ارشيف من :أخبار عالمية

رواية فرنسية لـ«إعدام» رهبان سيدة الأطلس: الجيش الجزائري قتلهم خطأ... واتهم الإسلاميين!

رواية فرنسية لـ«إعدام» رهبان سيدة الأطلس: الجيش الجزائري قتلهم خطأ... واتهم الإسلاميين!
ضمير فرانسوا بوشفالتر صحا في الخامس والعشرين من حزيران الماضي، ويهدّد بأزمة إضافية بين الجزائر وفرنسا. وإذا ما صدق كلام «الصحوة»، يرجّح أن يلتقي لتوضيح أبعادها الرئيسان الفرنسي ساركوزي والجزائري بوتفليقة على هامش قمة الثماني في إيطاليا اليوم.
الجنرال المتقاعد، والملحق العسكري الفرنسي السابق في السفارة الفرنسية في الجزائر، انتظر ثلاثة عشر عاماً كي يفضي بما أثقل على ضميره من أسرار مقتلة رهبان دير سيدة الأطلس الجزائرية الفرنسيين السبعة إلى مارك تريفيديك، قاضي مكافحة الإرهاب، ويتهم الجيش الجزائري بقتلهم خطأ، ويبرئ ساحة الجماعة الإسلامية المسلحة التي أعلنت مسؤوليتها آنذاك عن العملية.
ولا يُلقي ضمير الجنرال بوشفالتر بحجر ثقيل في مياه راكدة. فخلال ثلاثة عشر عاماً لم يركن قضاة التحقيق إلى الرواية الرسمية التي جعلت رهبان دير سيدة الأطلس في تبحيرين يذبحون في أيار من العام 1996 بسكاكين الجماعة الإسلامية المسلحة، بعد شهرين على خطفهم من ديرهم في ولاية المدية بحجة إخلال الفرنسيين بصفقة تبادل الرهائن السبعة بأميرها الأول المعتقل عبد الحق العيادة.
ولم يبخل ضباط جزائريون منشقون، على أجهزة أمنية فرنسية، بما يُعزز ما كان يساورها من شبهات، من ازدواجية زعيم الجماعة المسلحة جمال زيتوني وولائه لأجهزة أمنية جزائرية، وتنفيذه بعض العمليات لحسابها في ذروة الاشتباك في التسعينيات مع الحركات السلفية الإسلامية المسلحة. أما الصمت الفرنسي عن بعض «الأخطاء» فيطلب تفادي عودة التهديد الإرهابي إلى باريس، التي شهدت بعض الهجمات «السلفية الجزائرية» عام 1995.
الجنرال بوشفالتر، قدّم روايته الجديدة. كل شيء بدأ مع مروحية جزائرية حلقت فوق أحراج قريبة من مدينة المدية، لتعثر بالصدفة، على معسكر تابع للجماعة الإسلامية المسلحة. المروحية أمطرت المعسكر بالرصاص، وفوجئ طاقمها بعد هبوطه بقتلهم للرهائن الرهبان السبعة. الجنرال جاء بمعلوماته من رفيق دراسة جزائري في كلية «سان سير» العسكرية، روى له القصة بعد يومين من دفن رؤوس الرهبان الذين لم يعثر لهم على أجساد، نقلاً عن شقيقه قائد المروحية.
مكاشفة العسكري النادم على ما كتمه من أسرار ليست كل المشكلة. ما يثير الأزمة، هو ما قاله بوشفالتر لقاضي التحقيق بأنه قدم تقريراً مكتوباً إلى أركان الجيش الفرنسي والأجهزة الأمنية والسفير الفرنسي في الجزائر آنذاك، فجاءه الرد بالصمت، وجرى تعميم رواية مسؤولية الجماعة الإسلامية المسلحة، وتفضيلها على قتل الجيش الجزائري «خطأ» للرهبان السبعة.
وما تزيد الشبهات بوجود قرائن تتهم الجيش الجزائري هي فظاعة تصفية الرهبان السبعة الذين لم يعثر إلا على رؤوسهم، لإخفاء الأجساد التي قد يكون اخترقها رصاص المروحية العسكرية المفترض، وتوجيه الاتهامات إلى الجماعات المسلحة، باعتبار أن قطع الرؤوس من «تقاليدها». ويبدو مستبعدا جدا أن يرفض الرئيس، ووزارة الدفاع طلب محامي الحق المدني باتريك بودوان رفع السرية عن الرواية والتقرير الذي رفعه الجنرال بوشفالتر إلى رؤسائه، كي يطلع عليها قاضي التحقيق.
بودوان طلب أيضاً الاستماع إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية آنذاك ألان جوبيه وهرفيه دوشاريت. كلاهما نفيا علمهما برواية الشاهد المتقاعد، مما يضع الأركان الفرنسية، والأجهزة الأمنية في موقع صعب، إذا ما تأكد حجبها لذلك التقرير عن الحكومة.
الرئيس الفرنسي لن يكتفي، كما قال برفع السرية عن التقرير، ووعد بكشف كل ما تطلب العدالة الإطلاع عليه «فليس لدينا ما نخفيه»، مرجحا بفتحه كل الملفات أمام القضاة، صحة ما جاء به بوشفالتر. لكن الكشف عن حقيقة ما جرى لن يقتصر على ملفات وزارة الدفاع الفرنسية السرية، وتدل تصريحات الرئيس ساركوزي ووزيرة العدل الفرنسية ميشال أليو ماري على قرب نقل السجال إلى الجزائر وتقاسم المسؤوليات معها في تضليل التحقيق.
آليو ماري وعدت القضاة «بالحصول على ما يحتاجونه لمتابعة عملهم والحصول على كل تعاون دولي يطلبونه». الرئيس ساركوزي كان أكثر وضوحاً من وزيرته، حيث دعا الجزائر إلى التعاون للإضاءة على ما حدث، لأن العلاقات بين الدول الكبرى تبنى على الحقيقة وليس على الكذب».
الرد الجزائري لم يتأخر. مسؤول جزائري قال بالأمس «إن الجزائر ليست معنية بالفساد الخلقي لجنرال قال إنه حصل على معلوماته من عسكري جزائري، أظن بأنه خائن».

السفير
2009-07-08