ارشيف من :آراء وتحليلات
تهديدات الكيان الإسرائيلي: الخلفيات.. والأهداف

كتب مصطفى الحاج علي
جذب العنوان الأمني الاهتمام من مدخلين: التهديد الإسرائيلي "الشديد اللهجة" لكل من سوريا وحزب الله، على خلفية معلومات تؤكد اعتزام المقاومة التزود بصواريخ مضادة للطائرات، وزيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال دايفيد بتراوس إلى لبنان، في سياق مسار من الاهتمام العسكري الأميركي بلبنان، برز بشكل لافت منذ شهر أيّار الفائت. هذا، في الوقت الذي دخل فيه الوضع اللبناني عموماً في مرحلة من تقطيع الوقت تجمع بين الرهان على حدوث متغيرات ما في المنطقة، والتحضير لملاقاة استحقاق الانتخابات النيابية العام المقبل الذي بدوره يحتضن في داخله مخاوف ورهانات.
خلفيات التهديد الإسرائيلي
بالرغم من أن الكيان الاسرائيلي يحاول الإيحاء، بأن الأخطار التي يستند اليها ليبرر تهديداته هي جديدة بالمطلق، إلا أن حقيقة الأمر غير ذلك، فالحديث عن تهريب الأسلحة من سوريا لم ينقطع، لا أثناء عدوان تموز، ولا بعده للحظة واحدة، وخلال شهور قليلة، أطلق قادة الكيان الإسرائيلي من عسكريين وأمنيين وسياسيين مراراً تحذيرات من أن المقاومة تمكنت من ترميم قدراتها، بل وضاعفتها خصوصاً الصاروخية منها، ولا سيما لحسن مداها، ولقوتها التدميرية، أضف إلى ذلك أن ملف تسلح المقاومة كان بنداً أساسياً حاضراً في كل الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء أولمرت، ووزير الحرب باراك، ووزير الاتصالات شاؤول موفاز، ورئيس الأركان أشكينازي، إلى الولايات المتحدة.
وخلال أسبوعين عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر للكيان الإسرائيلي جلستين لمناقشة الوضع في لبنان عموماً، ومسألة التسلح تحديداً.
ما الذي استجد حتى يأخذ الموقف الإسرائيلي هذا المنحى التصعيدي الملامس لحد التهديد؟ وفي أي سياق، وبالتالي أية أهداف يريد الكيان الإسرائيلي تحقيقها، ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وهل نحن نقترب من لحظة اتخاذ هذا الكيان قرارات كبيرة ودراماتيكية، أم نحن أمام التمهيد لخطوات تقع بين ما هو قائم وحدّ الحرب الشاملة: إن محاولة فهم وسبر أغوار وأبعاد التصعيد الإسرائيلي يتطلب، بادئ ذي بدء، ملاحظة الوقائع التالية:
أولاً: إن الكيان الإسرائيلي يعيش منذ عدوان تموز أزمة نفسيه ومعنوية ومهنية واستراتيجية عنوانها العام إخفاقه في هذا العدوان، وتآكل هيبته وصورته كصاحب جيش لا يقهر، وبالتالي، فهو يعمل ليل نهار لاسترجاع هذه الصورة، ويتحين الفرصة المناسبة لذلك، إلا أنه، حتى الآن، ما زال يفتقد القدرة على ذلك، ما يحبسه في دائرة الشك والتردد والحيرة، والسبب الرئيسي في ذلك هو معرفته بأن قوة المقاومة قد تضاعفت، وباتت تمتلك الجهوزية لرد أي عدوان.
ثانياً: صحيح أنه ظهر مؤخراً تبدل مهم في الأولويات الإسرائيلية، حيث يجري التركيز على الخطر الإيراني من بوابة الملف النووي، ويحاول قادة هذا الكيان الضغط على واشنطن لشن حملة عسكرية ضد إيران، وفي الوقت الذي يفتح الاسرائيلي باب المفاوضات على المسار السوري، إلا أن هذا الكيان يدرك تماماً أنه، وفي حال حسم القرار باتجاه توجيه ضربة ضد إيران، لا يستطيع ذلك بدون الاطمئنان إلى مسألتين: الأولى تحييد الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، والثانية تحييد الجبهة السورية، لأنه لا يستطيع تحمل تبعات مواجهة شاملة في نفس الوقت، فالمفاوضات مع سوريا قد يكون غرضها تحييدها، في حين أن الهدنة مع غزة هي التي تتكفل بهذا الأمر، فيبقى التكفل بالجبهة اللبنانية، وذلك إما من خلال الضغوط الكبيرة، وإما من خلال عمل عسكري ما.
