وهي بنفس الوقت تدل دلالة صارخة على
انها جرت على لسان حفيد من احفاد رسول الله (ص)
تربوا في مدرسة المصطفى فيشع منها نور
الانتماء للنبوة وهي تجمع بين بساطة القلب
المتألم وانكساره والحاح ذي الحاجة وقلقه
واضطراره وحزم من يقف على اداب العتبة
الالهية والبلاط القدسي وادبه وبين اظهار
الالم واعلان الواقع الصادق كما قال الشاعر
الفارسي ( رب قد
اصبتني بالالم فواسيتني انت واحتضنتني
انت بالعطف والحنان وعالجتني انت بنفسك ). الموسوي:
تكامل التربية وتوقف
العلامة السيد محمد الموسوي من الهند عند «تكامل
التربية الفردية والاجتماعية في الصحيفة
السجادية»، مشيراً فيها إلى ان جمهور
الباحثين الغربيين يحصر دور الدين في نطاق
فردي بحت، وليس للدين في نظرهم اي دور في بناء
المجتمع وتوجيه حركته العامة، وذلك كرد فعل
لاساءات الكنيسة في استخدام اسم الدين بينما
يطرح الاسلام الدين نظاماً للحياة بكل
ابعادها الفردية والاجتماعية وعلى كل اصعدة
النشاط الانساني . واشار
إلى ان المجتمع الاسلامي قد مر في العصر
الاموي وما بعده بظروف طغت فيها الحياة
المادية الشهوانية نتيجةً لانغماس الحاكمين
باللهو والفساد ما ادى الى عزوف اكثر
المتدينين عن الحياة العامة وانعزالهم عنها
ونشوء بدايات التصوف كرد فعل للحياة المادية
الماجنة وكتعبير عن العجز عن اصلاح المجتمع
الفاسد ما جعل كفة التصوف الفردي للدين تغلب
ولو مؤقتاً الفهم الاسلامي الشامل للدين ،
لكن الامام السجاد ( عليه السلام ) لم يركن الى
زاوية العبادة الفردية تاركاً الظلم
والظالمين يعيثون في الارض فسادا بل اتخذ
وسائل اقتضتها ظروف مرحلته كي يبث تعاليم
الرسالة الاسلامية الشاملة عن طريق الدعاء
فكان دعاؤه سفرا خالدا حافلا بالتربية
الفردية والعائلية والاجتماعية والسياسية،
ودعاء (مكارم الاخلاق ) هو نموذج اخذناه كي
ندرس كيف صاغ الامام السجاد تكاملاً تربوياً
فريداً بين المنحى الفردي في التربية الذاتية
والمنحى الاجتماعي في التربية الهادفة الى
بناء مجتمع انساني سليم ، فإضافة الى نماذج
التربية الفردية الاخلاقية لاكمال الايمان
وتقوية اليقين وتصحيح النية والتواضع
واستثمار الوقت بما ينفع الانسان في اخرته
ودنياه نجد نماذج التربية الاجتماعية في
عبارات الدعاء : أ
_ التربية على خدمة الناس ب
_ التربية على مقابلة الاساءة بالاحسان ج_
التربية على الاصلاح بين الناس د
_ التربية على التماسك الاجتماعي ونبذ
النعرات هـ
_ التربية على التصدي للظالمين واعتبر
أن هذه بعض نماذج التربية الاجتماعية التي
نستفيدها من الدعاء السجادي المعروف بدعاء
مكارم الاخلاق والذي يتوازن فيه الجانب
الفردي في شخصية الانسان مع الجانب الاجتماعي
وتنسجم فيه تزكية النفس مع اصلاح المجتمع في
عملية تربوية واقعية متكاملة لا تغفل من
جوانب الانسان والحياة اي جانب . النفيس:
طريق المعصومين وألقى
الدكتور احمد راسم النفيس من مصر محاضرة
بعنوان «الامام السجاد ... طريق المعصومين في
عرض اصول الدين» أكد فيها أن هذا النص ( غير
المختلف عليه مضمونا) في الصلاة على محمد
وآله، نقطع بانه قد خرج من مشكاة المعصومين
دون سواها، التي جعلها الله عز وجل مظهراً
لنوره، واذا كان الله قد ضرب الأقل لنوره
مثلاً من المشكاة والمصباح فما بالهم ينكرون
ان يكون هذا الاقل هو من محمد وآل محمد. وقال:
معالم الامامة كما عرضها السجاد ( عليه السلام
) ضرورة لازمة من لوازم حفظ الدين لاتختص بعصر
ولا أوان ، انها فريضة كل عصر ... انها حبل الله
