ارشيف من :أخبار لبنانية

جهاد البناء: عشرون عاما من العطاء.. والدرب ما زال طويلا

جهاد البناء: عشرون عاما من العطاء.. والدرب ما زال  طويلا
كتب مصعب قشمر

منذ العام 1988 بزغ نور مؤسسة جهاد البناء الإنمائية، وهي منذ ذلك الحين أخذت على نفسها تحمل مسؤولية شاقة ومهمة، وهي تقديم العون والمساعدة الى أهلها والمحتاجين في مختلف جوانب الحياة، وفي مختلف الظروف، أيام الحرب وأيام السلم، في ظل غياب كامل للدولة ومؤسساتها. وكان دور المؤسسة بعد عدوان تموز 2006 خير مثال على ذلك، بعد أن كان دورها في البداية مصوبا باتجاه الترميم، حيث  برز ذلك بعد متفجرة بئر العبد 1985 وحرب "تصفية الحساب" عام 1993 وحرب "عناقيد الغضب" عام 1996 على لبنان.
جهاد البناء: عشرون عاما من العطاء.. والدرب ما زال  طويلا 
منذ انطلاقتها رسمت مؤسسة جهاد البناء خطوطا لمشوارها الطويل، وأدركت منذ البداية أن معركتها مع الحياة ليست سهلة، وأن عليها أن تتحمل مصاعب كثيرة وكبيرة. فكان ـ بعون الله ـ أن شقت المؤسسة طريقها ولم تعرف سوى التقدم والنجاح.. وها هي اليوم بلغت عامها العشرين من العطاء، وما زالت في درب الجهاد، من خلال تقديم المساعدات الإرشادية والعينية للمزارعين، فضلا عن دورها في الترميم والبناء ودفع التعويضات للمتضررين، إضافة الى إقامة دورات تأهيل للمزارعين وللأسرى المحررين، ومد شبكات المياه والصرف الصحي في المناطق.
تحملت مؤسسة جهاد البناء منذ إنشائها عام 1988، مسؤوليات جساما في ظل غياب الدولة الإنمائي والخدماتي، كمسؤولية أعمال البلديات والوزارات الخدماتية، من تأمين مياه الشفة وتمديد وتركيب شبكات الري ومحطات الكهرباء وصيانة المجاري والصرف الصحي ومياه الأمطار,  وتأمين الكهرباء والمياه للمناطق النائية وجمع النفايات ومعالجة مشاكل البيئة. 
وبحسب القيمين على المؤسسة، فإنها تحملت مسؤوليات إضافية بعد التحرير عام 2000، فنهضت بالمناطق التي كانت ترزح تحت نير الاحتلال بعدما غابت الدولة عن مسؤولياتها، ونفضت غبار الاحتلال عن المناطق الجنوبية بعدما عمد هذا الأخير طيلة فترة احتلاله الى قتل سبل العيش فيها وإلى  إفقار الناس. وبدأت مؤسسة جهاد البناء بإصلاح الأراضي الزراعية وتقديم الإرشادات والعون للمزارعين. وفضلا عن ذلك يقول القيمون ان المؤسسة نظمت جولات زراعية وحقلية متتالية ويومية، إذ بلغ المتوسط  السنوي لتلك الزيارات (6800) زيارة زراعية و(850) زيارة بيطرية و(52883) حملة تحصين رأس ماشية وتوزيع أدوية لـ(7200) مزارع و(110) فحوص للتربة والنبات والمياه. وتوسع عمل المؤسسة الى بناء المدارس والجمعيات الثقافية والتربوية.
التنمية البشرية
بما أن المؤسسة أطلق عليها اسم مؤسسة جهاد البناء، فهذا يعني أن دورها ليس محدودا ولا يتوقف عند مشروع معين، بل إن نشاطها له امتدادات.. ومن الأمور التي حرصت المؤسسة على الاهتمام بها التنمية البشرية. ويقول المعنيون ان المؤسسة حرصت أكثر وأكثر على أن تولي أيضاً اهتمامها بالتنمية البِشرية التي عززتها من خلال برامج دعم المزارعين عبر مراكز الإرشاد الزراعية وتطوير مهارات المزارعين بهدف تمكين المزارع من تخفيض كلفة الإنتاج ودعمه من خلال التعاونيات, وإقامة بعض المشاريع الممولة من الجهات المانحة المحلية والدولية. ويضاف الى ذلك مساعدة المزارعين على  تسويق منتجاتهم، وخير دليل معرض "أرضي" الذي أقامته الجمعية عام 2007 وقصده (154.000) زائراً, واستفاد من ذلك المعرض الكثير من المزارعين وأصحاب المهن الحرة.
