ارشيف من :آراء وتحليلات
مكافحة ’داعش’... هل تتطلب تشكيل كل هذا الائتلاف الإقليمي-الدولي؟

ما هي قيمة الكلام، المجمع عليه دولياً وإقليمياً، عن الخطر الذي تشكله "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية التكفيرية على المنطقة والعالم ؟ حتى لو قامت "داعش" بتنفيذ تفجيرات في بعض بلدان الغرب، فإنها لن تفعل ذلك إلا بتوجيه أميركي على صلة بما يقتضيه مشروع الهيمنة. فالصراع في المنطقة هو بين محور المقاومة والمحور الصهيو-أميركي، و"داعش" أداة ضاربة بيد المحور الأخير.
بالنسبة للمنطقة، لا شك بأن المسألة تجاوزت مرحلة الخطر إلى مرحلة تحول "الإمارة الإسلامية" إلى واقع ملموس يمارس همجيته بكل حرية على رقعة واسعة من الأراضي العراقية والسورية. وقد بدأت طلائع هذه الممارسة بالظهور بأشكال أو بأخرى في أكثر من منطقة لبنانية.
والواضح أن اهتمام "داعش" بهذه البلدان الثلاثة، مضافاً إلى أشكال الدعم التي تحصل عليها من بلدان المحور الصهيو-أميركي تحت عناوين التضامن مع ما يسمى بـ "الثورة السورية"، يعطي فكرة عن طبيعة المشروع الحقيقي الذي يحدد المستهدف الحقيقي من الخطر الذي تشكله تلك التنظيمات.
خطر أم ذر للرماد في العيون ؟
وعلى هذا، يكون الكلام الذي يتم تسويقه عن اقتراب خطر "داعش" من السعودية والأردن نوعاً من ذر الرماد في العيون من الآن وحتى ثبوت العكس. أو، بكلام أكثر تحديداً، من الآن وحتى تقتضي مصلحة المحورالصهيو-أميركي تقويض السعودية والأردن ضمن إطار سعي ذلك المحور إلى ضرب محور المقاومة وتدمير كامل المنطقة دونما تمييز بين من تعتبرهم متطرفين وبين من يعتبرون أنفسهم في "تحالف استراتيجي" مع الولايات المتحدة.
وبالطبع، لا كلام مطلقاً عن خطر تشكله "داعش" على الكيان الصهيوني، لأن مثل هذا الكلام سيكون له وقع الفضيحة في ظل التعاون المكشوف بينها وبين مثيلاتها من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وبين هذا الكيان على جبهة الجولان. وهذا بدوره يعطي فكرة أكثر وضوحاً عن طبيعة الجهة المستهدفة من قبل "داعش" وأضرابها.
هذا، عن خطر "داعش" على المنطقة. أما عن خطرها على العالم، فيتمثل -قبل إعادة فتح البلدان التي (كالهند والأندلس ويوغوسلافيا وغيرها) سبق وشكلت جزءاً من الإمبراطورية الإسلامية- بإمكانية لجوئها (أو اللجوء تحت اسمها) إلى تنفيذ عمليات تفجير في مدن أميركية وأوروبية. وهذا يعيد إلى الذاكرة تفجيرات 11/9 التي افتعلتها إدارة بوش الابن واستخدمتها ذريعة لإشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة، بدءاً بأفغانستان والعراق.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : هل تقوم "داعش"، بما هي صنيعة المحور الصهيو-أميركي، بتنفيذ مثل هذه التفجيرات ؟ والجواب هو "نعم بالتأكيد، وبتوجيه من ذلك المحور، إذا ما اقتضت ذلك مصلحة مشروع الهيمنة. فتاريخ قوى الشر يعج بالأمثلة عن عدم تردد هذه القوى في افتعال "تعديات" عليها لتبرير مشاريعها العدوانية عبر إخراجها كدفاع عن النفس وكرد مشروع على هذه التعديات. ألم يعمل نائب الرئيس الأميركي الأسبق، ديك شيني، على تنفيذ مشروع يقضي بقيام طائرات أميركية بقصف قطع الأسطول الأميركي في الخليج، بما في ذلك قتل آلاف الجنود الأميركيين، بهدف توجيه التهمة إلى إيران وتبرير توجيه ضربة قاضية إليها؟
المستهدف الحقيقي
توجيه ضربة قاضية إلى إيران، كان وما زال حلم أميركا على اختلاف إداراتها، وحلم حلفاء أميركا وأدواتها على اختلاف مراتبهم، منذ اللحظات الأولى لتفجر الثورة الإسلامية. وقد سعت أميركا وحلفاؤها وأدواتها بشتى السبل والوسائل إلى تحقيق هذا الحلم، لكن الفشل كان حليفهم الدائم.
