ارشيف من :أخبار عالمية
65 عاماً مضت على المذبحة الأمريكية بحق اليابانيين ، بداية في هيروشيما، وتالياً في ناغازاكي.
في مثل هذا اليوم من العام 1945 كان نصيب هيروشيما الموت والدمار، وتلتها ناغازاكي بعد 3 أيام، وكانت حصيلة المذبحة ما لا يقل عن 210 آلاف قتيل، عدا المصابين والمشوهين، والذين ظلوا يعانون عقوداً من الزمن من آثار السلاح الذي استخدمه هاري ترومان ليفرض الاستسلام على اليابان ابان الحرب العالمية الثانية .
ومنذ ذلك الحين والدول تتنافس لامتلاك السلاح النووي ، ولعل هذا الصراع يعكس طبيعة التوازن الدولي، حيث تسير الدول الكبرى بخطى متسارعة لتطوير هذا السلاح وبشكل سري، وتتباهى احيانا بأنها تملك آلاف الصواريخ وملايين الرؤوس النووية. لكن التهديد الأبرز يتمثل بما يملكه العدو الصهيوني من أسلحة دمار شامل او السلاح النووي، كونه يشكل تهديداً جدياً للأمن والاستقرار ليس في المنطقة فقط، وإنما على مستوى العالم .
في 16 من تموز/ يوليو 1945م أثناء الحرب العالمية الثانية، وصلت رسالة إلى الرئيس الأمريكي (ترومان) أثناء اجتماعه مع قادة الحلفاء في مؤتمر بتسدام، تفيد بأن القنبلة الذرية [قنبلة اليورانيوم] قد أصبحت جاهزة للاستخدام بعد اختبارها بنجاح في منطقة ألا مجوردوي نيو مكسيكو.
حينها، لم يبق أمام الرئيس الأمريكي سوى اتخاذ القرار ، وفي اجتماع دار بينه وبين قادة الجيش، تم الاتفاق على ضرب اليابان في أوائل شهرآب/ أغسطس ، ورأى بعض الحاضرين أنه من باب الرحمة إبلاغ اليابان مسبقاً بموضوع القنبلة حتى تبدأ في إخلاء المدن فلا يصاب عدد كبير من الأهالي.
لكن تم الاتفاق بين الأغلبية على أن تكون الضربة مفاجئة، لأنه ربما تستطيع اليابان ضرب الطائرات الأمريكية وإخماد عملية إلقاء القنبلة. من ناحية أخرى رأى الحاضرون أنه لو فشل انفجار القنبلة لأي سبب من الأسباب، سيسخر العالم من القدرة الأمريكية، بينما تحقق اليابان انتصاراً جديداً.
كما تم الاتفاق على أن تكون مدينة هيروشيما هي هدف القنبلة، لأنها من الناحية الأولى يعيش بها عدد ضخم من السكان يبلغ 245000 مواطن، كما أن بها قاعدة حربية هامة تضم حوالي 100000 جندي علاوة على عدد كبيـر من المقاتلات.
وفي الميعاد المحدد للعملية ـ يوم 6 من أغسطس 1945م، خرجت الطائرات الأمريكية وألقت بالقنبلة على هيروشيما لتتسبب بذلك في كارثة من أسوأ الكوارث التي شهدها العالم.
وبالفعل فقد أدى الانفجار إلى سحق المدينة تماماً. وقد وصل ارتفاع سحب الدخان الناتجة عن الانفجار إلى 10000 متر فوق سطح المدينة!
وفي تفاصيل ما حصل آنذاك ، فقد ألقى الأمريكيون قنبلتهم الذرية على هيروشيما في الصباح، حيث كان معظم سكان المدينة في الشوارع متجهين لأعمالهم، مما أدى إلى قتل أكبر عدد من اليابانيين بمنتهى القسوة والوحشية حيث انفجرت القنبلة في اتجاههم مباشرة، فمن كان منهم في مركز الانفجار، سحق تماماً وتبخر في درجات الحرارة العالية، أما من كان خارج مركز الانفجار، فكان أسوأ حالاً، حيث أصيب بحروق شديدة .
