ارشيف من :آراء وتحليلات
خلف القناع: أورق دم الشهداء.. ضاحية جديدة

كتب مصطفى خازم
عطفاً على ما كنا كتبناه في هذه الزاوية عن سقوط هيبة "الجيش الذي لا يقهر"، كان الفشل للقوات الجورجية مثالاً جديداً على واقع هذا الجيش وقياداته.. هذا نموذج 2008، أما بالعودة إلى حرب تموز او حرب لبنان الثانية، فلا بد من الوقوف على اليوم الاخير من الحرب..
بعد أن فشل العدو في تحقيق أي من أهداف العدوان الذي شنه، وفشلت كل استخباراته في كشف منصات الصواريخ، وقطع اوصال شبكة اتصالات المقاومة، قرر العدو بعد "دسيسة" أن يغتال سيد المقاومة..
ثلاثة وعشرون طناً من الحديد والمتفجرات الموجهة بصواريخ "عمياء" سقطت دفعة واحدة على مجمع الإمام الحسن(ع) ـ الرويس.. لتحيل ثمانية أبنية بـ241 شقة سكنية فضلاً عن المحال التجارية إلى كومة ركام..
اختلط الدم بالتراب .. عوائل بأكملها أستشهدت ولم يبق منها إلا من شاء الله له ان يكون بقية باقية لتكمل المسيرة..
عامان مرا على المجزرة.. والدولة لم تحرك ساكناً في المجال القضائي أو الحقوقي الإنساني، جلّ ما فعلت أنها ما تزال تراكم بالمعوّقات الادارية بعضاً من الدفعة الاولى من الاموال.. للمستحقين لإعادة الإعمار.. فضلاً عن الدفعة الثانية وبدل الأقسام المشتركة..
ولو انتظر الناس ان تأتي الدولة لتعيد بناء ما تهدم لكانوا اليوم يسكنون خيام الذل التي شاهدوها في البرامج الوثائقية عن نكبة فلسطين..
وحده لملم اطراف عباءته، ودعاهم إليه.. كانوا بالآلاف.. لا إجراءات.. لا تدفيش.. لا زمامير.. لا إعلام..
في البداية لم يصدّقوا..
قلقهم عليه جعل كل واحد منهم حارساً شخصياً.. لم يعودوا يسمعون بل باتوا يتلفتون لعل هناك حركة مريبة او أمراً غير "مظبوط"..
هدّأ من روعهم، وكيف لا وهو بالاصل واحد منهم.. يأكل معهم.. يعيش معهم.. يتنقل بينهم..
كباراً وصغاراً مستعدون ليفتدوه بأنفسهم..
وكان الموقف.. بيته كبيوتهم تهدم.. فما العمل؟
قبل عامين قالها لهم وبالفم الملآن: "إذا لم يتوافر المال فأنا مستعد أن أبيع نفسي لأعيد بناء بيوتكم..".
الصمت لفّ القاعة برغم كل الحشد المجتمع فيها، وانهمر الدمع على الخدود..
"فداك يا سيد.. امض ونحن معك ولن نخذلك ولن نتركك ولو ذهبت كل البيوت"..
بعد عامين 90% من الأبنية المتضررة أعيد تأهيلها وتراها تزهو بألوان الحياة..
أما تلك المدمرة كلياً وبرغم التقصير المالي من الدولة.. لكنها بدأت تعلو وتظلل الشوارع.. وتشمخ بفضل الدماء التي روتها، وستكون بكل تأكيد "أجمل مما كانت"..
ونقول للعدو قبل الصديق: "إذا كان معيار محاولة القضاء على المقاومة يعتمد على استهداف كل مكان يشتبه بوجود السيد فيه، فعليكم منذ الآن الاستعداد بملايين الاطنان.. من الاسلحة "الذكية" لمحو كل لبنان عن الخارطة بما فيه ومن فيه.. ولن تنجحوا لأن "المقاومة" باتت في كل شبر وحجر وشجر وبيت ونهر وسهل وجبل..
والتجربة خير برهان.. دمرتم الضاحية وقتلتم أهلها..
أورق دم الشهداء.. ضاحية جديدة، حدودها باتت من بحر بيروت إلى خليج عمان وجبال الشيشان وأفغانستان، ومن سهل الخيام إلى عكا وحيفا وغزة هاشم.. إلى عراق المقاومة الأبية التي أذلت المحتل الاميركي..
هي التجربة تصنع الخيار..
