ارشيف من :ترجمات ودراسات

الدولة الفرنسية متواطئة مع جماعات إجرامية

الدولة الفرنسية متواطئة مع جماعات إجرامية

الكاتب   :   Jean-Loup Izambert   
الموقع      Arrêt sur info
3 تشرين الثاني / نوفمبر 2015


صدر حديثاً كتاب للصحافي الفرنسي جان-لو إيزامبير يحمل عنوان "الدولة الفرنسية متواطئة مع الجماعات الإجرامية". ويبرز إيزامبير في هذا الكتاب نواحي الشطط عند المسؤولين السياسيين الذين يثيرون الصراعات ويحركون الجماعات الإرهابية.


لماذا هذه السياسة؟  منذ "جيل ميتران: وحتى "الجمهورية النموذجية" في ظل فرنسوا هولاند، مروراً بجمهورية نيكولا ساركوزي، تورط بهذه السياسة 56 مسؤولاً فرنسياً".   
جان-لو إيزامبير هو صحافي استقصائي مستقل كرس 40 عاماً من عمله في هذه المهنة للتحقيق في مجالات القطاعات الاقتصادية والمالية والسياسية. استقلاليته والتزامه وجديته سمحت له بوضع عدة مؤلفات أساسية حول دوائر السلطة والشبكات المالية العالمية.
وفي مؤلفه "56" المكون من جزئين، يجري إيزامبير تحقيقاً بلا تنازلات يظهر فيه، بالأدلة، جميع تواطؤات القادة السياسيين وكبار الموظفين الفرنسيين مع أشخاص على صلة بمنظمات إجرامية.

هم في قلب الدولة، ومع هذا يحمون ويسلحون جهات إجرامية


سؤال موجه إلى إيزامبير:
"ما تقوله عن العلاقات بين قادة فرنسيين وهذه الجماعات الإجرامية هو أمر لا يصدق. عليك أن تقدم أدلة على ذلك".
الجواب:
هذا ما قاله لي كثيرون التقيت بهم في العام 2013 خلال المحاضرات التي كنت ألقيها حول العلاقات بين قادة فرنسيين وأعضاء في منظمات إجرامية.
خلال واحدة من هذه المحاضرات، وهي محاضرة ألقيتها في جامعة جنيف، بالتعاون مع "المعهد الوطني من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة، هتفت بي إحدى الطالبات وقالت:
-    ما الذي يمكننا فعله إزاء كل هذا؟
أجبتها بقولي:
-    يمكن أن نفضح ذلك، أن ننشر المعلومات بكل الوسائل، وأن نعرف الجمهور في كل مكان.  
وها أنا ذا أترك لكل شخص أمر تخيل واختيار أشكال العمل التي يراها أكثر ملاءمة ضد أنظمة عدوانية وقاتلة للحريات من نوع قطر والسعودية وتركيا.
وتجاوباً مع قرائي ومن يستمعون إلي، أعتقد أن من الضروري أن أستجيب لما ينتظرونه مني وأن أكشف وأحدد بدقة هذه العلاقات الخطرة، طالما أن القادة الفرنسيين يمعنون في توجهاتهم الحربجية. فالواقع أن فرنسا هي، في العام 2014، البلد الأوروبي الأكثر وجوداً في حالة حرب لأنها تزج بأكثر من 10200 جندي في عمليات حربية خارجية.

