ارشيف من :أخبار لبنانية

الصُّحف الأجنبية: العدائية بين واشنطن وموسكو ستحرم أميركا من ’شريك قيّم’ في الشرق الأوسط

الصُّحف الأجنبية: العدائية بين واشنطن وموسكو ستحرم أميركا من ’شريك قيّم’ في الشرق الأوسط

علي رزق

أكد دبلوماسي أميركي سابق أن ثمة مصلحة مشتركة روسية - أميركية لتحسين العلاقات الثنائية، وقد يتمكن الرئيس الجديد دونالد ترامب من تعزيزها. وفي السياق، رأت مجموعة "صوفان"  - المعروفة في مجال الأمن والاستخبارات - أنه من شأن إيديولوجية إدارة ترامب العالمية المشككة في السياسة الخارجية لواشنطن على مدى عقود، أن تُحدث تغييرات إيديولوجية كبرى في هذه السياسة.

* تطوير العلاقة الأميركية - الروسية في ظل إدارة ترامب

رأى الدبلوماسي الأميركي السابق زلماي خليل زاد، في مقالة نشرها موقع "National Interest"، أن لدى الولايات المتحدة وروسيا مصالح مشتركة في ملفات أمنية مختلفة، وأن التعاون بين البلدين ازاء التحديات العالمية الراهنة سيكون أمرًا مُرحبا به في واشنطن.

وفيما أشار خليل إلى أن الانخراط مع روسيا، يحمل في طياته مخاطر الفشل وازدياد ما وصفه بـ"العدائية الروسية" تجاه واشنطن، لفت إلى أنه يمكن إدارة هذه المخاطر، وتعزيز فرص نجاح التعاون الثنائي في حالتين؛ الأولى "انخراط ترامب مع روسيا من موقع قوة"، وتشمل الثنائية التعاون في مجالات ثلاثة هي - وفق توصيف الكاتب - ما يسمى بـ "الإرهاب الإسلامي"، والعلاقة مع أوروبا، والتسلُّح، حسب تعبيره.  

وأوضح الكاتب أن التعاطي مع روسيا من موقع قوة، يستلزم الانخراط معها بشكل تسلسلي، حيث على ترامب أولاً الاجتماع بقادة حلفاء أميركا الأوروبيين، ممن انتابهم القلق من تصريحاته حول "حلف الناتو" والاتحاد الأوروبي وروسيا.

ولفت الكاتب الى ضرورة بدء إدارة ترامب بتنفيذ برنامجها لجهة تطوير القدرات الدفاعية الأميركية، الهادفة إلى مواجهة المخاطر في مجال الأسلحة التقليدية، والحرب الإلكترونية، والحقل النووي، وذلك تزامنًا مع الانخراط مع روسيا، مشيراً الى أنه "سيكون على ترامب أخذ تنازلات من الرئيس الروسي فلادمير بوتين لطمأنة الكونغرس، في ظل وجود مشاعر معادية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تجاه بوتين. خاصة في ظل عزم الكونغرس على تمرير قرار جديد ينص على العقوبات على روسيا"، بحسب الكاتب.

الصُّحف الأجنبية: العدائية بين واشنطن وموسكو ستحرم أميركا من ’شريك قيّم’ في الشرق الأوسط

الرئيسَين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب

وأضاف الكاتب إن "خطة الحملة المشتركة بين روسيا وأميركا للقضاء على "داعش" في سوريا ستكون "بداية قوية"، وقد تؤدي إلى اتفاق على الخطوات المستقبلية في سوريا، وصولاً إلى إنجاز اتفاق مشترك في سوريا، بحيث تستمر الدولة السورية في حكمها للمناطق التي تسيطر عليها حاليًا"، بينما تنشأ "وحدات ذات طابع كونفدرالي"، حسب ما أسماها الكاتب، في المناطق التي تمسك بها "قوى المعارضة"، على حد تعبير خليل.

وأشار الكاتب الى أنه يمكن لواشنطن مساعدة "أوكرانيا وروسيا على التوصل الى اتفاق يحترم مصالح روسية الشرعية، وكذلك استقلال اوكرانيا"، معتبراً أن "أوكرانيا قد تصبح مثل السويد، بحيث تبقى محايدة، وتبني علاقات متينة مع حلف الناتو في الوقت نفسه".

