فرقة اليهود السامريين: من هي؟

غسان دبوق*

السامريون هم فرقة يهودية قليلة العدد لا يتجاوز عددها المئات، يقطنون في مدينة نابلس في الضفة الغربية، ويختلفون اختلافاً جذرياً عن اليهودية التلمودية الأرثوذكسية، إذ ترفض هذه الفرقة معظم المعتقدات اليهودية السائدة والفكر الديني اليهودي التلمودي، كما انها تقف موقفاً معادياً من الصهيونية والدولة اليهودية، إضافة الى رفضها فكرة العهد بين اليهود والخالق، وكون اليهود هم شعب الله المختار.

تعتبر فرقة السامريين امتداداً للفرق اليهودية القديمة كالصدوقين والقرائين اليهود، وهي الفِرق التي رفضت إضافات الحاخامات اليهود على الشريعة الموسوية، التي تراكمت على مدى قرون ابتداءً من القرن الثاني للميلاد بعد العودة من بابل، حيث أُضيفت على أسفار موسى الخمسة وأطلق عليها تسمية الشريعة الشفوية التي جُِمعت ودُونت لاحقاً في ما سمي بالتلمود (الميشنة والجمارا).. بل ان السامريين لا يؤمنون حتى بالأنبياء الذين ظهروا بعد النبي موسى إلا بالنبي يوشع بن نون.

يكاد السامريون يرفضون كل أصول وفروع الديانة اليهودية الحاخامية، ويعتبرون أنفسهم من دون غيرهم حاملي لواء الشريعة الموسوية. كما يتهمون الفرق اليهودية الأخرى بالانحراف والارتداد عن الطريق القويم لدين موسى، ويبرز الاختلاف والتعارض ابتداءً من النظرة الى الذات الإلهية وانتهاءً بأبسط التعاليم والأحكام الشرعية. فإضافة الى رفضهم معظم الكتب المقدسة لدى اليهودية السائدة، يرفض السامريون فكرة ظهور "المسيح المخلص" في آخر الزمان للقيام بمهمة خلاص اليهود، ورفض السامريين للفكرة يتوافق مع انتسابهم القومي واندماجهم في محيطهم، إذ يعتبر السامريون أنفسهم عرباً فلسطينيين برغم أنهم يتكلمون في ما بينهم إحدى اللهجات الآرامية القديمة.

يتهم حاخامات اليهودية التلمودية السامريين بأنهم فضلات الآشوريين الذين دمروا مملكة يسرائيل الشمالية في العام 722 قبل الميلاد، وتسببوا بتشتيت أهلها وضياع القبائل العشر اليهودية التي سكنتها. وبحسب الحاخامات فإن السامريين ليسوا من شعب الله المختار ومن أبناء إسرائيل، بل هم آشوريون تأثروا بديانة الشعب اليهودي، ويأخذون عليهم خاصة تحويلهم لعملية تقديم القرابين ليهوه خارج القدس الى جبل "جرزيم" في نابلس.

كان السامريون ـ وما زالوا ـ يسكنون في محيط مدينة نابلس بالقرب من منطقة جبل جرزيم، وقد رفض هؤلاء الهجرة الى أراضي العام 1948 والالتحاق بالدولة الصهيونية برغم فتح الصهاينة أبواب دولتهم للهجرة إليها، ولما سقطت نابلس في العام 1967 استمر السامريون في رفضهم للجنسية الإسرائيلية، وأصروا على اعتبار أنفسهم عرباً فلسطينيين برغم الإغراءات الإسرائيلية الهائلة. وإلى الآن ما زال هؤلاء رافضين لها، ولدى تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني إثر اتفاقيات أوسلو قام السامريون بالإدلاء بأصواتهم كسائر الفلسطينيين.

يرفض السامريون قدسية مدينة القدس وفكرة الهيكل برمتها، ويعتادون على ترداد جملة أن "جبل جرزيم ذُكر في التوراة 13 مرة، في حين لم تذكر القدس فيها إطلاقاً". كما أنهم يعتبرون أنفسهم الورثة الحقيقيين للمملكة الشمالية (مملكة يسرائيل) التي كانت موجودة لغاية القرن الثامن قبل الميلاد. إذ كانت هذه المملكة تعتبر قبلة اليهود هي مدينة "كشيم" القديمة (نابلس حديثاً)، ومن هنا فإن جبل جرزيم هو المكان المقدس والقبلة التي يتجهون إليها في صلاتهم، وبالتالي لا تُشكل مدينة القدس وجبل صهيون أي بعد ديني أو تاريخي للسامريين.

وبرغم سعي الحكومة الإسرائيلية للعمل على إغراء أبناء طائفة السامريين بالتقديمات الاجتماعية لدفعهم للقبول بالجنسية الإسرائيلية وفصلهم عن الفلسطينيين في نابلس، إلا أن موقف السامريين كان موقفاً حازماً وجازماً، إذ يقول الكاهن حسني واصف كاهن السامريين في المدينة (جريدة الأيام 11/11/2001): "نحن فلسطينيون، وقد أبلغنا رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية الذي جاء لزيارتنا قبل حوالى شهر، بأننا لا نقبل أن نُفصل عن مدينة نابلس، حيث مدارس أبنائنا وجامعاتهم وأماكن عملنا ومصالحنا.. نحن فلسطينيون وعرب، وجبل جرزيم هو وطننا الذي لا وطن لنا سواه". 

 * كاتب في الشؤون الإسرائيلية