ارشيف من :أخبار عالمية
العمليات الإرهابية في تلعفر.. دلالات التوقيت

بغداد - عادل الجبوري
اكثر من خمسة وعشرين شهيدا، ونحو تسعين جريحا، هي الحصيلة الاولية للعملية الارهابية التي استهدفت سوقا شعبيا في قضاء تلعفر ذي الاغلبية التركمانية التابع لمحافظة الموصل، مساء يوم الجمعة الماضي، الثامن من شهر آب/ أغسطس الجاري. نفذت العملية الارهابية بواسطة سيارة مفخخة، في وقت كان السوق الشعبي وسط المدينة يكتظ بالمتبضعين من النساء الشباب والصبيان والاطفال.
وهذا الانفجار يعد الثاني من نوعه خلال اقل من شهر، حيث ان سوقا شعبيا آخر كان قد شهد في السابع عشر من شهر تموز/ يوليو الماضي، وهو ذكرى انقلاب البعثيين في عام 1968، انفجار سيارة مفخخة اسفر عن مقتل واصابة اكثر من مئة شخص معظمهم من المدنيين الابرياء.
وترافقت العملية الارهابية الاخيرة مع عمليات "بشائر الخير" في محافظة ديالى التي تعد حتى الآن ملجأ وملاذا وقاعدة لكثير من الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة وحزب البعث المنحل، وترافقت كذلك مع اوضاع سياسية وامنية متشنجة ومتأزمة في محافظة كركوك على خلفية التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات من قبل بعض الكتل السياسية، ومعارضته من قبل كتل اخرى من بينها كتلة التحالف الكردستاني.
هذا من جانب، ومن جانب اخر، فإن عملية تلعفر جاءت في وقت اشارت الارقام والتقارير المتعلقة بالارهاب في العراق، الى تصاعد طفيف وملحوظ في العمليات الارهابية في الموصل وديالى وربما مناطق اخرى، وبروز ظاهرة النساء الانتحاريات التي لم تسلم منها العاصمة بغداد، حيث انه قامت ثلاث نساء بتفجير انفسهن في وسط حشود الزائرين سيرا على الاقدام الى مرقد الامام موسى الكاظم (ع)، قبل يوم واحد من حلول ذكرى استشهاده في الخامس والعشرين من شهر رجب.
وعلى خلفية عملية تلعفر الارهابية بادرت الاجهزة الامنية والاستخباراتية في محافظة الموصل الى اتخاذ اجراءات احترازية مشددة، لمنع وقوع اية عمليات مماثلة، ولا سيما ان معلومات استخباراتية وردت الى الاجهزة الامنية اكدت تسلل نساء من خارج المحافظة لتنفيذ عمليات ارهابية انتحارية فيها.
وبينما لا تستبعد بعض الاوساط السياسية فرضية قيام جهات معينة داخلية وبدعم واسناد من جهات خارجية بتنفيذ مثل تلك العمليات وفي هذا الوقت بالذات، لاثارة الفتنة ودفع الاطراف المتنازعة في كركوك، العرب والتركمان والاكراد، الى تصعيد المواجهة بينهم، ونقلها من نطاق الحرب الكلامية عبر وسائل الاعلام والمنابر السياسية، الى الميدان، تذهب اوساط اخرى الى طرح فرضية اخرى مفادها ان الضغط الذي تتعرض له الجماعات الارهابية المسلحة في كل من ديالى والموصل، ربما جعل قياداتها والجهات التي توجهها الى تنفيذ عمليات ارهابية مسلحة في مواقع اخرى للفت الانتباه، وتشتيت الجهد العسكري والامني المكرس في ديالى والموصل.