الدولة الفرنسية متواطئة مع جماعات إجرامية


إن شروع فرنسا، في العام 2011، بشن حرب غير معلنة على الجمهورية العربية السورية، وهي دولة ذات سيادة، بعد الحرب في ظروف مشابهة على ليبيا وما أحدثته تلك الحرب من تداعيات كارثية، كل ذلك يجبرنا على التحقيق لمعرفة هوية مدبري هذه الحرب.
كيف تم التحضير لهذه الحرب المفتوحة و"المتصاعدة" وغير المعلنة؟ ولماذا هذا العدوان على الجمهورية العربية السورية؟
بإزاء الجريمة، يبقى الفرنسيون المخدرون إعلامياً صامتين بغالبيتهم. إذ كما [فعل الفرنسيون] في العام 1940، يقاوم السوريون اليوم ويدافعون عن أنفسهم في وجه العدوان الخارجي. وكما كانت القنابل الألمانية تتساقط على الفرنسيين في العام 1945، ها هي القنابل الفرنسية تتساقط اليوم على السوريين، بينما القانون الدولي يسبح في بحر من الدماء لم يشهد له العالم مثيلاً من قبل. ولولا إصرار دمشق وشركائها في منظمة شنغهاي للتعاون وبلدان أميركا اللاتينية على حماية السلام، لشهد العالم في العام 2015 حرباً عالمية ثالثة من الصعب معرفة مآلاتها.


سؤال:
فرنسا في حالة حرب. لكن يبدو أن معظم الفرنسيين يجهلون ذلك.
ماذا عن النواب المنتخبين من قبل الشعب؟

جواب:
الرئيس الفرنسي يقدم الدعم السياسي والعسكري إلى جماعات إجرامية معادية للجمهورية العربية السورية، لكننا لا نسمع صائحاً يصيح في البرلمان: "لمحاربة من تقومون بإرسال الجنود؟ لمن تقدمون الأسلحة والعتاد العسكري دون علم البرلمان؟ لمن تدفعون الأموال، وأية أموال تدفعون"؟
الرئيس الفرنسي يلجأ إلى الكذب الذي ترعاه الدولة وإلى التلاعب الإعلامي عبر اتهامه الجيش السوري، بلا دليل، بأنه استخدم أسلحة كيميائية، لكن نائباً من النواب لا يقف ليفضح ما سيتبين لاحقاً بأنه مجرد تلفيق من تنفيذ سلطة الإليزيه وماتينيون.
الرئيس الفرنسي يتجاوز إرادة الشعب عندما يقرر بمفرده، وكأنه، في القرن الواحد والعشرين، ملك من ملوك الحكم المطلق، زج فرنسا في حرب من الحروب. غالبية الفرنسيين تعارض ذلك وتطالب بتصويت يجريه النواب في الجمعية العمومية. ولكن النواب البعيدين عن الشعب الذي انتخبهم لا يتحركون ويقبلون حكم سلطانهم دون أن يرف لهم جفن. لا تصويت في البرلمان، ولا استفتاء شعبياً لاتخاذ قرار بكل أهمية المخاطرة بالبلاد ومستقبلها. وداعاً للديمقراطية!           
"دعنا نعمل يا سيدنا، وقدم لنا الحماية" ...


فرنسا الضائعة الفاقدة لقدرتها على التوجه تنظر إلى قادتها وهم يقضون عليها. ظلم، بطالة، هشاشة، فقر، ديون، فساد وحروب. الأمور الأساسية تضيع في تلافيف إفلاس سياسي وإعلامي يرتفع فيه انغماس رئيس الجمهورية في غرامياته السرية إلى مستوى قضية قومية أكثر أهمية من سرقة مليارات اليوروهات التي تقدم على أنها أرباح لرؤساء الشركات المتعددة الاجنسيات. فعلى مستوى أوروبا الصغرى التي تطبق اتفاقية ماستريتش، يؤكد تقرير صدر عن الاتحاد الأوروبي أن "التهرب والغش الضريبي والتخطيط الضريبي العدواني والتحايل على الضرائب تتسبب بخسائر سنوية تقدر، على مستوى العائدات الضريبية غير المحصلة، بألف مليار يورو في الاتحاد الأوروبي وحده". الجمهورية تعاني من فقر الدم بفعل تجريدها من ثرواتها من قبل كبار أرباب العمل. وهناك من يقوم بامتصاص دمها حتى في كبار رموز حريتها الاقتصادية من قبل جماعات مالية انكلو-سكسونية وعابرة للقارات. وهي تخسر   حتى مبادئها الثورية الخالدة. فمنذ بداية الثمانينات، استبدلت البرجوازية الفصل بين الكنيسة والدولة بـ "الدفاع عن الديانات"، واستبدلت المواطنية الفرنسية بـ "تنوع الجماعات"، واستبدلت المساواة في ظل الجمهورية بـ "التمييز الإيجابي"، واستبدلت امتيازات القضاة وحصانتهم (دولة الحق) بمشرعين منتخبين (كناية عن السيادة الشعبية"، واستبدلت قدسية المعاهدات والاتفاقات الاقتصادية والاجتماعية وتبادل المعلومات بين الدول بحرية الاختيار واستبدلت السيادة السياسية للشعب الفرنسي بفئة "المهاجرين غير الشرعيين" الذين تدفع لهم الشركات الكبرى أجوراً متدنية، واستبدلت العالمية الجمهورية أي حكومة الإدارة (لو ديركتوار) بالسيادة الشعبية.

