ارشيف من :آراء وتحليلات

يوم الأرض..الطريق إلى المستقبل يمر إجبارياً بفلسطين

يوم الأرض..الطريق إلى المستقبل يمر إجبارياً بفلسطين

يوم الأرض الفلسطيني هو تعبير عن تصميم الشعوب العربية والإسلامية على النضال من أجل استرداد كامل الحقوق في فلسطين وغير فلسطين. ولن تفلح في الحيلولة دون ذلك محاولات آل سعود لقيادة الأمة نحو الهزائم.


الزمان : 30 آذار / مارس 1976
المكان : القرى والمدن العربية الواقعة ضمن نطاق الكيان الصهيوني الذي أقيم عام 1948.
صانعو الحدث : فلسطينيو الداخل.
الحدث : إضرابات ومسيرات شملت المناطق العربية من الجليل شمالاً إلى النقب جنوباً رداً على أعمال مصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل السلطات الاسرائيلية. وقد سجلت فيها مواجهات أسفرت عن سقوط أعداد من القتلى والجرحى على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في ما اعتبر أول انتفاضة يقوم بها فلسطينيو الداخل منذالعام 1948، وذلك بعد المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال، عام 1956 في قرية كفر قاسم وقتل فيها 48 شخصاً بينهم العديد من النساء والأطفال. وقد حدثت تلك المجزرة في ظل منع التجوال الذي فرضه جيش الاحتلال على القرى والمدن الفلسطينية في أول يوم من أيام العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.

استراتيجية تصنيع الهزائم


ومنذ أحداث يوم الأرض، يحتفل الفلسطينيون المتمسكون بقضيتهم والمتضامنون معهم من العرب وغير العرب بهذا اليوم باعتباره رمزاً للنضال من أجل فلسطين، أرضاً وجواً وبحراً وبشراً ومقدسات.

يوم الأرض..الطريق إلى المستقبل يمر إجبارياً بفلسطين


وبوصفه رمزاً للنضال من أجل فلسطين، انضم يوم الأرض إلى غيره من الأيام-الرموز، والأحداث الرموز، والأشخاص الرموز التي تجسدت من خلالها، في فلسطين وخارج فلسطين، إرادة الصمود والمقاومة في وجه الاحتلال الصهيوني، وأيضاً في وجه إرادة الخيانة وتصنيع الهزائم من قبل الحكام الخونة.

السعودية كيان صهيوني يقوم فوق أقدس رقعة في العالم الإسلامي

وعلى هذا يكون يوم الأرض تجسيداً لعزم الشعوب العربية الإسلامية وقواها الطليعية المتجسدة بمحور المقاومة في فلسطين والمنطقة، على تحرير فلسطين وسائر المناطق العربية والإسلامية الرازحة تحت نير الأشكال الخفية الظاهرة من الاحتلال.  


لكن استراتيجية قيادة الأمة نحو الهزائم، ونحو الرضا بالاستسلام، نجحت طيلة عقود في تفكيك إرادة الصمود والمقاومة عند شرائح لا بأس بها من الشعب الفلسطيني وغيره من شعوب الأمة العربية والإسلامية.


وتجلى هذا النجاح في هزال الردود على فظائع وإهانات كبرى لحقت بضمير الأمة من نوع الزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، أو الرئيس المؤمن، كما كان يسمى في أدبيات استراتيجية الانهزام، إلى القدس، حيث خطب في الكنيست تمهيداً لتوقيع أول اتفاقية استسلام عربي أمام الكيان الصهيوني.


ثم كرت سبحة الاتفاقيات، في أوسلو حيث ولدت سلطة مشروع الدولة الفلسطينية الوهمية، ثم في وادي عربة مع الأردن. وبالتوازي مع ذلك، كان طوفان العلاقات السرية وشبه العلنية يكتسح المزيد والمزيد من الأنظمة -الخليجية بقيادة السعودية، خاصة- وغير الخليجية بتوجيه وإغراء أو ضغط من قبل المملكة التي انكشفت في النهاية عن كونها كياناً صهيونياً حقيقياً يقوم فوق أقدس رقعة في العالم الإسلامي.  

روافد التحرير    


لكن سوريا شكلت طليعة المواجهة مع مشاريع الاستسلام وأفشلتها وأدخلت بذلك مخططات التقسيم والتفتيت الصهيو-أميركية وامتداداتها العربية في أزمة حقيقية وتهديد وجودي فعلي للكيان الصهيوني والكيانات العربية المرتبطة به. وهذا ما يفسر الدرجة العالية جداً من عنف الحرب الكبرى التي تشنها على سوريا، منذ خمس سنوات، قوى التحالف الغربي-الصهيوني- العربي.


ولم يكن الهجوم على سوريا، وقبلها العراق، وبعدها البحرين واليمن وسائر بلدان ما يسمى بالربيع العربي البائس، غير محاولات استباقية للحيلولة دون أن تتحول جميع أيام الفلسطينيين العرب والمسلمين إلى أيام للأرض أسوة بـ 30 آذار / مارس 1976.


بكلام آخر، لم يكن ذلك الهجوم غير حرب مباشرة هدفها حماية الكيان الصهيوني من مصيره الكارثي في الحرب الحتمية المقبلة والتي لم يعد بمقدوره تحمل تداعياتها، خصوصاً بعد تكسر أنيابه على صخور الجنوب اللبناني، في صيف العام 2006.  
وسواء تعلق الأمر بهذه المحاولات، أو بذلك الهجوم والدور الكبير المعطى فيه للإرهاب التكفيري، ومنه ذلك الإرهاب الذي يأخذ شكل الضربات الجوية السعودية على اليمن، فإن كل ذلك قد بدأ ينكشف عن كونه مساعي يائسة مصيرها الفشل. إذ ليس بعد تحقيق النصر النهائي في سوريا غير انطلاق مرحلة جديدة من مراحل النضال العربي-الإسلامي هي مرحلة تصفية الحساب مع العدو الإسرائيلي الغاصب.  


والأكيد أن يوم الأرض وما مثله من إصرار فلسطيني على المواجهة دفاعاً عن الحق، قد ساهم إلى حد كبير في تغذية روح المقاومة التي ألهبت الثورة الفلسطينية (قبل أن يختطف قسم منها من قبل دعاة الاستسلام مقابل 500 مليون دولار سنوياً). كما ألهبت الانتفاضات الفلسطينية اللاحقة، وآخرها انتفاضة القدس الحالية والتي تشير كل الدلائل إلى أنها قد بدأت بتشكيل رافد أساسي من روافد التحرير الكامل لأرض فلسطين من قبل محور المقاومة في المنطقة. فالوقائع تشير كلها إلى أن الشعوب العربية باتت على اقتناع بأن مستقبلها لم يعد ممكن التحقق لا عبر المرور بتحرير فلسطين.   

2016-04-05