ارشيف من :آراء وتحليلات
تساؤلات حول استهداف وثائق بنما لسياسيين تونسيين

طالت وثائق بنما المثيرة للجدل سياسيين ومسؤولين تونسيين على غرار ما حصل سابقا مع وثائق ويكيليكس. وقد أذنت وزارة العدل التونسية للنيابة العمومية بفتح بحث تحقيقي مع من وردت أسماؤهم بعد أن تصاعد الضغط الإعلامي خاصة وأن الأسماء التي طالتها الشبهة من "كبار القوم".
ومن بين من يتم الحديث عن ورود أسمائهم من السياسيين، ولم يتم التثبت بعد من صحة ما يتم ترويجه، مؤسس حركة مشروع تونس محسن مرزوق المنشق عن حركة نداء تونس. كما يتم الحديث عن ورود اسم المنصف المرزوقي الرئيس المؤقت السابق وهو ما يتم نفيه إلى الآن، كما يتداول أن هناك منتمين إلى حركة النهضة ورجال أعمال معروفين، ولم يتم التثبت بعد من صحة هذه المعلومات أيضا.
تساؤلات عديدة
ولعل السؤال الذي يطرح، وبقطع النظر عن الأسماء التي يتم تداولها، هو ذلك المتعلق بالغاية من تسريب هذه الوثائق في هذا الوقت الذي تمر فيه المنطقة العربية بفوضى لم يعرف لها التاريخ المعاصر مثيلا. كما يثار استفهام يتعلق بالجهة التي قامت بالتسريب، وبمدى صحة المعلومات الواردة في هذه الوثائق.
وتتوجه أصابع الاتهام بالدرجة الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة مع ما يعرف عن تغلغلها سياسيا واقتصاديا واستخباراتيا في دولة "بنما" وهيمنتها على قناتها البحرية. ولعل ما يدعم هذا الرأي هو أن أغلب من وردت أسماؤهم في هذه التقارير من خارج تونس هم من المعادين في سياساتهم للولايات المتحدة ولربيعها العربي المزعوم.
ترتيبات جديدة
لكن بالمقابل، فإن التونسيين الذين يتم الحديث عن ورود أسمائهم ليسوا معادين لواشطن ويدورون في فلكها ومنخرطون في مشروع ربيعها العبري أو "الفوضى الخلاقة". كما أن بعضهم كان طيعا ورهن الإشارة إلى حد المبالغة وتورط في التآمر ليس فقط على تونس بل على بلدان المنطقة مشرقا ومغربا.
فهل ترغب واشنطن في إزاحة حلفائها الحاليين في تونس، والذين يبدو أن أدوارهم قد انتهت، تمهيدا لترتيبات جديدة سيتم الشروع فيها بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ أم أن أسماء هؤلاء وردت في الوثائق بصورة عرضية وخطأ وسهوا ممن يقفون وراء التسريب الذين كان مقصدهم المعارضين لسياسات الولايات المتحدة في العالم؟
إزاحة حلفاء
إن ما يدعم فرضية تخلص واشنطن من حلفاء مفترضين في تونس، من خلال هذه الوثائق، هو إزاحتها لحلفاء سابقين في الخضراء بعد تسريب معلومات تتعلق بفسادهم في وثائق ويكيليكس. أي أن هناك سوابق للأمريكان قاموا فيها بإزاحة "أصدقاء" عن المشهد السياسي بعد أن انتهت أدوارهم خاصة مع ما عرف عن الأمريكان من عدم الاحتفاظ بصداقات دائمة أو عداوات دائمة وأن ما يحركهم هو المصالح لا غير.
ولعل المرجح أن وثائق بنما، التي لم يتم التأكد من صحتها بعد، تستهدف ممانعين للسياسات الأمريكية يتصدون لمشاريعها في مختلف أنحاء العالم قصد تصفيتهم وإحراجهم. كما تستهدف موالين في تونس وغيرها بعد أن انتهت أدوارهم وذلك تمهيدا لإزاحتهم.