ارشيف من :أخبار عالمية
التطبيع مقابل تجميد الاستيطان
أوباما طالب الرؤساء العرب بضرورة اتخاذ إجراءات لـ "بناء الثقة" وبدء تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" مقابل التزامها بتطبيق اتفاق خارطة الطريق
بعد أن كانت المعادلة "السلام مقابل الأرض" هي الحاكمة، بدأ الضغط الاميركي على العرب تحت عنوان"السلام مقابل تجميد الاستيطان"، على أن تكون الخطوة الأولى تجميد بناء بعض المساكن في بعض المستوطنات، مقابل تطبيع عربي شامل مع الكيان الصهيوني.
ووفقا للمعطيات الجديدة المتداولة، فإن البيت الأبيض يتجه نحو تخفيف لهجته إزاء الاستيطان، حيث يتردد في أروقة "الكنيست" الصهيوني أن صفقة قريبة تتبلور بين “"إسرائيل" وواشنطن يكون فيها تجميد الاستيطان وديعة في جيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما يستثمرها للحصول على تطبيع عربي.
بموازاة ذلك ، بدأت حملة غير مسبوقة مع بداية عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومورست ضغوط على الدول العربية من أجل دفعها إلى التطبيع مع "إسرائيل"، حيث قام الرئيس أوباما مؤخرا بإرسال خطابات بخط يده إلى زعماء 7 دول عربية، كان على رأس هذه الدول مصر، والسعودية، والأردن، والبحرين، والإمارات، حيث طالب أوباما الرؤساء العرب بضرورة اتخاذ إجراءات فى المرحلة المقبلة لـ "بناء الثقة" وبدء تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، وذلك مقابل مطالبة الحكومة الصهيونية بالالتزام بتطبيق اتفاق خارطة الطريق الموقع بين الفلسطينيين و"إسرائيل" عام 2003 ، بجانب الضغط عليها لوقف بناء المستوطنات اليهودية على الأراضى الفلسطينية، وتفكيك البؤر الاستيطانية فى الضفة الغربية والقدس.
وترمي الخطة الأمريكية لتطبيع العلاقات بين الدول العربية و"إسرائيل" إلى بدء فتح العلاقات بين الجانبين على مراحل متتالية، تبدأ أولاً بالخطوات الرمزية مثل المصافحة بين قادة "إسرائيل" وقادة الدول العربية إذا التقوا فى أي مؤتمر أو محفل دولي، بالإضافة إلى حث الدول العربية على فتح مكاتب تجارية إسرائيلية داخل أراضيها، والسماح للطائرات التجارية الإسرائيلية بالمرور عبر المجال الجوى للدول العربية، هذا بجانب تطبيع العلاقات فى مجال السياحة بين "إسرائيل" والدول العربية، ليتمكن الإسرائيليون والعرب من تبادل الزيارات، والسياحة.
وقد أصبحت الجهود الأمريكية في المدة الأخيرة منصبة على التطبيع العربي مع "إسرائيل "، وهو الهدف الذي تعمل من أجله وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل، وأعضاء في الكونغرس الأمريكي .
فمن جهتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون كررت مرارا وتكرارا الدعوة التي وجهتها الى الدول العربية الشهر الماضي الى اتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات مع "اسرائيل" ، فقالت "طلبنا ايضا من الدول العربية بما فيها اصدقاؤنا في السعودية، العمل على اتخاذ مزيد من الخطوات على طريق تطبيع العلاقات مع "اسرائيل" ودعم السلطة الفلسطينية واعداد شعوبها لسلام محتمل بين "اسرائيل" والفلسطينيين".
وجاء تصريح كلينتون بعيد دعوة وجهها اكثر من مئتي برلماني اميركي الى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز امس الجمعة الى "القيام بخطوة كبيرة" حيال الاعتراف بشرعية "اسرائيل".
كما بدأ، في إطار الحملة نفسها، إثنان من مجلس الشيوخ، وهما الديمقراطي 'إيفان لتيه' والجمهوري 'جيمس ريش'، بجمع توقيعات أعضاء المجلس على خطاب، لمطالبة الرئيس باراك أوباما "بالضغط على الدول العربية لتقديم مبادرات تقارب مع تل أبيب، تهدف إلى إنهاء المقاطعة مع إسرائيل".
واشار هؤلاء النواب وعلى رأسهم الديموقراطي "براد شرمان" والجمهوري" اد رويس "الى ما وصفوه بالزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس المصري انور السادات الى القدس في 1977 واقامة علاقات مباشرة بين الاردن و"اسرائيل" في عهد الملك الراحل حسين.
وبعد دعوة كلينتون تبعه بعد أيام تصريح لولي العهد البحريني بأن العرب لم يفعلوا ما فيه الكفاية للتطبيع الإعلامي مع اليهود، لإقناعهم بقضيتهم، وهو ما يدخل في إطار الحملة الإسرائيلية الأمريكية من أجل دفع العرب إلى تطبيع علاقاتهم مع "إسرائيل" مقابل بعض الوعود، ومنها تجميد الإستيطان لفترة محدّدة كما يرى نتنياهو .
