ارشيف من :أخبار لبنانية

الصحف الأجنبية: سيناريو الإطاحة بالرئيس الأسد محفوف بالمخاطر

الصحف الأجنبية: سيناريو الإطاحة بالرئيس الأسد محفوف بالمخاطر

علي رزق

حذّرت مجموعة غربية بارزة تعمل في مجال الأمن والاستخبارات من أن أي مساعٍ أميركية تهدف الى الاطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وخاصة عبر القوة، قد تؤدي الى نتائج خطيرة جداً.

وأشارت المجموعة الى أنّ" التصعيد الأميركي في هذا الاطار قد يشعل نزاعاً بين أميركا من جهة وروسيا وايران من جهة أخرى، منبهةً الى أنّ العديد من مكونات ما يسمى بـ"المعارضة السورية" متحالفة مع تنظيم "القاعدة" والى أن لا حظوظ لأي بديل عن الرئيس الأسد في ظل الظروف الحالية.

وفي السياق نفسه، حذّر مسؤول استخباراتي أميركي سابق من أنّ انتصار المجموعات المسلحة في سوريا والاطاحة بالرئيس الأسد ستكون له تداعيات خطيرة جداً، بما في ذلك على مصالح الغرب.

مخاطر الاطاحة بالرئيس الاسد

وفي هذا الاطار، حذّرت مجموعة "صوفان" للاستشارات الامنية والاستخباراتية في تقريرها اليومي من أن أي مساع أميركية للاطاحة بالرئيس السوري، وخاصة عبر القوة العسكرية تحمل معها مخاطر جمة.

وقالت المجموعة "إنّ التناقض بين الأهداف الاستراتيجية والخيارات العسكرية المتاحة الذي منع ادارة باراك أوباما السابقة من التحرك ضد الحكومة السورية في عام 2013 أصبح "اضعافاً مضاعفة" بعد تدخل روسيا وايران وحزب الله لدعم النظام في سوريا"، مشيرةً الى البيان الذي صدر عن روسيا وإيران عقب الهجوم الصاروخي الأميركي على مطار الشعيرات والذي أعلن فيه الطرفان انهما سيردان "بالقوة"، في حال تخطت الولايات المتحدة الخطوط الحمراء في سوريا.

 

الصحف الأجنبية: سيناريو الإطاحة بالرئيس الأسد محفوف بالمخاطر

الصحف الأجنبية

 

واعتبرت المجموعة أنّ "البيان هذا أكّد على مدى خطورة أن يؤدي المزيد من العمل العسكري ضد الحكومة السورية الى تصعيد عسكري لا يمكن التكهن بما سيؤدي اليه"، محذرةً كذلك من انه وفي مثل هذا السيناريو، فإن أي مستوى من التخطيط التكتيكي والاستراتيجي مهما كان لا يمكن أن يضمن النتيجة العسكرية أو السياسية المرجوة، وسيزيد الخطر بشكل كبير على القوات الاميركية.

كما أشارت المجموعة الى أن "مكونات أساسية من ما تُسمى "المعارضة السورية" تتبع أجندة داعميها الخارجيين الذين لديهم مصالح متضاربة فيما يتعلق بمستقبل البلاد"، مضيفةً أنّ" "المعارضة" السورية هي أقل وحدة اليوم مما كانت عليه عام 2013، وأنّ العديد ممن أسمتها "الجماعات المتمردة" متحالفة بشكل علني مع تنظيم "القاعدة" وجماعات متطرفة أخرى".

كذلك تابعت المجموعة أنّه" وبينما يتفق خصوم النظام الاقليميين والدوليين على الرغبة بإزاحة الرئيس السوري من السلطة، الا انه لا يوجد إجماع بينهما على بديل "قابل للحياة" في حال سقوط النظام في سوريا"، وقالت "إنّ اي استراتيجية أميركية تؤدي الى ازاحة النظام في سوريا يجب أن تأخذ بالحسبان عدم وجود اي بديل "قابل للحياة".

