ارشيف من :أخبار لبنانية
الصحف الأجنبية: لدى ايران خيارات عدّة للرد على أي تصعيد من قبل ترامب

حذر دبلوماسيون أميركيون سابقون من أن لدى ايران عدداً من الخيارات التي يمكن أن تلجا اليها في حال قررت ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب التصعيد ضدها، وذلك على ضوء الكلام التصعيدي الأخير الذي وجهه مستشار الامن القومي الاميركي في وجه طهران.
كما أكد مسؤولون استخباراتيون أميركيون سابقون أن ادارة ترامب تصعد ضد ايران لاسباب لا علاقة لها بالمصلحة الاميركية، بينما رأى دبلوماسيون سابقون آخرون ان المؤشرات حتى الآن تدل على ان استراتيجية ترامب في الشرق ترتكز على التصعيد ضد ايران.
* ترامب يتبنى بعض سياسات أوباما الخارجية
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً قالت فيه إن الرئيس الاميركي دونالد ترامب بدأ بتبني بعض السياسات التي اتبعها الرئيس السابق باراك اوباما، مثل تحذير كيان الاحتلال الاسرائيلي من مواصلة أنشطة الاستيطان، ومطالبة روسيا بالانسحاب من جزيرة القرم، اضافة الى التهديد بفرض عقوبات على ايران بسبب ما يسمى بـ"تجارب الصواريخ البالستية".
وأشار التقرير الى أن التحول المفاجئ هو ما ورد في البيان الصادر عن البيت الابيض الذي دعا حكومة الاحتلال الى عدم التوسع في انشطة الاستيطان، معتبراً أن ذلك "قد لا يساعد في تحقيق هدف السلام"، حسب تعبيره. وأشار التقرير الى أن تغيير اللهجة الاميركية تجاه أنشطة الاستيطان الاسرائيلية جاءت بعد اجتماع ترامب بالملك الاردني عبدالله الثاني، الذي سبق رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو في لقاء ترامب.
البيت الأبيض
التقرير أوضح أن "السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة "Nikki Haley" أعلنت أن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات المفروضة على روسيا على خليفة ملف جزيرة القرم". أما فيما يتعلق بايران فلفت التقرير الى ان ادارة ترامب تقوم باعداد عقوبات اقتصادية شبيهة بتلك التي فرضتها ادارة اوباما، لافتاً الى عدم وجود أي مؤشرات تفيد بان ادارة ترامب تنوي "تمزيق الاتفاق النووي بين ايران ودول الخمس زائد واحد"، بحسب تعبير تقرير الصحيفة.
وأضاف التقرير إن "العقوبات الجديدة التي تنوي ادارة ترامب فرضها على ايران قد تعلن اليوم الجمعة"، لكنه نقل عن خبراء قولهم إن "العقوبات الجديدة هذه سيكون لها اثر محدود جداً، وذلك لان الشركات التي تقوم بتزويد قطع الصواريخ نادراً ما تعقد صفقات تجارية مع الولايات المتحدة". وتابع أيضاً ان "حلفاء اميركا يترددون باعادة فرض العقوبات على ايران بعد التوصل الى الاتفاق النووي".
الا ان التقرير نقل عن الدبلوماسي الاميركي السابق "Aaron David Miller" قوله إن إدارة ترامب عن قصد أو عن غير قصد رسمت خطها الاحمر، وعليه اعتبر أن هذه الادارة سيكون عليها إما التحرك ضد ايران أو التزام الصمت اذا ما قامت طهران بتجربة صاروخية جديدة.
* ايران تملك الخيارات ضد اي تصعيد من قبل ادارة ترامب
من جهة أخرى، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالة كتبها "Phillip Gordon"، تناولت التهديد الأميركي لايران. واعتبر الكاتب أن "التحذير الرسمي" الذي وجهه مستشار الامن القومي الاميركي "Michael Flynn" الى ايران على خلفية "تجربة الصاروخ البالستي والهجوم الصاروخي على سفينة حربية سعودية -رغم عدم وجود أي دليل بأن لدى ايران دوراً باستهداف هذه السفينة- يضع الولايات المتحدة إما أمام تراجع محرج أو مواجهة محفوفة بالمخاطر".