المتين والذريعة الى مرضاة الله عز وجل ،
مفروض طاعته ممنوع معصيته ، امتثال امره ،
امتثال لامر الله لا يتقدمه متقدم ولايتأخر
عنه متأخر ، انه النمرقة الوسطى ، بها يلحق
التالي واليها يفيء الغالي، عصمة الامة من
الامراض والانحرافات والضمانة الوحيدة للسير
على نهج الله وصراطه المستقيم . فضل
الله: النهج والشخص وأوضح
السيد عبد الكريم فضل الله من لبنان «مواقف
زين العابدين بين النهج والشخص»، مبيناً أن
مشكلة علي بن الحسين (ع)
واهل البيت عموماً مع بني امية لم تكن
مشكلة شخصية ولم يكن الصراع مع اشخاصهم والا
لانتقم من مروان بن الحكم الذي حرض والي
يزيد بن معاوية على المدينة على ابيه الحسين (ع)
ولوجدها معاً فرصة
للنيل من كل من حارب وشارك في قتله ولكنه
لم يفعل ذلك لالمروءته فقط، بل لان موقف اهل
البيت (ع) من بني امية موقف مبدئي، انه صراع من
النهج والفكر والمبدأ والمسلك وليس صراعاً مع
اشخاص من اجل السلطة او غير ذلك من الدنيا ،
لقد كان صراعاً ضد النهج الذي جعل طاعة الحاكم
واجبة شرعاً حتى في معصية الله عز وجل وجعل
رفض الظلم والوقوف ضد الظالمين ـ وهو العمود
الفقري لرسالة رسول الله محمد (ص) _ محرما شرعا
وجعل هذا من صلب الدين وجوهره وبهذا ينقلب
الاسلام من دين ورسالة رحمة للعالمين الى دين
يطوع الناس للحاكم الظالم ويذل الشعوب بملء
ارادتها فتتجرع الظلم وهي مقتنعة بان هذا
يرضي الله عز وجل ، كل هذا كي يحكم بلا رادع او
معارض من اجل ارضاء نزواته واهوائه ، فيحكم من
دون نظر لمصلحة الناس بل لاغراضه . وتوصل
إلى أنه كان صراعاً ضد مسخ الدين والاسلام
والانحراف به عن رسالة محمد بن عبد الله (ص)
ولم يكن ابدا صراعاً شخصياً او عشائريا او
عائلياً ، لقد كان صراعاً من اجل المظلومين
والمستضعفين من اجل الناس كل الناس . نصر
الله: البعد الإنساني وتوقف
الدكتور حسن عباس نصر الله من لبنان عند «البعد
الانساني في الصحيفة السجادية» مشيراً إلى
أنه عندما آل امر الامامة إلى الإمام السجاد
بادر ينفذ الوصية ترك السيف ولاذ بالعبادة
والدعاء وضمن دعاءه دستور جمهورية انسانية
يحكمها التسامح والعدل ويسودها الخير الذي
يلغي الشر بالمحبة والكلمة والدعاء ... فكانت
الصحيفة السجادية ادعية و دموعاً ماترك زين
العابدين السيف خوفا مما عاشه في كربلاء ، كما
ادعى كثيرون ، حفيد علي تغلي في عروقه دماء
علي لاترهبه سيوف ولاتخيفه رماح أو حشود
فابنه زيد الشهيد (79_122)
ثار وقتل مع انه وعى قصة كربلاء ما خاف
القتل، بل كان يتلذذ به في كل خطوة من ثورته . وقال:
كأن الصحيفة السجادية ترسم دستور امة ، تقرر
التوحيد والنبوة والامامة والعبادات
والمعاملات والامر بالمعروف والنهي عن
المنكر تذكر الناس بحقوق الصلاة والصوم والحج
والوالدين والجيران والملائكة وطبقات
المجتمع وحماة الثغور ... في زمن بدأ الناس
يتهاونون في شؤون العبادات ، تلهيهم الدنيا ،
فردهم علي بن الحسين اليها بسلوكه العبادي
وكثرة صلاته صلى الف ركعة في اليوم والليلة ،
فاوضح طريق الزهاد بعده ، فكانوا اذا ذكروه
بكوا وقالوا : هو زين العابدين .. الدعاء عنده
رسالة منطلق ثورة اللاعنف التي تصلح امور
المسلمين . الرافعي:
الجانب الأخلاقي وبحث
الدكتور مصطفى الرافعي من لبنان في «الجانب
الاخلاقي عند الامام زين العابدين (ع)» مؤكداً
أن ايمان الامام علي بن الحسين ( عليهما
السلام ) لم يتزعزع وهو الذي كان يطلق لسانه
على من يعتذر لمطلق التصرف ويدافع عن الزيغ _
فقد رأى ان حرية القول قد يكون خيرها احياناً
