ارشيف من :أخبار عالمية
محمد صادق الحسيني لـ "الانتقاد.نت": الافراج عن الديبلوماسيين الايرانيين هو تراجع حقيقي للسياسة الامريكية في العراق
الانتقاد.نت - لطيفة الحسيني
بعد مضيّ عامين على اختطافهم من القنصيلة الايرانية في أربيل شمال العراق دون توجيه أي تهمة مباشرة لهم، أفرجت قوات الاحتلال الامريكي أمس عن الدبلوماسيين الايرانيين الخمسة، حيث سلمتهم الى الحكومة العراقية ومن ثمّ سُلّموا مساءً الى السفارة الايرانية في بغداد، بعد سلسلة من الاجراءات التمهيدية فيما ينتظر أن يصلوا الى طهران خلال اليومين المقبلين.
الكاتب والمحلل الايراني محمد صادق الحسيني تحدّث لـ "الانتقاد.نت"، فتوقّف عند تداعيات هذا الحدث البارز وأبعاده ونتائجه، حيث كان الحوار الآتي:
في أي خانة تضع خطوة الافراج الاميريكي عن الدبلوماسيين الخمسة أمس؟
أولا بالشكل هي تنفيذ لأحد بنود الاتفاقية الثنائية الامنية بين الولايات المتحدة الامريكية والعراق، أما في المضمون هي تراجع حقيقي للخطة وللسياسة الامريكية في العراق، سواء تجاه البلد العراقي المحتلّ، أو تجاه الجارة المسلمة ايران، لأنه في الواقع اذا كان فعلا كما قيل ان الدبلوماسيين اعتقلوابسبب جرم ارتكبوه، كان يفترض بهم طيلة هذه الفترة أن يُحاكموا على ذلك الجرم، لكن نحن نعتقد ان ما حصل كان نوعاً من الاختطاف وانتهاكاً للسيادة العراقية كما الايرانية، وبالتالي عمليا اضطروا الى اطلاق سراحهم في أول فرصة وجدوها مناسبة للتخلّص من هذا العبء الذي تمثّل باختطافهم دون أي مبرر قانوني او حقوقي من جانب المحتلّ.
ماهي تداعيات هذا الافراج؟
هو يشكّل مزيداً من الضعف والهوان لقوات الاحتلال تجاه الحكومة العراقية، لكن أيضا هو باب جديد جاء مجانا دون تكلفة من جانب الاميريكي تجاه العدو اللدود ايران، رغم عدم وجود ارادة معلنة للعودة الى طاولة الحوار المقطوع بين واشنطن وطهران، فربما وجدت فيه الولايات المتحدة فرصة تفيدها واشارة تعتبر ربما ايجابية لاعادة اطلاق الحوار المقطوع بين الجانبين انطلاقا من بغداد بين السفير الامريكي والجانب الايراني.
ما هي آثار مثل هذه الخطوة على العلاقات الايرانية ـ الامريكية خاصةً بعد التوتر الذي شهدته عقب إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للجمهورية الاسلامية؟
في المعنى الاوسع، قد تشكّل للجانب الايراني إشارة إلى عدم رغبة أمريكية في التصعيد بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية مؤخراً، والتي أثبتت تورط كلّ من الولايات المتحدة وبريطانيا في الشأن الايراني الداخلي.
هذه الخطوة يفهمها الجانب الايراني تراجعاً أمريكيا عمّا تورطت به واشنطن خلال الاحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية في البلاد.
هل يدخل هذا الاجراء ضمن مناورة اعلامية نفسية تقوم بها الولايات المتحدة باتجاه ايران لتغطية الاستهداف الاسرائيلي الذي يخطط لضربها علانيةً؟
هذا جانب مهمّ لأن الامريكيين علمونا أنهم لا يقدمون شيئا مجانا ولا يقدمون شيئا من دون أهداف مضمرة، وربما يكون ذلك لابعاد الشبهات عن واشنطن سواء في موضوع التدخل في الشأن الايراني، او فيما بات واضحا أنه لو حصل شيئ من جانب الكيان الصهيوني تجاه الجمهورية الاسلامية فيكون هذا نوعاً من الدعاية والتغطية الاعلامية لوجود غطاء امريكي لمثل هكذا خطوة محتملة قد تلجأ اليها اسرائيل.
