ارشيف من :آراء وتحليلات

عوامل الصمود في سهل الغاب والفوعة وكفريا

عوامل الصمود في سهل الغاب والفوعة وكفريا

على الرغم من أن الجيش السوري وحلفاءه قد نفذوا هجوما صاعقا وناجحا على بلدات " خربة الناقوس والمنصورة وتل واسط والزيارة "، بعد ان مهدوا لذلك بقصف جوّي ومدفعي مركّز، وبعد ان نفذوا مناورة تمويهية لافتة بإيحاءاتها لاعتمادها اكثر من محور للهجوم بهدف تشتيت القوى المدافعة، فإن تبريرات ارهابيي "تنظيم القاعدة في بلاد الشام" (احرار الشام وجيش الفتح التابع لجبهة النصرة وغيرهم من المجموعات المتشددة) قد تكون في مكانها حول اسباب خسارتهم الاخيرة والمفاجئة لأغلب تلك البلدات في سهل الغاب الاستراتيجي، والتي كانوا قد سيطروا عليها اواخر شهر تموز/ يوليو الماضي، والتي تلخصت بالآتي:

- قيامهم بارسال تعزيزات كبيرة الى ريف حلب الشمالي لمواجهة تنظيم "داعش" الارهابي، حيث الصراع حاليا على أشدِّه للسيطرة على مارع واعزاز ومحيطهما، ما سبب ضعفا في تماسك انتشارهم في سهل الغاب.

- التأثير المعنوي والمادي السلبي على هؤلاء بعد انشقاق عشرات المسلحين من جند الاقصى وانضمامهم الى "داعش" مع كامل آلياتهم واسلحتهم وعتادهم.

- عدم استلامهم كامل الكمية المطلوبة من الصواريخ الاميركية المضادة للدروع  ( تاو) والتي أصبحت بالنسبة إليهم مفتاح النصر في معاركهم مع الجيش السوري، حيث يفقد الاخير بوجود هذا السلاح الفتّاك ميزة مدرّعاته في تلك الارض المكشوفة والمفتوحة.

عوامل الصمود في سهل الغاب والفوعة وكفريا

الفوعة وكفريا

- الضغوط التي تتعرض لها تركيا حاليا حول دعمها التامِّ لهم، من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية وبمشاركة المانيا، وذلك لأسباب لا يمكن التكهّن بها وتبقى مجهولة حيث تقضي الاستراتيجية الخفيّة للولايات المتحدة في هذا الموضوع

- جرعة المعنويات اللافتة التي أمنتّها روسيا بتصريحاتها النارية المؤيدة للرئيس الاسد والتي ترافقت مع تسليم الجيش السوري ست طائرات ميغ 31 الحديثة مع عدد من الصواريخ المضادة للدروع  " كورنيت " ومدافع ميدان عيار 130 ملم مع كميات كبيرة من الذخيرة العائدة لها .

بالمقابل، وحيث لا يمكن استبعاد فرضية عدم اتخاذ هؤلاء الارهابيين قرارا حاسما ونهائيا حتى الآن في السيطرة على بلدتي الفوعة وكفريا لاسباب تتعلق بالمعارك الدائرة بينهم وبين الجيش السوري وحلفائه في اكثر من جبهة وخاصة في الزبداني ومضايا وسهل بردى، اذ انهم يجدون في البلدتين مشروعا دائما لصفقة مقايضة او صفقة تسوية حول انسحابات متبادلة أو ما شابه.

من هنا، فإن الصمود التاريخي لبلدتي الفوعة وكفريا ومهما كانت اسبابه فانه يعطي مناورة الجيش السوري في حربه المفتوحة ضد الجماعات الإرهابية المدعومة اقليميا ودوليا النقاط الايجابية التالية:

- عطّل المشروع الاقليمي الدولي في تنفيذ سيطرة كاملة على محافظة ادلب وتجهيزها لتكون نواة حكومة رديفة في الشمال جاهزة لاحقا لاستلام الحكم في سوريا بعد الاطاحة بالرئيس الاسد وحكومته.

- حيّد قسما كبيرا من قوى ووحدات المجموعات الارهابية في الشمال السوري والذين يمسكون جبهة واسعة جدا لتأمين الحصار الكامل والضغط المتواصل على البلدتين، أو من ناحية اخرى لتأمين حماية اماكن سيطرتهم في البلدات المجاورة حيث تبقى دائما عرضة لهجوم مفاجئ من القوى المدافعة عن البلدتين والتي ما زالت تتمتع بدرجة عالية من الجهوزية العسكرية والميدانية، وبالتالي خسرت جبهات الارهابيين في اكثر من مكان جهود تلك الوحدات والقوى واسلحتها وعتادها .

من ناحية اخرى وفي موازاة الصمود في الفوعة وكفريا، فان اصرارالجيش السوري وحلفائه على التمسك بالسيطرة على بلدات سهل الغاب يعطي ايضا المناورة الدفاعية للجيش السوري النقاط الايجابية التالية:

- حرمان الارهابيين الاستفادة الكاملة من الاهمية الاستراتيجية في سيطرتهم على مدن  ادلب واريحا وجسر الشغور، فإن سيطرة الجيش السوري على سهل الغاب تخسر هؤلاء امكانية الضغط المباشرعلى الساحل السوري أو امكانية التواصل الميداني والعسكري مع وسط الشمال السوري في مدينة ومحافظة حماه او امكانية التواصل بين ريف ادلب الجنوبي وبين ريف حماه الشمالي الشرقي .

- الاحتفاظ بقطاع واسع ( بلدات سهل الغاب ) كقاعدة انطلاق دائمة وجاهزة لاستعادة السيطرة على مدن وبلدات محافظة ادلب الاستراتيجية .

- الاحتفاظ بقطاع مهم لحماية الساحل السوري ومحافظة حماه وصولا لحماية محافظة حمص.

واخيرا واستنادا لما ذكرنا أعلاه، يبقى المطلوب الاستمرار في الصمود في بلدتي الفوعة وكفريا لان البديل هو مجزرة فظيعة لا يخجل الارهابيون من التلويح بها ولا يهتم رعاتهم المجرمون لنتائجها الكارثية في حال حصلت لا سمح الله ، كما ان المطلوب ايضا الاصرار للسيطرة على كامل بلدات سهل الغاب والتمسّك بذلك مرحلة اولى لما لذلك من اهمية استراتيجية وميدانية وعسكرية تؤثر على معركة الجيش الدفاعية في كامل الشمال السوري وبالتالي في الحرب بشكل عام.

2015-08-21