ارشيف من :آراء وتحليلات

أين الدولة مما يجري من فلتان أمني؟

أين الدولة مما يجري من فلتان أمني؟

ما تشهده المخيمات الفلسطينية في لبنان بشكل عام ومخيم عين الحلوة ومحيطه بشكل خاص، بين فصائل فلسطينية مختلطة ومجموعات مسلحة متشددة، لا يقل اهمية وخطورة من الناحية الأمنية عما تشهده الجرود اللبنانية الشمالية الشرقية بين المجموعات الإرهابية المتشددة وعلى رأسها تنظيم داعش وجبهة النصرة.


هذا الاقتتال المتواصل في بعض هذه المخيمات وفي جرود بلدة عرسال اللبنانية، والذي يأخذ طابعًا دمويًّا عنيفًا وعلى خلفيات مختلفة يختلط فيها السياسي مع العقائدي مع الأمني الإرهابي الى العسكري الإرهابي، يحصل بأوجه متعددة منها المواجهات العسكرية المسلحة المباشرة أو العمليات الأمنية الإرهابية كالتفجيرات والعبوات الناسفة وعمليات التصفية الجسدية العلنية او السرية، وكل ذلك والدولة اللبنانية تقف موقفًا غريبًا، لا يمكن الا ان نصفه باللاموقف، او بموقف المشاهد الذي لا يعنيه الامر، فترى اجهزتها الامنية والعسكرية تتابع الموضوع من الناحية الاعلامية لناحية اعطاء المعلومات وتعميمها ونشرها عبر وسائلها المعروفة، وكأنها وكالة صحافة متخصصة بنقل الخبر أو كأنها مؤسسة اعلامية واسعة الانتشار.

أين الدولة مما يجري من فلتان أمني؟


قد يكون هناك خصوصية معينة للموضوع الأمني في المخيمات الفلسطينية حيث التصفيات المتبادلة بين فصائلها، أو خصوصية للموضوع العسكري أيضا، حيث نشهد أحيانًا بين فترة وأخرى معارك عسكرية داخل هذه المخيمات تستعمل فيها أسلحة فردية ومتوسطة وقريبة احيانا من الثقيلة، وهذه الخصوصية مهما كانت حساسيتها وظروفها ومعطياتها لا تبرر هذا الاعتكاف او هذه الاستقالة لأجهزة الدولة الرسمية، عسكرية أو أمنية، فحدود السيادة الوطنية معروف ولا تسمح أية خصوصات أو ظروف بتخطيه مهما كانت.


هذا لناحية الاوضاع الامنية التي تعيشها المخيمات الفلسطينية ومخيم عين الحلوة بشكل خاص، والتي ربما تشكل خصوصيتها ضغطا معينا على الدولة، قد يكون له ارتباط شائك او تداخل متشعب مع موضوع اللاجئين والامم المتحدة والاونروا، او مع الاتفاقيات العربية التي ترعى المخيمات واوضاع الإخوة الفلسطينيين وخصوصية سلاحهم المقنَّن بهذه الاتفاقيات، والذي اختفى وغاب باكمله تقريبا مع بعض الاستثناءآت وظهر مكانه سلاح آخر، سلاح الاجرام والارهاب والتصفيات الدموية العنيفة، ولكن ماذا عن التقاتل بين الفصيلين الارهابيين داعش والنصرة في الجرود اللبنانية الشرقية لبلدة عرسال؟؟؟


تأخذ هذه المواجهات بين الفصيلين الارهابيين طابعا عنيفًا، لدرجة لا يمكن ان يتصورها عقل لناحية الإجرام أو التنكيل والاعدامات الميدانية والتصفيات التي لها طابع ديني متشدد، وذلك على أرضٍ تابعة لدولة تتمتع "مبدئيا" بسيادتها على ارضها، ويُفترض فيها ان تمارس واجباتها المقدسة في بسط الأمن وحماية المقيمين وفرض القانون والنظام، فأين هي هذه الدولة من كل ذلك؟


ما هذه الخصوصية التي تفرض نفسها على دولتنا الكريمة كي تتهرب من مسؤولياتها في بسط سيطرة قواها الذاتية العسكرية على هذه الارض اللبنانية وتحمي المواطنين (المخالفين وغير المخالفين) في تلك المناطق المخطوفة والمنكوبة امنيا واجتماعياً؟


من يفرض على دولتنا "السيدة" "المستقلة" كي تسمح لتنظيمين إرهابيين - أجمعت أغلب الدول على هذا توصيفهما بذلك، في الغرب والشرق وفي الاقليم والخليج (مبدئيا) - بالتقاتل او التواجد اصلا بهذا الشكل الارهابي المسلح الدموي على اراضيها؟؟؟


في الحقيقة ... لا يمكن لهذا التقاعس الرسمي في عدم مواجهة هذا الفلتان الامني والعسكري الارهابي المسلح ان يستمر، لأن في ذلك، وبالاضافة الى المسؤولية المعنوية والوطنية وحتى الجزائية في التسبب بجرائم من واجب الدولة ان تكافحها وتواجهها وتمنعها، تأسيس لدمار الدولة بكامل مؤسساتها ولزوال الوطن بكامل مكوناته، وكما لا يمكن التهرب من هذه المسؤولية وهذا الواجب المفروض على الدولة بكامل أجهزتها، لا يمكن لأي مسؤول مهما علا شأنه، وحيث ان السلطة ليست فقط تشريفات وصلاحيات ومخصصات ورواتب و سفر وامكانيات مادية ومعنوية، بل هي مسؤولية وواجب والتزام بالقانون وبالنظام وبالدستور، أن يتغاضى عمّا رسمه له هذا الدستور الذي اعطاه هذه السلطة، أو أن يتقاعس عن تطبيق هذا القانون الذي أعطاه هذه الصلاحيات، لناحية مسؤولية وظيفته ومركزه، وحينها يعتبر مجرما بحق الوطن والشعب ويجب محاسبته عاجلا ام آجلا.

2016-04-13