ارشيف من :آراء وتحليلات

على العهد: مهلاً أيها السادة

على العهد: مهلاً أيها السادة
كتب ابراهيم الموسوي
غريب أمر بعض جماعة 14 شباط، غريب إلى حد أن يكون عجيباً: أمّا مبعث الغرابة في أمرهم، فهو أنهم أدمنوا الزعيق والنعيق إلى حدّ يعيق الفهم، بالأمس رأيناهم وهم ينفخون أوداجهم ويزعقون بأصواتهم إلى حدّ لا يليق: وتساءلنا مع كثير من المتسائلين: لِمَِ يزعق هؤلاء؟ ولِمَ يندبون أمراً قد مضى بعد أن جرى عليه ما جرى.
هؤلاء أنفسهم، أعني الناعقين، هم الذين وافقوا على كل ما ينعقون ويزعقون ضده، ولنبدأ منذ البداية، هؤلاء هم الذين وافقوا على سحب القرارات المشؤومة لحكومتهم اللاشرعية المستأثرة (قراري إقالة العميد شقير وتفكيك شبكة اتصال المقاومة)، وهم أيضاً الذين وافقوا لاحقاً بعد أن زعقوا طويلاً على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وهم أيضاً وأيضاً الذين تراجعوا عن "الفيتو" الذي وضعوه بحق الوزير علي قانصوه، وهم أيضاً الذين وافقوا على إعطاء المعارضة الثلث الضامن في حكومة الوحدة الوطنية، وهم أيضاً وأيضاً وثالثاً ورابعاً الذين وافقوا بعد طول عناء ومكابرة على اعطاء التيار الوطني الحر ما يستحقه من حقائب وزارية، وهم أنفسهم الذين رضخوا أخيراً لما أرادته المعارضة في صوغ البيان الوزاري، فما هي مشكلتهم الآن، حتى يرموا تواقيعهم بالحجارة، ويرجموا أنفسهم على طريقة لحس التواقيع، وإغفالها تنكراً أو إنكاراً لا فرق!
كل ما فعله هؤلاء أنهم رضخوا لإرادة الحق، ووقفوا على حد السواء بعد أن تراجعوا إلى حيث يجب أن يكونوا منذ البداية.. فلِمَ يستخدمون مبالغين لغة الفشل والخسارة والمكابرة. لم ينكرهم أحد، ولم يحاول أن يلغيهم أحد، فلِمٍَ المبالغة في اظهار الوجود وتثقيل الوزن. إن مشكلة هؤلاء مع قواعدهم لا يصححها زعيقهم من على منبر المجلس النيابي لأن المعادلة التي ركبوها كانت خاطئة مئة في المئة. لا يجوز في الحسابات الوطنية أن يكبّروا أحجامهم على حساب الآخرين ومن خلال إلغائهم، وهو ما بالغوا في ارتكابه على مدى السنتين المنصرمتين، هم الذين بالغوا في أحجامهم أمام أتباعهم حتى إذا ما انكشف زيفهم وظهرت حقيقتهم اذا هم يحاولون تعويض انكماشهم بفلش أصواتهم. إن رفع النبرة الخطابية لا تزيد في حجم التمثيل الحقيقي على الأرض أيها السادة، وإن فتح معركة الانتخابات النيابية المقبلة بهذه الطريقة لا يفيد أبداً.
ما نشهده اليوم هو بداية الفصل الأخير من خطة هؤلاء، وإذا بنا نكتشف أن هناك من هو مستعد للتجرد من كل قيمه من أجل المصلحة الانتخابية، وهناك من هو مستعد لركوب رأسه والذهاب في المغامرة السياسية حتى الأخير، ولو كلّفه ذلك إحراق البلد خدمة لمقعد نيابي أو سلطة سياسية، وكل ذلك تحت شعار الحفاظ على البلد.
أيها السادة في 14 شباط توقفوا عن المقامرة والمغامرة، نرجوكم أن تتوقفوا عن العمل من أجل لبنان، مستلهمين ما قاله الشاعر الفلسطيني مخاطباً العرب، بين أيديكم بقية من وطن فتوقفوا عن العمل في سبيل القضية حتى تبقى لدينا البقية!
الانتقاد/ العدد 1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008
2008-08-12