ارشيف من :آراء وتحليلات

2016، عام الانعطافة الكبرى نحو النصر

2016، عام الانعطافة الكبرى نحو النصر


تحرير حلب وسقوط هيلاري كلينتون وافتضاح الإرهاب بوصفه من صنع قوى الهيمنة الصهيو-أميركية، كل ذلك شكل انعطافة كبرى نحو النصر. إقليمياً ودولياً.  
كغيره من الأعوام السابقة، وخصوصاً منذ الهجمات على نيويورك وواشنطن، عام 2001، والإعلان الفوري عن الحرب الأميركية العالمية على الإرهاب، كان العام 2016 مسرحاً لهذا النوع الجديد من الحروب التي تأخذ اسم "مكافحة الإرهاب"- والتي يشنها المحور الصهيو-أميركي وامتداداته الإقليمية على شعوب العالم وفي طليعتها شعوبنا العربية والإسلامية.
 فالحقيقة أن الأدلة قد تراكمت بقوة على أن "مكافحة الإرهاب" ما هي غير أكذوبة كغيرها من أكاذيب المحور المذكور، وأن  الجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا والعراق وغيرهما من البلدان العربية والإسلامية هي فرق عسكرية صهيو-ناتوية تدعي لنفسها إسلاماً يرتدي ثياباً أصولية وسلفية بينما يستخدم أسلحة وأعتدة حديثة يزوده بها أولئك الذين تطلق عليهم تلك الجماعات اسم الكفرة الملاعين.

ولعل الميزة الأساسة لهذا النوع من الحرب أنها لا تحترم الترسيمات السائدة حول التحالفات التي تقيمها القوى المتصارعة على مسرح الأحداث. ففي حين يقوم شبه إجماع عالمي على وجود معسكرين أحدهما للهيمنة (للديموقراطية والحرية، بنظر أصحابه)، والآخر معسكر المقاومة والتحرر، نلاحظ أن الولايات المتحدة لا تتعامل في الغالب مع حلفائها أو صنائعها وفق القواعد التي ينبغي أن تحكم العلاقة مع الحلفاء.

2016، عام الانعطافة الكبرى نحو النصر

اميركا والارهاب : تخادم متبادل

صحيح أن الإرهاب، هذا الشكل الجديد الذي تأخذه حروب الهيمنة يوجه ضربات قوية إلى معسكر الخصوم المتمثل بقوى المقاومة والتحرر، كما في حالة سوريا والعراق. لكنه يشن حرباً استباقية على الحلفاء أو الصنائع، منعاً لإمكانية امتلاكهم القوة التي قد تدفع بهم نحو السعي الاستقلالي، وضماناً للقدرة على ابتلاعهم بشكل كامل في إطار السعي الإمبريالي إلى إقامة الإمبراطورية العالمية التي توصف بشكل غير دقيق بأنها أميركية بينما هي غنية إلى حد بعيد بعناصر صهيونية.
وفي هذا الإطار نفهم التفجيرات والهجمات الإرهابية التي شهدها العام 2016 في بلدان محايدة أو حليفة أو تابعة بحدود معينة للولايات المتحدة.

من هذه التفجيرات والهجمات ما تكرر في بلدان كباكستان وإندونيسيا ومصر، واستهدف مراكز دينية على وجه الخصوص. والواضح أنها على صلة بالشحن الطائفي والمذهبي كسلاح تدميري فائق الفعالية في خدمة مشروع الهيمنة.
ومنها تلك التي أوقعت مئات القتلى والجرحى في فرنسا، العاصمة باريس وضواحيها، وفي مدينة نيس السياحية. وكذلك في بروكسيل (عاصمة حلف الناتو)، ومؤخراً في برلين.
ومنها، وربما أكثرها لفتاً للانتباه تلك التي، بشكل يومي، تضرب في تركيا وعاصمتيها الاقتصادية والسياسية، اسطنبول وأنقرة، وتخلق أجواءً من التوتر بالغة الخطورة في بلد كتركيا مرشح، بفعل سياسات إردوغان المقيتة، لأن يكون مسرحاً لحرب أهلية أدهى بكثير من الحرب في سوريا وعليها. وسواء كانت هذه الأعمال الإرهابية من صنع داعش أو الأكراد أو حتى، كما في حالة الانقلاب الفاشل، من صنع النظام نفسه لتحقيق أهداف سياسية قذرة، فإن أصابع واشنطن والناتو غير بعيدة عنها لسبب بسيط هو كونها حليفة جميع هذه الأطراف أو الوصية عليها.
أما لماذا هذا الاستهداف المؤلم لتركيا، فإن الجواب الأكيد هو موقعها الاستراتيجي وتاريخها كسد تمكن طيلة قرون من وقف التمدد الغربي وحتى من دحره وصولاً إلى أعماق أوروبا. كما أن تركيا العثمانية تمكنت رغم مساوئها وتجاوزاتها من توحيد قسم كبير من بلاد الإسلام، الأمر الذي كان ومازال يثير القلق عند الغرب الإمبريالي.
والأكيد أن مصلحة تركيا والشعب التركي وقدرتها على مواجهة أوضاعها الصعبة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال انسجام سياستها مع الوجهة العامة للحراك التحرري في المنطقة، وعبر توثيق علاقتها، بدلاً من الناتو الكيان الصهيوني، مع سوريا وإيران وروسيا...
الحروب التي يشنها معسكر الهيمنة على حلفائه تحت اسم الإرهاب هي تعبير ناصع عن دخول الإرهاب في مأزق لا مجال للخروج منه. والأكيد أن تحرير حلب قد شكل خطوة كبرى على طريق انتصار قضية المقاومة والتحرر في المنطقة والعالم. خصوصاً وأنه جاء متزامناً مع السقوط المدوي لرمز كبير من رموز العدوان على سوريا : هيلاري كلينتون.
وخصوصاً وأن الجمهوري دونالد ترامب يبدو محلقاً خارج سرب الجمهوريين وقريباً من فكرة تفاهم مع الروس يسمح لواشنطن بالخروج من منطقة الشرق الأوسط بشيء من ماء الوجه.             

 

2016-12-23