كما رأى الكاتب، أنَّ الحد من التسلح قد يكون موضع اتفاق روسي - أميركي، زاعمًا أن موسكو وواشنطن تتشاركان مصلحة مشتركة في الحد من تسلح كل من إيران، وكوريا الشمالية، وحتى الصين.

ولفت الكاتب إلى رغبة ترامب "بتقليص عدد الأسلحة النووية لدى الولايات المتحدة وروسيا"، منبهاً إلى أن "روسيا وتحت أي سيناريو ستعبِّر عن مخاوفها حيال أنظمة الدفاع الصاروخية الأميركية، إذ تعتبر أن من شأن هذه الأنظمة تقليص الردع الاستراتيجي النووي لديها، وعليه فإنه يتوجب على واشنطن البحث عما إذا كانت هناك وسائل لتهدئة المخاوف الروسية، دون المساس بقدرة الدفاع الأميركية ضد "الصواريخ الإيرانية""، وفق تعبيره.

وفيما رأى الكاتب مصلحة لدى الطرفين الروسي والأميركي في إنجاح العلاقات الثنائية، قال أن روسيا بحاجة إلى علاقة أفضل مع الغرب لتحسين اقتصادها، وأن العلاقات العدائية مع روسيا تحرم الولايات المتحدة من "شريك قيّم" في الشرق الأوسط وفي الحرب على الإرهاب، برأي الكاتب.

ولفت الكاتب الى أن "ترامب -على عكس أوباما وبوش الابن- لا يريد الترويج للتغيير داخل روسيا، ولا يحبذ التوسع الفوري لحلف الناتو. وهذان التعديلان، قد يؤديان إلى تعاطٍ إيجابي أكثر من قبل بوتين"، وفق قول خليل.

* كيف ستساهم إيديولوجية ترامب في صنع سياسة واشنطن الخارجية؟

سلطت مجموعة "صوفان" للاستشارات الأمنية والاستخباراتية الضوء في تقريرها اليومي، على توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مرسوم يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادئ"، وهي اتفاقية تجارية تشمل اثني عشر بلدًا. وأوضحت المجموعة بأن هذا الفعل أظهر بوضوح رفض الإدارة الأميركية الجديدة للتعددية، أو "الاتفاقات المتعددة الأطراف".

ولفتت المجموعة الى أن "الإدارة الأميركية تتجه نحو الاتفاقيات الثنائية في مجالات التجارة ومكافحة الإرهاب، مع التركيز على ضمان أفضل نتيجة للولايات المتحدة"، مشيرة في الوقت عينه إلى "الغموض في مقاربة الاتفاقيات الثنائية في عالم اتجه منذ زمن إلى التعددية والعولمة".

وفيما يتعلق باتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، أوضحت المجموعة أنها تشكل المكون الجيوسياسي، إضافة إلى العسكري والسياسي، في الاستدارة الأميركية نحو آسيا. مشيرة الى أن الاتفاقية أعدت لتعكس حقيقة أن "مركز النشاط الاقتصادي العالمي يتجه نحو القارة الآسيوية"، وبأن الهدف منها كان تعزيز موقع أميركا الجيوسياسي في المنطقة، وتمتين العلاقات بين حلفائها الذين يسعون إلى مواكبة صعود الصين. بالتالي رأت المجموعة أن إنهاء الدور الأميركي باتفاقية الشراكة يطرح شكوكا حول مدى امكانية استمرار "الغلبة" الأميركية الجيواقتصادية في آسيا.

وكانت مجموعة "صوفان" قد نشرت تقريرًا آخر استبعدت فيه أن يكون نفوذ الولايات المتحدة العامل الاساس في تسوية النزاع في سوريا، لافتة الى أن أهم عاملين في أي حرب هما الواقع السياسي وواقع الميدان، وهما يصبان حاليًا في مصلحة الرئيس السُّوري بشار الأسد وحليفيه روسيا وإيران.

وفي السياق، رجحت المجموعة تبني إدارة ترامب مقاربةً للملف السوري من وجهة النظر الروسية، حيث يرى ترامب- بحسب التقرير- أن النزاع في سوريا هو حرب بين الحضارة والإرهاب، وهو موقف ينسجم مع الخطاب الروسي وخطاب الرئيس الأسد، ما سيشكل تحولاً نوعيًا في السياسة الأميركية.

2017-01-25