ورأت المجموعة أنّ" النزاعات المستمرة في أماكن مثل ليبيا والعراق تثبت بأنّ التدخلات العسكرية الاميركية عادة ما تفشل بتحقيق مثل هذا الهدف"، معتبرةً أنه" ونظراً الى طبيعة الحرب في سوريا وكذلك غياب استراتيجية أميركية واضحة على الامد البعيد لاستبدال حكومة الرئيس الاسد، فإنه من المستحيل التنبؤ بما اذا كانت استراتيجية ازاحة الرئيس الاسد ستخدم مصالح أميركا القومية".

وأضافت المجموعة أنه" لم يتبين بعد ما اذا كان باستطاعة ادارة ترامب ترجمة استعدادها الجديد للعمل العسكري ضد الحكومة السورية الى تقدم دبلوماسي حقيقي"، ونبهت الى أن كلًّا من روسيا وايران أظهرتا قدرة كبيرة على التصدي للضغوط الدبلوماسية، والى أن ذلك يعني بأن أية محاولة أميركية لتغيير حسابات طهران وموسكو ستتطلب على الارجح استعداداً لتحمل مخاطر حقيقية.

واعتبرت المجموعة أنّ" ادارة ترامب قد تضطر في النهاية الى تضييق اهدافها في سوريا بسبب أشباح التدخلات الاميركية السابقة وعدم وجود دعم في الكونغرس او بالشارع الاميركي لتكثيف الدور الاميركي في سوريا".

الى ذلك، كتب المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "CIA" غراهام فولر مقالة نشرت على موقع "Lobelog" حذر فيها من أن العدوان الأميركي الأخير على سوريا، وفي حال جاء في اطار تغيير الاستراتيجية الأميركية في الشرق الاوسط، فإنّ ذلك يعني الدخول في مرحلة خطيرة جداً.

وشدد الكاتب على أنّ" الجماعات المسلحة في سوريا هي خيار اسوأ بكثير من نظام الرئيس بشار الاسد"، مشيراً الى وجود الكثير من الاطراف المتخاصمة في المجموعات المسلحة والى أن العديد من عناصر هذه الجماعات هم "راديكاليون"، كما نبه الى أنّ "احدى أكبر الجماعات المسلحة هي جماعة تابعة لـ"القاعدة"، وبالتالي، حذر من أن "نظاما راديكاليا" سيسيطر على سوريا في حال هزيمة الرئيس الاسد على أيدي "المتطرفين"".

كذلك أشار الكاتب الى امكانية أن لا يؤدي انتصار "المتطرفين" في سوريا ضد الرئيس الأسد الى نهاية للحرب في هذا البلد، مرجحاً أن تقوم الفصائل "المتطرفة" (في حال تغيير الحكومة السورية) بعملية تطهير طائفي وأن يندلع الاقتتال فيما بينها لأعوام مقبلة.

كما حذّر الكاتب من أنّ "نظاما مسلحاً جديداً" في سوريا (المقصود طبعاً نظام متطرف) قد لا يسعى حتى الى القضاء على "داعش"، منبهاً الى أنّ" مثل هكذا نظام في سوريا سيكون معادياً للولايات المتحدة وسيؤدي الى تدفق كبير للاجئين، ما سيؤثر على الاستقرار السياسي في أوروبا ويؤدي الى تقوية القوى الفاشية هناك.

ولفت الكاتب أيضاً الى أنّ" الولايات المتحدة وبينما تُعرب عن غضبها من استخدام الأسلحة الكيميائية (على أساس المزاعم بأنّ الحكومة السورية استخدمت هذه الاسلحة)، فإنها لم تجد أية مشكلة عندما استخدم صدام حسين هذه الاسلحة ضد ايران"، مضيفاً "إنّ الحديث الأميركي عن الديمقراطية وحقوق الانسان يعطي غطاء للهدف العسكري الاستراتيجي الأميركي المتمثّل بهزيمة روسيا وايران، منبهاً الى أنّ" أميركا صامتة فيما يخص الديمقراطية وحقوق الانسان عندما يتعلق الأمر بدول مثل السعودية ومصر".

