ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: سلة واشنطن

باختصار: سلة واشنطن
كتب محمد يونس
يعد ما يجري في جورجيا ومعها أبلغ مثال وأحدثه على نوعية العلاقة التي تحكم الولايات المتحدة الأميركية ومن يتوهمون أنهم حلفاؤها في العالم وهم في واقع الأمر ليسوا سوى أوراق ما إن تبدأ النيران بأطرافها حتى ترميهم بعيدا وفي بعض الأحيان تصب عليهم ما يساعد في احتراقهم وبسرعه.
لقد ظنت جورجيا أن كونها "صديقة" للولايات المتحدة فهذا يعني أنها أصبحت تمتلك قوتها ديدنها ديدن كل من يظن نفسه أنه حليف أو صديق لواشنطن، وبناءً على هذا الاعتقاد الذي عززه خداع أميركي اسرائيلي قررت تبليسي أن تقارع جارتها موسكو، فهاجمت محميتها في اوسيتيا الجنوبية بعنجهية واستكبار، ولشدة توهمها ذاك قامت بانتهاك كل مبادئ اتفاقية جينيف وهاجمت الأحياء السكنية والجامعة والمستشفيات متكلة على "الصداقة" مع واشنطن.
لكن ما لم يكن بالحسبان هو أن حسابات واشنطن لم تكن لتخرج عن سياق واظبت عليه منذ غزوها لأفغانستان وأخذت في طريقها العديد من ضحاياها، وجورجيا لم تشذّ عن هذه القاعدة، فكان الرد الروسي صاعقا وحاسما، فانتقلت تبليسي بين ليلة وضحاها من المهدد والمتوعد إلى المستغيث الذي بات يلهث وراء وقف لإطلاق النار لعل الموسى لا تصل إلى رقبته.
بعد هذا المثل وما سبقه في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا وإيران هل ما زال هناك عاقل أو مجنون يضع بيضه في سلة واشنطن؟
الانتقاد/ العدد1290 ـ 15 آب/ أغسطس 2008
2008-08-15