الدولة الفرنسية متواطئة مع جماعات إجرامية


وفي الوقت الذي يتخبط به البلد في أزمة عميقة، هناك، في كواليس الإليزيه وماتينيون، قادة يمارسون لعبة متعلمي السحر عبر إقامة التحالفات مع مجرمين وجماعات إجرامية. إنهم يغطون هؤلاء الوحوش ويجملونهم بالمكياج ويحتضنونهم كما يفعل القوادون قبل إطلاق مومساتهم للعمل. يستفيد هؤلاء المجرمون من تغطية تؤمنها لهم أعلى المواقع في الدولة فينفذون مجازر يقتل فيها آلاف المدنيين والقادة السياسيين ويدمرون بلداناً بأكملها من فلسطين إلى أفغانستان والعراق ويوغوسلافيا وليبيا وسوريا...


وعندما تنتهي الحرب وتعم الفوضى ويمتد الخراب يهرع لصوص جمهورية الـ "كاك 40" كالقطعان لينظروا إلى الأرقام التي سجلتها العدادات. "من الشخص الذي كان بين أوائل الفرنسيين الذين أسرعوا بالذهاب إلى بنغازي لتشجيع الثوار الليبيين؟ لم يكن ذلك الشخص غير أحد ممثلي شركة توتال! ومع دخول الثوار إلى طرابلس قفز سعر أسهم توتال ليسجل ارتفاعاً بلغ 4 نقاط منذ يوم الإثنين، على ما ذكرته صحيفة "الأومانيتيه" بعد تسعة أشهر من الحرب على ليبيا. ففرنسا كانت تنتظر الحصول على مردود اقتصادي نتيجة تدخلها العسكري في ليبيا. وفي اليوم التالي، الثلاثاء، شارك قرابة 400 مدير شركة فرنسية في اجتماع عقد في مقر "حركة الشركات الفرنسية" (ميديف) للبحث في الأخبار الواردة من ليبيا. أما الهدف المعلن لهذا الاجتماع فكان: النظر بشكل أفضل إلى آفاق الاستثمار والمشاركة في إعادة إعمار ليبيا. وقد حضر الاجتماع عدد من مديري مجموعة الـ "كاك 40" كرؤساء شركات آلكاتيل وآلستوم وبيجو وتوتال وبويغ وفينسي، إضافة إلى العديد من مسؤولي الشركات الصغيرة والمتوسطة، على ما أعلنته إذاعة "أوروبا 1" بعد أسبوعين على الاجتماع بهدف تضليل من قد يتساءلون عن الأسباب الحقيقية للحرب على ليبيا.


أما بخصوص سوريا، فقد "استشرست قطر للحصول على ممر أرضي لتصدير الغاز نحو أوروبا (...)، وكان ذلك عبارة عن مشروع باركه وأراده قادة الولايات المتحدة (...) والذي قررت قطر أن تنفذه بقوة أبشع أشكال العنف الإرهابي والتدميري" وفق ما ذكرته مجلة "آفريك آزي".


