ارشيف من :آراء وتحليلات
’القريتين’ بعد تدمر على الطريق نحو دير الزور

على الرغم من الاهمية الاستراتيجية لاستعادة الجيش السوري وحلفائه مدينة تدمر عاصمة بادية الشام، والتي حازت على اهتمام دولي واسع وخطفت الاضواء مؤخرا تشجيعا وتأييدا من البعض وقهرا وامتعاضا من البعض الآخر والذي اصبح معروفا ومعلوما، جاءت استعادة السيطرة على مدينة القريتين في الريف الشرقي لمدينة حمص لتكمل انتصار تدمر وتعززه من خلال المعطيات الجغرافية والميدانية والاستراتيجية التالية:
جغرافيًّا: استعاد الجيش السوري السيطرة على مدن وبلدات عدة تمتد على مساحة لا تقل عن 30 الف كلم مربع من تنظيم داعش الارهابي، في بقعة واسعة وغنية من الناحية الاقتصادية للدولة، لما تحويه من آبار نفط وغاز ومن خطوط لنقل وتوزيع هذه الطاقة على كامل الجغرافيا السورية.
ميدانيًّا: بالاضافة لاستعادته السيطرة على اكثر من مطار عسكري حيوي وضروري له في معاركه المقبلة، حصل الجيش السوري ايضا على قاعدة انطلاق واسعة لها امتداد ميداني يربط الوسط ما بين دمشق وحمص بالشرق حيث بقعة الانتشار الاساسية لداعش ما بين دير الزور والرقة وامتدادا الى اغلب مواقعه على الحدود مع العراق، ومن هنا خسر التنظيم الارهابي بالمقابل نقطة الربط الحيوية بين اماكن انتشاره شرقا وبين المدن الحيوية واريافها غربا ووسطا، وحيث ما زال يحتفظ بمواقع مستقلة فقد اصبحت الآن منعزلة تقريبا وفقدت اي اتصال او ترابط ميداني مع بعضها او مع قيادته في الرقة.
الجيش السوري
استراتيجيًّا: بعد ان ظهر التحالف الروسي السوري متينا وعميقا من الناحية الاستراتيجية والعسكرية والسياسية، فرض الجيش العربي السوري مدعوما بحلفاء صادقين وملتزمين، نفسه لاعبا اساسيا وفاعلا في محاربة الارهاب على الصعيدين الاقليمي والدولي، وكان لهذه المعركة وقع دولي لافت، لدرجة ان اغلب هذه الدول والتي كانت من المقاطعين للدولة السورية اعربت عن اعجابها بقدرة الجيش السوري واظهرت تأييدا واضحا له في هذه الحرب ولو بطريقة غير مباشرة ، كما وفتحت هذه المعركة ابوابا وخلقت فرصا بدأت تظهر ولو بشكل خجول حول امكانية اعادة التواصل السياسي والديبلوماسي الرسمي مع بعض هذه الدول والتي كانت مقاطعة للحكومة السورية.
من هنا، واستنادا لهذه المعطيات المذكورة والتي حققها الجيش العربي السوري في معركته المزدوجة في استعادة السيطرة على تدمر وعلى القريتين، من الطبيعي انه سيواصل التقدم شرقًا حيث تستعد قواته ووحداته في مطار دير الزور وفي احيائها المحررة لملاقاة وحداته التي تتحضر للانطلاق شرقا عبر رفع منسوب القصف المركز والتغطية الجوية الواسعة على مدينة السخنة التي تشكل خط مدافعة اساسي عن اماكن انتشار داعش شرقا، والتي تقع تقريبا في منتصف المسافة بين تدمر ومدينة دير الزور، وحيث ان هذه المعركة تتمتع بكامل عوامل النجاح لناحية البقعة المكشوفة والمناسبة لمناورة الطيران والتي اظهرت فعاليتها في استعادة السيطرة على تدمر والقريتين، او لناحية المحاور الواسعة المكشوفة والجاهزة لمناورة مشتركة بين المدرعات وبين وحدات المشاة الذين بدوا اخيرا في معارك الاقتحام يسابقون الدبابات للوصول الى عمق اماكن انتشار التنظيم الارهابي والالتحام مع عناصره وجها لوجه.
واخيرا... لا بد من التنويه بانه وفي حال استعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة دير الزور والتي هي مبدئيًّا قاب قوسين من التحقق، وبذلك سوف يربط العاصمة دمشق بالوسط في تدمر وامتدادا الى الحدود السورية شرقا، سيشكل ذلك ضربة قاضية للتنظيم الارهابي من خلال بتر التواصل بين وحداته المنتشرة شرقا، ومن خلال خسارته نقطة الارتباط الاساسية مع وحداته في العراق، وسيؤسس الجيش السوري في ذلك نقطة مفصلية اساسية على طريق هزيمة داعش في سوريا وامتدادا الى العراق.