ومع هذا، ورغم اضطرارهم إلى الجلوس مع إيران إلى طاولة المفاوضات، لم يتوقف هذا الحلم لحظة واحدة عن الاستحواذ الكامل على تفكير أميركا وحلفائها وأدواتها.
لسنوات طويلة، ظل الحدث الأبرز على المستوى الدولي متمثلاً بالسعي إلى ضرب إيران من قبل أميركا و/أو الكيان الصهيوني، بالتنسيق مع بلدان عربية. لكن الخوف من الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران هو الذي دفع الولايات المتحدة إلى اعتماد استراتيجية الفوضى البناءة في المنطقة على أمل أن تتمدد إلى إيران وغيرها من بلدان محور المقاومة. وكان الربيع العربي الذي انطلق تحت شعارات الحرية والديموقراطية ثم أسفر عن وجهه الحقيقي "الداعشي" بمثابة الابن البكر للفوضى البناءة وللربيع العربي.
وعلى هذا، تكون "داعش" وغيرها من التنظيمات الارهابية التكفيرية قد اخترعت لتشكل خطراً على بلدان محور المقاومة. وهي لم تفعل حيث تمكنت من بسط نفوذها غير تأكيد هذه الحقيقة. وبهذا تكون مجرد أداة تنفيذية في يد المحور الصهيو-أميركي الذي يستخدمها في ظل عجزه عن شن حروب مباشرة جديدة بعد كل الهزائم التي مني بها في لبنان وغزة.
أما تشكيل تحالف دولي واسع من أجل التصدي لـ "داعش"، وفق إطار الخطة التي طرحها أوباما وهلل لها المشاركون في قمة الأطلسي الأخيرة، فلا يعدو كونه تشجيعاً لها على المضي قدماً في تنفيذ مشروعها : التصدي بدون قوات برية لا يحتاج إلى تشكيل مثل هذا التحالف لأنه سيقتصر على قصف بطائرات بدون طيار يديره حاسوب آلي ولا ينجم عنه، بدلاً من اجتثاث "داعش" غير الضجيج الفارغ.
بالنسبة للمنطقة، لا شك بأن المسألة تجاوزت مرحلة الخطر إلى مرحلة تحول "الإمارة الإسلامية" إلى واقع ملموس يمارس همجيته بكل حرية على رقعة واسعة من الأراضي العراقية والسورية. وقد بدأت طلائع هذه الممارسة بالظهور بأشكال أو بأخرى في أكثر من منطقة لبنانية.
والواضح أن اهتمام "داعش" بهذه البلدان الثلاثة، مضافاً إلى أشكال الدعم التي تحصل عليها من بلدان المحور الصهيو-أميركي تحت عناوين التضامن مع ما يسمى بـ "الثورة السورية"، يعطي فكرة عن طبيعة المشروع الحقيقي الذي يحدد المستهدف الحقيقي من الخطر الذي تشكله تلك التنظيمات.
خطر أم ذر للرماد في العيون ؟
وعلى هذا، يكون الكلام الذي يتم تسويقه عن اقتراب خطر "داعش" من السعودية والأردن نوعاً من ذر الرماد في العيون من الآن وحتى ثبوت العكس. أو، بكلام أكثر تحديداً، من الآن وحتى تقتضي مصلحة المحورالصهيو-أميركي تقويض السعودية والأردن ضمن إطار سعي ذلك المحور إلى ضرب محور المقاومة وتدمير كامل المنطقة دونما تمييز بين من تعتبرهم متطرفين وبين من يعتبرون أنفسهم في "تحالف استراتيجي" مع الولايات المتحدة.
تركيز التكفيريين على سوريا والعراق ولبنان وتعاملهم المكشوف مع "إسرائيل" مؤشر على طبيعة مشروعهم |
وبالطبع، لا كلام مطلقاً عن خطر تشكله "داعش" على الكيان الصهيوني، لأن مثل هذا الكلام سيكون له وقع الفضيحة في ظل التعاون المكشوف بينها وبين مثيلاتها من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وبين هذا الكيان على جبهة الجولان. وهذا بدوره يعطي فكرة أكثر وضوحاً عن طبيعة الجهة المستهدفة من قبل "داعش" وأضرابها.
