ارشيف من :آراء وتحليلات

مصير تشكيل الحكومة بين الربط بتعقيدات المنطقة أو تحييده عنها

مصير تشكيل الحكومة بين الربط بتعقيدات المنطقة أو تحييده عنها
كتب المحرر السياسي
في الوقت الذي تراوح عملية تشكيل الحكومة مكانها بانتظار أن تستعيد حركة الاتصالات الاقليمية، لا سيما على المسار السوري السعودي، حيويتها، تشهد المنطقة تبدلاً لافتاً في بعض عناصر مكوّنات مناخه، معطياته تستحق وقفة خاصة، باعتبارها تشكل الدائرة الأوسع لواقع ما يجري في لبنان حالياً.
في هذا الإطار لا بد من ملاحظات المعطيات التالية:
أولاً: التصريح الخطير الذي أطلقه نائب الرئيس الاميركي جون بايدن أثناء زيارته الأخيرة الى العراق، والذي حاول من خلاله أن يرسم مسافة بين الموقف الاميركي من توجيه ضربة عسكرية لايران والموقف الاسرائيلي، وذلك لحساب اطلاق يد الكيان الاسرائيلي، من خلال الادعاء ضمناً بأن واشنطن لا تستطيع أن تكبل يده، باعتباره دولة ذات سيادة.
ثانياً: الإعلان عن عبور غواصة اسرائيلية قناة السويس باتجاه ميناء ايلات في البحر الأحمر، وبإذن مصري صريح.
ثالثاً: الاعلان عن مشاركة الكيان الاسرائيلي في مناورات جوية في الولايات المتحدة وضعت أيضاً تحت عنوان التحضير والتدريب على ضرب أهداف بعيدة المدى.
رابعاً: اعلان الكيان الاسرائيلي عن ضرورة الاستعداد لخيار ما بعد فشل المفاوضات الاميركية الايرانية حول الملف النووي الايراني.
خامساً: تصريح رئيس أركان الجيوش الاميركية مولن أن الوقت أخذ ينفد أمام المفاوضات مع ايران أو القيام بعمل عسكري ضدها.
سادساً: إصدار قمة الثماني موقفا واضحا بأن أمام إيران فرصة تمتد الى شهر أيلول للتفاوض والتوصل الى نتائج محددة.
سابعاً: اعلان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن التحضير لرزمة عقوبات جديدة بحق إيران ما لم تنجح المفاوضات معها.
من الواضح أن العنوان الايراني حاضر بقوة وبدينامية متزايدة على طاولات البحث الدولية الاقليمية، ما يعني بدوره أن أموراً كثيرة ستبقى عالقة بانتظار ما ستؤول اليه وجهة الخيارات الخاصة بالتعامل مع ايران.
وفي مطلق الأحوال، يمكن إدراج المعطيات القادمة في سياق الاحتمالات التالية:
أولاً: اننا إزاء جملة ضغوط قوية على ايران للإتيان بها ضعيفة الى طاولة التفاوض، ولتكون جاهزة لتلبية بعض الشروط والمطالب الدولية.
ثانياً: استثمار الانقسام السياسي والاجتماعي الذي حصل مؤخراً، والعمل على تعميقه وتوسعته استنادا الى هذه الضغوط. بكلمة أخرى، إبقاء الانقسام في حال تفاعل تحت تأثير هذه الضغوط.
ثالثاً: الذهاب الى ضربة عسكرية موضعية بعد استنفاد الخيار الدبلوماسي، بما يقود الى إحداث اضطرابات داخلية تؤثر في بنية النظام وتماسكه.
خلاصة الأمر هنا، أن الرهانات الاميركية باتجاه ايران شهدت تبدلاً واضحاً، استناداً الى أنها ترى نفسها أمام فرصة جديدة باستغلالها الى النهاية.
على صعيد آخر، لا بد من استحضار المعطيات التالية:
أولاً: دخول الاسرائيلي مجدداً على خط تشكيل الحكومة من خلال توجيه رسالة واضحة بعدم إشراك حزب الله في هذه التشكيلة، وإلا فسوف تتحمل هذه الحكومة كامل المسؤولية إزاء أي مواجهة تحدث مع المقاومة.
ثانياً: ربط المصري تسهيل التفاهم السعودي السوري بتسهيل دمشق مهمة القاهرة بإجراء مصالحة فلسطينية ـ فلسطينية.
ثالثاً: كلام بيريز الصريح بأن المطلوب هو فك العلاقة بين دمشق وإيران، وبالتالي بين دمشق وحزب الله وبين دمشق وحماس.
رابعاً: تبدو دمشق الآن كأنها البلد العربي الوحيد الذي يقف موقفاً سلبياً من التسوية.
في هذا الإطار، الأطراف المعنية بهذه الرسائل هي الأطراف التي في سياق التحالف الموضوعي مع ايران، وتحت مسمى محور المقاومة والممانعة في المنطقة. والمعطيات الآنفة صريحة في علاقتها بمسألة تشكيل الحكومة، وخطورتها أنها تضع عملية التشكيل هذه في شبكة تعقيدات اقليمية تتداخل فيها كل الملفات، برغم أن الحكومة بحد ذاتها قد تبدو مجرد تفصيل صغير في هذه المعمعة، إلا أنه تفصيل مهم، نظراً للموقع الذي يحتله لبنان في خريطة الصراع والتوازنات، خصوصاً من مدخل وجود المقاومة فيه.
ماذا يعني هذا الربط؟
أولاً: ان تشكيل الحكومة مرهون بتذليل العقد الاقليمية والدولية، وإذا ما حدث هذا التذليل فإن ولادة الحكومة تصبح أمراً سهلاً.
ثانياً: ان الوقت المستقطع لتشكيل الحكومة هو لإعطاء فرصة لأخذ عملية الضغوط مداها، ولجلاء وجهة الأمور أكثر في المنطقة. وبناءً عليه فإن هذا الوقت قد يطول، إلا إذا تقرر تحييد لبنان عن تفاعلات المنطقة، فعندها قد نشهد تسريعاً في تشكيل الحكومة.
الانتقاد/ العدد 1354 ـ 10 تموز/ يوليو 2009
2009-07-10