ثالثاً: بمعزل عن صحة أو عدم صحة المعلومات الإسرائيلية حول تسلم حزب الله صواريخ مضادة للطائرات، فإن فرضية من هذا النوع، تعني بالفعل حرمان العدو الإسرائيلي من ميزة التفوق الأساسية التي لديه، والتي تصيب لديه مقتلاً من ناحيتين: الأولى إفقاده القدرة على جميع المعلومات الاستخبارية، ما يحيله إلى جيش أعمى، والثانية إفقاده القدرة التي يتفوّق بها، ما يجعل المواجهة محصورة في نطاق البر حيث تتفوق وتتميز المقاومة.
رابعاً: لم يتوقف الإسرائيلي عن إصدار مواقف تتوالى منذ مدة مفادها ان القرار 1701 لم يطبق، ما يعني تلاشي ما عدّه انجازاً له في فترة من الفترات والمتمثل باعتبار وجود قوات الطوارئ قيداً فعلياً على حركة المقاومة، وحاجزاً جغرافياً مهماً إزاء استخدامها لقدراتها، ولذا عمل سراً وعلانية، وبمناورات مختلفة، على الدفع إلى احداث تعديل في هذا القرار، تحت عنوان تعديل قواعد الاشتباك، وعبر الدفع لتوسيع نطاق عمل هذا القرار ليشمل الحدود اللبنانية ـ السورية.
خامساً: لم يتوقف الإسرائيلي أيضاً عن إظهار قلقه من احتمالات قيام حزب الله بعملية ثأر لاغتيال القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، وهو بالتزامن مع عملية إطلاق الأسرى الأخيرة سارع إلى اعتبارها فرصة قد يغتنمها حزب الله للقيام بعملية الثأر هذه، موجهاً الأنظار تحديداً إلى دول افريقيا الغربية كدول مرشحة لهكذا عمليات.
سادساً: لقد كان الإسرائيلي واضحاً في إظهار قلقه ورفضه وامتعاضه من التطورات الأخيرة في لبنان، حيث رأى فيها انقلاباً كاملاً لمصلحة حزب الله والمقاومة، خصوصاً بعيد تثبيت حقها في البيان الوزاري.
سابعا: لدى الكيان الاسرائيلي قلق واضح من تراجع القدرات الاميركية في المنطقة لمصلحة قوى المقاومة والممانعة، بدءاً من أفغانستان ومروراً بالعراق ووصولاً إلى لبنان وفلسطين أيضاً.
ثامناً: الوضع الداخلي، والتغييرات المرتقبة السياسية والحزبية داخل الكيان الاسرائيلي، لا سيما مع قرب موعد انتخاب رئيس جديد لحزب كاديما في 17 أيلول المقبل، بعدما قرر أولمرت الاستقالة من رئاستي الحكومة والحزب معاً. وهذا من شأنه اطلاق مواقف تصعيدية لكسب الأصوات.
تاسعاً: إرفاق الكيان الاسرائيلي تهديداته بتحركات ميدانية، وان لم تصل إلى حدود بلوغ نقطة اعلان الحرب، فإن المطلوب منها تأكيد جدية هذه التهديدات وتحويلها إلى أفعال.
عاشراً: الضربات الأمنية التي يقوم بها الكيان الاسرائيلي منذ مدة، والتي يختار الأراضي السورية مكاناً لها، وإذا أخذنا بالاعتبار التصريح الإسرائيلي الملامس لحدود التبني لانفجار شاحنة سلاح في ايران، ندرك مساحة اللعبة الأمنية التي يقوم بها الإسرائيلي.
خلاصات واستنتاجات
كل ما تقدم، يقودنا إلى الخلاصات والاستنتاجات التالية:
أ ـ ان لدى الكيان الاسرائيلي كل الواقعية المطلوبة للقيام بعمل عسكري ما، إلا أنه لا يبدو جاهزاً له في المدى المنظور على الأقل، وبالتالي، فما يقوم به هو مسعى لإيجاد المبررات والأجواء الملائمة لتوجيه المزيد من الضربات الأمنية النظيفة ضمن المثلث الأساسي: ايران، سوريا، وحزب الله، وإنْ مع تركيز أكثر على سوريا للضغط عليها لحملها على ايقاف امدادات السلاح إلى حزب الله، أو للضغط عليه لمنعه من استخدام ما يخشاه ويؤثر على التوازن.