وأشار الكاتب الذي شغل منصب مستشار البيت الابيض للشرق الاوسط وشمال افريقيا ومنطقة الخليج بين عامي 2013 و 2015، الى انه وبينما يدعي المسؤولون بادارة ترامب ان لديهم العديد من الخيارات للرد بشكل اقوى على ايران، فان الحقيقة ليست كذلك.
كما استبعد الكاتب حصول ترامب على دعم دولي في ظل سعيه الى ايجاد طرق "لمعاقبة ايران على خلفية التجارب الصاروخية"، لافتاً الى أن "هذا الدعم الدولي هو أمر ضروري لجعل العقوبات أكثر فعالية". وتابع إن "تجارب الصواريخ البالستية ليست جزءا من الاتفاق النووي ولا من القرار الاممي رقم 2231"، منبهاً الى ان "ليس فقط روسيا والصين عارضتا فرض حظر على هذه التجارب عندما سعت ادارة اوباما الى وضع هذا الشرط ضمن الاتفاق النووي، بل حلفاء واشنطن الاوروبيون".
وتطرق الكاتب الى الرد الايراني المحتمل على أي تصعيد اميركي، وقال إنه فيما لو تحركت ادارة ترامب عسكرياً ضد ايران فمن المستبعد ان تتراجع طهران من دون توجيه رد، مضيفاً إن لدى ايران عدداً من الخيارات في اطار ردها على أي تصعيد اميركي.
* تصعيد ترامب ضد ايران لا علاقة له بالمصلحة الاميركية
المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "Paul Pillar" تناول من جهته الكلام التصعيدي الذي وجهه "Flynn" الى ايران في مقالة نشرها موقع "National Interest".
وأشار "Paul Pillar" الى ان كلام "Flynn" تجاهل حقيقة أن أي "دعم تقدمه ايران لجماعة انصار الله في اليمن هو هامشي مقارنة مع التدخل العسكري المباشر من قبل كل من السعودية ودولة الامارات في اليمن"، معتبراً ان "هذا التدخل هو المسؤول عن اغلب الضحايا والمعاناة بين المدنيين اليمنيين".
كما لفت الكاتب الى عدم وجود أية ادلة على الاطلاق تفيد بأن لدى ايران اي دور بالهجوم على السفينة الحربية السعودية، موضحاً ان مستشار الامن القومي الاميركي لم يقل شيئاً عن كون تنظيم "القاعدة" "الذي هو مصدر القلق الاساسي لدى الولايات المتحدة في اليمن" يقف في المعسكر المعادي لجماعة "انصار الله"، على حد تعبير الكاتب.
من جهة اخرى تحدث "Pillar" عن عدة دوافع وراء النهج التصادمي لادارة ترامب مع ايران، ومن بينها دعم ادارة ترامب المطلق لحكومة كيان الاحتلال الاسرائيلي، واستفادته من معارضة الاتفاق النووي كوسيلة لمعارضة الرئيس السابق باراك اوباما في كل المجالات، وأن العديد من الجمهوريين يتشاركون مع ترامب هذا الهدف الاخير.
وأشار الكاتب الى دافع آخر لدى ترامب وفريقه، يتمثل في وضع "دولة محددة في قلب أجندة الاسلاموفوبيا الذي يعم البيت الابيض تحت قيادة ترامب"، بحسب الكاتب.
الكاتب اعتبر ان كل هذه الدوافع هي غير سليمة من زاوية المصالح الاميركية، مشيرا الى ان "الفرصة الافضل لتغيير سياسة ترامب التصعيدية حيال ايران قد تتمثل بقيام الرئيس الروسي فلادمير بوتين باقناع نظيره الاميركي بتبني استراتيجية روسيا في سوريا، والذي سيعني "العمل بالتوازي مع ايران بدلاً من النزاع معها".
