ارشيف من :أخبار عالمية

نيجيريا: أحداث دامية بين السلطات الامنية وحركة "بوكو حرام"

نيجيريا: أحداث دامية بين السلطات الامنية وحركة "بوكو حرام"

تقرير : ليلى سرعيني

لم تشهد الساحة في جمهورية نيحيريا هدوءا فعليا منذ عقود طويلة، وهي لم تخلُ من التوتر، وهجمات الحركات المسلحة في منطقة دلتا النيجر المنتجة للنفط .
غير ان الاحداث اخذت منحى آخر في نيجيريا الاسبوع الماضي جراء الصراع الجديد، والذي يحمل طابعا دينيا، بين قوات الشرطة النيجيرية، وبين الحركة الاسلامية النيجيرية "بوكو حرام" ، التي تأسست ، عام 2002 و لم تظهر الى العلن الا عام 2004 ، وهي تعمل على محاربة نشر التعليم الغربي في نيجيريا، وتعتقد أن الحكومة النيجيرية فاسدة. ويطلق تسميات مختلفة على الحركة، بأسماء مثل طالبان نيجيريا أو جماعة الهجرة أو أهل السنة والجماعة، ويتماثل فكر هذه الحركة الى حد ما، مع فكر حركة "طالبان" الافغانية.

وقد كان اسبوع واحد من المواجهات بين السلطة النيجيرية والحركة المشار اليها ، كفيلا بمقتل ما لا يقل عن 600 نيجيري، ونزوح أكثر من 4000، هربوا الى المدن المجاورة، بعدما دارت الاحداث الدامية بين الطرفين.


وكانت الاشتباكات قد بدأت في ساعة مبكرة من يوم الأحد الماضي، عندما هاجم عناصر من حركة "بوكو حرام" مركزا للشرطة ردا على اعتقال قادة الحركة. وأعلن مصدر أمني أن الشرطة أحبطت هجوم العناصر المسلحة ، وقال محمد بارو، المتحدث باسم شرطة مدينة بوشي، حيث وقعت المعارك، إن 39 شخصا قتلوا، بينهم جندي، فيما جرح شرطيان و16 العناصر المسلحة. وأكد بارو توقيف 176 شخصا.


بموازاة ذلك ، أفاد صحافيون محليون أن الشرطة والجيش شنا هجوما على مسجد للحركة في مدينة داتسين تنشين، وعلى أحد معاقلهم.

من جهتها ، شددت السلطات النيجيرية اجراءات الامن شمالي البلاد، واقام الجنود نقاط تفتيش وفرضوا حظر تجوال في المناطق التي شهدت احداث العنف في اقاليم يوبي وكانو وبورنو وبلاتاو.


وفي رد فعل مباشر على أعمال العنف هذه، فرض حاكم ولاية بوشي عيسى يوغودا نظام حظر التجول في المدينة، مشيرا في مؤتمر صحافي الى إن هذا التدبير سيبقى قائما "طالما لزم الأمر لإرساء سلام دائم في هذه المدينة".

بدورهم ، اشار مراقبون محليون في نيجريا الى إن الهجوم الذي نفذته الشرطة ، جرى الاعداد له منذ شهور.

الى ذلك ، توعد الرئيس النيجيري عمر موسى يارادوا بـ "سحق" الجماعة، لكنه اعترف بأن السلطات الامنية هي التي بدأت الهجوم، مشيرا الى أن "هذا ليس صراعا دينيا، والحركة ليست من بادر بمهاجمة قوات الأمن، بل يتعلق الأمر بعملية جاءت بناء على معلومات أمنية جمعناها عن نواياهم، لنشن هجوم كبير". كما وأعلنت السلطات المحلية ان الدعم الذي استطاعت الحركة الحصول عليه قد فاجأ السلطات.


