ارشيف من :أخبار عالمية
هل الولايات المتحدة "تحتل" باكستان؟
في موقع باك أَلِرْتْ، (23/6/2009)، كتب جيرمي سكاهِل:
بعد ثلاثة أيام من حفل تنصيبه، في 23 يناير/ كانون الثاني ،2009 أمر الرئيس باراك أوباما الطائرات الأمريكية من دون طيار بمهاجمة مواقع داخل باكستان، فقتلت 15 شخصاً . وكان ذلك أولَ هجوم موثق تم تنفيذه بأوامر من القائد الأمريكي الأعلى، داخل باكستان .
ومنذ ذلك الهجوم بتصريح من أوباما، ظلت الولايات المتحدة تقصف باكستان بانتظام، وتقتل عشرات الباكستانيين المدنيين . وقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" (20/2/2009)، أن الهجمات دليل واضح على أن أوباما "يواصل سياسة إدارة بوش، وفي بعض الحالات يمضي الى أبعد منها" .
ويتابع الكاتب قائلاً: في الأيام التسعة والتسعين الأولى من حكم أوباما، قُتل أكثر من 150 باكستانياً في هجمات هذه الطائرات . وكان آخر هجوم موثق من هذا القبيل يوم الخميس 18/6 في منطقة وزيرستان . وقد قتلت غارات الطائرات الأمريكية من دون طيار منذ سنة 2006 ما يقرب من 687 شخصاً (حتى شهر ابريل/ نيسان) . وهذا يعني قتل نحو 38 شخصاً في الشهر، بالطائرات من دون طيار فقط .
ويقول الكاتب، ينبغي ألا يثيرَ استخدامُ هذه الطائرات الهجومية من قِبل أوباما استغرابَ أحد تابَع الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية عن كثب . فعندما كان أوباما مرشحاً للرئاسة، أوضح ان سيادة باكستان، تأتي في مرتبة لاحقة بعد المصالح الأمريكية، وقال إنه سيهاجم هذا البلد بموافقة الحكومة الباكستانية أو من دونها . وقال أيضاً: إذا توفرت للولايات المتحدة "معلومات استخبارية تصلُح أن تكون أسباباً قانونية" للإدعاء بأن أهدافاً "ذات قيمة عالية" موجودة في باكستان، فلن تتوانى الولايات المتحدة عن الهجوم . وردّدت وزيرة الخارجية، هيلاري كلنتون أصداء هذه الأهواء في مناسبات عدة أثناء الحملة الانتخابية، ولم "تستبعد قيام الولايات المتحدة بشن هجمات داخل باكستان، واستشهدت بالهجمات الصاروخية التي أمر بها زوجها، بيل كلينتون حين كان رئيساً، على أسامة بن لادن في أفغانستان سنة ،1998 وقالت: "إذا توفرت لدينا معلومات استخبارية تدعم الإدعاء بأن اسامة بن لادن أو غيره من الأهداف القيّمة، موجودون في باكستان، فسوف أفعل ما يضمن استهدافهم وقتلهم أو إلقاء القبض عليهم" .
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "دون" الباكستانية في الأسبوع الماضي، قال أوباما، رداً على سؤال عن هجمات الطائرات من دون طيار في منطقة القبائل الباكستانية، إنه لن يعلّق على عمليات بعينها . وأضاف: "ولكنني أقول لك إنه ليست لدينا أي نية لإرسال قوات أمريكية الى داخل باكستان . فباكستان وجيشها، يتعاملان مع قضاياهما الأمنية" .
ويعلق الكاتب على ذلك بالقول، إنّ هنالك عدداً من القضايا التي يثيرها هذا الجواب المقتضب . أولاها أن الفرق الوحيد بين استخدام هذه الطائرات الهجومية واستخدام الجنود الأمريكيين الحقيقيين على الأرض، هو أن الجنود كائنات حية . والطائرات من دون طيار، تجعل الولايات المتحدة تخوض حرباً نظيفة من دون خسائر في صفوف جنودها، بينما تفتح جحيماً عسكرياً غير متناسب على المدنيين الباكستانيين . وبيت القصيد، هو أن استخدام الطائرات من دون طيار داخل حدود باكستان، يرقى الى درجة انتهاك السيادة ذاته، الذي ينجم عن إرسال جنود أمريكيين الى داخل هذا البلد .
وقد دافع أوباما عن هجمات تلك الطائرات خلال مقابلته مع صحيفة "دون"، قائلاً: "إن هدفنا الأساسي هو أن نكون شركاء وأصدقاء لباكستان، وأن نتيح لهذه الدولة أن تنمو وتزدهر بشروطها هي، مع احترامنا لتقاليدها، وثقافتها الخاصة . نحن نريد ببساطة أن نضمن توقُّف النشاط الذي يقوم به أعداؤنا المشترَكون، وهم المتطرفون الذين يقتلون المدنيين الأبرياء، ونعتقد أنه يجب أن يتوقف، سواء كان في الولايات المتحدة أو في باكستان أو في أي مكان في العالم" .