وسأل الكاتب عما اذا كانت ايران وروسيا بالفعل خصمتين للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، حيث قال "إنّ كلًّا من واشنطن وموسكو وطهران وبكين تتشارك الهدف المتمثل بالقضاء على "داعش" والحد من انتشار "المتطرفين" في العالم"، على حد قوله، الا أنّه" تحدّث عن عقلية موجودة في واشنطن تنظر الى العالم على قاعدة "كن غالبًا أو مغلوبًا""، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ" حقيقة الوضع في الشرق الاوسط اليوم هي أن الولايات المتحدة لم تعد تستطيع أن تتخذ كل الخيارات بمفردها كما تشاء".

على ضوء كل ذلك، عاد الكاتب وحذّر من أنّ" العدوان الأميركي على سوريا، وفي حال جاء في سياق تحول استراتيجي كبير نحو تكثيف التدخل الأميركي في سوريا، فإنه يشكل كارثة".

العدوان الأميركي على سوريا يشكل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة

بدوره، كتب الخبير القانوني المعروف "Geoffrey Robertson" مقالة نشرتها صحيفة "الاندبندنت" قال فيها "إنّ العدوان الأميركي على سوريا شكّل انتهاكاً للمادة الرابعة في ميثاق الامم المتحدة التي تحظر استخدام القوة ضد دولة اخرى عضو بالامم المتحدة".

وأشار الكاتب الى أنّ" الاستثناء الوحيد في هذا الاطار هو حق الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 في الميثاق الاممي"، لكنه شدّد في الوقت نفسه على عدم امكانية القول أنّ" القوات الجوية السورية  تشكل تهديداً لأمن أميركا".

كما أضاف الكاتب "إنّ ترامب يبدو انه ارتكب جريمة الاعتداء وفقاً لتعريف المحكمة الجنائية الدولية الصادر عام 2013"، كذلك اشار الى امكانية وجود رواية اخرى غير الرواية التي تزعم ان النظام السوري مسؤول عن الهجوم الكيميائي في خان شيخون.

ولفت الكاتب الى أنّ" المعاهدة المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية تحتوي على بند يشير الى امكانية التفتيش الطارئ لتأكيد مرتكب الهجوم، والى انه كان على البيت الابيض الإقدام على هذه الخطوة قبل شن العدوان".

السعودية ليست صديقة الولايات المتحدة

من جهته، الباحث الاميركي المختص بموضوع الارهاب "Daniel Byman" كتب مقالة نشرت على موقع "National Interest" تحدث فيها عن تقليص المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والسعودية.

وأشار الكاتب الى الانخفاض الحاد في أسعار النفط والى ثورة "النفط الصخري" في الولايات المتحدة التي حوّلت الاخيرة الى مصّدر للنفط وبالتالي منافس للسعودية، لافتاً الى أن أغلب السعوديين لا يتشاركون "القيم الأميركية" المتعلقة بحقوق النساء والحرية الدينية وحريات أساسية اخرى.

كذلك قال الكاتب "إنّ هناك مشاكل في العلاقات الثنائية حتى في مجال مكافحة الارهاب"، مذكّراً بأنّ" الكونغرس تخطى الفيتو الرئاسي العام الفائت على قرار يسمح لضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول بمقاضاة مسؤولين سعوديين"، مشيراً الى ما قاله السيناتور الأميركي "Chuck Schumer" بأنّ" السعوديين يقدمون الدعم المالي للعمليات المرتبطة بالارهاب، وأيضاً الى ما قاله السيناتور "Chris Murphy" بأنه سمح للسعوديين أن يوجدوا نموذجاً "من الاسلام" أصبح الحجر الاساس للجماعات "التي نقاتلها اليوم" بحسب تعبيره.