ويذكر بعض الناجين من الحادث أنهم رأوا الأنهار في المدينة وقد صارت محملة بجثث الضحايا التي راحت تطفو على سطح المياه!
أما الأهالي في منازلهم، ، فسرعان ما التهمت النيران منازلهم الخشبية ، فتحولوا معها إلى رماد. ولم تستطع أي جهة مسئولة في المدينة أن تفعل أي شيء أو تنقذ أي مصاب. فقد أدى الانفجار إلى دمار أكثر من 80% من المباني، أي حوالي 68000 مبنى، بما في ذلك المستشفيات ومراكز الأدوية والمطافئ .
وبعد مرور حوالي ساعتين على الانفجار، سقطت أمطار سوداء شحميه في أماكن متفرقة من المدينة، كانت بفعل اختلاط أبخرة الماء مع المواد المشعة .
على الرغم من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، رفضت حكومة اليابان باسم الإمبراطور (هيرو هيتو) الاستجابة للإنذار الذي وجهه لها الرئيس الأمريكي (ترومان) بالاستسلام ، فأعطى (ترومان) أوامره بإلقاء قنبلة أخرى [قنبلة بليتونيوم] على مدينة ناجازاكي، أدت إلى مقتل أكثر من 24000 من السكان . وفي النهاية لم تجد اليابان أمامها سوى الاستسلام بعد الخراب الذي لحق بها ، فاستسلمت للحلفاء في 14 من أغسطس 1945م.
في السياق ذاته ، لم تقتصر أضرار القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما على وقت حدوث الانفجار، بل امتدت الأضرار إلى سنين طويلة في مستقبل الأجيال، بسبب استمرار التأثيرات الضارة الناجمة عن التلوث الإشعاعي.
فمن لم يقتلوا ساعة الانفجار، مات معظمهم بعد ذلك بسبب تأثيرات الإشعاع الضارة، حيث أصيبوا بإسهال مستمر وفقدان للشهية ونزيف دموي من الأنف والأذن والفم مع سقوط شعر الرأس، حتى انتهى بهم الأمر إلى الموت.
ومع نهاية سنة 1945م بلغ عدد الموتى 140000، وعلى مدى السنوات الخمس التالية مات 60000 آخرون، بسبب التأثيرات المباشرة من تعرضهم للإشعاع .
وحتى وقتنا الحالي، لا يستطيع أحد أن يقول: إن الموت والمرض بسبب قنبلة هيروشيما قد توقف! فلا تزال آثار الإشعاع مستمرة على الأجيال، وتتسبب في الإصابة بالسرطانات، كسرطان الدم، وإصابة المواليد بعيوب خلقية.
وقد قامت إحدى الجامعات اليابانية بدراسة آثار الإشعاع الناجم عن قنبلة هيروشيما، فاتضح للباحثين أنه بين كل 4 مواليد من أبناء الجيل الأول لضحايا الكارثة، يصاب واحد منهم بعيوب خلقية.
ولا يستطيع أحد في الوقت الحالي أن يقرر إلى أي حدٍ من الأجيال سيستمر توارث آثار الإشعاع ؟
في ذكرى هيروشيما يبقى السؤال الاساسي: لماذا لا يحرك العالم ساكنا امام تعاظم القوة النووية في أنحاء الكرة الأرضية، ولا سيما في الكيان الصهيوني، خصوصا وان الطبيعة العدوانية لهذا الكيان غنية عن التعريف ، مع العلم ان جيش العدو لم يتوانَ عن استخدام بعض الصواريخ والاسلحة التي تحوي مادة "اليوارانيوم المنضب" خلال عدوانه على لبنان عام 2006 ، وفي العدوان الاخير على قطاع غزة؟؟
تقرير : محمد حسين سبيتي
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018