وفي هذا الإطار، لن يكتفي الإسرائيلي بالضغوط الأمنية، بل سيتوسل أيضاً بالضغوط الدبلوماسية مستفيداً من ورقة العلاقات الفرنسية ـ السورية، لحمل باريس على ممارسة هكذا ضغوط، ولا يبعد أيضاً توظيف البوابة التركية أيضاً.
ب ـ ايجاد الأجواء والضغوط الملائمة للدفع باتجاه تعديل القرار 1701، إلا أن انجاز هذا الهدف لا يبدو متاحاً في هذه المرحلة لاعتبارات كثيرة لا مجال لذكرها الآن.
ج ـ الضغط مجدداً على الوضع الداخلي اللبناني، والدخول على خط التوافقات الأخيرة لتعميق الخلاف حول سلاح المقاومة. فالتهديدات الاسرائيلية، وتوجيه رسالة إلى السنيورة بأنه سيعامل كحزب الله، والتهديد بالحرب التي لا تعرف قيوداً، هو محاولة لتزويد فريق 14 آذار والسنيورة بالدعم غير المباشر، وبالحجج اللازمة للتصدي لسلاح المقاومة، بذريعة أن استمرار الأمور على ما هي عليه سيؤدي إلى حربٍ جديدة، واللافت هنا، الفقرة التي صرّح بها السنيورة من خارج البيان الوزاري، والتي تلاقي في مضمونها ما يريده الاسرائيلي تماماً.
فالتهديدات الاسرائيلية من شأنها ان تغذي وتؤجج الانقسام السياسي حول المقاومة ودورها.
د ـ لجم حزب الله عن القيام بعملية ثأر للشهيد القائد الحاج عماد مغنية من خلال محاصرته بتهديدات عالية الخطورة.
هـ ـ الاحتمال الأسوأ، أن يكون الكيان الاسرائيلي يحضّر المناخات ويهيئ الظروف والمبررات والذرائع لشن حرب جديدة، تستبق الحرب ضد ايران، وربما سوريا أيضاً، ولا سيما أن الأشهر الأربعة المقبلة هي الفرصة الباقية للقيام بهكذا عمل عسكري، حيث هي الأشهر الفاصلة عن اجراء الانتخابات الاميركية وانتقال الرئاسة إلى الرئيس الجديد.
الانتقاد/ العدد 1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008
جذب العنوان الأمني الاهتمام من مدخلين: التهديد الإسرائيلي "الشديد اللهجة" لكل من سوريا وحزب الله، على خلفية معلومات تؤكد اعتزام المقاومة التزود بصواريخ مضادة للطائرات، وزيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال دايفيد بتراوس إلى لبنان، في سياق مسار من الاهتمام العسكري الأميركي بلبنان، برز بشكل لافت منذ شهر أيّار الفائت. هذا، في الوقت الذي دخل فيه الوضع اللبناني عموماً في مرحلة من تقطيع الوقت تجمع بين الرهان على حدوث متغيرات ما في المنطقة، والتحضير لملاقاة استحقاق الانتخابات النيابية العام المقبل الذي بدوره يحتضن في داخله مخاوف ورهانات.
خلفيات التهديد الإسرائيلي
بالرغم من أن الكيان الاسرائيلي يحاول الإيحاء، بأن الأخطار التي يستند اليها ليبرر تهديداته هي جديدة بالمطلق، إلا أن حقيقة الأمر غير ذلك، فالحديث عن تهريب الأسلحة من سوريا لم ينقطع، لا أثناء عدوان تموز، ولا بعده للحظة واحدة، وخلال شهور قليلة، أطلق قادة الكيان الإسرائيلي من عسكريين وأمنيين وسياسيين مراراً تحذيرات من أن المقاومة تمكنت من ترميم قدراتها، بل وضاعفتها خصوصاً الصاروخية منها، ولا سيما لحسن مداها، ولقوتها التدميرية، أضف إلى ذلك أن ملف تسلح المقاومة كان بنداً أساسياً حاضراً في كل الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء أولمرت، ووزير الحرب باراك، ووزير الاتصالات شاؤول موفاز، ورئيس الأركان أشكينازي، إلى الولايات المتحدة.
وخلال أسبوعين عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر للكيان الإسرائيلي جلستين لمناقشة الوضع في لبنان عموماً، ومسألة التسلح تحديداً.