وتابع الكاتب "إنّ السعودية كانت في الغالب غير متعاونة في محاربة "القاعدة" قبل أن تتعرّض هي نفسها للهجمات الارهابية في شهر أيار/مايو عام 2003، والى أنها كانت جزءاً من المشكلة أكثر مما كانت جزءاً من الحل"، كذلك تحدث عن وجود عدد من "رجال الدين" والمنظمات غير الحكومية التي تساهم بإعطاء شرعية للنظام السعودي، والى أنّ" الدعم الحكومي السعودي لهذه الجهات يساهم في انشاء مناخ من الراديكالية ويجعل من الصعب الحد من نمو التطرف الدموي"، وقال ان النتيجة هي ان السعودية تصدر الخطاب الطائفي وعادة ما "تمجّد"المتطرفين.

وشدد الكاتب على ضرورة أن يدرك الرئيس الاميركي دونالد ترامب بان قدرة واشنطن على التأثير على الرياض محدودة،بحسب قول الكاتب، نظراً الى الحساسيات في الداخل، وتابع "إنّ على صناع السياسة الاميركيين ان يتذكروا ان السعودية "شريك اساس ولكن ليست صديقة"، مجدداً القول "أن لا قيم مشتركة بين الطرفين ولا "رؤية عالمية مشتركة" بينهما".

وأضاف الكاتب "إنّ المواطنين السعوديين يلتحقون في صفوف "داعش" بسهولة ويشلكون نسبة كبيرة من المقاتلين الاجانب في صفوف هذا التنظيم الارهابي، كما قال "إنّ السعودية هي موطن "رجال دين" و"منظمات دينية" تتبنى الطائفية"، ولفت الى أن "رجال دين سعوديين معروفين يدينون اتباع الطائفة الشيعية وان ذلك يعني انهم يعطون الشرعية لما وصفها "حملة داعش الطائفية".

وأضاف الكاتب الى أن خصومة السعودية مع ايران تؤدي الى المزيد من الاستقطاب في المنطقة، وأن "الواعظين" السعوديين يعطون الشرعية لمن يقاتل ايران، بمن فيهم المتطرفون الذين يتسببون بقتل الآلاف"، ونبه ايضاً الى أن بعض داعمي الارهاب في السعودية لديهم علاقات مع النظام السعودي ويتلقون الرعاية الرسمية من هذا النظام.

كما لفت الكاتب الى أن هبوط أسعار النفط كشف نقاط ضعف كبيرة في السعودية، اذ إن عجز الميزانية في هذا البلد اليوم هو الاكبر في تاريخه، وشرح بأن العائلة الملكية تعتمد بشكل كبير على العقد المبرم مع المؤسسة الدينية لتطبيق "القانون الاسلامي"، مشيراً الى أن" الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز اقترب اكثر الى المؤسسة الدينية منذ أن جاء الى الحكم عام 2015 وانه على تواصل مستمر مع "رجال دين" كبار متشددين".

وأكد الكاتب على ضرورة أن تدرس الرياض دورها في خلق مناخ من التطرف، مضيفاً "إنّ الكثير من الملفات المتعلقة بمحاربة الارهاب مثل الترويج للتطرف في الخارج عبر الطائفية وانتقاد من هم من غير مسلمين، انما ترتبط بقضايا في السياسة الداخلية التي تعتبر مهمة جداً من اجل شرعية النظام السعودي وبقائه، وعليه شدد على أن أي اصلاحات في السعودية ستكون بطيئة ان حصلت، كما جدد التأكيد أن الادارة الاميركية يجب ان لا تنظر الى الرياض ابداً كحليف "كامل" نظراً للاختلاف الكبير "في القيم".

 

2017-04-13