ارشيف من :أخبار عالمية
خاص الانتقاد.نت:71 حالة حتى مساء الأربعاء
رام الله ـ الانتقاد
إلى الشمال من مدينة نابلس بالضفة الغربية، تقع قرية "برقة" الصغيرة والتي لا يتجاوز عدد سكانها خمسة آلاف نسمة، وقد عاشت أسبوعا من الرعب طالت أفراح سكانها وأتراحهم أيضا، بفعل "انفلونزا الخنازير" القادمة مع زوار من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويروي سكرتير المجلس القروي في "برقة" إياد أبو عمر قصة القرية التي اعتادت هجمات مستوطني مستعمرة حومش المقامة على أراضيهم منذ عام 1978، فيما لم يتمكنوا من الاعتياد على صدمة المرض الذي سمعوا عنه عبر الإعلام ولم يتوقعوا وصوله إلى أنفاس أطفالهم.
يقول أبو عمر إن أحد العائلات القادمة لزيارة أقاربها وحضور عرس لابنهم في القرية، تعرض أحد أطفالها من دون سن الأربع سنوات للعدوى في الطائرة التي أقلتهم، حيث أن الأطفال دون هذا السن يكونوا عرضة للإصابة أكثر من غيرها بسبب عدم اكتمال جهاز المناعة لديهم.
وبعد وصولهم بيوم واحد ظهرت أعراض الأنفلونزا لدى الطفل دون أن يظن ذووه أنه مصاب بالجانحة العالمية التي فقدت الدول السيطرة على انتشارها في الأشهر القليلة الأخيرة، وفور نقله إلى المستشفى تبين أن الطفل مصاب بانفلونزا الخنازير ( A\N1H1 ) وفي اليوم التالي ظهرت الأعراض على أشقائه ووالديه، واتسعت دائرة العائلة المصابة لتصل إلى 12 فردا معظمهم من الأطفال، وقد أخضعوا جميعا للحجر الصحي بمنزلهم.
وعلى مدار أسبوع كامل، تحولت القرية إلى جزء معزول، وساد المناطق المجاورة حالة من الرعب من انتقال المرض، الذي تعد حالات الوفيات بسببه أقل بكثير من تلك التي تسببها الأنفلونزا العادية.
ألغيت الأعراس وبيوت العزاء
وفي هذه الأثناء، سارعت الجهات المسؤولة في القرية إلى إلغاء كافة مظاهر التجمع في القرية، حتى طالت هذه الإجراءات أربعة أعراس كانت مقررة في الأسبوع الماضي وأجلت، كما امتنع ذوو أحد السيدات التي توفيت في القرية عن إقامة بيت عزاء بعد دفنها تحسبا لانتشار المرض بين المجتمعين.
ورغم شفاء المرضى من قرية "برقة"، إلا أن محافظات الضفة الغربية باتت تسجل يوميا إصابات جديدة بعدوى انفلونزا الخنازير بمعدل 2-3 حالات يوميا، وتتركز غالبية الإصابات في مناطق رام الله وبيت لحم.
وتوضح تقارير رسمية من وزارة الصحة الفلسطينية أن وصول مئات العائلات الفلسطينية من الخارج، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، أدى إلى نقل العدوى إلى المواطنين في الضفة رغم الإجراءات الصحية المشددة التي أعلنتها منذ ظهور المرض عالميا.
37 حالة خلال حزيران/ يونيو
ويشير مسؤول العلاقات العامة والإعلام في وزارة الصحة الدكتور عمر النصر إلى إصابة 37 حالة في أقل من 20 يوما، حيث بدأ المرض في محافظات الضفة الغربية باكتشاف أول حالة لطفل قادم من الولايات المتحدة في إلى مدينة بيت لحم في العاشر من حزيران/يونيو الماضي، فيما لم تسجل أي حالة في قطاع غزة المحاصر.
وحسب النصر فقد خضع غالبية هذا العدد من المرضى الذي سجلوا حتى نهاية حزيران/يونيو فقط، للعلاج في منازلهم مع تعليمات صحية مشددة حول طبيعة التعامل مع المرضى وعدم مخالطتهم. حيث سجل شفاء 15 حالة من أصل 37 سجلت خلال حزيران.