سمعنا منذ أسبوع كلام نائب الرئيس الامريكي جو بايدن، الذي اعتبر بمثابة الضوء الاخضر لـ "اسرائيل" لشنّ هجوم عسكري على المفاعل النووي الايراني ، ما هو تعليقكم على هذه التصريحات؟
تصريحات بايدن هي نوع من العجزالامريكي المضاعف تجاه الكيان الصهيوني، فاللوبي الصهيوني العالمي هو الذي يدير السياسة الامريكية، وأيضا هو عجز أمريكي تجاه المجتمع الدولي التي تقول واشنطن إنها مسؤولة امامه، إضافة الى أنه تخبط تعيشه الادارة الامريكية بين الادعاء بالتغيير والابتعاد عن سياسة جورج بوش المحافظة والامبراطورية ومن جهة تبعيتها للعقل الصهيوني الباطني الذي يدير الاميريكيين والذي يتوقف عند بوابة الكيان الصهيوني كل شعاراتها في الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والعلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الاخرين.
إنها تعبّر عن التخبط الامريكي بين ادعاءات زائفة تعودنا عليها وبين ثوابت صهيونية في السياسة الامريكية العليا.
على صعيد موضوع الغواصة الاسرائيلية التي عبرت قناة السويس، هل هذا يندرج في إطار التحضير لعمل عسكري صهيوني جادّ على ايران، وماهي الاستعدادات الايرانية لمواجهة مثل هذا الاحتمال ؟
لا أعتقد ان اسرائيل او امريكا والمجتمع الدولي كلّه قادر على القيام بخطوة جنونية حمقاء كتلك التي يروج لها من حين لآخر، خاصة وانني أعتقد ان ثنائي حكومة نتنياهو - ليبرمان هو ظاهرة صوتية تلعلع ولا يخرج منها أي أثر فعلي، لانها أعجز من حكومة ايهود اولمرت السابقة بالتأكيد.
بالنسبة للتحركات الاسرائيلية الاخيرة في قناة السويس أنا أظنها عملية استعراضية الهدف منها فرض أجواء لوجود تحالف صهيوني مع تيار عربي معتدل وهو معتلّ للاسف الشديد ، لأن هذا لم يكن ليحصل لولا هذا التناغم بين الادارة الاسرائيلية وبين الادارة المصرية التي تحولت الى مركز شرطة لاغلاق معبر رفح ولحماية المصالح الصهيونية العامة في المنطقة وهذا ما لا نتمناه لمصر .
أما بالنسبة للاستعدادات الايرانية ، ظهران إيران أقوى من سلسلة جبال زاغاروس في ايران وهي محمية طبيعية لايران ، وحتى جبل الدامون في قمته .
ايران لن يستطيع ان يمسها أحد من الخارج مطلقاً، خاصة انها دولة أكبر من بيت العنكبوت الصهيوني ، ويعرف أرباب هذه الافكار في تل أبيب وواشنطن ذلك تماما، وقد تمّ ارسال هذه الرسائل حتى الان، وهم حاولوا ست مرات اعطاء انطباع أنهم سيوجهون ضربة لايران، وكلّ مرة كانت تصل اليهم الرسائل المزلزلة وكانوا يخرجون بانطباع عبّر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الساعات الماضية، بأن الردّ سيكون كارثيا على الكيان الصهيوني، وربما يكون بداية النهاية لهذا الوهم المصطنع المسمّى اسرائيل، لانه لن يكون بعد ذلك أي حجر يقوم على حجر فيما لو قامت اسرائيل بذلك.
بالنسة للرسائل التي ارسلتها ايران هي ليست فقط علنية ، بل كانت هناك قنوات عربية حملت هكذا رسائل تحذيرية واخبارية عن وجود نيات صهيونية لجسّ النبض او حتى للقيام بهجمات عسكرية، وحملها سابقا عدة ممثلين للغرب او للعرب او من الخليج، وكان الردّ دائما هو بحدّ ذاته خطوة ردعية للصهاينة وللامريكيين من القيام بمثل هذا الخطوة الحمقاء، ولا أظنّ أنهم سيجربونها عمليا بعد الذي سمعوه خاصة وان الرسائل العلنية الايرانية هي أبلغ من الرسائل الاخرى، كما أن التطور الصاروخي والتطور الدفاعي بشكل عام وجهاز "هدهد الراداري " الذي يرصد تحركات الاساطيل الغربية في منطقة الخليج وبحر عمان والمحيط الهندي بإشراف حرس الثورة الاسلامية كافٍ لأن يرصد أي تحرك مشبوه في المنطقة وللردّ بقوة على كلّ هذه الاساطيل فيما لو حصل أي اعتداء.
ما يحصل يقع في خانة جسّ النبض وهو محاولة لاضعاف المفاوض الايراني لانتزاع تنازلات منه وليس خطوة حقيقة لاشعال معركة ضدّ طهران.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018