ارشيف من :آراء وتحليلات
منطق العلاقات الباكستانية – البحرينية: مال مقابل قوة

عون هادي حسين
دأبت باكستان منذ سبعينيات القرن الماضي على تعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي ، حتى بلغت هذه العلاقات ذروتها في اوائل التسعينات من القرن الماضي، فوصفت تلك المرحلة بالعصرالذهبي، خصوصاً وأن العلاقات الباكستانية – الخليجية راحت تأخذ شكلاً من التعاون الإستراتيجي، فقد وجدت دول الخليج ولا سيما السعودية في باكستان الشريك (الإسلامي) الذي يتمتع بموارد بشرية هائلة ومؤسسة عسكرية منظمة ومتماسكة .
في المقابل وجدت باكستان في دول الخليج ما يسد عجزها الاقتصادي ويلبي حاجاتها للوقوف بوجه الهند العدو التقليدي لباكستان، فكانت هذه العلاقة الإستراتيجية التي يمكن تلخيصها بالمعادلة التالية: " المال مقابل القوة ".
الرئيس الباكستاني ممنون حسين
وبالفعل حكمت هذه المعادلة منطق العلاقة بين باكستان ودول الخليج. والبحرين كغيرها من بعض دول الخليج كانت وما تزال تجد في باكستان العنصر الضروري واللازم لاستمرار النظام الحالي وضرب المعارضة السياسية في الداخل بيد من حديد . فالعنصر الباكستاني هو جزء اساسي من المنظومة الأمنية في مملكة البحرين، حيث إن هيكلية النظام الأمني في البحرين تتألف من ثلاثة عناصر :
1 . ضباط من العائلة الحاكمة .
2 . ضباط من القبائل المتحالفة سياسياً مع العائلة الحاكمة .
3 . عناصر باكستانية وأقليات ( بنغال وغيرهم .
صحيفة " إكسبرس تريبيون" الباكستانية تؤكد وجود ما لايقل عن 10 الآف باكستاني يعملون في الأجهزة الأمنية البحرينية منذ بداية ما يُسمى بالربيع العربي ( العدد الصادر في : 2014-3- 20 . لكن يقول مصدر مطلع في وزارة الخارجية الباكستانية ومكتب الهجرة والجوازات، لموقع "العهد الاخباري"، إن 45 ألف باكستاني قد سافروا الى البحرين ولم يعودوا منذ العام 2011 حتى بداية العام 2015 . يضيف المصدر أن 7 الآف باكستاني يعملون في الشرطة البحرينية ويتقاضون راتبا شهريا بقيمة 1100 دولار امريكي .
هذا وتؤكد تقارير باكستانية أن أكثرية هؤلاء الباكستانيين الذين يذهبون الى البحرين هم من القومية البلوشية، ويعود ذلك بنظر محللين إلى رغبة اسلام اباد في التخلص من هؤلاء البلوش لإضعاف الحركات الانفصالية في بلوشستان والعمل على تغيير التوازن الديموغرافي في بلوشستان لمنع الحركات الانفصالية هناك من الاستمرار في المطالبة بالاستقلال عن باكستان.
هذا التحليل ينسجم مع النداء الذي اطلقه المتحدث الرسمي باسم حركة تحرير البلوش " باشام بلوتش " والذي جاء فيه : "في الوقت الذي تمر فيه الأمة البلوشية بمرحلة حساسة وتعيش حالة حرب ندعو الشباب البلوشستاني الى الانضمام لجيوشهم القومية (جيش البلوش الجمهوري، جبهة تحرير البلوش، جيش التحرير البلوشستاني بدلاً من التحول الى قتلة مأجورين في الخارج " .
في الخلاصة، من غير المنطقي والمُبكر الكلام عن تحول جذري في السياسة الخارجية الباكستانية تجاه دول الخليج على خلفية رفض باكستان مشاركة السعودية في العدوان على اليمن وعلى إثر توقيع ايران الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية، فالمصالح الباكستانية – الخليجية متشابكة بشكل يصعب على متغير وإن كان بحجم الاتفاق النووي الايراني فك خيوط التعاون الباكستاني – الخليجي، خصوصاً وأن السياسة الدولية اكثر مرونة.