ارشيف من :آراء وتحليلات
باختصار: التاريخ يعود للكتابة

كتب محمد يونس
يقولون إن الدنيا دولاب، والبعض يؤكد أن التاريخ يواصل إعادة كتابة نفسه، فهل يمكن إسقاط هذين القولين على ما يحصل حاليا في القوقاز؟ قد لا يتفق الكثيرون على ذلك، ولكن الثابت هو أن الاجتياح الجورجي للمحمية الروسية أوسيتيا الجنوبية شكّل الشرارة لبداية تغيير جذري في موازين القوى، ليس في القوقاز بل في العالم.
فالخطوة الجورجية التي وصفت بالحمقاء تعتبر برأي غالبية المحللين بأنها كانت مدبّرة بين تبليسي وواشنطن، وربما كانت تهدف لتضييق الخناق على روسيا أو خلق بؤرة ضغط أمنية على الحدود الروسية مباشرة تمكّن واشنطن من استثمارها تنازلاً من موسكو في العديد من القضايا التي تقف حائلا دون تحقيق الولايات المتحدة غاياتها فيها.
لكن وككل مغامرات واشنطن في السنوات الأخيرة فوجئت هي وأداتها تبليسي بحجم الرد الروسي الذي كان ينتظر هذه الفرصة الذهبية، فلم يتأخر في انتهازها ليوجه رسالة ذات أبعاد متعددة وجدية إلى أكثر من فريق ومنطقة. لقد أعطى الغباء الأميركي الدبّ الروسي الذريعة ليعود ويبرز مخالبه الفولاذية ويواصل زئيره الذي طالما اشتاق لإطلاقه على أراضي محمياته السابقة ليخرق منها آذاناً حاولت إدارة قنوات استشعارها عنه مستهزئة به.
الرد الروسي لم يقتصر على التأديب العسكري لجورجيا، بل وصل إلى قاعات مجلس الأمن الدولي الذي وللمرة الأولى منذ حوالى عشرين عاما استعاد أجواء الحرب الباردة وكل الفضل يعود في ذلك لواشنطن وخططها الجهنمية. إن كان دولاب الدنيا توقف عن الدوران منذ تسعينيات القرن الماضي، وإذا كان حبر التاريخ الجاف منعه من إعادة كتابة صفحاته، فإن بوش وفريقه أرخى مكابح الدولاب وأعاد ملء محبرات التاريخ.
الانتقاد/ العدد 1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008
يقولون إن الدنيا دولاب، والبعض يؤكد أن التاريخ يواصل إعادة كتابة نفسه، فهل يمكن إسقاط هذين القولين على ما يحصل حاليا في القوقاز؟ قد لا يتفق الكثيرون على ذلك، ولكن الثابت هو أن الاجتياح الجورجي للمحمية الروسية أوسيتيا الجنوبية شكّل الشرارة لبداية تغيير جذري في موازين القوى، ليس في القوقاز بل في العالم.
فالخطوة الجورجية التي وصفت بالحمقاء تعتبر برأي غالبية المحللين بأنها كانت مدبّرة بين تبليسي وواشنطن، وربما كانت تهدف لتضييق الخناق على روسيا أو خلق بؤرة ضغط أمنية على الحدود الروسية مباشرة تمكّن واشنطن من استثمارها تنازلاً من موسكو في العديد من القضايا التي تقف حائلا دون تحقيق الولايات المتحدة غاياتها فيها.
لكن وككل مغامرات واشنطن في السنوات الأخيرة فوجئت هي وأداتها تبليسي بحجم الرد الروسي الذي كان ينتظر هذه الفرصة الذهبية، فلم يتأخر في انتهازها ليوجه رسالة ذات أبعاد متعددة وجدية إلى أكثر من فريق ومنطقة. لقد أعطى الغباء الأميركي الدبّ الروسي الذريعة ليعود ويبرز مخالبه الفولاذية ويواصل زئيره الذي طالما اشتاق لإطلاقه على أراضي محمياته السابقة ليخرق منها آذاناً حاولت إدارة قنوات استشعارها عنه مستهزئة به.
الرد الروسي لم يقتصر على التأديب العسكري لجورجيا، بل وصل إلى قاعات مجلس الأمن الدولي الذي وللمرة الأولى منذ حوالى عشرين عاما استعاد أجواء الحرب الباردة وكل الفضل يعود في ذلك لواشنطن وخططها الجهنمية. إن كان دولاب الدنيا توقف عن الدوران منذ تسعينيات القرن الماضي، وإذا كان حبر التاريخ الجاف منعه من إعادة كتابة صفحاته، فإن بوش وفريقه أرخى مكابح الدولاب وأعاد ملء محبرات التاريخ.
الانتقاد/ العدد 1289 ـ 12 آب/أغسطس 2008