هذا، عن خطر "داعش" على المنطقة. أما عن خطرها على العالم، فيتمثل -قبل إعادة فتح البلدان التي (كالهند والأندلس ويوغوسلافيا وغيرها) سبق وشكلت جزءاً من الإمبراطورية الإسلامية- بإمكانية لجوئها (أو اللجوء تحت اسمها) إلى تنفيذ عمليات تفجير في مدن أميركية وأوروبية. وهذا يعيد إلى الذاكرة تفجيرات 11/9 التي افتعلتها إدارة بوش الابن واستخدمتها ذريعة لإشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة، بدءاً بأفغانستان والعراق.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : هل تقوم "داعش"، بما هي صنيعة المحور الصهيو-أميركي، بتنفيذ مثل هذه التفجيرات ؟ والجواب هو "نعم بالتأكيد، وبتوجيه من ذلك المحور، إذا ما اقتضت ذلك مصلحة مشروع الهيمنة. فتاريخ قوى الشر يعج بالأمثلة عن عدم تردد هذه القوى في افتعال "تعديات" عليها لتبرير مشاريعها العدوانية عبر إخراجها كدفاع عن النفس وكرد مشروع على هذه التعديات. ألم يعمل نائب الرئيس الأميركي الأسبق، ديك شيني، على تنفيذ مشروع يقضي بقيام طائرات أميركية بقصف قطع الأسطول الأميركي في الخليج، بما في ذلك قتل آلاف الجنود الأميركيين، بهدف توجيه التهمة إلى إيران وتبرير توجيه ضربة قاضية إليها؟
المستهدف الحقيقي
توجيه ضربة قاضية إلى إيران، كان وما زال حلم أميركا على اختلاف إداراتها، وحلم حلفاء أميركا وأدواتها على اختلاف مراتبهم، منذ اللحظات الأولى لتفجر الثورة الإسلامية. وقد سعت أميركا وحلفاؤها وأدواتها بشتى السبل والوسائل إلى تحقيق هذا الحلم، لكن الفشل كان حليفهم الدائم.
ومع هذا، ورغم اضطرارهم إلى الجلوس مع إيران إلى طاولة المفاوضات، لم يتوقف هذا الحلم لحظة واحدة عن الاستحواذ الكامل على تفكير أميركا وحلفائها وأدواتها.
لسنوات طويلة، ظل الحدث الأبرز على المستوى الدولي متمثلاً بالسعي إلى ضرب إيران من قبل أميركا و/أو الكيان الصهيوني، بالتنسيق مع بلدان عربية. لكن الخوف من الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران هو الذي دفع الولايات المتحدة إلى اعتماد استراتيجية الفوضى البناءة في المنطقة على أمل أن تتمدد إلى إيران وغيرها من بلدان محور المقاومة. وكان الربيع العربي الذي انطلق تحت شعارات الحرية والديموقراطية ثم أسفر عن وجهه الحقيقي "الداعشي" بمثابة الابن البكر للفوضى البناءة وللربيع العربي.
إذا نفذت "داعش" تفجيرات في بلدان الغرب، فسيكون ذلك لأغراض من نوع أغراض 11 أيلول 2001 |
وعلى هذا، تكون "داعش" وغيرها من التنظيمات الارهابية التكفيرية قد اخترعت لتشكل خطراً على بلدان محور المقاومة. وهي لم تفعل حيث تمكنت من بسط نفوذها غير تأكيد هذه الحقيقة. وبهذا تكون مجرد أداة تنفيذية في يد المحور الصهيو-أميركي الذي يستخدمها في ظل عجزه عن شن حروب مباشرة جديدة بعد كل الهزائم التي مني بها في لبنان وغزة.
أما تشكيل تحالف دولي واسع من أجل التصدي لـ "داعش"، وفق إطار الخطة التي طرحها أوباما وهلل لها المشاركون في قمة الأطلسي الأخيرة، فلا يعدو كونه تشجيعاً لها على المضي قدماً في تنفيذ مشروعها : التصدي بدون قوات برية لا يحتاج إلى تشكيل مثل هذا التحالف لأنه سيقتصر على قصف بطائرات بدون طيار يديره حاسوب آلي ولا ينجم عنه، بدلاً من اجتثاث "داعش" غير الضجيج الفارغ.