ان تقيد او تسلب وذلك اذا تعارضت الفردية
ومصلحة الجماعة . وضرب
مثالاً على ذلك بأن عليه السلام سبه رجل مرة
فسكت الامام عنه، فقال له الرجل اياك اعني
فاجابه الامام قائلاً : وعنك اغضي كان هذا
التصرف الرائع من الامام عليه السلام نتيجة
لايمانه القوي بالله تعالى وهي اعظم ماخصلت
به شخصيته من حميد المزايا وكريم الصفات . وقال:
لقد كان هذا الامام العظيم مع الايمان روحين
في روح شامخين
راسخين امام الحادثات لايمل واحد منهما _ وهما
واحد _ كلا ولايلين . وبفضل هذا الامام القوي
كانت نفسه في جميع حالاته كالدولاب ذاتي
الحركة تصنع من البغض حباً ومن المرض سلامة
ومن الفقر ميسرة ومن الاضطهاد وتحمل الاذى
ونكران الجميل قوة واحتمالاً . اجل كان الامام
الزاهد علي بن الحسين عليهما السلام مؤمناً
بربه ، مومناً بنفسه ، مؤمناً باهله مؤمناً
باصدقائه ومؤمناً بانسانيته وايم الحق لو وعد
اثرياء المكارم في عصر هذا الامام العظيم
لكان عليه السلام اعرضهم ثراء واكثرهم سخاء
والمكرمة لاتكون مكرمة الا اذا اقفلت عليها
قلبك ونفسك وعقدت عليها لسانك فهي مكرمة في
تقديمها للعامة وتقديمها للناس لقد كان هذا
الامام الجليل مناحاً للخير يعمل بما فطر
عليه من سمو في الغرض وترفع في الوسيلة . ونوه
إلى اهتمامه
بالقطاعات المستضعفة في الامة بلغ ان حرر
مئات الارقاء من اسيادهم فكان يشتري في كل عام
عدداً كبيراً منهم من اجل تحريرهم وخصوصاً في
العيدين وكانت معاملته لهم معاملة الند للند
فلم يكلف احداً فوق طاقته ولم يؤذ احداً ابداً
وقد اسماه البعض من اجل ذلك ( محرر العبيد ) . الأشتر:
ملامح فنية وقدم
الكاتب السوري الدكتور عبد الكريم الاشتر «ملامح
من الصفات
الفنية للصحيفة السجادية» أشار فيها إلى
أن الامام امتاز بما تمتاز به النفوس
المختارة من خصوبة الفكر وقوة النفوذ في كل ما
تقع عليه العين او يمتلكه الحس او يدركه الحدس
ومن حرارة الروح وسطوع الوجدان الديني وسعة
الاحاطة بالثقافة الاسلامية التي تلقاها في
الوسط النبوي الذي نشأ فيه وعلى المثال
الرفيع المتناقل عن آل البيت في عصور الاسلام
الاولى ويكشف امتلاكه ادوات التعبير عن ثروة
لغوية واسعة استغلت في ادعيته ونجواه
وابتهالاته ، احسن استغلال وأقواه بما يتناسب
مع طبيعة الدعاء وحرارة النجوى . وأكد
أن الامام زين العابدين وَفى، في ادعيته بأدق
دقائق العقيدة وجعل منها كتاباً في فهم الدين
: مايأمر به وما ينهي عنه وكتاباً في ادب
الاجتماع وادب الدرس وادب النفس وكتاباً في
اللغة يلم بمفرداتها ويقرأ ممن يقرؤها معجمها
اللغوي وكثيرا من أسرار بيانها وقدراتها في
التعبير والتصوير . وأوضح
الأشتر أن الإمام بنى من الادعية التي صاغها
محراباً يتعبد فيه الفرد المسلم ويناجي
ربه ويبتهل اليه فلاعجب بعد هذا كله ان يجعلها
بعض المحبين في مرتبة الزبور وحسبي في اخر
الكلام ان اختمه بهذا الدعاء الذي يغني عن كل
ختام : (( اللهم حبب الي صحبة الفقراء واعني على
صحبتهم بحسن الصبر ، ومازويت عني في متاع
الدنيا الفانية فادخره لي في خزانتك الباقية
واجعل ما خولتني من حطامها وعجلت لي في متاعها
بلغة الى جوارك ووصلة الى قربك وذريعة الى
جنتك )). وأكد
أن الانسان يعجب وهو يعيد النظر في الصحيفة (
وهو العجب الذي يدركه حين يستمع الى دعوات أهل
البيت على الاطلاق ) من اين تتوجه نفوسهم في
تشقيق المعاني والوان الصياغات والمشاعر وهم
يجولون في دائرة واحدة هي دائرة التبتل و
الابتهال والدعاء كأنهم جبلوا _ جراء الصدق
وعمق الالتزام والاحساس بمعاني الرسالة التي
