ارشيف من :أخبار عالمية
أطفال غزة أسرى كوابيس المحرقة
يرفض غسان مطر البالغ من العمر 14 عاما التحدث عن الانفجار الذي كلفه ساقيه وأودى بحياة شقيقه. وفي الواقع فإنه حتى بعد ستة اشهر من انتهاء المحرقة "الإسرائيلية" في غزة، فإنه لا يتحدث الى أحد الا نادرا.
ويمضي غسان معظم وقته وهو يحدق في الجدران وفي ملصق يحمل صورة شقيقه الأكبر على خلفية دامية للحرب تظهر بندقية كلاشنيكوف وجنودا "إسرائيليين" قتلى. ويقول انه لا يفكر مطلقا باليوم الذي قصف فيه منزله الواقع في حي الزيتون شرق مدينة غزة. ويؤكد انه لا يعاني من أية كوابيس. ويقول "أنا بخير"، ثم يعود إلى الانغلاق على نفسه.
وتقول العاملة الاجتماعية نسرين رمضان خلال زيارة الى منزل الصبي المتهدم "انه يعاني من مشاكل كبيرة. فهو لا يتحدث ويحاول أن يتصرف وكأن شيئا لم يحدث". وتوضح نسرين العاملة مع جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة "توجد العديد من الحالات المشابهة من المعاناة من الصدمة وفقدان الأمل". ويوضح اياد السراج الطبيب النفسي الذي يدير برنامج الصحة النفسية في غزة "لقد فقد الأطفال بهجة الحياة. انهم يضحكون ولكن دون بهجة. ولا يستطيعون الشعور بالأمل".
وتعلو وجه الطفل احمد صلاح السموني (7 سنوات) ابتسامة فاترة عندما ترمى اليه كرة بلاستيكية خضراء، الا انه سرعان ما يفقد الاهتمام، ويعود الى غرز اظافره في الكنبة في الغرفة الملونة التي تستخدم لجلسات الاستشارة النفسية الاجتماعية. وعند سؤاله عما يتذكره من المحرقة، يقول احمد "أذكِّر "الإسرائيليين" الذين جاءوا وأمرونا بالخروج، وكذلك القذائف التي أطلقت". ويقول "لقد ماتت جدتي وجدي" كما ذكر عشرة أشخاص آخرين استشهدوا عندما قصف منزله. واستشهد في ذلك القصف 29 شخصا من بينهم 18 من عائلته المباشرة.
ويقول "أنا أحب عزة، وأريدها أن تعود" في إشارة إلى شقيقته التي لم يتعد عمرها عامين ونصف العام واستشهدت في القصف. وعقب الهجوم، بقي احمد في بركة من الدماء. ولم تعرف امه انه كان على قيد الحياة الا عندما صرخ يناديها. وتعلو صفحة وجهه ندبة كبيرة. ولا يزال انفه مشوها نتيجة شظايا أصابته، كما ان ندبة كبيرة تشوه فخذه. وقبل اشهر فقط كانت تصيبه نوبات غضب، وكان يضرب اشقاءه ويكسر كل ما تصل اليه يده. ويقول والده انه "يصرخ أثناء نومه ويقول (اليهود جاءوا لقتلي)". ويوضح المستشار النفسي صبري ابو ندا ان الندوب النفسية التي يعاني منها احمد بدأت في الشفاء ولكنه يؤكد ان "هذه عملية طويلة. لقد شاهد العديد من جثث الشهداء".
ويؤكد ساجي المغني المتحدث باسم منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في غزة أن عدداً هائلاً من الاطفال مروا "بظروف رهيبة" خلال الحرب.. فلم يكن هناك أي مكان آمن" في القطاع المكتظ. واضاف "لقد تعرض كافة الاطفال هنا الى نوع من انواع العنف"، والكثير منهم يدفنون مشاعرهم.
وتمضي نجود بسال (14 عاما) التي اصيبت بجروح خطيرة في الرأس جراء شظية، معظم وقتها جالسة على سريرها في غرفة تدخلها الشمس من خلال ثقوب في السقف المعدني. وتتحدث على الانترنت مع أصدقاء "في بلدان أخرى، خاصة في الضفة الغربية". وتقول "لا اخبرهم بما حدث.. انهم يسألون، ولكن انا دائما اغير الموضوع. اشعر بالغضب عندما اتحدث عن الوضع".
ويقول اياد السراج ان التعرض لمستويات استثنائية من العنف من شأنه بالتأكيد ان يحول اطفال اليوم الى متطرفي الغد. وقال "انا متأكد انه ستظهر مجموعة جديدة من المسلحين، وسيرغبون في منظمة اكثر تشددا من حماس ليشعروا بالحماية".
ويقول عواد سلطان (12 عاما) الذي يعيش في احدى الخيام التي نصبت لمن دمرت منازلهم أثناء المحرقة انه لا يزال يعاني من الكوابيس التي يرى فيها "الجنود "الإسرائيليين" يحاولون القبض على والدي ويدمرون المنازل". ويلعب احمد الآن مع اطفال آخرين في خيمة كبيرة نصبها عاملون اجتماعيون. ويقول "نحن نتسلى، ولكن ما نفع ذلك، فعندما نعود إلى خيمتنا نفكر في الحرب".
المحرر المحلي + وكالات
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018