وفي السياق نفسه، وعلى صعيد تحرك السياسة الخارجية الاميركية ، انتقل المبعوث الأميركي جورج ميتشل لتنفيذ مخطط التطبيع، من القاهرة الى فلسطين، ثم الإمارات العربية المتحدة والبحرين ، وقال بعد إجرائه مباحثات مع مجموعة من القادة العرب إنه سيشجع الزعماء العرب على اتخاذ خطوات حقيقية من أجل التطبيع'، وأضاف إنه 'يجب على دول المنطقة أن تقوم بخطوات مهمة وإيجابية' في هذا الإتجاه.
أما على صعيد الرد العربي ، فإن أهم ردّ عربي على تصريحات جورج ميتشل، جاء على لسان السيد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، في تصريح للصحافيين، 'برفضه تطبيع العلاقات الدبلوماسية العربية مع إسرائيل قبل قيامها بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية'. وأردف أنه ' لا مجال لمناقشة أي خطوات في ظل استمرار إسرائيل في الاستيطان.'
إلا أن ما يلفت الإنتباه في هذه التصريحات، هو أن الأمين العام للجامعة العربية يشترط توقيف الإستيطان قبل تطبيع العرب مع إسرائيل. وهو تنازل كبير، يضعه في تناقض صارخ مع مقررات المبادرة العربية للسلام سنة 2002، والتي تنص على أن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين العرب وإسرائيل، يكون مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حزيران/يونيو عام 1967. أي أن المبادرة لم تتكلم عن توقيف الإستيطان للتطبيع، وهي مغالطة كبيرة من الأمين العام للجامعة العربية.
من ناحيتها رفضت السعودية على لسان وزير الخارجية السعودية الامير سعود الفيصل الذي كان يتحدث الى جانب وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون دبلوماسية "الخطوة خطوة"، مؤكدا ضرورة معالجة القضايا الاساسية مثل الدولة الفلسطينية واللاجئين ورفض دعوات ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى اتخاذ مبادرات عربية فورية لتطبيع العلاقات مع اسرائيل، مطالباً "اسرائيل" بالبرهنة على جديتها حيال "السلام". واعلن الفيصل ان المبادرة العربية للتسوية مطروحة مقابل التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي .
واضاف الفيصل ان وقف النشاط الاستيطاني سيهيئ الظروف للمفاوضات، مشددا على اهمية الدور الاميركي في التوصل الى تسوية بالمنطقة.
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خلال المؤتمر الصحافي مع نظيرها السعودي، ان ادارة الرئيس باراك اوباما تتطلع الى جلوس كافة الاطراف على طاولة المفاوضات بدعم اميركي وبقيادة دول اخرى كالسعودية.
واوضحت كلينتون ان الجهود الاميركية تستهدف تحقيق تسوية شاملة بين الكيان الاسرائيلي وكل الدول العربية، مضيفة انه يجب بحث كل القضايا العالقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين في اطار اي مفاوضات للتسوية، كما جددت تاكيد واشنطن التمسك بحل الدولتين.
في المقابل ، كشفت بعض المصادر المطلعة ، عن «بداية توتر» في علاقات إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما مع عواصم عديدة، بينها القاهرة والرياض، على خلفية محاولات أوباما إقناع العرب بالتطبيع الفوري مع إسرائيل. ولمّحت المصادر إلى أن «رسائل غير معلنة متبادلة بين القاهرة والرياض، خلصت إلى أن المساعي الأميركية، لا تصب إلا في خانة المصالح الإسرائيلية، وأن من شأنها تهديد استقرار الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية».
وفي السياق ذاته ، قال مسؤول مصري، إن "الأميركيين يريدون تطبيعاً فورياً، قد يضع العديد من الحكام العرب على خط النار وفي مواجهة مباشرة مع شعوبهم، ولن يؤدّي إلى الاستقرار مطلقاً". وأضاف "نحاول إقناع إدارة أوباما بأن التطبيع الفوري مرفوض شعبياً، وإذا استمرت الضغوط على هذا النحو فلن يستفيد سوى المتطرفين الإسلاميين في المنطقة".
الجدير بالذكر أن جورج ميتشيل المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط عرض على الرئيس مبارك خلال اجتماعهما منذ يومين فى القاهرة، مبادرة سلام أمريكية تهدف إلى تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والدول العربية، على أن تطبيق المبادرة عن طريق التوصل إلى تسوية سياسية الجانبين بعد استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل والعرب على عدة مسارات، بحيث يتم التفاوض بين "إسرائيل" والفلسطينيين من جانب وبين "إسرائيل" وسوريا وبين "إسرائيل" ولبنان من جانب آخر.
وفي السياق، أكد الأمين العام للحزب الحاكم في مصر، صفوت الشريف، أن الرئيس المصري حسني مبارك، «رفض إقامة أي قواعد عسكرية على أرض مصر مهما كانت الأسباب، مشيراً إلى أن "مصر تمتلك جيشاً قوياً قادراً على الدفاع عن أراضيها ضد أي اعتداءات .
تقرير : محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018