ارشيف من :أخبار لبنانية
طرابلس غارقة بالحفريات .. والمواطنون طفح كيلهم

ما كان ينقص المواطن الطرابلسي سوى تلك الحفريات التي باتت تزين معظم شوارع المدينة، الضيقة نسبياً، و تزيد من حالة الاختناق التجاري والاقتصادي ، وعجقة السير الخانقة جداً ، مما حول معظم الطرقات الى ما يشبه مواقف للسيارات .
فجأة ومن دون أي سابق إنذار، قررت بلدية طرابلس اعادة صيانة للبنى التحتية، وشبكات الصرف الصحي. فسارعت الى تكليف إحدى الشركات التابعة لجهاد العرب، للبدء بأعمال الحفر في مناطق ابي سمراء ودوار أبو علي والبحصاص وغيرها ، وسرعان ما باشرت الاليات بالعمل منذ ما يقارب الشهر ونصف، ما حول طرقات المدينة الى ممرات ضيقة لا تتسع سوى لسيارة واحدة، وبات المواطن يحتاج الى ما يقارب الساعة ونصف الساعة إذا ما قرر الإنتقال من منطقة البداوي الى طرابلس، و التي تبعد حوالي كيلومتر واحد ، بسبب أعمال الحفريات التي تمتد من دوار ابو علي الى شارع المئتين .
مدينة طرابلس
من دون شك ان المواطن الطرابلسي، لا يمانع في اعادة اصلاح البنى التحتية، ولكن الإهمال والمماطلة في الورش القائمة، والتي تستغل معظم الأوقات الضاغطة في ساعات الذروة ، هو ما يدفع المواطنين الى اعلاء الصوت ورفض تلك الحفريات . وبحسب مواطنين، فإن معاناتهم تبدأ من تاريخ بدء فرق الصيانة بأعمال الحفر، وما يرافقها من اشتداد في أزمة السير، نتيجة الحفر أو ما يصلح تسميتها " بالخنادق " الموزَّعة على مختلف الشوارع الداخلية لمدينة طرابلس، وإن اختلفت نسبتُها بين شارع وآخر. وما يزيد الطين بلة، غياب الرقابة عن الشركة المتعهدة، والتي لم تراع أ شروط الاتفاق ، مع بلدية طرابلس، والذي يقضي، بحفر 300 متر، وانهاء العمل بها وتزفيتها ومن ثم البدء ب 300 اخرين حتى إنتهاءها بشكل كامل، ولكن ما يبدو ان المتعهدين يصرون على ابقاء المواطنين ضحايا الحفر نتيجة التقاعس والتقصير في اتمام العمل .
أصحاب المحلات يصرخون ..
وفيما حولت الحفريات معظم شوارع طرابلس الى شبه مغلقة ، أقدم عدد أصحاب المحلات الى إغلاق محالهم، نتيجة التراجع الكبير في اقبال الزبائن. خصوصاً عند دوار أبو علي، بعدما تحول الشارع الى عبارة عن أكوام من الرمال والغبار ، يعبر سمير طرطوسي صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية، عن غضبه بالقول :" لم تكتفي بلدية طرابلس من دمارنا الإقتصادي في جولات الإقتتال، فبادرت الى مجازاتنا بالحفريات."
غضب التجار لم ينجم عن اعمال الحفر فحسب ، بل المدة الطويلة التي تمتد أشهر، وربما سنوات ، حيث تحفر الطرقات، وتترك ، ونبقى على هذه "الأسطوانة" الى ما شاء الله ، حسب محمود السعيد ، وهو صاحب محل لبيع الالبسة:" ما يتمّ تخريبُه لا يستكمل إصلاحُه، كذلك بدعة التحويلات الى طرقات داخلية، والتي ابتدعتها مؤخراً بلدية طرابلس في بعض الشوارع، يزيد من معاناتنا وقطع ارزاقنا.
يؤكد " السعيد" الى أن طرابلس مهملة منذ زمن بعيد، ولا شك أن ما أوصلنا الى هذه الحالة من السوء هو التهاون في عمليات الإصلاح رغم الشكاوى والانتقادات التي توجه بشكل دائم الى بلدية طرابلس ، فمعظم هذه الحفريات تنشأ نتيجة لجوء البلدية أو أي جهة معنية الى حفر الطرقات بحجة إصلاح المياه وبحجة إصلاح الكهرباء وبحجة إصلاح "ريكارات" أو مجارير المياه الآسنة أو قساطل تصريف الأمطار، دون اتمام كل الامور.
في الجهة المقابلة، تبرز صورة صاحب أحد المحلات الذي يحاول فرش الأرض أمام متجره بالكراتين والنايلون ، لحمايتها من الرمال والغبار التي تدخل مع كل زبون وتتحول الى ما يشبه الوحول التي تقتحم المحل برفقة كميات من المياه .
البلدية تصر على اكمال المشروع .. وتبرر
من جهتها، تجاهر بلدية طرابلس بضرورة، إنهاء عمليات الحفر بأسرع وقت ممكن وقبل بدء موسم الصيف، إلا أن مصدر مقرب من رئيس البلدية أحمد قمر الدين أشار للعهد:" الى ان الحفريات لن تنتهي قريباً ، ومن المرجح أن تستمر حوالي السنة نظراً الى الورشة الكبيرة القائمة والتي تشمل إنشاء بنى تحتية لمياه الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار»،
ويأتي تبرير البلدية في استمرار الحفريات، بأنها أعدّت خطة لتنظيم حركة السير خلال هذه الفترة للتخفيف من الازدحام على المواطنين ، الا ان شيئاً من ذلك لم يحدث، بل على العكس ازدادت عجقة السير في الطرقات، ليبقى المواطن الضحية الأولى بدل أن يكون المستفيد الأول من تلك المشاريع.