ارشيف من :أخبار لبنانية
الفراغ أو الانتخابات!

ركزت الصحف اللبنانية اليوم في افتتاحيتها على ملف الانتخابات النيابية بعد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون حول تبنيه الفراغ اذا ما خير بينه وبين قانون "الستين" فيما توالت ردود الافعال والتحركات السياسية بعد كلام الرئيس.
بانوراما الصحف اللبنانية
الاخبار
عون يلوّح بالفراغ… وكل المشاريع تؤدي إلى «الستين»
الوطني الحر: الرئيس يملك صلاحية تعطيل الانتخابات ومنع المجلس من التمـديد لنفسه
صحيفة الاخبار كتبت في افتتاحيتها انه "لم يعد الامر تكهناً ولا تسريباً. رئيس الجمهورية اعلن امتلاكه مفاتيح تعطيل إجراء الانتخابات وفق «الستين»، وسلطة منع التمديد للمجلس النيابي، ونيته استخدام هذه المفاتيح والسلطات. لكن ذلك لم يدفع القوى السياسية بعد إلى التوافق على مشروع قانون انتخابي قابل للتطبيق، ولا على قانون يؤمّن فعلاً عدالة التمثيل، خارج الحسابات الطائفية والمذهبية. الخلاصة، مزيد من «الستين» شكلاً ومضموناً".
وتابعن الصحيفة، حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمره، ووجّه رسالة شديدة الوضوح إلى الجميع. من كانوا يشككون بموقفه، ويعتبرونه تهويلياً، تيقنوا من جديته. ففي جلسة مجلس الوزراء أمس، رفض عون طلب وزير الداخلية بحث تمويل العملية الانتخابية وتعيين هيئة الإشراف على الانتخابات. وهذان شرطان إلزاميان لإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، أي قانون «الستين». عون سبق أن وجّه رسائله إلى الجميع، قبل أن يُعلنها أمس بلا لبس: «لن أقبل بمخالفة قسَمي، ولا بإجراء الانتخابات وفق الستين. الفراغ أهون من ذلك، وأهون من التمديد».
مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر أكّدت لـ «الأخبار» أن لدى رئيس الجمهورية «كل الإمكانات القانونية والدستورية للمضي في موقفه، لأن في يده مفاتيح كل من التمديد للمجلس النيابي أو إجراء الانتخابات وفق قانون الستين». وأوضحت أن الذهاب إلى انتخابات وفق القانون النافذ «بحاجة إلى مرسوم عادي لا يمكن في أي شكل من الأشكال أن يمرّ من دون توقيع الرئيس، ولا توجد أي وسيلة دستورية أو قانونية لتخطي هذا التوقيع». أما في ما يتعلّق بالتمديد، «ففي إمكان الرئيس، دستورياً، وقف جلسات مجلس النواب لمدة عقد كامل، بما يتخطى مهلة نهاية ولاية المجلس». وشدّدت المصادر على أن أحداً لا يتمنى الفراغ، وأن «وجود هذه المفاتيح في يد رئيس الجمهورية يفترض أن يدفع كل الأطراف إلى العمل على التوصل إلى قانون انتخابي جديد».
وفيما حاول المشنوق، في جلسة الحكومة، تذكير رئيس الجمهورية بالالتزام الدستوري، وبـ»مصداقية لبنان الدولية»، وبأن «العالم يراقبنا»، ردّ الوزير جبران باسيل بالقول: «الموضوع الدولي عليّ. أتولاه في الخارجية». وعندما قال له المشنوق: «اعتبرنا منعرف شوي»، أصرّ باسيل قائلاً: «أنا بحلّها». وهنا تدخل رئيس الحكومة سعد الحريري الذي فهم على ما يبدو رسالة عون، إذ قال: «فخامة الرئيس لا يتجاوز المتطلبات القانونية والدستورية، لكنه يريد منا الإسراع في التوصل إلى قانون جديد».
النقاش الذي حسمه رئيس الجمهورية سريعاً، أدى إلى تسارع اللقاءات أمس: أحدها في قصر بعبدا ضم الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وجبران باسيل والنائب علي فياض ونادر الحريري (مدير مكتب الرئيس الحريري). وآخر في معراب جمع باسيل والنائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم الرياشي. وثالث في وزارة الثقافة ضم «خبراء انتخابيين» يمثلون تياري المستقبل والوطني الحر والقوات اللبنانية، ورابع في حارة حريك بين كتلتي الوفاء للمقاومة واللقاء الديموقراطي. لكن النتيجة لا تزال كما هي: لا مشروع جدياً يتيح التوصل إلى قانون. إذ تركّز البحث على مشروعَين: التأهيلي الذي يعتمد النظام الأكثري في الأقضية حيث يختار أبناء كل مذهب إسلامي مرشحيهم، ويختار المسيحيون مرشحيهم (لا يُعامَل المسيحيون كأبناء مذاهب، بل كأبناء طائفة واحدة، بحسب التعديل الذي اقترحه التيار الوطني الحر). وبعد تأهيل المرشحين في القضاء (مرشحان عن كل مقعد)، تجرى الانتخابات في المحافظات على أساس النسبية. لكن خطورة هذا القانون، إضافة إلى كونه يعمّق التصنيف المذهبي والطائفي للمواطنين، تكمن في أنه يسمح للكتل الكبرى في الطوائف والمذاهب باختيار مرشحين من لون سياسي واحد في عدد كبير من الدوائر، ما يجعل المرحلة الثانية نسبية ممسوخة، وأشبه بمسرحية معروفة النتائج سلفاً، ويُفرغ النسبية من أي مضمون إيجابي.
