ارشيف من :أخبار عالمية

في اليوم الثاني من لقاءاته في دمشق: "التفاؤل الاقتصادي" يَعُمُّ أجواء مباحثات رئيس البرلمان الأوروبي مع المسؤولين السو

في اليوم الثاني من لقاءاته في دمشق: "التفاؤل الاقتصادي" يَعُمُّ أجواء مباحثات رئيس البرلمان الأوروبي مع المسؤولين السو
دمشق ـ راضي محسن
أسفرت مباحثات رئيس البرلمان الأوروبي هانس غيرت بوترينغ في دمشق أمس عن مؤشرات إيجابية لمستقبل العلاقات الاقتصادية بين سورية والاتحاد الأوروبي. 
وبدا جلياً أن ثمة آفاق رحبة بانتظار هذه العلاقات وخاصة مع تأكيد بوترينغ على إمكانية توقيع اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية قبل نهاية العام الجاري، وذلك بعد أربع سنوات من إحجام الأوربيين عن المصادقة النهائية على هذه الاتفاقية بسبب اتهام سورية بالضلوع في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري وهو ما نفته دمشق بشدة، على الرغم من أن سورية والاتحاد الأوروبي وقعا على الاتفاقية بالأحرف الأولى أواخر العام 2004.
وفي اليوم الثاني من زيارته، طغى الطابع الاقتصادي وموضوع حوار الثقافات على محادثات رئيس البرلمان الأوروبي مع المسؤولين السوريين الذين التقى منهم نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، وسماحة مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور أحمد حسون.
 الأوضاع السياسية تسمح بتوقيع اتفاقية الشراكة بين سورية وأوروبا قبل نهاية العام الحالي
وكان بورترينغ التقى الأحد الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ورئيس مجلس الشعب محمود الأبرش ووزير الخارجية وليد المعلم.
وأعرب بوترينغ للصحفيين الاثنين عن اعتقاده بإمكانية توقيع اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية خلال العام الجاري، وأوضح أن الخبراء "بصدد استكمال الاتفاقية لان الأوضاع السياسية والتقنية تسمح لنا بالتوصل إلى اتفاقية قبل نهاية العام الحالي" مشيراً إلى "الدور الأساسي" الذي يلعبه البرلمان الأوروبي في المصادقة على الاتفاقية.
وأوضح بوترينغ أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيعبر عن رغبته أثناء زيارته المقبلة لسورية (في الرابع والخامس من أيلول المقبل) في التوصل إلى الاتفاقية أثناء رئاسته للاتحاد الأوروبي.
وعوَّل بوترينغ على دور اتفاقية الشراكة في تعزيز العلاقات بين سورية وأوروبا على اعتبار أن هذه الاتفاقية "ستساهم في تقريب وجهات النظر والتعاون الاقتصادي في المجالات كافة" بين الجانبين، كما أكد على "رغبة البرلمان الأوروبي بتعاون اقتصادي أكبر مع الدولة والقطاع الخاص (في سورية) والاهتمام بالمسائل الاجتماعية والبيئية ومشاريع تنظيف البحر المتوسط وشبكة الطرق السريعة" مستشهداً على ذلك بتقديم الاتحاد الأوروبي لسورية مبلغ 130 مليون يورو بين عامي 2007 و2010 من أجل التنمية والمشاريع الحيوية.
وبحسب بيان رسمي صادر عن الحكومة السورية، فإن بوترينغ أبلغ الدردري خلال لقائهما أن "مرحلة جديدة من العلاقات السورية الأوروبية مبنية على التعاون المشترك قد بدأت" وأعرب عن رغبة الاتحاد الأوروبي "بتفعيل هذه العلاقات وتعزيزها من خلال الإسراع بتوقيع اتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي".
من جانبه أبدى الدردري "رغبة الحكومة السورية في إقامة أفضل العلاقات الاقتصادية والتنموية مع أوروبا" ونوه بـ "التطورات الاقتصادية التي تشهدها سورية حالياً الأمر الذي يساعد على إقامة علاقات متوازنة ومتنامية تعود بالفائدة على الجانبين".
ووصل رئيس البرلمان الأوروبي إلى دمشق مساء السبت مختتماً زيارة إلى لبنان التقى خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة، ووزير الخارجية فوزي صلوخ إضافة إلى ممثلين عن قوى المعارضة والموالاة.
