ارشيف من :آراء وتحليلات

كانت وما زالت أوهن من بيت العنكبوت

كانت وما زالت أوهن من بيت العنكبوت

 

رغم مضي نحو 16 عاما على المفهوم – الشعار، الذي أطلقه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، معلنا فيه أن إسرائيل "أوهن من بيت العنكبوت"، إلا أن مفاعيله وتداعياته ما زالت تتغلغل في وعي ووجدان القادة الإسرائيليين، فضلا عن مجمل الجمهور الإسرائيلي.

فقد كشفت العديد من المحطات السابقة واللاحقة بأن هذا الشعار حفر عميقا في الخطاب السياسي والاعلامي الإسرائيلي. واخرها ما صدر على لسان نتنياهو في ذكرى مرور عشر سنوات على حرب العام 2006. إذ بدلا من أن يعطي مشهد قوة لإسرائيل ولشخصه باعتباره زعيم يتمتع بالحزم، كشف نتنياهو نفسه عندما أقر أنه ما زال يحتاج إلى توجيه المزيد من الرسائل من اجل تبديد صورة "بيت العنكبوت" التي وسمت إسرائيل منذ تحرير العام 2000. والاهم من ذلك، أنه بات مضطرا للقبول بمعادلة هدوء مقابل هدوء، وهو عين ما يطمح اليه حزب الله في هذه المرحلة.


يؤشر مفهوم بيت العنكبوت إلى هشاشة البنية الاجتماعية الإسرائيلية، في مواجهة التحديات والتهديدات. من دون أن يقدح بذلك، بحقيقة كون إسرائيل كيان يملك قدرات عسكرية وتدميرية هائلة، وأرقى مستوى من التكنولوجية العسكرية.. هذا إلى جانب الخبرات القتالية الرائدة في هذا المجال. بل إن هذا المستوى من القدرات والخبرات هو الذي حال حتى الان، من ضمن أسباب أخرى، دون ترجمة هذا الضعف البنيوي إلى مفاعيل وتداعيات في أكثر من محطة من تاريخ إسرائيل. مع التأكيد على أن هذا الضعف لا ولن يترجم على ارض الواقع، ويعبر عن نفسه اداء وخيارات، إلا في حال واجه ارادة صلبة، تستند إلى الحكمة والحزم في ادارة المعركة.

كانت وما زالت أوهن من بيت العنكبوت

اوهن من بيت العنكبوت

رغم أن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، مليء بالشعارات والمواقف التي أطلقها العديد من القادة في مناسبات متعددة. لكن بدا أن مفهوم "بيت العنكبوت" كان له وقع ومفعول استثنائي في الواقع الإسرائيلي.. ويعود ذلك، إلى مجموعة من العوامل، منها أنه لم يكن تنظيراً مجرداً، ينتظر التنفيذ، بل اقترن بأداء عملاني أدى إلى انتصار تاريخي (عام 2000) غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

ايضا، مما يميز هذا المفهوم – الشعار، ويفسر استمرار حضوره في الخطاب السياسي الرسمي الإسرائيلي بعد مضي 16 عاما، أنه صادر عن قائد له حضوره وتأثيره في الوعي العام، حتى لدى أعدائه..

لكن ما منحه المزيد من الشحنات التي حافظت على تألقه هي المحطات التي توالت في لبنان وفلسطين، والتي استندت إلى هذا المفهوم في النظرة إلى العدو..

 

محطات كاشفة:

أبرز المحطات التي شهدتها إسرائيل وعكست الحضور القوي لهذا الشعار، في الوعي والوجدان العام في إسرائيل، انه تحول جزء اساسيا من الخطاب السياسي والاعلامي. وإلى مادة تحظى بالبحث والنقاش في العديد من المناسبات.

بعد ذلك، لم يتمالك قادة إسرائيل أنفسهم خلال حرب العام 2006، عندما كشفوا وبشكل رسمي، كم أن هذا المفهوم هز أسس الكيان الإسرائيلي. وبرز ذلك، في اطلاق اسم "خيوط الفولاذ" على عملية احتلال "بنت جبيل"، كرد على "خيوط العنكبوت". وكان ضمن الخطة التي انكشفت لاحقا أن الهدف كان أن يلقي رئيس الاركان دان حالوتس، خطاب "بيت الفولاذ" في نفس المكان الذي ألقى فيه سماحة الامين العام لحزب الله، خطاب بيت العنكبوت" لكن المحاولة باءت بالفشل، كما فشل الجيش في حربه كلها انذاك.

ايضا، في الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتحديدا في عدوانها الاخير "الجرف الصامد"، بدت القيادة الإسرائيلية مسكونة بهاجس مفهوم "بيت العنكبوت". وانكشف ذلك، ايضا، عندما اعتبر وزير الامن انذاك، موشيه يعلون أنه "بعد نتائج عملية الجرف الصامد، لن يلقي نصر الله خطاب بيت العنكبوت" مستندا في ذلك إلى ما اعتبره صمود الجبهة الداخلية في المعركة التي استمرت 51 يوما دون أن تضغط على القيادة السياسية للتنازل عن سقفها السياسي المعلن.

والامر نفسه تكرر على لسان نتنياهو في حينه وتحديدا لجهة ما اعتبره صمود الجبهة الداخلية الإسرائيلية.. (مقابلة مع صحيفة إسرائيل اليوم /23/9/2014)

وهكذا بدا بالدليل الملموس أن إسرائيل كانت تخوض معاركها وفي خلفية مواقفها وخياراتها العملانية، كيفية تبديد صورة "بيت العنكبوت" الأمر الذي يؤكد حجم خطورة هذا المفهوم، ومفاعيله على الواقع الإسرائيلي. ونتيجة ذلك، كرر نتنياهو المحاولة مرة اخرى بمناسبة الذكرى العاشرة لحرب لبنان الثانية.

موقف نتنياهو، دلالة وانكشاف

رغم أن نتنياهو تناول مفهوم بيت العنكبوت في سياق محاولة تعزيز صورة إسرائيل الردعية وعلى هذه الخلفية أعقبها بتوجيه رسائل يتعهد فيها بالرد بقبضة حديدية.. إلا أنه كشف بذلك، بأن هذه الصورة ما زالت تلاحق القادة الإسرائيليين وكل همهم كيف يمكن تبديدها واثبات عكسها.. وكل ذلك، بعد 16 عاما وبعد حروب قطاع غزة.. بل أثبت ايضا، بأن كافة المحاولات السابقة باءت بالفشل..

ولعل المفارقة الأكثر غرابة التي أظهرت فشل محاولة نتنياهو أنه اضطر ايضا إلى الحديث عن صمود الجبهة الداخلية خلال حرب العام 2006 مع العلم بان عدم تجرؤ القيادتين السياسية والعسكرية في حينه على تنفيذ عملية برية واسعة منذ بداية كان بسبب حساسية سقوط القتلى وخسائرها..اما اندفاع قوات العدو  اليها "مضطرة" فمن اجل تغيير صورة الحرب في اليومين الاخيرين.. فكانت مجزرة الدبابات في وادي الحجير..

 

2016-07-22