* استراتيجية ادارة ترامب في الشرق الاوسط ترتكز على التصعيد ضد ايران
الدبلوماسي الهندي السابق "M.K Bhadrakumar" بدوره كتب مقالة نشرها موقع "Asia Times" اعتبر فيها أن تصريحات "Flynn" ضد ايران تعد اول رسالة سياسية اساسية حول استراتيجيات ادارة دونالد ترامب في الشرق الاوسط.
وأشار الكاتب الى ان ترامب اختار قادة من فلسطين المحتلة والسعودية ودولة الامارات للحديث معهم حول الوضع في الشرق الاوسط. واعتبر ان اختيار هؤلاء القادة بالتحديد كان متعمدًا، مشيراً الى انه لم يتشاور بعد مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، و ترك نائب الرئيس "Mike Pence" ليستقبل الملك الاردني عبدالله الثاني (قبل ان يلتقيه ترامب اليوم).
على ضوء ذلك رأى الكاتب ان ترامب يركز في استراتيجيته حيال الشرق الاوسط على منطقة الخليج وايران، مضيفاً ان "الولايات المتحدة أجرت في الايام الاخيرة تدريبات بحرية قرب المياه الاقليمية الايرانية حاكت هجمات ضد طائرات مقاتلة ايرانية وسفن تابعة لقوات البحرية الايرانية".
ولفت الكاتب كذلك الى ان "Flynn" وقبل الادلاء ببيانه تشاور مع وزير الحرب الاميركي "James Mattis" الذي قام بدوره باجراء اتصال هاتفي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. بناء عليه اعتبر انه بات من الواضح بأن ترامب يبحث عن "مواجهة مبكرة" مع ايران.
كما نبه الكاتب الى ان "Flynn" لم ينتظر تقرير الامين العام للأمم المتحدة حول طبيعة التجربة الصاروخية الايرانية وانما اصدر حكماً اعتبر ان التجربة "تشكل انتهاكاً لقرار مجلس الامن رقم 2231"، على حد زعمه.
وأشار الكاتب الى ان "Flynn" تطرق الى "انشطة ايران على صعيد المنطقة" الى جانب موضوع تجربة الصاروخ البالستي، محملا ايران مسؤولية الهجمات الصاروخية التي نفذتها المقاومة اليمنية ضد السفن الحربية الاماراتية والسعودية، مدعياً أن "ايران تستمر بتهديد اصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة".
بناء عليه قال الكاتب ان تصريح "Flynn" يذهب أبعد بكثير من موضوع التجارب الصاروخية الايرانية، بحيث يصدر أحكاماً على سياسات ايران الاقليمية، مضيفاً إن "كلام مستشار الامن القومي الاميركي عبارة عن سلسلة من المزاعم، وان التفسير المنطقي الوحيد هو ان هذه المزاعم قد تستخدم كمبرر للعمل العسكري ضد ايران".
ولفت ايضاً الى ان التوتر الأخير بين اميركا وايران يتزامن مع التقارير التي افادت بان ادارة ترامب تقوم بتنفيذ قرار كانت قد اتخذته ادارة اوباما بارسال السلاح الى ما يسمى "الجماعات المعتدلة" في سوريا والاكراد السوريين، وبأن "ادارة ترامب" عازمة على اقامة مناطق آمنة في سوريا بدعم سعودي. وعليه تساءل الكاتب عما اذا كانت ادارة ترامب قامت بخداع موسكو.
وبينما شدد الكاتب على ان "الولايات المتحدة لا يمكن ان تقوم بهزيمة داعش من دون تعاون ايران، ناهيك عن تحقيق الاستقرار في سوريا"، تساءل عما اذا كانت ادارة ترامب تريد فعلاً سوريا موحدة ومستقلة وقوية.