ارشيف من :آراء وتحليلات
باختصار: مفاجأة صاروخية

كتب محمد يونس
انشغل العالم وشغلته الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بقضية البرنامج النووي الإيراني إلى درجة أنه في أغلب الأوقات طغى على كل الملفات، فبات الشغل الشاغل صبح مساء، وفي نيتهم التأثير على طهران حتى تتراجع عن المضي قدما في اكتساب الخبرة والمعرفة التقنية لدورة الوقود النووي.
وكان كلما ظن هؤلاء أن خطتهم نجحت تفاجئهم إيران بالكشف عن تطور جديد في معرفتها وتقنياتها فتعيدهم إلى نقطة الصفر ليعاودوا الكرة من جديد، وكل ذلك حتى لا تصل الجمهورية الإسلامية إلى نقطة اصطلح على تسميتها بنقطة اللاعودة في مجال العلم النووي. الكرة الأخيرة ربما كانت الأكثر ضجيجا من الناحية الإعلامية إذ ترافقت مع تهديدات علنية باستخدام القوة العسكرية، وظُنَّ أن الأمور وصلت إلى خواتيمها، وأنه لم يبق أمام إيران سوى الرضوخ "للإرادة الدولية" كما يطيب لواشنطن وإسرائيل تسميتها.
ولكن وفجأة ومن دون مقدمات أو علم حتى من أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، أقله حسب الظاهر، أعلنت طهران عن نجاح تجربة أجرتها لإطلاق صاروخ قادر على حمل قمر صناعي إلى الفضاء الخارجي للأرض، ليتبين للجميع أن هذه الدولة المنتفضة قد سبقت الجميع بأشواط، فبينما هم ما يزالون يناقشون المراحل الأولى من برنامجها النووي وجدوا أنها انتهت من تصميم وإنتاج صاروخ بالستي بخبرات وقدرات وطنية ذاتية.
فما معنى ذلك، ولماذا عبر الجميع عن قلقهم من هذا التطور؟ إن تمكن إيران بإنتاج صاروخ يصل إلى الفضاء وتجربته بنجاح يعني أن هذه الدولة تعمل على تطوير قدراتها الذاتية بطريقة أفقية، أي على جميع الأصعدة، فلا تعتني بعامل وتهمل آخر، بينما كان التركيز الغربي على ملف واحد، ثانيا يعني هذا أنه أصبح بإمكان الجمهورية الإسلامية لو أرادت أن تنتج صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس حربية بأوزان ثقيلة بحجم قمر صناعي، ما يضاعف من مخاطر الاشتباك معها عند أي دولة حتى ولو كانت الرؤوس الحربية تقليدية وليست نووية، ثالثا هذا يعني أنه ليس لدى الغرب أي فكرة عن التطور العلمي الحاصل في إيران، وهو لا يعلم إلا ما تعلنه طهران عن حدود معرفتها.
ويبدو في المحصلة أن من يدير المعركة مع طهران لم يتعلم بعد أن هذه المعركة لا تشبه أيا من المعارك التي خاضها على مدى قرن من الزمن مع جهات لم تكن سوى أحجار شطرنج على رقعة خريطة العالم.
الانتقاد/ العدد 1293 ـ 26 آب/ أغسطس 2008
انشغل العالم وشغلته الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بقضية البرنامج النووي الإيراني إلى درجة أنه في أغلب الأوقات طغى على كل الملفات، فبات الشغل الشاغل صبح مساء، وفي نيتهم التأثير على طهران حتى تتراجع عن المضي قدما في اكتساب الخبرة والمعرفة التقنية لدورة الوقود النووي.
وكان كلما ظن هؤلاء أن خطتهم نجحت تفاجئهم إيران بالكشف عن تطور جديد في معرفتها وتقنياتها فتعيدهم إلى نقطة الصفر ليعاودوا الكرة من جديد، وكل ذلك حتى لا تصل الجمهورية الإسلامية إلى نقطة اصطلح على تسميتها بنقطة اللاعودة في مجال العلم النووي. الكرة الأخيرة ربما كانت الأكثر ضجيجا من الناحية الإعلامية إذ ترافقت مع تهديدات علنية باستخدام القوة العسكرية، وظُنَّ أن الأمور وصلت إلى خواتيمها، وأنه لم يبق أمام إيران سوى الرضوخ "للإرادة الدولية" كما يطيب لواشنطن وإسرائيل تسميتها.
ولكن وفجأة ومن دون مقدمات أو علم حتى من أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، أقله حسب الظاهر، أعلنت طهران عن نجاح تجربة أجرتها لإطلاق صاروخ قادر على حمل قمر صناعي إلى الفضاء الخارجي للأرض، ليتبين للجميع أن هذه الدولة المنتفضة قد سبقت الجميع بأشواط، فبينما هم ما يزالون يناقشون المراحل الأولى من برنامجها النووي وجدوا أنها انتهت من تصميم وإنتاج صاروخ بالستي بخبرات وقدرات وطنية ذاتية.
فما معنى ذلك، ولماذا عبر الجميع عن قلقهم من هذا التطور؟ إن تمكن إيران بإنتاج صاروخ يصل إلى الفضاء وتجربته بنجاح يعني أن هذه الدولة تعمل على تطوير قدراتها الذاتية بطريقة أفقية، أي على جميع الأصعدة، فلا تعتني بعامل وتهمل آخر، بينما كان التركيز الغربي على ملف واحد، ثانيا يعني هذا أنه أصبح بإمكان الجمهورية الإسلامية لو أرادت أن تنتج صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس حربية بأوزان ثقيلة بحجم قمر صناعي، ما يضاعف من مخاطر الاشتباك معها عند أي دولة حتى ولو كانت الرؤوس الحربية تقليدية وليست نووية، ثالثا هذا يعني أنه ليس لدى الغرب أي فكرة عن التطور العلمي الحاصل في إيران، وهو لا يعلم إلا ما تعلنه طهران عن حدود معرفتها.
ويبدو في المحصلة أن من يدير المعركة مع طهران لم يتعلم بعد أن هذه المعركة لا تشبه أيا من المعارك التي خاضها على مدى قرن من الزمن مع جهات لم تكن سوى أحجار شطرنج على رقعة خريطة العالم.
الانتقاد/ العدد 1293 ـ 26 آب/ أغسطس 2008