حملوها _ من تراب خاص وسقوا تبتلهم وابتهالهم
ودعائهم من رقة الحزن وعمق الاحساس بجلال
الالوهة والتذلل لها وانخلاع القلب لهيبتها . قاسم:
صورة الآخر وقدم
الباحث اللبناني الدكتور رياض زكي قاسم «صورة
الاخر في مرآة الذات ... السجاد من منظور
اجتماعي» قال فيها:
اذ تفصح "
الذات " عن ماهية وجودها تتبدى نصوص الدعاء
في الصحيفة السجادية " الق فجر في يوم ربيعي
فالركن هو ذلك الانتماء الى مبعث الحق . ألم
تتجلى بدور العرفان المحمدي في سنة عطرة وفي
امتداد مشهدي ؟ اين منه المسك يضوع بسبحات أهل
البيت ويمتلك الاريج كله في ثوب مشى فيه الحق
متعالياً الا عن السجود مترفعاً الا عن تسايل
دمعة المظلوم .
فالذات _
السجادة _ في ما تعي : ما نتج من قوة رحمانية أو
ما تحررت فيه القوة الباعثة من نسبية المخلوق
وما نتج من ثم من تبصر المادة او ما كان نتيجة
الباعث العقلاني البشري ، فالقوتان كلتاهما
تكشفان النقاب عن زمانين اثنين ، زمان
التجربة الشخصية في حدها النسبي وما قضى فيه
السجاد نهاره وليله وسنين عمره في معترك
المجتمع ذاك، والزمان المنفك عن المواقيت
المعلومة المتحرر من لعبة الحساب اليومي
المعهود ... انه الزمان الذي يعكس اختمار
المعرفة وتوهجها المستديم من الارث المتواصل
الفياض بانباء الرحمة وقطرات الحق
على شاطئ اليقين .
اندرجت
المضامين القيمية والمفاهيم الترشيدية
والافكار الاصلاحية الواردة في الصحيفة
السجادية في اطار الشكل الدعائي ، وهو أسلوب
توسله الامام زين العابدين عليه السلام لنقل
مواقفه وابلاغ رأيه الى من حوله ممن آمن واتبع
الهدى او من انكر وامتلأ قلبه كيداً او
نكراناً فجعل التوجه الى الله تعالى قبلة
ترنو اليها الابصار وترتاح اليها البصائر
وكأن الخطاب المباشر الى الآخر قد ضاقت حدوده
البلاغية أو رأي فيه (ع) اسلوبا مآله الدموع في
الوعظية او التقريرية لذا غدا الاتصال
بالرجاء عبر الادعية ارتباطاً بالذات العلية
يتجلى في كل كلمة وهو ما اعطى المضمون بعداً
روحياً واضفى على التعبير الكلامي ايقاعاً
مميزاً. الابراهيم:
رحاب وألقى
الشيخ علي عزيز الابراهيم من لبنان
محاضرة بعنوان «في رحاب الامام زين
العابدين (ع)» أشار فيها إلى أن الحديث عن هذا
الامام الجليل يطيب للقلوب ويسر النفوس ويبهج
الارواح ذلك لان الناس جميعاً اتفقوا على
الاشادة بما لهذا الامام من اهل بيت النبوة (ع)
من المزايا والشمائل والمعارف والكرامات
والمناقب والزهد وكثرة العبادة وطول الصبر
وعظيم الخلق مما جعل المؤالف والمخالف يذعن
ويخبت ويعترف بجلالة قدره وسمو عرفانه وعظيم
شأنه وخطر شخصه فقد كان من المهابة في النفوس
ما ذكرته الكتب وسطرته المعاجم
وسارت به الركبان من اسفار الكشف
والمعارف واعمال البر للفقراء والمحتاجين
والاحسان حتى لمن اساء اليه ولا غرو فهو من
تلك الشجرة المباركة والهامة العليا من سماء
النبوة والامامة . وأضاف:
أجمع اهل الرأي والتاريخ والمحققون من
المؤالف والمخالف والخاص والعام ان الامام
عليا زين العابدين (ع) كان غاية في العبادة
بعد رسول الله جده (ص) وامير المؤمنين علي
بن ابي طالب (ع) فقد كان امام عباد وزهاد
واتقياء زمانه فلقد صلى حتى تورمت قدماه
وكانت جبهته من كثرة السجود كثفنة البعير،
ولا غرو فقد كان الناس يسمونه ( ذا الثفنات )
وكان يصلي في اليوم والليلة الف ركعة وكان
باديا عليه الاجتهاد في العبادة حتى انه
كثيرا ما كان يغشى عليه في الصلاة لانقطاعه
الى الله وشوقه الى ربه وتفانيه في ذات ربه.