ما الذي استجد حتى يأخذ الموقف الإسرائيلي هذا المنحى التصعيدي الملامس لحد التهديد؟ وفي أي سياق، وبالتالي أية أهداف يريد الكيان الإسرائيلي تحقيقها، ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وهل نحن نقترب من لحظة اتخاذ هذا الكيان قرارات كبيرة ودراماتيكية، أم نحن أمام التمهيد لخطوات تقع بين ما هو قائم وحدّ الحرب الشاملة: إن محاولة فهم وسبر أغوار وأبعاد التصعيد الإسرائيلي يتطلب، بادئ ذي بدء، ملاحظة الوقائع التالية:
أولاً: إن الكيان الإسرائيلي يعيش منذ عدوان تموز أزمة نفسيه ومعنوية ومهنية واستراتيجية عنوانها العام إخفاقه في هذا العدوان، وتآكل هيبته وصورته كصاحب جيش لا يقهر، وبالتالي، فهو يعمل ليل نهار لاسترجاع هذه الصورة، ويتحين الفرصة المناسبة لذلك، إلا أنه، حتى الآن، ما زال يفتقد القدرة على ذلك، ما يحبسه في دائرة الشك والتردد والحيرة، والسبب الرئيسي في ذلك هو معرفته بأن قوة المقاومة قد تضاعفت، وباتت تمتلك الجهوزية لرد أي عدوان.
ثانياً: صحيح أنه ظهر مؤخراً تبدل مهم في الأولويات الإسرائيلية، حيث يجري التركيز على الخطر الإيراني من بوابة الملف النووي، ويحاول قادة هذا الكيان الضغط على واشنطن لشن حملة عسكرية ضد إيران، وفي الوقت الذي يفتح الاسرائيلي باب المفاوضات على المسار السوري، إلا أن هذا الكيان يدرك تماماً أنه، وفي حال حسم القرار باتجاه توجيه ضربة ضد إيران، لا يستطيع ذلك بدون الاطمئنان إلى مسألتين: الأولى تحييد الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، والثانية تحييد الجبهة السورية، لأنه لا يستطيع تحمل تبعات مواجهة شاملة في نفس الوقت، فالمفاوضات مع سوريا قد يكون غرضها تحييدها، في حين أن الهدنة مع غزة هي التي تتكفل بهذا الأمر، فيبقى التكفل بالجبهة اللبنانية، وذلك إما من خلال الضغوط الكبيرة، وإما من خلال عمل عسكري ما.
ثالثاً: بمعزل عن صحة أو عدم صحة المعلومات الإسرائيلية حول تسلم حزب الله صواريخ مضادة للطائرات، فإن فرضية من هذا النوع، تعني بالفعل حرمان العدو الإسرائيلي من ميزة التفوق الأساسية التي لديه، والتي تصيب لديه مقتلاً من ناحيتين: الأولى إفقاده القدرة على جميع المعلومات الاستخبارية، ما يحيله إلى جيش أعمى، والثانية إفقاده القدرة التي يتفوّق بها، ما يجعل المواجهة محصورة في نطاق البر حيث تتفوق وتتميز المقاومة.
رابعاً: لم يتوقف الإسرائيلي عن إصدار مواقف تتوالى منذ مدة مفادها ان القرار 1701 لم يطبق، ما يعني تلاشي ما عدّه انجازاً له في فترة من الفترات والمتمثل باعتبار وجود قوات الطوارئ قيداً فعلياً على حركة المقاومة، وحاجزاً جغرافياً مهماً إزاء استخدامها لقدراتها، ولذا عمل سراً وعلانية، وبمناورات مختلفة، على الدفع إلى احداث تعديل في هذا القرار، تحت عنوان تعديل قواعد الاشتباك، وعبر الدفع لتوسيع نطاق عمل هذا القرار ليشمل الحدود اللبنانية ـ السورية.
خامساً: لم يتوقف الإسرائيلي أيضاً عن إظهار قلقه من احتمالات قيام حزب الله بعملية ثأر لاغتيال القائد الشهيد الحاج عماد مغنية، وهو بالتزامن مع عملية إطلاق الأسرى الأخيرة سارع إلى اعتبارها فرصة قد يغتنمها حزب الله للقيام بعملية الثأر هذه، موجهاً الأنظار تحديداً إلى دول افريقيا الغربية كدول مرشحة لهكذا عمليات.
سادساً: لقد كان الإسرائيلي واضحاً في إظهار قلقه ورفضه وامتعاضه من التطورات الأخيرة في لبنان، حيث رأى فيها انقلاباً كاملاً لمصلحة حزب الله والمقاومة، خصوصاً بعيد تثبيت حقها في البيان الوزاري.
