ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: بدلاً من جلد الذات

كتب حسن نعيم
ليس كل من هاجر من وطنه, هجره وليس كل من بقي فيه أخلص له وأفاده, وليست هجرة العقول قدراً استنزافياً لا يرد.
كفى بكاءً واستبكاءً على أطلال المهاجرين، لندعهم وشأنهم، فيد الله الخفيّة تسيّرهم إلى حيث يجدون أنفسهم ورزق عيالهم, أو لنتفضل ونؤمّن لهم البديل.
لم يعد من المقبول أن نتعاطى مع ظاهرة كظاهرة هجرة الأدمغة بمثل هذا التعميم الذي تغلب عليه الذاتية, والبكائية المفرطة التي تقلّب الأرقام الديموغرافية بكثير من التوجع والألم.
لسنا نحن فقط من نعاني من هجرة الأدمغة، فهذه حكومة كندا تستصرخ لوقف هجرة عقولها الذهبية الى الولايات المتحدة التي ارتفعت في غضون سنوات من 17 ألفاً إلى 90 ألفاً... نحن وغيرنا نعاني من المشكلة عينها وان بدرجات متفاوتة, لكن الآخر عمد إلى استيعاب هذه القضية وتعاطى معها بموضوعية وبروح علمية ورياضية.
ففي الصين مثلاً تقول الاحصاءات إن 80% من الصينيين الذين ذهبوا إلى الدراسة في أوروبا لم يعودوا. عاد فقط 20% منهم فلم يكن أمام الحكومة الصينية إلا أن اتخذت اجراءات جاذبة لاستعادة أبنائها عبر إعطائهم حوافز مثل تعيينهم في مراكز مهمة كرؤساء أقسام وعمداء بالاضافة إلى الحوافز المادية.
أوستراليا أيضاً اتخذت قرارات تقضي بزيادة المخصصات للبحث العلمي لإيقاف هجرة العقول.
أما في بلداننا التي تتوافر فيها كل المقومات الدافعة إلى هذا النوع من الهجرة فقد اتخذت القضية شكل الاتهامات الموزعة شمالاً ويميناً على المهاجرين "الذين تخلوا عن بني قومهم" برغم أن للجماعة (المغتربين) مبرراتهم، وقد يكون أبرز مثال على ذلك العالم غسان قانصوه الذي ما تزال ذكراه طرية في الأذهان، وهو الذي مات قهراً ويأساً وإحباطاً.
آن الأوان للتعاطي مع ظاهرة هجرة العقول كظاهرة اجتماعية لها جذورها العميقة ومسبباتها الموضوعية ونتائجها السلبية والايجابية التي من الأجدى دراستها دراسة علمية للوقوف على آثارها المتعددة على مجتمعاتنا بدل هذا الجلد العنيف للذات.
الانتقاد/ العدد1291 ـ 19 آب/ أغسطس 2008
ليس كل من هاجر من وطنه, هجره وليس كل من بقي فيه أخلص له وأفاده, وليست هجرة العقول قدراً استنزافياً لا يرد.
كفى بكاءً واستبكاءً على أطلال المهاجرين، لندعهم وشأنهم، فيد الله الخفيّة تسيّرهم إلى حيث يجدون أنفسهم ورزق عيالهم, أو لنتفضل ونؤمّن لهم البديل.
لم يعد من المقبول أن نتعاطى مع ظاهرة كظاهرة هجرة الأدمغة بمثل هذا التعميم الذي تغلب عليه الذاتية, والبكائية المفرطة التي تقلّب الأرقام الديموغرافية بكثير من التوجع والألم.
لسنا نحن فقط من نعاني من هجرة الأدمغة، فهذه حكومة كندا تستصرخ لوقف هجرة عقولها الذهبية الى الولايات المتحدة التي ارتفعت في غضون سنوات من 17 ألفاً إلى 90 ألفاً... نحن وغيرنا نعاني من المشكلة عينها وان بدرجات متفاوتة, لكن الآخر عمد إلى استيعاب هذه القضية وتعاطى معها بموضوعية وبروح علمية ورياضية.
ففي الصين مثلاً تقول الاحصاءات إن 80% من الصينيين الذين ذهبوا إلى الدراسة في أوروبا لم يعودوا. عاد فقط 20% منهم فلم يكن أمام الحكومة الصينية إلا أن اتخذت اجراءات جاذبة لاستعادة أبنائها عبر إعطائهم حوافز مثل تعيينهم في مراكز مهمة كرؤساء أقسام وعمداء بالاضافة إلى الحوافز المادية.
أوستراليا أيضاً اتخذت قرارات تقضي بزيادة المخصصات للبحث العلمي لإيقاف هجرة العقول.
أما في بلداننا التي تتوافر فيها كل المقومات الدافعة إلى هذا النوع من الهجرة فقد اتخذت القضية شكل الاتهامات الموزعة شمالاً ويميناً على المهاجرين "الذين تخلوا عن بني قومهم" برغم أن للجماعة (المغتربين) مبرراتهم، وقد يكون أبرز مثال على ذلك العالم غسان قانصوه الذي ما تزال ذكراه طرية في الأذهان، وهو الذي مات قهراً ويأساً وإحباطاً.
آن الأوان للتعاطي مع ظاهرة هجرة العقول كظاهرة اجتماعية لها جذورها العميقة ومسبباتها الموضوعية ونتائجها السلبية والايجابية التي من الأجدى دراستها دراسة علمية للوقوف على آثارها المتعددة على مجتمعاتنا بدل هذا الجلد العنيف للذات.
الانتقاد/ العدد1291 ـ 19 آب/ أغسطس 2008