وان شئت قلت انه ممن كان يذوب شوقاً وفرقاً
ويتغير لونه في الصلاة وحتى في الوضوء من شدة
حبه لله ووجده به وكان باجماع اهل زمانه من
سادة اهل الكشف والعرفان . الزاوي:
وقفة وتوقف
الدكتور احمد عمران الزاوي من سورية في
محاضرته «أمام محراب الامام زين العابدين (ع)»،
حيث قال: الصحيفة
السجادية وان كانت الكتاب الوحيد الذي خلفه
الامام زين العابدين ، فهي بأدعيتها التسعة
والستين ، والخمس عشرة مناجاة نشرت بين الناس
جواً روحياً وأقامت جزيرة من الاخلاق
والايمان ، وسط ذلك العالم الذي امتلكت زمامه
مغريات الدنيا .. وهي تمثل في الادب العربي
قديمه وحديثه نوعاً خاصاً هو ادب الدعاء الذي
يحمل من خلال عبارات التأله
والتوله رسالة الدعوة الى الايمان الحق
والمبادئ الانسانية السامية.
والأدعية السجادية بإعجازها البياني
وعرضها الروحاني وضيائها الرباني شكلت رسالة
السجاد الى الناس .. لقد صبغت بكلمات وتعابير
تجلو جلاميد الانحراف عن النفس مثلما تجلو
النار الصدأ عن الحديد .. فالاسلام بدلالاته
الايمانية هو السير بالانسان على خط الفضيلة
وتنمية محبة الله في قلبه ، بدءاً من محبته
لأخيه الانسان . فالمرء الذي لا يحب أخيه الذي
يراه يستحيل عليه ان يحب الله الذي لا
يراه. تلك الروح الانسانية الهادفة تجدها في
جميع ادعية الصحيفة السجادية . لقد
كان علي بن الحسين يمثل المسلم الكامل الذي
توقدت نفسه بالقرآن فأنار جنباتها ومسح جميع
عناصر الظلام عنها .. والقرآن هو قوة من الله
وحوله لا يمس قلب مؤمن الا اناره ودحر منه
عناصر الخوف من الناس وسلحه بمنطق الحق الذي
يزهق الباطل
وحينما ارتقى ابو محمد ( الامام السجاد )
منبر دمشق كان فوق تطلعات الدنيا لقد تسلح
بالقرآن وتخلق باخلاقه فارتفعت معانيه عن
معاني المادة وشهواتها وتجلى في شخصه فيض من
قوة الله العظمى التي لم تسعها الارض والسماء
ووسعها قلب المؤمن . الوزير:
أثر عظيم كلمة
العلامة ابرهيم بن محمد الوزير من
اليمن كانت مخصصة لموضوع «الصحيفة
السجادية اثر عظيم من آثار الامام زين
العابدين (ع)» اعتبر فيها أن الصحيفة السجادية
دواء الارواح وبلسم الجراح ومناجاة الله
سبحانه وتعالى والوقوف ببابه والتمسح
بأعتابه والتذلل بين يديه وعرض الحال عليه ،
هذا السبيل المستقيم الى السعادة والطمأنينة
والرضى فما وقف بباب الله متذلل سائل داع كما
في مثل هذه الصحيفة او أمثالها مثل ادعية
المصطفى خاتم الانبياء وسيد المرسلين (ص) أو
بمثل ادعية أهل البيت والصالحين. ووصف
الصحيفة بالثورة على اهل الدنيا والمتكالبين
عليها والمتفانين فيها ، فما قرأ مسلم
الصحيفة ... ألا هانت أمامه الدنيا ومافيها
وصغر في عينيه اهل الدنيا والمتكالبون عليها
من اهل المناصب الدنيوية واهل الظلم والفساد
.... وقد اهتم بهذه الصحيفة السجادية علماء كثر
من المسلمين فشرحوها بعدة شروح يطول ذكر
اسمائها. وقد ترجمت الى اللغات الانجليزية
والفرنسية والالمانية والاردية والفارسية ...
