ارشيف من :أخبار عالمية
جون يولتون: حان وقت الضربة الإسرائيلية لإيران
مع عودة رجال الدين الايرانيين المتشددين، وفيالق حرس الثورة الاسلامية، الى التحكم بشكل واضح بالسلطة في طهران، يبدو ان قرار اسرائيل، حول ما اذا كانت تريد استخدام القوة العسكرية ضد برنامج ايران النووي، اكثر إلحاحا من أي وقت.
رفعت الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الايرانية، احتمال حدوث تغيير من نوع ما للنظام، رغم ان هذا الاحتمال يبقى مستبعداً في المستقبل القريب، او على الأقل طوال المدة التي قد تتطلبها ايران لوضع اللمسات الاخيرة على قدرتها لإنتاج سلاح نووي.
وبناء عليه، ومن دون أي حل ملائم آخر، يقترب الحل المناسب منطقياً، بتوجيه ضربة عسكرية اسرائيلية الى ايران، لان يصبح بمثابة الحل الذي لا يمكن تفاديه، في وقت تكثف تل أبيب، من دون شك، جهودها لاتخاذ قرار، بعكس رغبة الرئيس الاميركي باراك اوباما.
فأوباما ما زال يريد الحوار مع النظام الايراني، وهو ما عبّرت عنه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي بقولها انه «تجب إعادة ايران الى الطاولة، للتفاوض معها حول بعض الأمور، التي تثير قلق المجتمع الدولي». وقد اكد ذلك السيناتور الديموقراطي جون كيري، بقوله، ان الأحداث المؤسفة في طهران، ستؤخر المفاوضات لبضعة أسابيع، فقط.
واعتبرت مصادر في ادارة اوباما، ان ايران ستكون اكثر توقاً الى التفاوض، مقارنة مع الفترة التي سبقت الانتخابات، بهدف اكتساب «قبول المجتمع الدولي» لها. واشارت بعض التسريبات، الى انه يجب ان تؤدي هذه المفاوضات، الى نتائج بحلول موعد افتتاح الجمعية العامة للامم المتحدة في أواخر أيلول المقبل، في حين اعتبر البعض الآخر انه يجب انتظار نهاية العام 2009 لتحقيق تقدّم. وتفترض هذه السيناريوهات «الهشة»، ان طهران تهتم لمسألة «القبول».
ورغم ذلك، سيحاول اوباما البدء بالمفاوضات الثنائية مع طهران، لان الوقت ينفد. وتعتري هذه المقاربة مشكلتان: الاولى، ان ايران لن تفاوض بحسن نية، فهي لم تفعل ذلك خلال السنوات الست الماضية، ولن تبدأ الآن. وكما قالت كلينتون الأسبوع الماضي، فلدى ايران «خلل كبير في المصداقية» بسبب الغش الانتخابي.
والمشكلة الثانية، بالنظر الى برنامج طهران النووي، انه حتى لو تم الاتفاق على تطبيق أقسى العقوبات التي يقترحها اوباما، فان ذلك لن يمنع ايران من إنتاج سلاح نووي عندما تنوي ذلك، كما كانت مصممة خلال السنوات العشرين الماضية.
إذاً، فالوقت ضيق، والعقوبات سبق ان فشلت منذ زمن طويل. ولا يزال الملتزمون بالمفاوضات على خلفية لاهوتية، وحدهم يعتقدون ان ايران ستتخلى بشكل كامل عن برنامجها النووي. ولسوء الحظ، فإن ادارة اوباما لديها خطة «ب»، ستسمح لايران بالحصول على برنامج نووي مدني «سلمي»، في وقت «تتخلى» فيه علنياً عن هدفها امتلاك أسلحة نووية.
وسيصنّف اوباما نتيجة كهذه بـ «النجاح»، حتى لو كان ذلك في الواقع، لا يختلف كثيراً عما تفعله وتقوله ايران اليوم، في حين ان برنامجا «سلميا»، لتخصيب اليورانيوم وبناء المفاعلات، ومعالجة الماء الثقيل، سيؤدي الى تطوير القدرة الايرانية، بحيث يصبح بإمكانها إنتاج سلاح نووي في وقت سريع، اذا أرادت ذلك.
باختصار، أظهرت الانتخابات المسروقة، والأحداث التي أعقبتها، العيوب الاستراتيجية والتكتيكية في الخطة التي يتّبعها اوباما، بشكل دراماتيكي.
وفي الوقت الذي لم يعد فيه خيار تغيير النظام على طاولة البحث في الفترة المقبلة، التي تعتبر فترة حساسة بالنسبة لبرنامج طهران النووي، يصبح قرار اسرائيل باللجوء الى القوة، اكثر سهولة وإلحاحا، من ذي قبل. وحيث انه لا يبدو ان الدبلوماسية ستحقق تقدما ملموساً باتجاه التغيير، فإنه لا جدوى من انتظار نتائجها. وفي الواقع، ومن خلال الأخذ بالاعتبار حقيقة ان اوباما يغيّر تعريف «النجاح»، فعندها ستشكل المفاوضات فخاً أكثر خطورة لإسرائيل.
ويبقى امام الذين يعارضون امتلاك طهران أسلحة نووية، خيار وحيد على المدى القريب، وهو ضربات عسكرية موجهة الى منشآت الاسلحة الايرانية.
وبعد الاعتراضات الاخيرة في الشارع الايراني، يمكن إطلاق حملة دبلوماسية وشعبية لإقناع الجماهير، بأن ضربة كهذه تستهدف النظام فقط وليس الشعب. وهو ما كان دائماً صحيحا، لكن أهميته تبرز بشكل اكبر اليوم، مع الظهور الواضح لأكبر اتساع للهوة، بين الثورة الاسلامية والشعب، بحيث يمكن العمل على ضربة عسكرية للبرنامج النووي، والعمل أيضا على تحقيق الهدف الاساسي بتغيير النظام، في وقت واحد، وبشكل ثابت.
وإلا، فيجب الاستعداد لايران تمتلك أسلحة نووية، التي يعتقد البعض، وبينهم مستشارون لاوباما، انه يمكن استيعابها وردعها. لكن هذا الامر ليس فرضية علينا اختبارها في العالم الواقعي. تكلفة الخطأ قد تكون مميتة.
واشنطن بوست
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018