ارشيف من :آراء وتحليلات

لعبة خاسرة

لعبة خاسرة
محمد يونس
جرت في إيران انتخابات رئاسية شارك فيها نحو 85 بالمئة من الشعب الإيراني، وفاز فيها الرئيس أحمدي نجاد بولاية ثانية بفارق كبير جدا عن أقرب منافسيه بلغت حد الأحد عشر مليون صوت.
الخاسرون في الانتخابات وجدوا صعوبة في تقبل الخسارة، وعبروا عن احتجاجهم واعتراضهم، ومنهم من نزل إلى الشارع في محاولة للتأثير على إصدار النتيجة الرسمية، وككل البلاد التي تقول بالديمقراطية قامت الشرطة الإيرانية بتنظيم الوضع في الشارع وبسط الأمن، منبهة إلى ضرورة الحصول على تراخيص مسبقة لأي تحرك أو تظاهر، وكلنا يتذكر أحداث ضواحي باريس وما أسفرت عنه من ضحايا، والكل يعلم أيضا أن أحدا لا يجرؤ على التظاهر في الولايات المتحدة الأميركية نفسها ما لم يحصل على ترخيص من الشرطة هناك، وماذا يكون مصيره إن هو جرؤ.
لم يلتزم بعضهم فتم التصادم مع قوى الأمن التي نجحت في فرض الأمن وإعادة الهدوء، وطبعا لم يمر ذلك دون وقوع إصابات أو حتى قتلى.
هذا باختصار ما حدث في إيران منذ الرابع عشر من حزيران/ يونيو الحالي، لكن الدول الغربية ومعها بعض العربية جهدت في تصوير الأمور وكأن المعركة تدور بين نظام قمعي ومتظاهرين ينادون بالحرية، وبدأت الحملات الإعلامية والسياسية والتدخلات الأمنية والمخابراتية، ووصل الأمر إلى حد قيام الأمين العام للأمم المتحدة بإصدار بيانات تحذيرية مما يجري داخل إيران، وكأن الأمر كان مخططا له من قبل.
والأنكى من ذلك أن من تولى شن الحملة الإعلامية المركزة على الجمهورية الإسلامية محطة تتبع لنظام ما عرف حتى الحرف الأول من الديمقراطية، حيث لا رأي ولا انتخابات ولا تداول للسلطة، وحيث البلاد والعباد مرهونة بمزاج الحاكم وأهوائه.
لقد لعب الغرب والمتآمرون مرة جديدة لعبة خاسرة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي خرجت أقوى من ذي قبل، إذ يتعين على هؤلاء العودة من الصفر في استمالة طهران من جديد، حيث سيضطرون إلى دفع الثمن مضاعفا.
الانتقاد/ العدد 1352 ـ 26 حزيران/ يونيو 2009
2009-06-26