وحتى ان الخطاطين اهتموا بها فنقلوا منها
قطعاً كتبت بخط جميل بكل انواع الخطوط
العربية المعروفة . الجلالي:
عظمة القَدَر العلامة
السيد محمد رضا الحسيني الجلالي من ايران
تحدث في موضوع «الصحيفة السجادية بين
عظمة القدر وضياع العصر»، فالإمام زين
العابدين (ع) يحدثنا من خلال الصحيفة السجادية
علنا نخرج متحولين في نظرتنا الى الامام
فنعود عاقدين
العزم على اعادة موقفنا من فقهه وتراثه
وخصوصية هذه الصحيفة ورواتها العظماء الذين
حملوها ، والطائفة التي اعتنت بها واحتضنتها
حتى اليوم لنقف على كنز من المعرفة ، طالما
الخفي عن الابصار وحجب عن البصائر ولم تتمكن
الامة الاسلامية الكريمة من الاستفادة
التامة من لآلئه . وقال:
إن فكرة ظهور الصحيفة السجادية في القرن
الاول الهجري (السادس الميلادي) في مثل بيئة
الامام السجاد (عليه السلام) بظروفه الخاصة ،
حيث كان متهماً من قبل اجهزة الدولة لانه
الوريث الوحيد لكل امجاد صاحب الرسالة جده
الرسول المصطفى وصاحب الولاية علي المرتضى
وابيه الشهيد في كربلاء وبالظروف العامة : حيث
لا تزال تتولى كِبر منع الثقافة والتثقيف
بمنع الكتاية والتدوين ومنع الفقاهة
والتحديث والمطاردة للامام الى حد المراقبة
والجلب والتقييد الى عاصمة الحكام والى هذه
المدينة دمشق الشام بالذات اكثر من مرة ...
اقول ان ظهور هذا النص وبهذه القوة في المحتوى
والاداء له من المميزات التي يجعله في صدر
قوائم الروائع البشرية الخالدة وهو من دواعي
فخر المسلمين واعتزازهم ، حيث يملكون مثله
منذ ذلك التاريخ، ولئن مرت فترات مظلمة في
تاريخ الامة سودت صحائف منه فكتمت مثل هذه
الذخائر وعتمت على مثل هذه الامجاد والمفاخر
وحكمت الطائفية المقيتة في النفوس بأغراضها
واحقادها ونشرت المخاوف ، بدل المعارف ،
فمنعت من نشر هذا التراث العظيم ، الذي يشهد
لعظمة المسلمين ومجدهم وعلو كعبهم في الثقافة
والفكر قبل 15 قرنا، فإن من مخلفات تلك الظلمات
هي المظالم
التي يتولى كبرها _ اليوم _ فئات مضللة
مغفلة تثير الشبهة والشك في وجه الحق
والحقيقة بما ادى الى جهل اهل الجيل بهذا النص
واغفاله من قبل المهتمين بالادب والفكر مع
توجههم الى الاقل منه في القدم وما لا يبلغ
شأوه في العظم من النصوص المروية عن مجهولي
الهوية والشخصية من اصحاب الاهواء فلماذا مثل
هذا ؟ الآراكي:
سند الصحيفة وتوقف
العلامة الشيخ محمد ابراهيم الانصاري
الاراكي من ايران عند «سند الصحيفة السجادية»،
أشار في بدايتها إلى حديث الثقلين: ( إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي )
المتواتر وقطعي المصدر عن رسول الله صلى الله
عليه واله بين الشيعة والسنة على ما اثبته
وبينه العلامة الحجة الشيخ قوام الدين وشنو
في رسالته الشريفة التي الفها بأمر من آية
الله العظمى السيد البروجري ( قده ) وطبع في
رسالة الاسلام في دار التقريب الاسلامي في
القاهرة على ما نقله الاستاذ المرحوم المطهري
في كتابه واشار اليه استاذنا الامام الخميني
رضوان الله تعالى عليه في وصيته الخالدة . اذا
فالصحيفة هي قبس من علم آل البيت الذين يقول
في حقهم فيلسوف المعرة ابو العلاء المعري : لقد
عجبوا لآل البيت لمـا
اتاهم علمهم في جلد جفر ومرآة
المنجم وهي صغرى
تريه كل عامرة وقفــر
على مانقله
المحدث القمي في منتهى الآمال في تاريخ النبي
والآل ص 194 من المجلد الثاني عن كتاب ادب
الكاتب لابن قتيبة ( طبعة جامعة المدرسين في
قم المشرفة ) والذين لا يروون حديثهم الا عن
رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى
الله عليه وآله لايروي الا عن الله عز وجل على
مانطقت به الاحاديث المتواترة عنهم عليهم