منذ ثلاثين عاماً وهذه العلاقات الخطرة تأتي مترافقة مع أهداف مديري الشركات المتعددة الجنسيات. وقد حدث قبل ذلك بكثير، أي في العام 1784، أن توجه غويوم لوساج، وهو صناعي كبير من مدينة بورج يعمل في مجال القطن، إلى ميشو دو مونتاران، الموظف في مكتب التجارة في أيام لويس السادس عشر، أن توجه إليه قائلاً :  "دعنا نعمل يا سيدنا، وقدم لنا الحماية" ... واليوم، إن ما يطلق عليه الممسكون بالسلطة السياسية في فرنسا إسم "حماية السكان المدنيين" أو "حماية المصالح الفرنسية" يظهر على حقيقته : بذلة أنيقة يرتديها أصحاب الثروات الفاحشة من "الصناعيين" المعاصرين لإخفاء حقيقتهم بما هم مالكو أسهم في الشركات الغربية المتعددة الجنسيات.  
      
                 
تورط 56 مسؤولًا


قد تقولون بأن ذلك غير معقول. قد تتخيلون أن قادة منتخبين يصلون إلى أعلى مناصب المسؤولية في الجمهورية لا يمكنهم أن يتصرفوا بهذه الطريقة. هذا رد فعل طبيعي من قبلكم. لأن "مفهوم إقدام النخب على الإجرام أمر مزعج، على ما يقوله جان-فرنسوا غايار، المفوض في الشرطة والخبير في علم الجريمة، يتم إنكاره أو تجاهله على الدوام. وهذا الإنكار أمر خطير، إذ حين يحدث الكبت، يجد الكبت متسعاً من الوقت لأن يتجذر". وهذا المهني في مجال الاستخبارات يعرف الموضوع بشكل جيد لأنه عمل طيلة سنوات داخل جهاز مكافحة الجريمة "مديرية مراقبة أراضي" البلاد (DST).
فالقضية هي من قضايا الدولة العليا، والمسألة ليست مسألة فساد بعض السياسيين أو بعض كبار الموظفين الذين ربما يكونون قد خلطوا بين ممرات الجمهورية ومجارير الإجرام السياسي بهدف خدمة مصالحهم الشخصية. فمن فرنسوا ميتران إلى فرنسوا هولند هنالك، في أعلى مواقع الدولة، 56 وزير داخلية وعدل ودفاع وعدد من كبار الموظفين ممن تورطوا بشكل فاعل أو منفعل في حماية و/أو تقديم الدعم المتواصل لأشخاص على صلة بجماعات إجرامية.
وهناك آخرون ممن فعلوا ذلك أيضاً، ولكن كانت أو ما زالت تعوزهم سلطة اتخاذ القرار السياسي الذي يمكنهم من الالتزام بهذه الأعمال أو بمعارضتها –اللهم إلا إذا كانوا يرغبون بالاستقالة من مناصبهم. وعلى كل حال، فإن مثل هذه الوقائع المنسوبة إلى الدولة الفرنسية تشكل انتهاكات متكررة لالتزاماتها الدولية، وهي محرمة دولياً وتضع مسؤولية فرنسا الدولية على المحك.

عرض موضوعات الكتاب:


قبل الاعتداء على الجمهورية العربية السورية بزمن طويل، أي منذ ثمانينات القرن الماضي، لم تتوقف العلاقات بين قادة ومسؤولين فرنسيين كبار وبين أفراد يعملون مع الجماعات الإجرامية أو قريبين منها، عن تسجيل المزيد من النمو. منهم عديدون كانوا ملاحقين من قبل الإنتربول، لكنهم كانوا محميين من ملاحقة المنظمة الدولية للشرطة القضائية. أما حماتهم فكانوا وزراء فرنسيين من الحزب الأاشتراكي (الفصل الأول).  


