ارشيف من :أخبار عالمية
" الترانسفير " لم يعد سرا
إذا كان الحديث عن القدس متواصلا ومستمرا لأنها تقع في أولوية مخططات التهويد ، فإن مشاريع الكيان الصهيوني لا تتوقف عند هذا الحد ، فمخطط "الترانسفير" جزء اساسي من المساعي الصهيونية لاقامة "دولة يهودية" في فلسطين المحتلة، حيث تتم مصادرة الأراضي ، واحتلال المنازل وتدميرها او اسكان المستوطنين فيها .
وفي هذا الاطار ، قامت الشرطة الصهيونية ووحدات القوات الخاصة في وقت سابق ، بإغلاق حي الحليصة في مدينة حيفا، وذلك لإخلاء عدد من العائلات العربية في المنطقة، بذريعة أن سكان الحي مدينون بأجرة منازلهم التي يسكنونها منذ أكثر من 40 عاما .
وفي التفاصيل، إن حي الحليصة، الذي تسكنه غالبية عربية بنسبة تصل إلى أكثر من 95%، قد شهد ما يشبه الاحتلال المجدد، وذلك بعد أن قامت حافلات تابعة لشركة \"إيجد\" بنقل المئات من أفراد الشرطة وعناصر الوحدات الخاصة إلى الحي، وقامت بإغلاق كافة مداخله، تمهيدا لإخلاء عدد من العائلات العربية. أما السبب، فهو الظهور المفاجئ لرجل أعمال يدعى غالانتي ، من مدينة" تل أبيب" ، يدعي أن هذه المنازل هي ملك له، وأن سكان الحي، الذين لا يعرفونه ولم يسبق أن التقوا به، ملزمون بدفع أجرة المنازل له.
هذه الحادثة من إحدى الحوادث التي تتكرر مرارا في فلسطين المحتلة، فالمستويان السياسي والامني في "اسرائيل" يعتقدان بأنّ العرب في مناطق الـ48 باتوا مشكلة يجب العمل في اسرع وقت على حلها. وفي هذا الاطار يجب التذكير اولا بما كانت قد صرحت به وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، زعيمة حزب (كاديما)، والتي قالت انّ الدولة الفلسطينية العتيدة، في اجزاء من الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة، هي ليست للفلسطينيين الذين يسكنون في هاتين المنطقتين فقط، بل ستكون هذه الدولة، وفق مفهومها، لجميع الفلسطينيين، بمن في ذلك فلسطينيو الـ48 واللاجئون الذين شُردوا وهُجروا من وطنهم وارضهم في نكبة العام 1948.
الآن، وفي ظل تنامي العنصرية الصهيونية المؤسساتية والشعبية، بدأت تطفو على السطح برامج لاقتلاع اصحاب الارض الاصليين بالقوة وتحويل الكيان الصهيوني الى "دولة يهودية" نقية خالية من العرب. بمعنى آخر، ان التهجير او الترحيل بالقوة (الترانسفير)، انتقل من مرحلة النظريات والمخططات المبيتة لاركان كيان الاحتلال الى مرحلة البحث عن آليات لتنفيذه والتخلص مما يسميها رئيس وزراء الكيان الصهيوني ، بنيامين نتنياهو، القنبلة الديمغرافية الموقوتة، اي العرب في أراضي 48.
في غضون ذلك فان اصرار الحكومة اليمينية الاسرائيلية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو على ضرورة اعتراف الفلسطينيين بـ "اسرائيل" دولة يهودية قبل الدخول في أي تسوية معهم، يجب ان لا يؤخذ بعدم الجدية من قبل العرب والفلسطينيين، لأن النوايا الاسرائيلية بترحيل عرب فلسطين المحتلة عام 1948 الى الضفة الغربية، او حتى الى الأردن باتت استراتيجية شبه معلنة لهذه الحكومة ذات الطابع العنصري الصرف.
والتقارير القادمة من الأراضي المحتلة تفيد ان المخططات لترحيل 'عرب 48' اتخذت منحى عمليا، أي انها انتقلت من مرحلة التخطيط الى مرحلة ما قبل التنفيذ، أي ان الحكومة الاسرائيلية العنصرية الحالية تنتظر اللحظة المناسبة للاقدام على خطوات التطبيق العملي لهذه المخططات.
فالهجمة الاسرائيلية الحالية لتغيير اسماء القرى والمدن والبلدات العربية واطلاق اسماء عبرية عليها، واصرار حكومة نتنياهو على ان اي دولة فلسطينية تقام على 'ارض اسرائيل' يجب ان تكون منزوعة السلاح ودون اي سيادة على الارض او الجو، وبقاء القدس موحدة، والاستمرار في الاستيطان، كل هذه مؤشرات تصب في مصلحة مخططات الابعاد للعرب، سواء كانوا في الضفة الغربية او داخل ما يسمى بـ "الخط الاخضر".
وتتوضح مخططات العدو بشكل واضح من خلال موقف السفير المصري في"اسرائيل" ياسر رضا الذي ابلغ في وقت سابق السيد محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية الفلسطينية في مناطق الـ48 بأن هناك معلومات مؤكدة من مصادر لم يفصح عنها، انّ "اسرائيل" في ظرف من الظروف، قد تُقدم في العام القادم ، اي عام 2010، على ترحيل الفلسطينيين الذين يعيشون في "اسرائيل" بالقوة الى الضفة الغربية المحتلة او الى المملكة الاردنية الهاشمية، وذلك في اطار تهويد فلسطين المحتلة. وأضاف قائلا انّ الرئيس المصري ابلغ الاسرائيليين أنّ الدول العربية غير مستعدة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الجدد.
كما تؤكد تصريحات السفير المصري في "تل أبيب"، بعد لقائه ممثلين عن عرب 48 ، خطورة تصريحات قادة العدو، معربا عن مخاوفه من استغلال "إسرائيل" لأحداث تقع هنا أو هناك ، أو تقوم بافتعالها ، لتقوم بعد ذلك بطرد عرب 48 ، من وطنهم إلى الضفة الغربية أو خارج الوطن.
وفي نفس السياق ، أعرب إبراهيم خريسات النائب الأول للأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي عن أسفه لما وصفه بـ"التراخي" في تعامل الحكومة الأردنية مع المخاطر التي تتهدد الأردن والقضية الفلسطينية من جانب الكيان الصهيوني، والتي "تتزايد بمرور الوقت".
ودعا إلى تنسيق جهود القوى الرافضة للمؤامرة في كلٍّ من الأردن وفلسطين للوقوف في وجه الخطر" الذي قال إنه "وصل مرحلة التنفيذ، مؤكدًا أهمية مواجهة نوايا التهجير الصهيونية بـ"تصعيد المطالبة بحقِّ العودة على كل المستويات"، مؤكدا أن " جريمة غربان الاحتلال السود " في حي الشيخ جراح فصل في مسلسل " الترانسفير " المخطط له أن يطال جميع الفلسطينيين المتبقين في الأراضي المحتلة عام 1948 .
ويبدو ان مسلسل الترانسفير يستمر بشكل واسع ، وما حصل مؤخرا خير دليل على ذلك عندما تم طرد العائلتين المقدسيتين من منزليهما في حي الشيخ جراح ، المستهدف بالتهجير والتهويد، فجريمة غربان الاحتلال السود في حي الشيخ جراح فصل في مسلسل “الترانسفير” المخطط له أن يطال جميع الفلسطينيين المتبقين في الأراضي المحتلة عام 1948 .
تقرير : محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018