الانتقاد/ العدد1290 ـ 15 آب/ أغسطس 2008
عطفاً على ما كنا كتبناه في هذه الزاوية عن سقوط هيبة "الجيش الذي لا يقهر"، كان الفشل للقوات الجورجية مثالاً جديداً على واقع هذا الجيش وقياداته.. هذا نموذج 2008، أما بالعودة إلى حرب تموز او حرب لبنان الثانية، فلا بد من الوقوف على اليوم الاخير من الحرب..
بعد أن فشل العدو في تحقيق أي من أهداف العدوان الذي شنه، وفشلت كل استخباراته في كشف منصات الصواريخ، وقطع اوصال شبكة اتصالات المقاومة، قرر العدو بعد "دسيسة" أن يغتال سيد المقاومة..
ثلاثة وعشرون طناً من الحديد والمتفجرات الموجهة بصواريخ "عمياء" سقطت دفعة واحدة على مجمع الإمام الحسن(ع) ـ الرويس.. لتحيل ثمانية أبنية بـ241 شقة سكنية فضلاً عن المحال التجارية إلى كومة ركام..
اختلط الدم بالتراب .. عوائل بأكملها أستشهدت ولم يبق منها إلا من شاء الله له ان يكون بقية باقية لتكمل المسيرة..
عامان مرا على المجزرة.. والدولة لم تحرك ساكناً في المجال القضائي أو الحقوقي الإنساني، جلّ ما فعلت أنها ما تزال تراكم بالمعوّقات الادارية بعضاً من الدفعة الاولى من الاموال.. للمستحقين لإعادة الإعمار.. فضلاً عن الدفعة الثانية وبدل الأقسام المشتركة..
ولو انتظر الناس ان تأتي الدولة لتعيد بناء ما تهدم لكانوا اليوم يسكنون خيام الذل التي شاهدوها في البرامج الوثائقية عن نكبة فلسطين..
وحده لملم اطراف عباءته، ودعاهم إليه.. كانوا بالآلاف.. لا إجراءات.. لا تدفيش.. لا زمامير.. لا إعلام..
في البداية لم يصدّقوا..
قلقهم عليه جعل كل واحد منهم حارساً شخصياً.. لم يعودوا يسمعون بل باتوا يتلفتون لعل هناك حركة مريبة او أمراً غير "مظبوط"..
هدّأ من روعهم، وكيف لا وهو بالاصل واحد منهم.. يأكل معهم.. يعيش معهم.. يتنقل بينهم..
كباراً وصغاراً مستعدون ليفتدوه بأنفسهم..
وكان الموقف.. بيته كبيوتهم تهدم.. فما العمل؟
قبل عامين قالها لهم وبالفم الملآن: "إذا لم يتوافر المال فأنا مستعد أن أبيع نفسي لأعيد بناء بيوتكم..".
الصمت لفّ القاعة برغم كل الحشد المجتمع فيها، وانهمر الدمع على الخدود..
"فداك يا سيد.. امض ونحن معك ولن نخذلك ولن نتركك ولو ذهبت كل البيوت"..
بعد عامين 90% من الأبنية المتضررة أعيد تأهيلها وتراها تزهو بألوان الحياة..
أما تلك المدمرة كلياً وبرغم التقصير المالي من الدولة.. لكنها بدأت تعلو وتظلل الشوارع.. وتشمخ بفضل الدماء التي روتها، وستكون بكل تأكيد "أجمل مما كانت"..
ونقول للعدو قبل الصديق: "إذا كان معيار محاولة القضاء على المقاومة يعتمد على استهداف كل مكان يشتبه بوجود السيد فيه، فعليكم منذ الآن الاستعداد بملايين الاطنان.. من الاسلحة "الذكية" لمحو كل لبنان عن الخارطة بما فيه ومن فيه.. ولن تنجحوا لأن "المقاومة" باتت في كل شبر وحجر وشجر وبيت ونهر وسهل وجبل..
والتجربة خير برهان.. دمرتم الضاحية وقتلتم أهلها..
أورق دم الشهداء.. ضاحية جديدة، حدودها باتت من بحر بيروت إلى خليج عمان وجبال الشيشان وأفغانستان، ومن سهل الخيام إلى عكا وحيفا وغزة هاشم.. إلى عراق المقاومة الأبية التي أذلت المحتل الاميركي..
هي التجربة تصنع الخيار..
الانتقاد/ العدد1290 ـ 15 آب/ أغسطس 2008