ارشيف من :أخبار عالمية

تجدد النزاع بين جورجيا واوسيتيا الجنوبية

تجدد النزاع بين جورجيا واوسيتيا الجنوبية

صوفيا ـ جورج حداد
تجدد النزاع بين جورجيا واوسيتيا الجنوبية تبذل الولايات المتحدة الاميركية جهودا حثيثة لادخال كل من اوكرانيا وجيورجيا، المحاذيتين تماما لروسيا، في الحلف الاطلسي. وهي تأمل ان تتمكن في مستقبل غير بعيد من اقامة قواعد عسكرية اميركية في البلدين، وخصوصا نظام الصواريخ المضاد للصواريخ، الذي يهدف الى شل القدرات العسكرية الروسية، ووضع روسيا تحت سيطرة القبضة العسكرية الاميركية.
وقد سبق لاميركا ان ارسلت خبراء عسكريين لـ"اعادة تدريب" القوات الجيورجية والتمهيد لاعادة تسليح الجيش الجيورجي بالاسلحة الاميركية، بعد تغيير العقيدة العسكرية الجيورجية.
وبالتزامن مع هذه الجهود الاميركية، السياسية والعسكرية، ليس من الصدفة اعادة اشعال النزاع بين الحكومة المركزية في جيورجيا، المعادية لروسيا، وبين منطقة اوسيتيا الجنوبية. ومعلوم ان اوسيتيا كانت منذ العهد السوفياتي مقسومة الى قسمين اداريين: قسم اوسيتيا الشمالية، وهو منطقة ذات حكم ذاتي ضمن جمهورية روسيا الاتحادية؛ وقسم اوسيتيا الجنوبية وكان يمثل منطقة ذات حكم ذاتي في جمهورية جيورجيا السوفياتية السابقة. وفي ظروف انهيار الاتحاد السوفياتي اعلنت اوسيتيا الجنوبية نفسها كجمهورية مستقلة منذ ايلول 1990. الا انه لم تعترف بها اي دولة، ولكنها تعيش مستقلة فعليا كأمر واقع، ولها رئيس جمهورية وحكومة وسلطات محلية، منفصلة عن جيورجيا. وتطالب كل من اوسيتيا الشمالية واوسيتيا الجنوبية بالوحدة الادارية ـ السياسية بينهما، وبالانضمام الى روسيا الاتحادية. وبالرغم من تعاطفها مع الاوسيتيين الجنوبيين، فان روسيا لا تؤيد الانفصال عن جيورجيا، ولم تعترف رسميا بجمهورية اوسيتيا الجنوبية، الا انها ارسلت "قوات حفظ سلام" الى المنطقة وحالت دون قيام جيورجيا باجتياحها.
وكان الوضع قد تدهور في مناطق التماس في 1 اب/ أغسطس الجاري، حيث سقط بنتيجة القصف الجيورجي 6 قتلى اوسيتيين، بينهم 3 مدنيين و3 عسكريين، يقول الجانب الاوسيتي انهم كانوا هدفا للقناصين الجيورجيين الذين يسيطرون على المرتفعات المواجهة لمدينة تسينوالي، عاصمة اوسيتيا الجنوبية. وتتوالى الانباء عن استمرار اجلاء الاطفال والنساء من اوسيتيا الجنوبية الى اوسيتيا الشمالية.
وبعد هدوء مشحون دام عدة ايام فقط، عاد تبادل القصف من جديد، وبشكل اعنف، في منطقة الصراع بين جيورجيا واوسيتيا الجنوبية، اما افاق تجديد الحوار السلمي بين الطرفين فقد اصبحت اقل احتمالا، حسبما تقول وكالة الانباء الروسية "انترفاكس". ويعتبر الخبراء ان الحرب بين الطرفين اصبحت اقرب من اي وقت مضى.
وقد طار الى تفليس السفير الروسي للمهمات الخاصة وعضو رئاسة لجنة المراقبة المشتركة، بوبوف، الذي يتهيأ للقيام بالوساطة من اجل تخفيض التوتر.
وفي هذا الوقت فإن "قوة حفظ السلام" الروسية في اوسيتيا الجنوبية وضعت في حالة استعداد قتالي، حسبما اعلن قائد الفرقة فلاديمير ايفانوف. وهو يقول انه قد سجلت خروقات عديدة للتفاهم حول وقف اطلاق النار بين القوات المسلحة الاوسيتية الجنوبية والجيورجية. ففي ليل الخميس سجلت خمسة خروقات لطائرات Су-55 في شمالي مدينة غوري، وكذلك 3 خروقات لطائرات تجسس بدون طيارين. كما اعلنت اوسيتيا الجنوبية عن سقوط 18 اصابة بنتيجة القصف الجيورجي.