 مرحلة جديدة قد بدأت في العلاقات السورية الأوروبية مبنية على التعاون المشترك
واعتبر بوترينغ، ان زيارته للبنان وسورية جاء‌ت في توقيت ملائم، لافتا إلى أنها تأتي قبل زيارة الرئيس ميشيل سليمان إلى دمشق المقررة الأربعاء وزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أوائل الشهر القادم.
 وأعرب عن أمله في أن تؤدي زيارة الرئيس سليمان لدمشق إلى "نتائج إيجابية ما سيشجع على تحسين العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسورية".
وأكد بوترينغ أن "من مصلحة الاتحاد الأوروبي أن يروج لعملية السلام في المنطقة (...) فنحن نريد أن نكون شريكاً منصفاً وأن يكون لنا دور أكبر في هذه العملية " وأشار إلى وجود "تطورات إيجابية في عملية السلام ولابد أن ننتهز الفرصة". وقال إن "جميع الأطراف تحتاج إلى السلام في منطقة الشرق الأوسط ولا يمكن أن يتحقق هذا السلام دون سورية".
وأعرب رئيس البرلمان الأوروبي عن أمله في نجاح الوساطة التركية في مفاوضات السلام غير المباشرة بين سورية وإسرائيل في أنقرة، بما يمكن الجانبين من عقد مفاوضات مباشرة بينهما، وقال إن تحقيق السلام يتطلب إعادة كافة الأراضي السورية المحتلة.
وأشار بوترينغ إلى وجود رغبة سورية ولبنانية في أن يلعب الأوربيون دوراً أكبر في عملية السلام وقال "لاحظتُ أن المسؤولين في سورية ولبنان يطلبون ارتباطاً أوروبياً أكبر بعملية السلام، قبل أن يعتبر أن "السعي الأوروبي للمشاركة في دعم عملية السلام لا يتعارض مع ما تقوم به الولايات المتحدة" منوهاً بأن "أوروبا تمتلك فهماً تاريخياً للمنطقة بشكلٍ أفضل ومن الطبيعي أن يكون ارتباطها بهذه العملية أكبر".
وأكد بوترينغ على ضرورة إقامة دولة فلسطينية تعيش في أمان إلى جانب إسرائيل، وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يساند الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة.
وأشاد رئيس البرلمان الأوروبي باستضافة سورية للمهجرين العراقيين الذين يصل عددهم إلى 1.5 مليون مهجر ونوه بما تقدمه لهم السلطات السورية من خدمات هي نفسها التي تقدمها لمواطنيها واصفاً ذلك بأنه "عمل إنساني كبير يثير الإعجاب والتقدير"، مطالباً بعدم ترك سورية تتحمل لوحدها هذا العبء الضخم.
وفي إطار السعي لتعزيز حوار الحضارات، بحث بوترينغ مع سماحة مفتي الجمهورية الدكتور أحمد حسون سبل تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة لتحقيق التقارب بين الشعوب.
وشدد حسون خلال اللقاء على أهمية نشر ثقافة المحبة والسلام والتأكيد على إنسانية وكرامة الإنسان وصولاً إلى عالم أكثر استقراراً.
ورحب حسون بمبادرة الاتحاد الأوروبي لاعتبار عام 2008 عاماً لحوار الحضارات والثقافات، داعياً إلى عقد اجتماعاتٍ بين رجال الدين المسلمين والمسيحيين واليهود لتعزيز هذا الحوار.
كما شدد على أن رجال الدين هم أول من يتوجب عليهم العمل على دفع حوار الثقافات والحضارات إلى الأمام، مطالباً بقبول الآخر واحترام معتقداته.
وأكد المفتي حسون أن سورية تسعى نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ودعا الاتحاد الأوروبي للعب دور أكبر في عملية السلام.
بدوره أعرب بوترينغ عن إعجابه بما لمسه في سورية من عيش مشترك وإخاء وتسامح بين أبناء المجتمع السوري آملاً أن يعم هذا النموذج في كل مكان في العالم، مبدياً رغبته في مشاركة المفتي حسون في الملتقيات والحوارات التي تجري في أوروبا لتحقيق التقارب بين الأديان والثقافات.
تلا ذلك لقاء حواري بحضور المفتي وبوترينغ شارك فيه كبا علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي.
ولفت المشاركون في الحوار أن سورية مهد الحضارات والشرائع السماوية ومنها انطلق نورها ليعم أرجاء العالم وهي تعيش وحدة وطنية راسخة تعتبر نموذجاً يحتذى به في احترام الإنسان وكرامته منوهين بأهمية تعزيز الحوار بين الشرق والغرب بما يخدم الإنسانية وتطورها.
2008-08-12