المشروع الثاني الذي تقدّم البحث بشأنه أمس، طرحه التيار الوطني الحر، ويعتمد النظام المختلط بين النسبية والأكثرية. وهو يُقسّم النواب إلى فئتين: منتخبون وفق النسبية في المحافظات الخمس؛ ووفق الأكثري في الأقضية. تضم الفئة الأولى كل المنتمين إلى طوائف لا تتجاوز نسبة ناخبيها عتبة الـ66 في المئة (مثلاً، في بيروت الثالثة، الدرزي والأرثوذوكسي والشيعي والإنجيلي والأقليات يُنتخبون وفق النظام النسبي، مع نواب الدائرة الثانية، على أساس أن بيروت كلها دائرة واحدة. أما النواب الخمسة السنّة فيُنتخبون وفق النظام الأكثري، لأن السنّة يمثلون أكثر من 66 في المئة من ناخبي بيروت الثالثة. وفي البقاع الشمالي، يُنتخب النواب الشيعة الستة وفق النظام الأكثري، فيما يُنتخب الماروني والكاثوليكي والسنيان وفق النظام النسبي في دائرة تضم أقضية البقاع مجتمعة).
عون ومجلس الوزراء
وكان الرئيس عون لوح في جلسة مجلس الوزراء الى أنه قد يوصل مجلس النواب الى الفراغ اذا تمّ وضعه بين خياري التمديد للمجلس أو الفراغ، جازماً بأن الاولوية هي لوضع قانون انتخاب جديد، “ولا مشكلة في المهل القانونية الملزمة، طالما أن هناك بحثاً بين القوى السياسية عن صيغة قانون جديد “.
والتشدد الذي اظهره رئيس الجمهورية لم يقتصر على قانون الانتخاب، اذ علم انه لدى البحث في قرض من البنك الدولي لوزارة التربية بمئة مليون دولار، تعمّد لفت الوزراء الى ان التفاوض في شأن الاتفاقات الدولية هو من صلاحية رئيس الجمهورية حصراً ولا يمكن تالياً ان يتولى الوزراء هذه المهمة الا بتفويض من رئيس الجمهورية فيما إبرام الاتفاقات هو من مسؤولية رئيسي الجمهورية، والحكومة والمصادقة عليها هي من مسؤولية مجلس النواب.
ورفض الرئيس عون تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات كما رفض أن “يهدده أحد أو أن يتم زركه بين الفراغ والتمديد، لأنه لا يخشى الوصول الى التمديد”، موحياً بانه لن يسير بأي تمديد بامتناعه عن توقيع المرسوم في مثل هذه الحال، بحيث يصبح التمديد باطلاً.
وأوضحت مصادر وزارية لـ”النهار” أن وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب البحث في موضوع الهيئة من أجل طرح الأسماء العشرة المقترحة للتعيين. فردّ الرئيس عون: “أنا حكيت معك أمس (الثلثاء) لكنني لست موافقاً على طرح موضوع هيئة الاشراف على الانتخابات لأن من واجباتنا وضع قانون انتخاب قبل البحث في هذه الهيئة”. وأضاف: “اذا خيرت ما بين التمديد للمجلس او الفراغ فموقفي واضح في هذا الموضوع وسأختار الفراغ. انا أقسمت على الدستور وأديت اليمين واتفق كل الفرقاء السياسيين على إعداد قانون انتخاب،واذا لم نتوصل بعد ثماني سنوات الى وضع قانون انتخاب جديد فأين فعاليتنا وصدقيتنا ؟”.
وسأل وزير الداخلية عن المهل القانونية التي نقترب منها، فكان ردً رئيس الجمهورية بأنه “يمكن معالجتها في وقت لاحق، ولنترك المجال الآن للبحث في قانون انتخاب جديد، طالما ان القوى السياسية تجمع على انها تريد قانوناً جديداً وهناك مشاورات تجري لهذا الهدف”.
وفي الموضوع الامني، ناقش مجلس الوزراء الاجراءات الامنية الواجب اتخاذها لوقف عمليات الخطف ولاستباق أي عمل ارهابي قد تعمد اليه خلايا نائمة. وعلم ان وزراء “حزب الله” وحركة “أمل” اجمعوا على ان لا غطاء على أحد وعلى الاجهزة الامنية القيام بواجباتها بتنفيذ الاجراءات الامنية المقررة سابقاً ولا حاجة الى خطة امنية جديدة بل الى تطبيق الخطة الموضوعة سابقاً. كما تمً تأكيد ضرورة قيام الدولة بواجباتها بطريقة عادلة دون استثناءات وبعيداً من قيام أي محميات امنية.