ارشيف من :أخبار عالمية

رغبة سورية روسية لإقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب يعيد التوازن إلى الساحة الدولية

رغبة سورية روسية لإقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب يعيد التوازن إلى الساحة الدولية

دمشق ـ راضي محسن
 

في زيارة هي الثالثة له خلال السنوات الثلاث الماضية، يصل الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الأربعاء إلى روسيا في زيارة عمل تستمر يومين تلبية لدعوة من نظيره الروسي ديمتري مدفيديف.

ومن المتوقع أن تتطرق مباحثات الجانبين السوري والروسي إلى علاقات الصداقة بين البلدين وسبل تعزيزها والتعاون الثنائي في مختلف المجالات، إضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة وخاصة في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية المحتلة وملف إيران النووي والأحداث التي شهدتها مؤخراً منطقة القوقاز.

ويستبعد المراقبون أن يكون لزيارة الرئيس الأسد أية علاقة بهذه الأحداث وخاصة أن موعد الزيارة تقرر قبل اندلاع الأزمة بين روسيا وجورجيا.

ومن المتوقع أن تشغل مفاوضات السلام في الشرق الأوسط عامة والمفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية تركية في أنقرة حيزاً هاماً من مباحثات الرئيس الأسد مع المسؤولين الروس وخاصة أن موسكو ستستضيف مؤتمراً دولياً للسلام في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل بهدف دعم جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط.

وتتيح هذه الزيارة الفرصة للرئيسين الأسد ومدفيديف ليتعرف كل منهما على الآخر عن قرب وبشكل شخصي وخاصة وأنه سيكون اللقاء الأول الذي سيجمع بينهما.

ويتوقع أن يلتقي الرئيس الأسد كذلك رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين وعدداً من كبار المسؤولين الروس.

 احتلت روسيا المركز الأول بين موردي السلع إلى سورية، وفاق حجم التبادل التجاري بين البلدين مليار دولار عام 2007 بعد أن كان 340 مليون دولار عام 2004.
ووضعت مصادر إعلامية سورية مسؤولة زيارة الرئيس الأسد إلى روسيا "في سياق العلاقات التاريخية المتينة التي تجمع البلدين واستمرار التشاور والتعاون بين البلدين إزاء الأوضاع الإقليمية والدولية والعلاقات الثنائية وتطابق وجهات النظر حيال الأحداث التي تعصف بالعالم عموماً والمنطقة خصوصاً والرغبة المشتركة في إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب يجنب العالم مساوىء القطبية الأحادية و يعيد التوازن إلى الساحة الدولية ويوفر مقومات تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي إضافة للعمل بشكل متواصل لإقامة السلام العادل والشامل في المنطقة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ويتجلى ذلك في تواصل المشاورات السورية الروسية الثنائية ومع المجتمع الدولي لتحقيق السلام وتجنيب المنطقة عواقب التوترات الأمنية".

وزار الرئيس الأسد روسيا مرتين الأولى في كانون الثاني/يناير عام 2005 والثانية في كانون الأول/ديسمبر عام 2006 وكان من أهم نتائج هاتين الزيارتين توقيع (الإعلان المشترك حول التعميق اللاحق لعلاقات الصداقة والتعاون بين روسيا وسورية)، وحل مسألة الديون العالقـة منذ زمن الاتحـاد السوفييتي السابق بشكل جذري، مع ما يعنيه ذلك من إزالة لأحد أكبر العقبات التي تقف في وجه التعاون السوري ـ الروسي.

وتأتي زيارة الرئيس الأسد الحالية لروسيا بعد شهر ونصف الشهر على قيام الرئيس مدفيديف بتوقيع قانون إبرام الاتفاقية بين حكومتي روسيا وسورية حول تسوية الديون الروسية على سورية والتي تم الاتفاق عليها أثناء زيارة الرئيس الأسد الأولى إلى موسكو وهو الأمر الذي رأى فيه المتابعون عاملاً هاماً في إنجاح الزيارة.

ومن المؤكد أن إبرام اتفاقية تسوية الديون سينشط التعاون بين البلدين وخاصة إذا تم الأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً من الديون السورية (2.11 مليار دولار) تم تحويله إلى البنك المركزي السوري ليتم إنفاقه على تنفيذ المشاريع الروسية في سورية.

وشهدت السنوات الأخيرة تطورات هامة في العلاقات السورية الروسية انعكست إيجاباً على مختلف المجالات حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات في المجالات السياسية والاقتصادية.. وتم التأكيد على مواصلة تعزيز التعاون بين البلدين بما يتفق ومصالحهما المشتركة ويعزز فرص السلام والأمن في الشرق الأوسط

وسجلت السنوات الأخيرة أعلى مستوى من النشاط في العلاقات التجارية الاقتصادية بين البلدين فقد احتلت روسيا المركز الأول بين موردي السلع إلى سورية، وفاق حجم التبادل التجاري بين البلدين مليار دولار عام 2007 وكان هذا الرقم في العام 2006 يعادل 635 مليون دولار، وفي عام 2005 بلغ 460 مليون دولار، وفي عام 2004 بلغ 340 مليون دولار.