السلام ( ان حديثي حديث ابي وحديث ابي حديث جدي
وحديث جدي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله
وحديث رسول الله قول الله عز وجل كما
اثبته آية الله العظمى السيد البروجردي (قده)
في جامع احاديث الشيعة _ باب ان الائمة
لايروون الا عن الله عز وجل _ وكذلك المجلسي في
(مرآة العقول). وأكد
أن هذا هو سند صحيفة الامام علي بن الحسين
الموسومة بالصحيفة السجادية والمعروفة ايضاً
باسم (
زبور آل محمد ) التي ثبت انتسابها اليه
بالقرائن الموجبة للقطع وحساب الاحتمالات
التي ارسى قواعده سيدنا الاستاذ المحقق
الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (قده) صاحب
المقدمة القيمة على الصحيفة السجادية في
كتابه القيم (الاسس المنطقية للاستقراء)
والذي درّسنا اياه قبل طبعه في النجف الاشرف
وقبل مجيء استاذنا الامام الخميني رضوان الله
تعالى عليه الى العراق . حلباوي:
الجمالية وتحدث
العلامة الشيخ نبيل حلباوي من سورية عن «الجمالية
في ادعية الصحيفة السجادية»، والتي
تتجلى
بصور متعددة واكتفى بإلقاء بعض الضوء على
مايتعلق منها بالموضوع ومثّل لبعض الجماليات
المتنوعة :
1_ الشمول
والاستيعاب : فأدعية الصحيفة السجادية تغطي
ابواباً شتى صنفها بعضهم الى تسعة عشر بابا
ينفتح من كل منها ابواب عديدة ، وهي تتناول
الاسلام واصوله من توحيد وعدل ونبوة وامامة
ومعاد وجانبه القيمي وجانبه العبادي وجانبه
السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري
والصحي والزمان والكون والانسان والعلم
والتاريخ . 2_
التنوع والتلوين : ففي باب علاقة الانسان بربه
نجد دعاءً في الاعتذار ودعاءً في الشكر
ودعاءً في
التذلل لله ودعاءً في التضرع والاستكانة
ودعاءً في طلب الستر والوقاية ودعاءً في
الاشتياق ودعاءً في اللجوء الى الله تعالى. 3_التنسيق
والترتيب : ثمة ادعية تشمل دوائر تنداح
ابتداءً من الانسان الى من حوله ، فدعاء لنفسه
وخاصته ، ودعاء لابويه، ودعاء لجيرانه
واوليائه، ودعاء لأهل الثغور، وفي دعائه
لوالديه (اللهم خفض لهما صوتي وأطب لهما كلامي
وألن لهما عريكتي وأعطف عليهما قلبي وصيرني
بهما رفيقاً وعليهما شفيقاً ... الهم اشكر لهما
تربيتي وأثبهما على تكرمتي واحفظ لهما ماحفظا
مني في صغري) فهذه الجمل المتتابعة المتنوعة
ومشتقات الخفض والطيب واللين والعطف وتساوي
الفاصلتين _ رفيقاً وشفيقاً _ والترادف
المعنوي بين (اشكر لهما ـ اثبهما ) الوان في
الجماليات الصوتية. عبد
الصاحب الموسوي: الصحيفة ورمضان وألقى
العلامة السيد عبد الصاحب الموسوي من ايران
محاضرة بعنوان «شهر رمضان المبارك والصحيفة
السجادية»، بيّن فيها أن الامام علي بن
الحسين زين العابدين (ع) يؤكد وبصيغة الدعاء
على وظائف الانسان في شهر رمضان المبارك
العظيم حتى يكون الصوم صوماً واقعياً له
درجاته ومقاماته السامية وذلك لان علماء
الاخلاق يقسمون الصوم الى ثلاثة اقسام : -
صوم العموم : وهو صوم عامة الناس من دون رعاية
لشرائط القبول وليس لهذا النوع اثر الا سقوط
التكليف . -
صوم الخصوص : وهو الامساك عن الامور التي تبعد
الانسان عن الله سبحانه وتعالى واعني بها
المحرمات . -
صوم خصوص الخصوص : فذاك صوم الاولياء
والاصفياء وامساكم عن التعلق بالدنيا
ومظاهرها الفانية فليس للدنيا عندهم مقام
ولامنزلة. بل جعلوها كالذين اقتصروا منها
على ما لا يمكن تركه . وقال:
إن الامام السجاد رأى ان الصوم الصحيح
والمقبول هو ماكان نزيهاً عن المحرمات التي
تبعد الانسان عن ربه وعن دينه وهذا هو
المستفاد من مجموعة الروايات والاحاديث
الواردة عن الرسول الاعظم واهل بيته الكرام .
