ارشيف من :أخبار لبنانية

"اسرائيل" تخشى كسر التوازن مع حزب الله

"اسرائيل" تخشى كسر التوازن مع حزب الله
كتب جهاد حيدر
تصاعدت المواقف الإسرائيلية المحذرة من تراكم القدرات الصاروخية لحزب الله، والتي بلغت وفق تعبير القادة الإسرائيليين، حد كسر التوازن القائم في لبنان. ويبدو ان "التطور الأكثر إثارة للقلق" الإسرائيلي هو سعي حزب الله وفق تقارير الاستخبارات الإسرائيلية، لبناء منظومة دفاع جوي متطورة ضد الطائرات الحربية وضد طائرات الاستطلاع.
وما يكشف عمق القلق الإسرائيلي من هذه المنظومة التي يتحدث عنها الإسرائيلي، هو أنها على قدر من التطور يفوق كل ما شهدته "إسرائيل" حتى الآن من حزب الله. ويمكن بحسب التقدير الإسرائيلي، توفير حماية جوية لكل منظومة الصواريخ السورية ـ الإيرانية في لبنان وغرب سوريا. كما يمكن لها أن تقيد حركة جمع المعلومات الاستخبارية، الأمر الذي سيغير بشكل جوهري توازن القوى الاستراتيجي. ومن هنا يأتي ما حدده عدد من المسؤولين الإسرائيليين بأن إدخال صواريخ أرض ـ جو الى لبنان متطورة هو "خط أحمر"، يدفع "إسرائيل" للرد عليه بإرسال "إشارة قاسية" لحزب الله.
أما بخصوص أسباب إثارة هذه القضية في هذا الوقت بالذات، فيمكن طرح عدة احتمالات، منها ما يفترض أن كل ما يجري ليس سوى عملية تهويل على حزب الله نتيجة ظروف عابرة.. ومنها ما قد يفترض أنه مقدمة لعدوان واسع على لبنان.. في حين يرى آخرون أن التعاطي الإسرائيلي مع هذه القضية هو تعبير عن مخاوف جدية.
لكن ما يُقال عن أن كلام المسؤولين الإسرائيليين ليس مجرد تهويل لأهداف سياسية عابرة، لا ينسجم مع حجم إثارة الموضوع على أعلى مستويات دولية وتكرار تأكيده. كما أن "إسرائيل" ليست مضطرة للتركيز على نوعية معينة من المنظومات الصاروخية كي تبرر حملتها، إذ تكفي إثارة قضية امتلاك حزب الله، بحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، عشرات آلاف الصواريخ، منها بضع مئات تحمل رؤوسا حربية بزنة مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة.
أما بخصوص افتراض ان يكون اثارة خطر صواريخ الدفاع الجوي المفترضة، مقدمة لعدوان اسرائيلي واسع على لبنان، في نهاية الأمر يمكن القول انه اذا توافرت الإرادة والقدرة الاسرائيلية على شن عدوان واسع على لبنان، يمكن للعدو ان يتخذ من أي شيء مهما كان تافها او بسيطا ذريعة لشن عدوانه، سواء كان صواريخ أرض ـ جو او أرض ـ أرض، او حتى دعم حزب الله للشعب الفلسطيني، او اختراع أي حادثة اذا استوجب الأمر.. ومن هنا فإن هذا الاحتمال يبقى قائما على الدوام.. لكن في ضوء استبعاد ان يكون الاسرائيلي في وارد شن حرب واسعة على لبنان في هذه المرحلة لأسباب عديدة، أولها انه ليس جاهزا لشن حرب كهذه.
من هنا من المستبعد جدا أن يكون هذا الأمر مقدمة لشن عدوان واسع في هذه المرحلة، من دون ان يعني ذلك الركون الى نوايا العدو.
وعليه يمكن القول انه قد لا يكون بالإمكان الجزم أو تقديم تفسير تام لإثارة هذا الموضوع في الداخل الإسرائيلي في هذه المرحلة. لكن يمكن تأكيد أن القضية مرتبطة بمعلومات أو تقديرات إسرائيلية من غير المعلوم تحديد مدى دقتها، أو الوقت الذي جرى فيه التوصل الى هذه المعلومات او التقديرات.
لكن المرجح هو أن الإسرائيلي يتعامل بجدية وخطورة مع هذه المعلومات او التقديرات التي  يراها صحيحة. وكتعبير عن هذه الجدية يلاحظ ان العدو عقد حتى الآن جلستين للمجلس الوزاري المصغر خلال عدة أسابيع، من أجل بحث قدرات حزب الله الصاروخية، وبشكل خاص الجوية منها. ووفقا للتقارير الإعلامية الإسرائيلية، فقد تعاطى وزراء الحكومة بحساسية بالغة، ورفضوا الإدلاء بأي تفصيل عن الموضوع. كما لوحظ في الأسابيع الأخيرة تدقيق المراقبة العسكرية في كل ما يرتبط بالموضوع اللبناني.
ما هي خيارات العدو في هذا المجال؟
من الناحية النظرية هناك العديد من الاحتمالات كخيارات يمكن أن يلجأ إليها العدو. لكن التقارير الإسرائيلية تؤكد أن العدو لم يستنفد حتى الآن كل الأدوات السياسية لإيقاف ما يقول عنه استمرار نقل الأسلحة إلى حزب الله. وفي هذا المجال قال مصدر إسرائيلي إن الحل يكمن في الضغط الدولي على سورية وروسيا، نظراً لأن بعض هذه الأسلحة التي تصل حزب الله من سورية هي من إنتاج روسي. وأضاف المصدر نفسه: "يجب أن ننقل الموضوع إلى مركز جدول الأعمال الدولي وتحويله إلى قضية مهمة في علاقات أوروبا مع سوريا".
وكجزء من المساعي السياسية، ذكر معلق الشؤون الأمنية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ان "اسرائيل" شرعت في حملة دبلوماسية دعائية في أوروبا والولايات المتحدة، بقيادة رئيس الأركان غابي أشكنازي ووزير الدفاع ايهود باراك خلال زيارتهما إلى واشنطن. كما تحدث أولمرت حول هذا الموضوع مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا.
فهل يقرن كيان العدو مساعيه الدبلوماسية بضغوط عملانية على سوريا؟
الانتقاد/ العدد1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008
2008-08-11