وتشهد سورية حركة سياسية ودبلوماسية نشطة حيث قام الرئيس الأسد مؤخراً بأربع زيارات خارجية كان أولها إلى الهند ثم فرنسا فإيران قبل أن يتوجه إلى تركيا.

واستقبل دمشق مؤخراً الرئيس العماد ميشال سليمان وهي تتهيأ لاستقبال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أوائل شهر أيلول/سبتمبر القادم.

زيارة الرئيس الأسد ستسهم في تطوير العلاقات السورية الروسية وتتيح فرصة لتبادل الآراء حول أهم القضايا الراهنة. 
وحرص كبار المسؤولين الروس على إبداء اهتمامهم بزيارة الرئيس الأسد وترحيبهم بها وعلقوا أهمية خاصة على النتائج الإيجابية المنتظر أن تثمر عنها.

وأكد نائب رئيس مجلس الدوما إيفان ميلينكوف أن العلاقات بين سورية وروسيا تتطور بصورة ديناميكية لافتاً إلى التطور الكبير في العلاقات الثنائية منذ زيارة الرئيس الأسد إلى روسيا في كانون الثاني من العام 2005 وتوقيع البيان المشترك حول مواصلة تعميق علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.

وأكد ميلينكوف في تصريح لوكالة الأنباء السورية سانا تقارب وتطابق مواقف البلدين في أهم القضايا الدولية وبصورة خاصة عملية السلام في الشرق الأوسط حيث لايمكن إحراز السلام في المنطقة من دون مشاركة سورية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية بالانسحاب من الجولان السوري المحتل.

وأعرب ميلينكوف عن الثقة بأن زيارة الرئيس الأسد الى روسيا ستسهم في تطوير العلاقات السورية الروسية وتتيح فرصة لتبادل الآراء حول أهم القضايا في ظروف احتدام الموقف الدولي الراهن.

كما أكد نائب رئيس إدارة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الروسية ألكسندر زاسيبكين أهمية الزيارة في توطيد وتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين الصديقين، وقال لوكالة سانا: إن سورية تعتبر شريكاً تقليدياً لروسياً في الشرق الأوسط ويربطهما تاريخ طويل من الصداقة والتعاون العميق.

ورأى المسؤول الروسي أن العلاقات بين البلدين تكتسي طابعاً مهماً وبصورة خاصة في الوقت الحاضر على خلفية التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط معرباً عن دعم روسيا واستعدادها لبذل كل الجهود لتحريك عملية السلام والمضي بها قدماً وعلى كل المسارات وخصوصاً المسار السوري الذي لا يمكن إحلال السلام العادل والشامل في المنطقة دون إحراز تقدم فيه.

وأعرب زاسيبكين عن ترحيب روسيا بالمفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل بوساطة تركية مؤكداً أن بلاده على استعداد دائم لتقديم المساعدة بأي شكل للإسهام في إحراز نتائج تقبل بها سورية بالذات.

ونوه المسؤول الروسي بالتعاون السياسي المتواصل بين سورية وروسيا في كل المسائل ومن بينها الوضع في لبنان لافتاً إلى دور سورية في إنجاز اتفاق الدوحة بين الأطراف اللبنانية.

وشدد زاسيبكين على أن التعاون الاقتصادي الثنائي بين سورية وروسيا أخذ بالتطور والنجاح لاسيما في السنوات الأخيرة بعد الزيارتين السابقتين للرئيس الأسد إلى روسيا وأصبح هذا التعاون يشمل الكثير من المجالات كإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة الضخمة وتطوير العلاقات التجارية بين الجانبين.

وأكد أن موسكو تنظر بتفاؤل إلى مستقبل العلاقات بين البلدين وأن زيارة الرئيس الأسد إلى روسيا ومباحثاته مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف ستشكل خطوة مهمة تخدم مصالح البلدين وقضايا الشرق الأوسط.

من جهته رحب البروفيسور أوليغ بيريسبكين رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية بزيارة الرئيس الأسد إلى روسيا وقال إن الرئيس الأسد صديق كبير لروسيا.

وأشار بيريسبكين في تصريح لوكالة سانا في موسكو لأهمية محادثات الرئيس الأسد مع نظيره الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف في هذه المرحلة على صعيد قضايا الشرق الأوسط وتعزيز العلاقات الثنائية.

وأعرب البروفيسور الروسي عن اعتقاده وثقته بأنه ستجري مباحثات إيجابية ومهمة بين الرئيسين الأسد ومدفيديف ويتبادلان الآراء حول أهم القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين ويتفقان على كيفية العمل معاً في هذا الوضع الدولي المعقد الذي يوجب على الجانبين التعاون الوثيق لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وفي منطقة القوقاز المجاورة له أيضاً.

2008-08-20