في هذا الوقت ، تضاربت الانباء حول كيفية مقتل زعيم الحركة ، "الاستاذ" محمد يوسف ، فقد ذكر مسؤول في الشرطة ان يوسف قُتل في تبادل لإطلاق النار اندلع خلال محاولة اعتقاله، فيما أشار قائد عسكري نيجيري ، إلى أن يوسف كان أعزلا حينما اعتقل، وأنه سلم نفسه طواعية. اما مسؤولون نيجيريون آخرون قد قالوا إن يوسف البالغ من العمر 39 عاما قد قتل رميا بالرصاص عند محاولته الهرب. وكانت الشرطة قد اعلنت نبأ اعتقاله، ثم عادت وأعلنت عن مقتله بالرصاص خلال احتجازه لدى الشرطة، فيما أعربت وزيرة الاعلام دورا اكونييلي عن ارتياحها لمقتل يوسف، مشيرة الى ان مقتل يوسف "شيء ايجابي لنيجيريا".

من جانب آخر فقد أخذت احداث نيجيريا حيزا كبيرا من الاهتمام الدولي، حيث دان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون موجة العنف ودعا الحكومة النيجيرية والدوائر الأمنية والقانونية ووجهاء الدين إلى معالجة أسباب الصراعات الدينية المتكررة في بلادهم.


ومن جهتها دانت منظمة العفو الدولية يوم امس قيام القوى الامنية في نيجيريا باعمال "قتل غير قانونية" خلال اعمال العنف التي اوقعت مئات القتلى في شمال البلاد بينهم مقاتلون. وطالبت المنظمة في بيان لها "بان يحال كل المسؤولين عن عمليات القتل غير القانونية الى العدالة بمن فيهم المسؤولون الذين يأمرون مرؤوسيهم بالقتل غير القانوني او يتهاونون مع مرتكبيه منهم".
ودعت المنظمة الحقوقية ومركزها لندن الى اجراء تحقيق حول مقتل الزعيم الروحي لمجموعة "طالبان" محمد يوسف. وحثت المنظمة المفتش العام للشرطة على طلب علني لاجراءات قضائية ضد المتسببين بهذه الاعمال.

وعلى الرغم من النفي الرسمي للحكومة النيجيرية ، فان منظمة العفو الدولية اكدت ان "الشرطة النيجيرية اعدمت موقوفين للاشتباه بمشاركتهم في الهجمات المسلحة وكذلك اشخاصا رفضوا دفع رشاوى اوقفوا على حواجز في الطرقات. وجاء في بيان المنظمة تعليقا على اعمال العنف في دلتا النيجر جنوب البلاد "ان استخدام القوة المفرطة امر يكرره العسكريون الذي يتدخلون في اعمال العنف ويؤدي عادة الى وقوع اعداد كبيرة من القتلى". واكدت المنظمة كذلك انها اتصلت بأسر الموقوفين وانها "تخشى ان يكون المفقودون قد أعدموا".


ومن جهتها ، دعت منظمة الدفاع عن حقوق الانسان هيومن رايتس ووتش يوم امس ايضا، نيجيريا الى التحقيق في مقتل زعيم حركة "طالبان" النيجيرية محمد يوسف. ودعا اريك غوتسشوس الباحث في هيومن رايتس ووتش " السلطات النيجيرية الى اتخاذ مبادرات فورية والتحقيق والقيام بملاحقة المسؤولين عن هذه الجريمة التعسفية وغيرها من التي ارتكبت خلال المواجهات العنيفة هذا الاسبوع". وتابع غوتسشوس قائلا ان "عدم محاسبة عناصر الامن على تجاوزاتهم شجعهم على ارتكاب جرائم خطيرة دون ان يخشوا ملاحقة القضاء". واكد غوتسشوس ان "مقتل يوسف يدل على احتقار تام للقانون وحقوق الانسان الاساسية. ونددت منظمة نيجيرية للدفاع عن حقوق الانسان الجمعة بـ "اعدام يوسف دون محاكمة".

2009-08-01