سابعا: لدى الكيان الاسرائيلي قلق واضح من تراجع القدرات الاميركية في المنطقة لمصلحة قوى المقاومة والممانعة، بدءاً من أفغانستان ومروراً بالعراق ووصولاً إلى لبنان وفلسطين أيضاً.
ثامناً: الوضع الداخلي، والتغييرات المرتقبة السياسية والحزبية داخل الكيان الاسرائيلي، لا سيما مع قرب موعد انتخاب رئيس جديد لحزب كاديما في 17 أيلول المقبل، بعدما قرر أولمرت الاستقالة من رئاستي الحكومة والحزب معاً. وهذا من شأنه اطلاق مواقف تصعيدية لكسب الأصوات.
تاسعاً: إرفاق الكيان الاسرائيلي تهديداته بتحركات ميدانية، وان لم تصل إلى حدود بلوغ نقطة اعلان الحرب، فإن المطلوب منها تأكيد جدية هذه التهديدات وتحويلها إلى أفعال.
عاشراً: الضربات الأمنية التي يقوم بها الكيان الاسرائيلي منذ مدة، والتي يختار الأراضي السورية مكاناً لها، وإذا أخذنا بالاعتبار التصريح الإسرائيلي الملامس لحدود التبني لانفجار شاحنة سلاح في ايران، ندرك مساحة اللعبة الأمنية التي يقوم بها الإسرائيلي.
خلاصات واستنتاجات
كل ما تقدم، يقودنا إلى الخلاصات والاستنتاجات التالية:
أ ـ ان لدى الكيان الاسرائيلي كل الواقعية المطلوبة للقيام بعمل عسكري ما، إلا أنه لا يبدو جاهزاً له في المدى المنظور على الأقل، وبالتالي، فما يقوم به هو مسعى لإيجاد المبررات والأجواء الملائمة لتوجيه المزيد من الضربات الأمنية النظيفة ضمن المثلث الأساسي: ايران، سوريا، وحزب الله، وإنْ مع تركيز أكثر على سوريا للضغط عليها لحملها على ايقاف امدادات السلاح إلى حزب الله، أو للضغط عليه لمنعه من استخدام ما يخشاه ويؤثر على التوازن.
وفي هذا الإطار، لن يكتفي الإسرائيلي بالضغوط الأمنية، بل سيتوسل أيضاً بالضغوط الدبلوماسية مستفيداً من ورقة العلاقات الفرنسية ـ السورية، لحمل باريس على ممارسة هكذا ضغوط، ولا يبعد أيضاً توظيف البوابة التركية أيضاً.
ب ـ ايجاد الأجواء والضغوط الملائمة للدفع باتجاه تعديل القرار 1701، إلا أن انجاز هذا الهدف لا يبدو متاحاً في هذه المرحلة لاعتبارات كثيرة لا مجال لذكرها الآن.
ج ـ الضغط مجدداً على الوضع الداخلي اللبناني، والدخول على خط التوافقات الأخيرة لتعميق الخلاف حول سلاح المقاومة. فالتهديدات الاسرائيلية، وتوجيه رسالة إلى السنيورة بأنه سيعامل كحزب الله، والتهديد بالحرب التي لا تعرف قيوداً، هو محاولة لتزويد فريق 14 آذار والسنيورة بالدعم غير المباشر، وبالحجج اللازمة للتصدي لسلاح المقاومة، بذريعة أن استمرار الأمور على ما هي عليه سيؤدي إلى حربٍ جديدة، واللافت هنا، الفقرة التي صرّح بها السنيورة من خارج البيان الوزاري، والتي تلاقي في مضمونها ما يريده الاسرائيلي تماماً.
فالتهديدات الاسرائيلية من شأنها ان تغذي وتؤجج الانقسام السياسي حول المقاومة ودورها.
د ـ لجم حزب الله عن القيام بعملية ثأر للشهيد القائد الحاج عماد مغنية من خلال محاصرته بتهديدات عالية الخطورة.
هـ ـ الاحتمال الأسوأ، أن يكون الكيان الاسرائيلي يحضّر المناخات ويهيئ الظروف والمبررات والذرائع لشن حرب جديدة، تستبق الحرب ضد ايران، وربما سوريا أيضاً، ولا سيما أن الأشهر الأربعة المقبلة هي الفرصة الباقية للقيام بهكذا عمل عسكري، حيث هي الأشهر الفاصلة عن اجراء الانتخابات الاميركية وانتقال الرئاسة إلى الرئيس الجديد.
الانتقاد/ العدد 1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008