ارشيف من :آراء وتحليلات

تأزم جديد في العلاقات الجزائرية الفرنسية

تأزم جديد في العلاقات الجزائرية الفرنسية

حالة من الغضب الشديد تنتاب صناع القرار في الجزائر والدوائر القريبة من قصر المرادية من بعض وسائل الإعلام الفرنسية، بعد تعمُّد هذه الأخيرة الإصرار على تداول صورة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يظهر عليه الإعياء الشديد وهو يستقبل رئيس الحكومة الفرنسي. والحقيقة أن تداول الصورة بتلك الكثافة لم تكن غاياته بريئة، خاصة وأن الجزائر في خلاف مع فرنسا في الآونة الأخيرة حول عدد من الملفات ما جعل الجزائريين يمتنعون عن منح تأشيرات الدخول لصحفيين فرنسيين كانوا سيرافقون رئيس الوزراء الفرنسي في زيارته.


ويتهم الإعلام الرسمي الفرنسي، كما كثير من وسائل الإعلام التابعة لأطراف سياسية فرنسية هامة، بالانحياز إلى الرؤية المغربية في قضية الصحراء الغربية. بالمقابل فإن الجزائر تعترف بالجمهورية العربية الصحراوية شأنها شأن بعض البلدان الإفريقية، ويعتبر هذا الملف من أشد الملفات إساءة للعلاقات الجزائرية الفرنسية إلى جانب ملفات أخرى عالقة منها قضية الإعتذار عن سنوات الاستعمار والجرائم الفرنسية التي ارتكبت في الجزائر من فرنسا ضد الجزائريين.

تعديل دستوري

ويرى كثير من الخبراء والمحللين بأن الفرنسيين يحاولون من خلال تداول صورة الرئيس بوتفليقة إبراز أنه لم يعد قادرا صحيا على إدارة شؤون الدولة الجزائرية. وهي أيضا رسالة إلى الجزائريين مفادها أن إعادة ترشيحه في الانتخابات الأخيرة كان خطأ، رغم أن الرجل وهو يعاني من مشاكل صحية اتخذ قرارات لم يتخذها رؤساء سابقون كانوا في عنفوانهم الجسدي، ما يفسر الغضب الرسمي الجزائري.

تأزم جديد في العلاقات الجزائرية الفرنسية


والحقيقة أن المنطقة المغاربية تعانيمن اضطراب وعدم استقرار لم تعرفه من قبل وأي تغيير في الجزائر خلال الانتخابات الأخيرة لم يكن مضمون العواقب. وفي كل الأحوال سيغادر بوتفليقة سدة الحكم بعد انتهاء ولايته بعد أن أقدم على تعديل دستوري منذ أسابيع يجعل إعادة ترشيحه أمرا غير ممكن وبالتالي فإن إثارة كل هذه الضجة حول صحة الرئيس هي بلا معنى وليس لها من هدف إلا زعزعة استقرار بلد المليون شهيد.

حرية التعبير

ويتشدق الفرنسيون بحرية التعبير لتبرير الانفلات الإعلامي الذي يهدد أمن واستقرار البلدان، والتي من بينها الجزائر وتونس التي يتعمد الإعلام الرسمي الفرنسي تضخيم ما يتعلق بها من أخبار سيئة ويتم تجاهل ما يحصل من إنجازات بما في ذلك الانتصارات الرياضية. ويفاخر الفرنسيون بهذه الحريات لكنهم يتعاملون مع شعوب العالم بازدواجية في المعايير في هذا الإطار.


فقد سبق للسلطات الفرنسية أن تدخلت لمنع صحفيين كانوا سيصدرون كتابا فيه ما تم اعتباره "فضائح" تتعلق بالملك المغربي محمد السادس الذي يعتبر صديقا مقربا من فرنسا. والحقيقة أن هذين الصحفيَّين أصدرا كتابا تعرضا فيه للرئيس التونسي المطاح به زين العابدين بن علي وهو في سدة الحكم ولم يتم منعهما من إصدار الكتاب رغم احتجاج السلطات في ذلك الوقت بتعلة حرية التعبير.

2016-04-14