وهذا هو رأي الاولياء والاتقياء في الصوم
وحينئذ لاينسجم مع الواقع الموجود ميدانياً
في ما تعارف بين بعض المسلمين من احياء هذا
الشهر بالسهرات واللهو واللعب المعبر عنه بالسهرات
الرمضانية التي لا تنسجم مع واقع هذا الشهر
العظيم الذي هو شهر الانابة والتوبة
والمغفرة، فعلى العلماء الكرام ان يخرجوا من
هذه الحالة المزرية والشاذة والبعيدة عن الله
سبحانه وتعالى . شحادة:
حقوق الإنسان وحاضر
العلامة الشيخ حسين احمد شحادة من لبنان حول
موضوع «الامام علي بن الحسين وحقوق الانسان»،
قال فيها: بين
يدي الامام علي بن الحسين وذكراه المتزامنة
مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان في العاشر
من شهر كانون الاول نقف على تاريخية الطغيان
واوزار فظائعه التي ارتكبت في الماضي وترتكب
في الحاضر . في
خضم العولمة الجديدة المتلبسة بجرائم
التاريخ والمحكومة بانياب القوة والقفز على
الهويات الحضارية والثقافية وتشويه حقوق
الانسان وصدام المصالح
... والغاء الحقوق الاساسية للانسان وفي
طليعتها حق الشعوب في تقرير مصيرها وسيادتها
واستقلالها ... من خلال هذا الواقع المرير
نستحضر التأسيس النظري والمنهجي لرسالة
الامام علي بن الحسين زين العابدين في الحقوق
.... ان
تلك الحقوق لم ينتزعها الامام (ع) من واقع
الخصوصية التاريخية بل من نابعات الفطرة
الانسانية وبذلك ستكون مؤهلة للانخراط في
المعاصرة ومجابهة الاشكاليات العميقة التي
طرحتها نبوءة صدام الحضارات ونهاية التاريخ . يجب
الاهتمام بقراءة الوثيقة الاولى للامام اعني
الصحيفة السجادية لتكتمل رؤيتنا عن حقوق
الانسان في نظر الامام السجاد. ان
رسالة الامام لم تكن مجرد اعلان عن هذه الحقوق
والاقرار بشرعيتها وتفعيل مجالات استحقاقها،
بل انها فيما يتضح من لفتتها التربوية تعني
عناية بالغة برصد اهم الاشكالات التي تهدد
قيمة التوازن الاجتماعي والمساواة
الاجتماعية . عسكر:
استمرار سيرة النبي حجة
الاسلام والمسلمين قاضي عسكر من ايران حاضر
في موضوع «سيرة الامام علي بن الحسن زين
العابدين (ع) استمرار لسيرة النبي الاكرم(ص)»،
مبيناً أن رسول الله (ص) سعى طيلة حياته
الشريفة جاهداً لتحقيق الاهداف الربانية
التي حددها الله سبحانه وتعالى في القرآن
الكريم وهي الاهداف التي بعث الانبياء والرسل
من أجلها. وقال:
بعد الرسول الكريم (ص) انتقل تنفيذ مجموع
الواجبات الى خلفائه ... وبالقاء نظرة
اجمالية على حياة الائمة الذين عرّفهم
الرسول الكريم (ص) نجد انه رغم الظروف
المختلفة والمشكلات المتعددة التي واجهها
كل منهم فانهم نفذوا مهامهم ومارسوا ادوارهم
وفق برنامج صحيح ودقيق لبلوغ الأهداف
المذكورة ... ونجد أن الامام زين العابدين (ع)
عمل طيلة فترة امامته التي دامت 35 عاما على
تحقيق استمرار رسالة الرسول (ص) بحراسة وحفظ
مبادئ الدين ومبادئ الاسلام وتربية وتأهيل
النخب الصالحة للناس والتشجيع على حفظ القيم
الاخلاقية والدينية ومداراة المخالفين
والعمل على الاطاحة بالجائرين . |