وأوضح النصر أن 19 من المصابين كانوا أطفالا دون سن الثامنة عشرة، فيما سجلت الوزارة ثماني حالات مابين العشرين و التاسعة و العشرين و خمس حالات ما بين الثلاثين و التاسعة و الثلاثين و أربع حالات بين الأربعين و التاسعة و الأربعين و حالتين فوق سن الخمسين.
وجاء توزيع الحالات بالنسبة للمحافظات متفاوتا أيضا، فقد سجلت أربع حالات إصابة في محافظة بيت لحم و 16 حالة في محافظة رام الله وهي أعلى المناطق الفلسطينية التي هاجرت عائلاتها إلى الولايات المتحدة، لتعود إليها صيف كل عام، وسجلت 15 حالة في محافظة نابلس و حالتين في محافظة طولكرم، أحدهما كانت عائدة من تأدية مناسك العمرة في الديار الحجازية.
وبالنسبة لمصدر العدوى للحالات التي أصيبت خلال حزيران/يونيو الماضي فقط، أوضح تقرير دائرتي الرعاية الأولية و الطب الوقائي بأن حالة واحدة أصيبت بالعدوى كان مصدرها منطقة السنتو الأمريكية و أربع حالات كان مصدرها نيويورك، و حالتين مصدرهما ولاية تكساس و أربع حالات مصدرها واشنطن و حالة واحدة كان مصدرها في سانت لويس، وكلها ولايات أمريكية. فيما سجلت وزارة الصحة حالة واحدة كان مصدرها المملكة العربية السعودية، والباقي أصيبوا بالمرض نتيجة عدوى داخلية من مرضى قادمين من الخارج.
في المساجد والهواتف
ونتيجة لحالة الرعب التي انتابت الفلسطينيين من المرض، فقد شرعت المستويات الرسمية بحملة توعية بكافة المحافظات عبر خطباء المساجد والفنانين وفتح خطوط ساخنة ومجانية للرد عن استفسارات الجمهور وتزويدهم بإرشادات الوقائية من المرض.
ويقول الدكتور قصي عساف، وهو واحد من ستة أطباء يجيبون على أسئلة المواطنين على الخط المجاني: مع بداية تسجيل أول حالة للمرض في فلسطين، بدأنا بتلقي اتصالات أكثر من كافة أنحاء الوطن، واتسمت أسئلة المتصلين بالجدية والتركيز عن ذي قبل، ووصل معدل الاتصالات يوميا إلى نحو 200 اتصال فيما بات العدد يرتفع مع ارتفاع أعداد الحالات يوميا.
وعن طبيعة الأسئلة يوضح عساف: المواطن يسال عن طرق العدوى وطرق الوقاية وهل العلاج متوفر أم لا في مستشفيات وزارة الصحة، وهل وصل الدواء إلى قطاع غزة، وهل الإصابات تكون قاتلة أم يمكن علاجها.
أما عن مدى القلق الذي ينتاب الناس، فيبين عساف انه وزملاءه يشعرون بالقلق المبرر نوعا ما عند المواطنين لا سيما في مناطق بيت لحم ورام الله حيث ظهرت أكثر الإصابات.
34 حالة في أسبوع
وفيما سجلت وزارة الصحة الفلسطينية 71 حالة إصابة بانفلونزا الخنازير بمحافظات الضفة الغربية، منها 34 خلال الأسبوع الأول من شهر تموز/يوليو الجاري، رجح مدير عام الرعاية الأولية والصحة الوقائية والناطق باسم حملة مكافحة الانفلونزا في وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور أسعد رملاوي تفاقم أعداد المصابين الفلسطينيين بعد أن انتشر المرضى كجانحة في كل العالم، مضيفا أن التقديرات تشير إلى إصابة نحو 100 ألف شخص حول العالم يوميا.
لكنه أكد أن كافة الحالات المكتشفة في صفوف الفلسطينيين بسيطة، وقد تماثل للشفاء أربعة مرضى من بيت لحم و20 حالة في رام الله و14 حالة في نابلس، مبينا أن أي حالة شخصت إصابته قبل 6 أيام فقد شفي تماما.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018