ولعل القيادة الكردية ادركت سريعا خطورة وحساسية التحليلات التي يمكن ان تربط بين ازمة كركوك واية حوادث في اماكن اخرى تستهدف التركمان والعرب، لذلك سارعت الى اصدار بيان باسم حكومة اقليم كردستان يندد ويستنكر عملية تلعفر، وخصوصا ان رئيس اقليم كردستان كان في زيارة مفاجئة وغير معلنة لمدينة كركوك واعلن من هناك انها مدينة كردستانية بهوية عراقية، وان قرار مجلسها بضمها الى اقليم كردستان صحيح ودستوري.
وبالنسبة للفرضية الثانية فإن مصادر خاصة اعلنت عن ورود معلومات استخباراتية من شرطة عمليات ديالى الى الاجهزة الامنية في الموصل مفادها توجه عدد من الانتحاريات من محافظة ديالى إلى داخل محافظة نينوى.
مدينة تلعفر التي تقع في جهة الجنوب الغربي لمحافظة الموصل، كانت قد تحولت في صيف عام 2004 الى مركز رئيسي لجماعات تنظيم القاعدة، وقد شنت قوات الاحتلال الاميركي في شهر ايلول/ سبتمبر من عام 2004 عمليات عسكرية مكثفة عليها الحقت اضرارا بشرية ومادية كبيرة فيها، ولم يتغير واقعها، لتقع فيما بعد بين مطرقة الارهابيين وسندان القوات الاميركية، وقد شهدت عمليات ارهابية عديدة اودت بحياة اعداد غير قليلة من ابنائها، واخر عملية ارهابية وقعت فيها كانت في اواخر شهر اذار/ مارس من العام الماضي حينما انفجرت اربع سيارات مفخخة في اوقات متقاربة جدا وفي اسواق شعبية مكتظة بالناس.
وبلا شك فإن تلعفر حالها حال كثير من المدن العراقية تجاوزت مرحلة الخطر، ويستبعد الى حد كبير انزلاقها نحو اوضاع سيئة امنيا بسبب العملية او العمليات الارهابية الاخيرة، او بسبب عمليات بشائر الخير في ديالى، ومتممات عمليات ام الربيعين في الموصل.
الانتقاد/ العدد1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008
اكثر من خمسة وعشرين شهيدا، ونحو تسعين جريحا، هي الحصيلة الاولية للعملية الارهابية التي استهدفت سوقا شعبيا في قضاء تلعفر ذي الاغلبية التركمانية التابع لمحافظة الموصل، مساء يوم الجمعة الماضي، الثامن من شهر آب/ أغسطس الجاري. نفذت العملية الارهابية بواسطة سيارة مفخخة، في وقت كان السوق الشعبي وسط المدينة يكتظ بالمتبضعين من النساء الشباب والصبيان والاطفال.
وهذا الانفجار يعد الثاني من نوعه خلال اقل من شهر، حيث ان سوقا شعبيا آخر كان قد شهد في السابع عشر من شهر تموز/ يوليو الماضي، وهو ذكرى انقلاب البعثيين في عام 1968، انفجار سيارة مفخخة اسفر عن مقتل واصابة اكثر من مئة شخص معظمهم من المدنيين الابرياء.
وترافقت العملية الارهابية الاخيرة مع عمليات "بشائر الخير" في محافظة ديالى التي تعد حتى الآن ملجأ وملاذا وقاعدة لكثير من الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة وحزب البعث المنحل، وترافقت كذلك مع اوضاع سياسية وامنية متشنجة ومتأزمة في محافظة كركوك على خلفية التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات من قبل بعض الكتل السياسية، ومعارضته من قبل كتل اخرى من بينها كتلة التحالف الكردستاني.
هذا من جانب، ومن جانب اخر، فإن عملية تلعفر جاءت في وقت اشارت الارقام والتقارير المتعلقة بالارهاب في العراق، الى تصاعد طفيف وملحوظ في العمليات الارهابية في الموصل وديالى وربما مناطق اخرى، وبروز ظاهرة النساء الانتحاريات التي لم تسلم منها العاصمة بغداد، حيث انه قامت ثلاث نساء بتفجير انفسهن في وسط حشود الزائرين سيرا على الاقدام الى مرقد الامام موسى الكاظم (ع)، قبل يوم واحد من حلول ذكرى استشهاده في الخامس والعشرين من شهر رجب.
