ارشيف من :أخبار لبنانية
’من أحياها’..نافذة ضوء لتعزيز ثقافة ’وهب الأعضاء’ في لبنان

يواجه آلاف المرضى حول العالم يوميًا خطر الموت جراء فشل أحد الأعضاء الحيوية في الجسم، وتبدأ عملية البحث عن متبرع ينقذ مريضًا، ويبعث الأمل في نفوس آخرين. وعلى قاعدة أن "من أحيا نفسًا كمن أحيا الناس جميعًا، كانت ثقافة "وهب الأعضاء" تُترجِم أسمى معاني العطاء دون مقابل. لكن نشر هذه الثقافة، دونه عقبات اجتماعية عديدة تحول دون إقدام الأحياء على التبرع بأعضائهم في حال الوفاة.
جمعية "من أحياها" لتعزيز ثقافة وهب الأعضاء في لبنان تطلق اليوم مسيرتها في هذا المجال كجمعية قانونية تُعنى بمسألة وهب الأعضاء والأنسجة البشرية، ليس فقط للأقارب، وإنما للمرضى الغرباء الذين يعانون من قصر في عمل أحد أعضائهم.
ولما كان وهب حيٍّ إحدى كليتيته لأحد أقربائه أمرًا طبيعيًا، فلماذا لا يُقدم الأحياء على وهب أعضائهم لغرباء عقب الوفاة؟، سؤال يطرحه رئيس جمعية "من أحياها" الدكتور عماد شمص في سياق حديثه لموقع "العهد" الإخباري، مستشهدًا في تساؤله بما هو مستجد عالميًا اليوم، والذي يعتبر أكثر حساسية من مسألة وهب الحي لأعضائه، ويذهب باتجاه الاستفادة من أعضاء الميت دماغيًا عبر نشر ثقافة وهب الأعضاء، على غرار بعض الدول التي قطعت اشواطًا في هذا المجال، ومنها إيران وتركيا والسعودية والكويت، فيما لا تزال هذه الثقافة خجولة في لبنان.
جمعية "من أحياها" لوهب الأعضاء والأنسجة البشرية في لبنان
وفي تعريفه لحالة"الموت الدماغي"، يشير الدكتور شمص إلى أنها مفردة لا خلاف على توصيفها في الطب، كما أن القانون في لبنان يعترف بأنها "موت نهائي لا رجعة عنه إلى الحياة"، وحول خصوصية هذه الحالة يقول شمص "الموت الدماغي عبارة عن تعطل تام في عمل الدماغ، في حين تبقى باقي الأعضاء الحيوية تعمل بواسطة الأجهزة والأدوية لفترة وجيزة، تسمح بالاستفادة منها لحوالي ثماني مرضى، يعانون من فشل في أعضائهم البشرية".
وعن الآلية المعتمدة في جمعية "من أحياها"، يلفت الدكتور شمص إلى أن "هناك استمارات يملؤها الراغب في وهب اعضائه بعد الوفاة"، ويؤكد أن الجمعية على تنسيق مع اللجنة الوطنية الرسمية لوهب الأعضاء والأنسجة في لبنان، والمنبثقة عن وزارة الصحة.
وفي حين لا تزال ثقافة وهب الأعضاء بعد الموت خجولة في لبنان، يبدي شمص تفهمه للحساسية العالية لهذا الموضوع لدى الناس، موضحًا أن الأعضاء الداخلية للجسم هي التي يتم وهبها حصرًا، وبمعنى آخر من غير المسموح وهب الأطراف، أو أي عضو خارجي قد يشكل تمثيلاً بالجثة.
في المقابل، يشدد الدكتور شمص على أن القانون اللبناني يجرم الاتجار بالأعضاء، أي أن يضع الواهب شرطًا ماديًا ليهب أعضاءه، ويقول:"يجب أن يكون وهب الاعضاء بالمجان، وأنا رأيي أن على الدولة تحفيز المواطنين على وهب أعضائهم، كما الحال في الدول المتقدمة التي تخص الواهبون بامتيازات وتسهيلات خلال حياتهم".
أحد عشر الفًا و500 هم عدد المتبرعين بالأعضاء في لبنان، تواضع الرقم نسبة لدول أخرى، يؤكد الحاجة إلى نشر ثقافة وهب الأعضاء. ويكفي لذلك، أن يتخيّل كل منا نفسه مريضًا محتاج للتبرع، ويجد فسحة من الأمل قدمها واهبٌ لأعضائه، كي نخلق في أنفسنا الدافع لوهب أعضائنا في حال الوفاة كصدقة جارية.