ارشيف من :أخبار عالمية

اوسيتيا الجنوبية: الى اين؟

اوسيتيا الجنوبية: الى اين؟
صوفيا ـ جورج حداد
بعد ان صمتت المدافع على مضض، من الواضح تماما ان العودة الى الوضع السياسي لاوسيتيا الجنوبية، ولجورجيا ـ كدولة، لما قبل الانفجار الاخير، هو مستحيل، لانه يعني ببساطة العودة الى تفجير الاوضاع من جديد بشكل لا يمكن ضبطه هذه المرة، وهو ما لا تريده جميع القوى، المحلية والدولية، ذات الصلة، فجورجيا التي بسلطتها الحالية الموالية للغرب، اختارت "الطريق القصير" المتمثل في محاولة الحسم العسكري مع اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، المطالبتين بالاستقلال، اكتشفت ان اصرارها على هذا الحل يضعها امام معادلة مصيرية، لا منقذ لها منها: الاحتلال الجورجي لاوسيتيا الجنوبية، وابخازيا، يعني ببساطة الاحتلال الروسي لجورجيا بمجملها.
واميركا، الداعم الرئيسي للنظام الجورجي الموالي للغرب، وجدت ان التحدي الاميركي لروسيا في القوقاز، سيستدعي رفع مستوى التحدي الروسي لاميركا في جميع انحاء العالم، ولا سيما في الشرق الاوسط، والبلقان، واميركا الجنوبية. وهو ما تحسب له اميركا الف حساب.
وهكذا، وحتى قبل ان يبدأ دوي المدافع بالخفوت، بدأ طرح السؤال بحدة حول مستقبل الوضع الدولي لاوسيتيا الجنوبية، ومن ثم ابخازيا، وتحصيل حاصل جورجيا ايضا.
وقد ذكرت وكالة رويترز ان احد مراكز الدراسات الروسية المستقلة وهو مركز "ليفادا"، قام باستطلاع للرأي العام الروسي، شمل عينة من 2100 مواطن روسي من سكان المدن الكبرى. وجاءت النتائج كما يلي:
ـ 71% ابدوا تعاطفهم مع الاوسيتيين الجنوبيين.
ـ 2% ايدوا الجورجيين.
ـ 21% لم يحددوا موقفهم.
ـ 53% ايدوا تدخل الجيش الروسي في اوسيتيا الجنوبية.
ـ 36% عارضوا التدخل.
ـ 81% ايدوا تقديم المساعدة الانسانية لاوسيتيا الجنوبية.
ـ 46% ايدوا ادخال اوسيتيا الجنوبية في جمهورية روسيا الاتحادية.
ـ 34% قالوا بأنها ينبغي ان تصبح جمهورية مستقلة.
ـ وفقط 4% ايدوا بقاءها في اطار دولة جورجيا.
اما على المستوى الرسمي، فإن وحدة اراضي جورجيا اصبحت موضع شك. وقد وضع الرئيس الروسي 6 شروط لتسوية النزاع، وأحد هذه الشروط هو البحث في الوضعية القانونية الدولية للمنطقتين المتنازع عليهما (اوسيتيا الجنوبية وابخازيا)، وضمان امنهما.
واثناء زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي، الذي نقل شروط موسكو الى تفليس، فإنه تجنب الاجابة على سؤال: لماذا لا يوجد في تلك الشروط مبدأ وحدة وسلامة اراضي جورجيا. علما ان الرئيسين الروسي والفرنسي اكدا دعم سيادة واستقلال جورجيا. وقد قال الرئيس الروسي ان وحدة وسلامة الاراضي هو مفهوم "يعبر عن الوضع الواقعي" و"رغبة الناس في العيش معا". وتحدث ميدفيدييف بحدة عن الرئيس الجورجي سآكاشفيلي قائلا "بهذا يختلف المصابين بلوثة، عن الناس العاديين. فحينما يشتم اولئك رائحة الدم، من الصعوبة ايقافهم. ولا بد من اللجوء الى وسائل جراحية".
وبحسب جوناثان هايس، المحلل في المركز الاميركي "دجاينس ستراتيجيك أدفايزري"، فإن الخطوة التالية لروسيا بعد الهدنة ستكون ممارسة الضغط لاجل الاعتراف باوسيتيا الجنوبية وابخازيا. و"المحادثات المرتقبة حول مصير هذه الاراضي الانفصالية ستكون صعبة جدا. ومن الواضح ان جورجيا هي الخاسر الاكبر في هذه الحكاية. وقد جرى المس ايضا بالقوة الاميركية، والطريقة التي يجري تقبلها فيها في العالم. ان روسيا قد ربحت اكثر بكثير مما حصل في جورجيا. وقد صارع الرئيس بوتين ثماني سنوات ليعيد لروسيا دورها كلاعب دولي، ولكن بشكل عام كانت روسيا ضعيفة في الماضي وعاجزة عن الوقوف بوجه اميركا والسياسة الاوروبية ـ الدفاع الصاروخي، توسيع الناتو، والحرب في العراق. وبوتين يعتبر ان الاعتراف باوسيتيا الجنوبية وابخازيا سيكون بمثابة عملة مبادلة مقابل اعتراف الغرب بكوسوفو. بوتين كان ينظر الى الاحداث باعتبارها تقويض لقوة روسيا. وهذا النزاع سمح لروسيا ان تستعرض قوتها العسكرية، والاهم من ذلك ان تظهر استعدادها لاستخدام القوة".
2008-08-15