وعلى خلفية عملية تلعفر الارهابية بادرت الاجهزة الامنية والاستخباراتية في محافظة الموصل الى اتخاذ اجراءات احترازية مشددة، لمنع وقوع اية عمليات مماثلة، ولا سيما ان معلومات استخباراتية وردت الى الاجهزة الامنية اكدت تسلل نساء من خارج المحافظة لتنفيذ عمليات ارهابية انتحارية فيها.
وبينما لا تستبعد بعض الاوساط السياسية فرضية قيام جهات معينة داخلية وبدعم واسناد من جهات خارجية بتنفيذ مثل تلك العمليات وفي هذا الوقت بالذات، لاثارة الفتنة ودفع الاطراف المتنازعة في كركوك، العرب والتركمان والاكراد، الى تصعيد المواجهة بينهم، ونقلها من نطاق الحرب الكلامية عبر وسائل الاعلام والمنابر السياسية، الى الميدان، تذهب اوساط اخرى الى طرح فرضية اخرى مفادها ان الضغط الذي تتعرض له الجماعات الارهابية المسلحة في كل من ديالى والموصل، ربما جعل قياداتها والجهات التي توجهها الى تنفيذ عمليات ارهابية مسلحة في مواقع اخرى للفت الانتباه، وتشتيت الجهد العسكري والامني المكرس في ديالى والموصل.
ولعل القيادة الكردية ادركت سريعا خطورة وحساسية التحليلات التي يمكن ان تربط بين ازمة كركوك واية حوادث في اماكن اخرى تستهدف التركمان والعرب، لذلك سارعت الى اصدار بيان باسم حكومة اقليم كردستان يندد ويستنكر عملية تلعفر، وخصوصا ان رئيس اقليم كردستان كان في زيارة مفاجئة وغير معلنة لمدينة كركوك واعلن من هناك انها مدينة كردستانية بهوية عراقية، وان قرار مجلسها بضمها الى اقليم كردستان صحيح ودستوري.
وبالنسبة للفرضية الثانية فإن مصادر خاصة اعلنت عن ورود معلومات استخباراتية من شرطة عمليات ديالى الى الاجهزة الامنية في الموصل مفادها توجه عدد من الانتحاريات من محافظة ديالى إلى داخل محافظة نينوى.
مدينة تلعفر التي تقع في جهة الجنوب الغربي لمحافظة الموصل، كانت قد تحولت في صيف عام 2004 الى مركز رئيسي لجماعات تنظيم القاعدة، وقد شنت قوات الاحتلال الاميركي في شهر ايلول/ سبتمبر من عام 2004 عمليات عسكرية مكثفة عليها الحقت اضرارا بشرية ومادية كبيرة فيها، ولم يتغير واقعها، لتقع فيما بعد بين مطرقة الارهابيين وسندان القوات الاميركية، وقد شهدت عمليات ارهابية عديدة اودت بحياة اعداد غير قليلة من ابنائها، واخر عملية ارهابية وقعت فيها كانت في اواخر شهر اذار/ مارس من العام الماضي حينما انفجرت اربع سيارات مفخخة في اوقات متقاربة جدا وفي اسواق شعبية مكتظة بالناس.
وبلا شك فإن تلعفر حالها حال كثير من المدن العراقية تجاوزت مرحلة الخطر، ويستبعد الى حد كبير انزلاقها نحو اوضاع سيئة امنيا بسبب العملية او العمليات الارهابية الاخيرة، او بسبب عمليات بشائر الخير في ديالى، ومتممات عمليات ام الربيعين في الموصل.
الانتقاد/ العدد1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008