وطورت برامجها من خلال اهتمامها  بزراعة الفطر الصدفي وتربية النحل والسمك وبرامج تنمية المهارات لبعض الفئات، مثل مشروع تدريب الأسرى المحررين وتأهيلهم، ودعم صغار المنتجين والحرفيين. ويؤكد القيمون على المؤسسة أنهم حرصوا على خلق فرص عمل للمواطنين في القرى من خلال إقامة دورات التأهيل المهني في اختصاصات عدة تحتاجها سوق العمل، مثل دورات الصناعات الغذائية والحرفية والحياكة للنساء، ودورات معلم أدوات صحية ومعلم كهرباء ونجارة..
بعد عدوان تموز
ولعبت جهاد البناء دورا كبيرا بعد عدوان تموز 2006. ففي الوقت الذي كان فيه المجاهدون على جبهات القتال، كان هناك مجاهدون من نوع آخر يعدون "خطة تدخل ما بعد الحرب", وبمجرد أن انتهت الحرب وتحقق الانتصار الميداني صممت المؤسسة على الوفاء لأهلها الذين صمدوا وبقوا الى جانب المقاومة طيلة فترة العدوان، فكان الانتصار الجديد عبر الجهود الجبارة التي بذلتها المؤسسة في إعادة الحياة للمناطق التي دمرتها صواريخ العدو الصهيوني، إذ ان لا أحد يمكنه أن يمحو من ذاكرته الجهود التي بذلتها المؤسسة بعد الحرب متجاوزة بأشواط اهتمام الدولة. وهي أخذت على عاتقها فتح الطرق وإزالة الأنقاض وشق طرق ترابية بديلة للجسور المهدمة في الجنوب, وفتح باب التطوع أمام أكثر من ثلاثة آلاف متطوع من مختلف الطوائف والأحزاب اللبنانية، وحتى من الدول العربية.
 كل تلك الخطوات كانت تمهيداً لتمكين الأهالي من العودة اللائقة الى بيوتهم, فبعد شهر واحد من الحرب كانت جهاد البناء قد دفعت تعويضات إيواء لأكثر من (17500) مستفيد تهدمت بيوتهم، وتعويضات ترميم لأكثر من (120.000) وحدة سكنية متضررة في كل المناطق اللبنانية. وبذلك تكون مؤسسة جهاد البناء قد أضافت نصرا جديدا الى نصر المقاومة العسكري، وهزمت المراهنين من الأميركيين وأدواتهم في الداخل، الذين كانوا يأملون بردود فعل سلبية من قبل الأهالي ضد المقاومة.. لكن سرعة العمل والاهتمام السريع من قبل المؤسسة بالأهالي كان كفيلا برد الصاع صاعين على المراهنين، بل ان ذلك أدى الى زيادة احتضان الأهالي للمقاومة.
أجمل مما كانت
 إلا أنّ المؤسسة ومن خلفها المقاومة شكلت أبهى صور رد الجميل والوفاء والسرعة في تقديم يد العون، وذلك انطلاقاً من توجه سماحة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله "ستعود أجمل مما كانت". وخير دليل على ذلك استمرار المؤسسة بعد سنتين من انتهاء الحرب في سيرها بالعزيمة ذاتها. فقد رممت (900) مبنى حتى حزيران 2008 من أصل (945) مبنى متضررا في الضاحية الجنوبية.
وبرغم انشغال المؤسسة بالعطاء، فإنها لم تغفل حجم النشاط الذي تسعى المؤسسة لتطبيقه، وهو محاولة تبنّي خمسين مشروعاً إنمائيا للقرى والبلدات خلال خمس سنوات مقبلة، ومنها مشروع مكافحة ظاهرة التصحّر التي تعاني منها أراضٍ اللبنانية. ويؤكد القيمون على المؤسسة أنهم بصدد زراعة خمسة ملايين شجرة خلال خمس سنوات، وقد وُزعت (1.700.00) شجرة حتى الآن, ويجري الترويج للزراعة العضوية وإنشاء المشاتل لإنتاج الغراس وإصدار المنشورات الإرشادية، إضافة الى سعيها لإقامة مشروع أسواق موسمية بهدف اختزال الحلقات بين المزارع والمستهلك.
الانتقاد/ العدد1273 ـ 17 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-17