ويقول الكاتب، على الرغم من تعليقات أوباما بشأن احترام باكستان "بشروطها"، فقد وصفت وكالة "رويترز" مؤخراً الترتيبات بين باكستان والولايات المتحدة، في ما يتعلق بالطائرات من دون طيار، على النحو التالي:
تعترض باكستان، حليفة الولايات المتحدة على الغارات الصاروخية الأمريكية، قائلة إنها تنتهك سيادتها، وتقوّض جهودها للتعامل مع المسلحين، لأنها تلهب غضب الجماهير وتعزز الدعم للمسلحين . وتقول واشنطن إن الغارات الصاروخية تنفّذ بموجب اتفاق مع اسلام آباد، يسمح للقادة الباكستانيين بانتقاد الهجمات علناً . وتنفي باكستان وجود اتفاق كهذا" .
ويضيف الكاتب ان باكستان الآن، هي أكبر متلقٍّ للمساعدات الأمريكية، حيث أقرّ مجلس النواب الأمريكي مؤخراً، مضاعفة الأموال المقدمة الى باكستان ثلاثة أضعاف، لتبلغ نحو 5 .1 مليار دولار في السنة على مدى خمس سنوات . وعلاوة على ذلك، تعمل القوات الخاصة الأمريكية الآن داخل باكستان، على طول الحدود الباكستانية الأفغانية في منطقة بلوشستان .
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" (16/5/2009)، إن القوات الخاصة الأمريكية: " . . . تقوم بتدريب فيلق الحدود الباكستاني، وهو قوة شبه عسكرية مسؤولة عن محاربة مقاتلي طالبان والقاعدة، الذين يعبرون الحدود بحرية بين أفغانستان وباكستان، كما يقول المسؤولون الباكستانيون . وليس المقصود من وجود المدربين الأمريكيين القتال الى جانب الباكستانيين أو مرافقتهم في المعارك، لأسباب منها أنّ عدد أفراد القوات الخاصة في معسكري التدريب، سيصبح قليلاً جدّاً . وقال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى، إنه يأمل أنْ تسمح إسلام آباد شيئاً فشيئاً للولايات المتحدة بأن توسع نشاطها التدريبي داخل الحدود الباكستانية" .
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" (20/2/2009) قد ذكرت أن القوات الأمريكية منخرطة أيضاً في نشاطات أخرى داخل باكستان، وقالت: "إنّ قوات العمليات الخاصة الأمريكية المتمركزة في أفغانستان، قامت أيضاً بتنفيذ عدد من العمليات داخل مناطق القبائل الباكستانية منذ أوائل سبتمبر/ أيلول، عندما قوبلتْ غارة لرجال الكوماندوز، أوقعت عدداً من القتلى في صفوف المسلحين، بالإدانة العلنية من قِبل مسؤولين باكستانيين . وحسبما ذكر مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى، تتركز مهمات الكوماندوز الرئيسية منذ سبتمبر/ أيلول، في جمع المعلومات الاستخبارية" .
ومن الواضح الآن - كما كان واضحاً منذ فترة طويلة- أن إدارة أوباما تمضي في توسيع الحرب الأفغانية بصورة جذرية متوغّلةً داخل باكستان . وعليه فإنّ للولايات المتحدة وجوداً عسكرياً راسخاً في باكستان، سواء من خلال المدربين العسكريين الأمريكيين (الذين كانوا يُسمَّون بهذا الاسم في فيتنام أيضاً)، أو من خلال غارات الطائرات من دون طيار، أو غارات الكوماندوز داخل البلاد . وذلك يجعل قول أوباما "إننا لا ننوي إرسال قوات أمريكية الى داخل باكستان" غير قابل للتصديق .
ولكي نُدرك مدى ما تحظى به العمليات الأمريكية الآن، وما ستستمر في أن تحظى به على مدى سنوات طويلة قادمة، لننظرْ فقط الى خطة الولايات المتحدة، الرامية الى بناء "سفارة" أمريكية في اسلام آباد، تبلغ تكلفتها مليار دولار، والتي ذُكر أنها ستكون على غرار المدينة الامبراطورية التي يسمونها سفارة في بغداد . وكما علّمنا الوضع في العراق بوضوح، سوف يَعقُب ذلك المجمّعَ، تصعيدٌ فوري في نشر القوات الأمريكية، والمرتزقة وغيرهم من المتعاقدين .
صفحة العالم + الصحافة الدولية
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018