في تلك الفترة نفسها، أمر الرئيس فرنسوا ميتران "الإدارة العامة للمحافظة على الأراضي"، [أحد أجهزة الاستخبارات الفرنسية] بأن تنخرط ابتداءً من العام 1982، بوجه خاص، في حرب أفغانستان الأولى (1979-1989) إلى جانب وكالة الاستخبارات الأميركية وأجهزة الاستخبارات البريطانية والباكستانية والسعودية. كما قام تنظيم "الإخوان المسلمون" إنطلاقاً من مركزه في باكستان، قام بتعبئة آلاف المقاتليين [الذين يسهل تجنيدهم في صفوف] الفقراء في البلاد العربية. وقام جهاز المحافظة على الأراضي بتسليح وتدريب بعض هذه الجماعات، بما في ذلك، فوق الأراضي الفرنسية، وذلك بهدف إسقاط النظام التقدمي في كابول المدعوم من قبل الاتحاد السوفياتي. ومع رحيل القوات السوفياتية في الفترة بين أيار / مايو 1988، وشباط / فبراير 1989، اندلعت الحرب الأهلية التي أضيفت إليها حرب أخرى شنها حلف الناتو. وهذه الحرب الأخيرة ما زالت مستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكان من نتائجها نزوح الملايين من الأفغان ومقتل ما يزيد على 100 ألف شخص، في ظل فساد علني يتحرك جنباً إلى جنب مع الفقر المستشري في بلد مدمر.


ومنذ اندلاع تلك الحرب، أصبح العديد من التنظيمات التابعة للإخوان المسلمين أفضل العملاء المتعاونين مع القادة الفرنسيين. وهذه التنظيمات هي ما يشكل عماد الحرب المفتوحة ضد البلدان العربية العلمانية التي تمتلك ثروات أو تثير اهتماماً استراتيجياً من قبل القوى الغربية، ولكن أيضاً ضد الجمهورية الفيدرالية الاشتراكية في يوغوسلافيا في أواخر فترة الثمانينات. والمعروف أن تاريخ تنظيم الإخوان المسلمين منذ تأسيسه في العام 1928، متميز باللجوء المنهجي إلى العنف والإرهاب (الفصل الثاني).


ولكن التحالف – بهدف شن الحروب -مع أناس يرتدون أزراً ولا يعرفون غير معلومات ابتدائية دينية أو يمتلكون خبرة في استخدام المتفجرات ولا يستيطيعون حتى كتابة أسمائهم ليس بالأمر السهل. لذا، اضطر القادة الفرنسيون إلى تشكيل "معارضة" يمكن عرضها أمام الرأي العام الغربي. وهكذا تم توزيع الأدوار بين لاجئين سوريين يعانون من صعوبات معيشية، وبعض صغار المتآمرين الوصوليين، والمهربين والمجرمين الذين تشكل منهم هذا التحالف الإجرامي الأممي الفصل الثالث).


هل نحن إزاء قوى ديمقراطية على ما يؤكده القادة الفرنسيون الذين يعتبرون أن المجلس الوطني السوري الخاضع لتأثير كبير من قبل الإخوان المسلمين هو "الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري"؟ أترك الحكم لكم، فاحكموا بأنفسكم: "منذ السبعينات، لم يتوقف الإخوان المسلمون عن تنفيذ التفجيرات والقيام بالانقلابات ضد الجمهورية العلمانية السورية. ومن هذا التنظيم نفسه، وهو تنظيم يرعى الجريمة المنظمة، سيتخرج القادة الرئيسيون لـ "المعارضة" وسيقفون جنباً إلى جنب مع معارضين آخرين مرتبطين بأوساط حلف الناتو (الفصل الرابع).
إن معظم المتمردين السوريين الذين قدموا من قبل القادة الفرنسيين على أنهم "معتدلون" هم متورطون في الحقيقة في أنشطة جنحية وإجرامية.
وقد كان من الضروري لفت نظر القاريء عبر تقديم صورة مشبعة بالإيحاءات عن "الروح الديموقراطية" التي -وفق ما يقوله الرئيس هولاند-يتمتع بها هؤلاء المتمردون (الفصل السادس).