 بعض القرى الاوسيتية تم قصفها بالمدفعية الثقيلة، مما اجبر سكان بعض القرى على الاختباء في اقبية منازلهم
وأعلن رئيس الجمهورية غير المعترف بها ادوارد كوكويتا عن استعداده للمشاركة في المحادثات في لجنة المراقبة المختلطة حول الصراع الجيورجي ـ الاوسيتي. والكلمة الان لجيورجيا، أكد كوكويتا.
وفي الوقت نفسه اعلنت أبخازيا (وهي منطقة اخرى تطالب بالانفصال عن جيورجيا) انها على استعداد للدفاع عن نفسها، ذلك ان جيورجيا تحضر "لعدوان كبير" واعمال حربية واسعة النطاق. واذا حدث ذلك، فنحن ايضا سنشرع في عمليات عسكرية، تبعا للتفاهم مع اوسيتيا الجنوبية، ـ هذا ما اعلنه سكرتير مجلس الامن في ابخازيا، اناتوليي بارانكيفيتش. وحسب معلوماته فإن جيورجيا تحرك نحو العاصمة الاوسيتية تسينوالي الفيلق المؤلل للفرقة الخامسة. وهو يضيف انه توجد ايضا قطعات ووحدات اخرى في حالة استعداد قتالي. وهو يعتبر ان جيورجيا تحضر للسيطرة على كامل اراضي الجمهورية غير المعترف بها. وحسب المعطيات التي قدمتها وزارة الدفاع الاوسيتية، فإن بعض القرى الاوسيتية تم قصفها بالمدفعية الثقيلة، مما اجبر سكان بعض القرى على الاختباء في اقبية منازلهم، ولهذا من الصعوبة التأكد حتى الان عما اذا كان هناك ايضا قتلى وجرحى. وهناك 20% من المنازل تم تدميرها، وحسب معطيات غير مؤكدة يوجد العديد من الاصابات المميتة. وقد استهدف احد المراكز الطبية في احدى القرى.
هذا وقد اتهمت جيورجيا الجانب الاوسيتي الجنوبي بالبدء باطلاق النار. اما الاوسيتيون فأعلنوا انهم قد فتحوا النار ردا على القصف الجيورجي. ومن جهتها اعلنت وزارة الداخلية الجيورجية، ان قرى جيورجية تقع على اراضي الجمهورية غير المعترف بها تعرضت للقصف طوال الليل، ولهذا تم الرد بإطلاق النار. وقد اصيب اثنان من العسكريين الجيورجيين بجروح.
اما قيادة الجمهورية غير المعترف بها فقد حذرت عدة مرات انه يتم حشد الجيوش الجيورجية في منطقة النزاع، واتهمت جيورجيا بقصف الاماكن الآهلة بمختلف انواع الاسلحة. اما تفليس (عاصمة جيورجيا) فهي تنفي من جهتها هذه الاتهامات، معلنة انه يتم فقط ارسال "قوات حفظ السلام" وموظفي وزارة الداخلية الى منطقة النزاع. وتؤكد تفليس ان كل الاشتباكات قد بدأها "الانفصاليون". وكان من المفروض ان يتم هذا الاسبوع  في تسينوالي لقاء بين ممثلي القيادتين الجيورجية والاوسيتية الجنوبية، للشروع في محادثات للسيطرة على التوتر في المنطقة. ولكن السلطات في الجمهورية غير المعترف بها اعلنت يوم الاربعاء عن امتناعها عن المشاركة في اللقاء، مقترحة ان يتم اجتماع للجنة المراقبة المختلطة، التي يدخل في تعدادها ممثلون عن روسيا.
ويرى المراقبون ان الولايات المتحدة ستسعى للاستفادة من هذا النزاع من اجل إحراج وإشغال روسيا، من جهة، ووضع جيورجيا تحت الوصاية و"الحماية" الاميركية، من جهة ثانية.

2008-08-09