ارشيف من :آراء وتحليلات

من أجل جبهة عالمية لمكافحة الإرهاب (2/2)

من أجل جبهة عالمية لمكافحة الإرهاب (2/2)

قلنا أن مكافحة الإرهاب تستلزم جبهة عالمية جدية. وذلك لاتصافه بشروط العولمة، ولشمول مخاطره أنحاء العالم جمعاء، حتى ولو تمركز لمرحلة معينة في منطقة محددة كما هو الحال في المشرق العربي والإسلامي. وأن معرفة العدو، ضرورية لتعيين استراتيجيّة مقاومته، وفيها أنه يستفيد من النزاعات، ويحوّل بعضها إلى صالحه، كما هو الأمر في استفادته من النزاعات الدولية والخلافات الإقليمية في الشرق الأوسط العربي الإسلامي. ولعلّ من الشروط الأساسية لقيام هذه الجبهة الواسعة، أن لا تكون ذات علاقة، بالأحلاف السابقة لها والتي استدعت الإرهاب إلى ساحات معينة عندنا، من أجل منازلته، كما حصل مع أميركا في العراق، ومع أميركا وأوروبا وغيرهما في سوريا ولكن استدعاء الإرهاب إلى الساحة لمنازلته في الميدان، حوّل دولاً كاملة ساحة للأعمال الإرهابية، ودفعت هذه الدول، من سيادتها وأمن واستقرار شعبها أثمان هذه السياسات حتى أضحت نموذجاً لضحايا الإرهاب التكفيري وسواه من السياسات الدولية والإقليمية في رسم استراتيجيّة مقاومته...

هل نقصد أن مواجهة الإرهاب لا تكون بأساليب إرهابية، تقوم على جعل شعب آمن يدفع أثمان هذه السياسات، من خلال استراتيجية حرف النيران واستدعاء الذئب إلى الحوش لقتله وإلّا كيف يمكن تفسير السياسات الدولية والإقليمية في الحرب المستدامة في العراق وسوريا ناهيك عن الدعم المتصل متعدد الجنسيات والأشكال لدولة الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين والقدس.

إن الجدل السابق حول مسألة الإرهاب وصل إلى خاتمته، وذلك من خلال ظهور الحقائق وتعيين المواقف والمواقع، ما بين القاتل والضحية. إن المشرق العربي كان ومنذ قيام "دولة الكيان الصهيوني"، الضحية العينية لفعل الإرهاب الذي حكم السياسات الدولية، من خلال بسط السلطان والهيمنة وتشجيع الاحتلال والعدوان، والذي أدى، في واحدة من أكثر أشكاله عنفاً: الإرهاب التكفيري.

من أجل جبهة عالمية لمكافحة الإرهاب (2/2)

الارهاب

أذهب أن الإرهاب التكفيري هو مزيج متصالح من الفكر الصهيوني، والطغيان الاستبدادي معطوف على استقالة العقل، وسيادة الانحراف الفكري. لقد تبادل العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري الخدمات، فتح كل منها الطرف للآخر، مهد له سبل النمو والسيطرة ولا تزال هذه الحالة من تبادل الخدمات قائمة، حتى ولو تراجع قادة العدو، عن مظهر في غاية الجزئية مفاده تقديم الخدمات الطبية واللوجستية والاستخبارية لـ"النصرة" وأخواتها.

إن الإرهاب التكفيري يتميّز بأنه خطر محدق بذاته بأحوال العالم المعاصر؛ وهو إلى جانب طبيعته الـ"معولمة"، فإنه قادر على تبادل الخدمات والاستفادة من الآخرين، دون أن يمنحهم صفة الاعتراف.

إن الآخرين مسخّرون لخدمته كما حال الدواب والحيوانات، وعوامل الطبيعة. يجعل من القوى الدولية والإقليمية بالنسبة إليه، مجرد قوى مسخّرة لخدمته، وعليه فإنه يقبل العلاقة معها بهذا العنوان، وذلك يعني أنه مستعد للانقلاب عليها، والانقضاض لإيذائها في الوقت المناسب.
الناس، أفراد، جماعات، دول، أمم وشعوب مقسمون خارج أمته وداره إلى كافرين ومسخرين، أو إلى كافرين، بين محارب له ومسخر له. وعليه، لا يقيم هذا الإرهاب، علاقات تبادل للمصالِح والقيم فضلاً عن الخدمات مع الآخر. دار سلام ودار حرب. هو العالم بين يديه، وكل من في دار الحرب كافر محارب، أو كافر مسخر، أو مستسلم مطيع صاغر لسلطان الخلافة العالمية.

لو قلنا أن هذا الفكر هو السائد، هل يبقى شيء من ذكاء أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية، حين تحاول بدورها أن تستخدم هذا الإرهاب وأن تسخّره من شيء يمكن وصفه، باستراتيجية مكافحته.

إن ما ندعو إليه من جبهة عالمية لمكافحة الإرهاب، يقوم على الصدق في الحرب على الإرهاب، وإبعاد كل مسعى للقيام بلعبة التذاكي القاتلة بين من يسخر من في مشروعه خاصة عندما يكون ضحايا هذه اللعبة، الأبرياء من البشر وفي الأغلب يكونون الهدف المباشر للفعل الإرهابي.


إن هذه الجبهة العالمية يلزم أن تضع في أولوية برنامجها محاربة الإرهاب دون هوادة وإبعاد كل خديعة تقوم على لعبة الأمم في الاستفادة منه وتبادل الخدمات مع الإرهابيين....
 

للاطلاع على الجزء الاول

2015-08-10