فمن الجزائر إلى دمشق، تقوم فروع تنظيم الإخوان بتطبيق الخطة نفسها لزعزعة وتدمير الدولة العلمانية والمجتمع. ويكشف عبد الله أمامي (Abdallah Amami)، وهو كاتب تونسي ومختص في التنظيمات الإرهابية في العالم العربي، عن المراحل الرئيسية في هذه الخطة. ويصف مزري حداد، وهو كاتب وديبلوماسي تونسي في الأونسكو، بداية تطبيقها في تونس. أما تطبيقها في تونس فيصفه عمار بكداش المسؤول عن الحزب الشيوعي السوري. ومن جهته، يتحدث الكولونيل آلان كورفيز عن التكتيك الذي يستخدمه الإخوان. أما الكاتبة ناديا كوست فتذكر أولئك الذين يكتبون التاريخ على هواهم وهم جالسون في مكاتبهم بقولها: "نحن الذين نعيش في سوريا، نعرف الحقيقة [...]. وهناك تقارير رسمية تشهد لقاءات بين أجهزة الاستخبارات الفرنسية والبريطانية والمقاتلين الليبيين المتحدرين من تنظيم القاعدة (الفصل السادس).


ومرة أخرى، لا بد من التذكير بأن القادة الفرنسيين قد اقترفوا الخطيئة الفادحة عندما قاموا بتجهيز وتدريب من ينفذ هذه الخطة الجهنمية. وإذا كان الإعلام يقدم صور الشهداء والضحايا البريئة التي تقتل على أيدي الجماعات المسلحة، فإن ذلك يهدف إلى تمكين الإخوان من تقديم أنفسهم كـ "ديموقراطيين" لأسيادهم الغربيين، ولاستجداء تدخلهم. فهم يفتقرون إلى الدعم الشعبي في بلدانهم العربية ويعتمدون على سذاجة الغربيين وأسلحتهم من أجل بلوغ أهدافهم. وهذا يؤكده العديد من تصريحات رجال الاستخبارات المحترفين والتحقيقات الصحفية (الفصل السابع).
وهناك مسألة أخرى لا يمكن القفز عنها لأن المأساة كبيرة جداً: هل يستطيع الرئيس الفرنسي أن يأخذ بمفرده قرار تسليح هذه العصابات الإجرامية دون أن يعرض نفسه للتورط في تهريب الأسلحة خارج إطار الشرعية الدولية؟ (الفصل الثامن).


لعبة مزدوجة


بالنظر لتعقيد أوليات جهاز الدولة الفرنسية ذات الصلة بأشكال الحماية والدعم للجماعات الإرهابية كان علي أن أكتفي باستعراض الأمور الأساسية. وهذه الأمور تتعلق بالمسؤولين السياسيين الرئيسيين المعروفين من قبل الجمهور بخطاباتهم الإعلامية عن "حماية السكان المدنيين" و"مكافحة الإرهاب". لكن أقنعتهم تسقط عند المقارنة بين خطاباتهم المعروفة وأفعالهم غير المعروفة بالكامل (...).


هناك العديد من الوثائق التي تشهد على تواطؤهم مع أشخاص ينتمون إلى جماعات إجرامية. وهذه الوثائق منشورة في الكتاب "56". وهناك مقابلات وشهادات مقدمة من جامعيين وباحثين وعملاء أجهزة استخبارات وعسكريين وأمنيين سابقين ودبلوماسيين وصحافيين استقصائيين وشخصيات سورية وسورية تحمل الجنسية الفرنسية. وهنالك محامون ونواب يشهدون على ما يحبك في الخفاء في أروقة الإليزيه وماتينيون.


كل قطعة من هذا "البازل" تأخذ موقعها مع تقدم التحقيقي الصحفي وتتبين معها طبيعة اللعبة المزدوجة الخبيثة التي يلعبها السياسيون الفرنسيون. إنهم يغذون الحروب تحت غطاء المباديء الأخلاقية والأهداف النبيلة ظاهرياً.


في هذا الكتاب، تكتشفون بالأدلة، كيف يقوم القادة الفرنسيون بشن الحرب على الجمهورية العلمانية في سوريا عبر تقديم الدعم إلى المجرمين الذين يمارسون الإرهاب بشكل منهجي ووفق خطط مدروس.           

2015-11-12