ارشيف من :آراء وتحليلات

رئيس الوزراء الهندي في الخليج مجددًا..

رئيس الوزراء الهندي في الخليج مجددًا..

وجد إعلام المحور والمحور المقابل مادةً دسمة في زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الأخيرة إلى الرياض ، التي إستغرقت يومين (2 و3 ابريل \نيسان)إلتقى بهما كبار المسؤولين السعوديين ،وعلى رأسهم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز  ،الذي قلّد الضيف الرئيس "وشاح الملك عبد العزيز" ، ورحب به قائلاً: " إن زيارتكم محل تقديرنا وإهتمامنا..ونتطلع إلى تعزيز العلاقات وتنميتها بين البلدين في الجوانب كافة ".


لكن بعيداً عن حُمى التسييس المُبتلى بها الشرق الأوسط العليل ، وبالتمييز بين التوجه السياسي العام والتوظيف السياسي الخاص ، سنحاول مقاربة الزيارة من زاويتين ، فنضع أولاً الزيارة في سياق تاريخ العلاقات  وتبادل الزيارات الرسمية بين الرياض ونيودلهي ، من ثمّ الأبعاد الجيوسياسية للزيارة وتشابك العلاقات المعقدة الممتدة من الصين ، مروراً بباكستان ،والهند ، فايران ،ومنطقة الخليج ، حيث حط ناريندرا مودي برحاله في الرياض  .

رئيس الوزراء الهندي في الخليج مجددًا..

عودة الحميمية بين نيودلهي و الرياض ، تعود إلى ما بعد نهاية الحرب الباردة ، والإنفتاح الإقتصادي في الهند ، فقد كان لموقف الهند السياسي بالإنحياز  للإتحاد السوفياتي والإبتعاد عن الولايات المتحدة الأمريكية  الأثر البالغ في برودة العلاقات بين الهند و السعودية  ،حليف الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج العربي . ومع إنتهاء الحرب الباردة ، فتحت الدول صفحة جديدة من علاقاتها الدبلوماسية في عالم أحادي القطب ، كرس سياسات ومفاهيم جديدة ،جعلت من الأسواق المفتوحة والإقتصاد محوراً لسياسات الدول ، فكانت زيارة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز عام 2006 إلى الهند ، وزيارة الملك الحالي عام 2014 ، لكن بصفته وزيراً للدفاع  .

سعودياً ، وبحسب خبراء هناك توجه  لدى صناع القرار في الرياض إلى تنويع شركائها الأمنيين على خلفية قلق سعودي من سياسات الغرب التي وبحسب وصف  محمد بن نواف آل سعود السفير السعودي لدى بريطانيا " تهدد الإستقرار  والأمن في الشرق الأوسط " . وقد دعم هذا توجه سياسات الرئيس أوباما نحو كل من ايران وسوريا ، وإنتقاده اللاذع لحلفائه من دول خليجية ، الذين يتحسسون رؤوسهم ليل نهار ، نتيجة إنتقال إضطرابات ما يسمى بـ "الربيع العربي" إلى الداخل الخليجي لا سيما في دول كالسعودية والبحرين والكويت ، فضلاً عن خطر داعش الذي أعاد للأذهان خطورة وتهديدات القاعدة للسعودية .

هندياً، الخليج ساحة منافسة جديدة بين نيودلهي وبكين، لذلك نرى مودي مجدداً في منطقة الخليج بعد ثمانية اشهر  فقط  على زيارته الآخيرة لدولة الإمارات العربية . ويرى محللون إقتصاديون في نيودلهي، أن "الهند خسرت كثيراً في دول الخليج لحساب كُلاً من الصين وباكستان "الخصمان اللدودان للهند في المنطقة"، ومن هنا تسعى الهند إلى تعزيز علاقاتها بالسعودية رابع أكبر شريك تجاري للهند ، و حيث تتواجد عمالة هندية كبيرة جداً ، لكن تجهد الهند للنأي بنفسها عن الصراع الايراني – السعودي، إذ انها ليست مستعدة للتضحية بصداقة ايران لا سيما بعد أن خرجت طهران بنجاح من معركتها الدبلوماسية مع الغرب ، فضلاً عن كون الهند بحاجة إلى ايران في الساحة الأفغانية أمام التحالف  الباكستاني – الصيني الإستراتيجي الذي يقلق الهند.

أما باكستانياً ، فليس من السهل تخطي ما يوصف بـ"عداوة الهند" ، إذ لا يبرح بعض الباكستانيين النظر إلى الهند على أنها العدو  بألف لام التعريف  في المنطقة ، وهذا ما تفهمه السعودية جيداً ، وهي بدورها ليست بصدد تغيير تحالفاتها الإستراتيجية في جنوب آسيا ، فبحسب خبراء فإن العلاقة الباكستانية – السعودية أشبه ما يكون بمحلول كيميائي تفكيكه يحتاج لمعادلة كيميائية لا تملك الهند أو ايران عناصره ، يؤكد ذلك تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي أبدى إهتمام بلاده بالتعاون  مع الهند في مختلف المجالات ، لكنه أكد أن ذلك ليس على حساب "شركائنا الإستراتيجين " بحسب قوله .

في المحصلة ، العلاقات الهندية – السعودية ليست جديدة ، ولا غريبة على ضوء التعاون التجاري بين البلدين وكون السعودية تحتضن عددا كبيرا من العمالة الهندية، لكن لا يخفى أنه في الظروف المتشنجة التي تمر بها المنطقة ، وفي  ظل إرهاصات ولادة سايكس بيكو جديد فإن الإهتمام بالتوظيف السياسي الخاص لعله أكثر أهمية من التوجه السياسي العام .

2016-04-05