ارشيف من :أخبار لبنانية

النسبية التي تُسجّل مكسباً لـ’حزب الله’ - روزانا بومنصف

النسبية التي تُسجّل مكسباً لـ’حزب الله’ - روزانا بومنصف

روزانا بومنصف - صحيفة "النهار"

ماذا لو كان كل ما يجري من احتدام للمشاريع الانتخابية المتناقضة والمتعددة سيناريو للوصول الى اعتماد قانون النسبية؟  

السؤال مبني على ما سمعه سياسيون وديبلوماسيون من قريبين من الرئيس العماد ميشال عون، على هامش الاحتفال الذي اقامته سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لاسن في مناسبة يوم اوروبا في 9 أيار. إذ جزم هؤلاء المعنيون بأن الانتخابات النيابية حاصلة حكما في ايلول المقبل، على قاعدة القانون النسبي، على رغم ان رئيس الجمهورية كان عبر قبل ساعات على نحو صريح للمرة الاولى عن تفضيله القانون التأهيلي، كما أكد "تكتل التغيير والاصلاح" عدم سقوط القانون وفق ما يؤكد سياسيون آخرون. الا ان المعلومات المتوافرة اكدت ان القانون التأهيلي لم يعد يبحث، في حين ان النقاش في النسبية يأخذ مداه من اجل اقناع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع باعتماده وفق دوائر يمكن ان تريحه وتشكل حماية له، انطلاقا من أن الرئيس عون كان دوما مع القانون النسبي. وقد انحسر النقاش الى وجود مشروعين على الطاولة، هما التأهيلي والنسبي، فإذا سقط الاول وفق ما تؤكد كل المؤشرات، ولو مع التمسك به علنا رفعاً للسقوف وتحصيل المزيد، فإن القانون على اساس النسبية هو الذي يبقى، مع الاشارة الى الضغط الذي يمارسه رئيس مجلس النواب نبيه بري في العرض الذي قدمه، والذي ينتهي مفعوله في 15 أيار، قبل ان يطالب بالنسبية الكاملة. والسؤال بحسب مصادر سياسية ينبغي ان يركز على ما إذا تمت اثارة القانون التأهيلي من اجل الوصول الى النسبية والحصول على الضمانات المطلوبة فيه. والمفارقة اللافتة أنه سبق لديبلوماسيين يتابعون عن كثب تطورات الوضع اللبناني أن أبدوا اقتناعهم بأن الأمر سينتهي الى قانون النسبية بناء على حسابات الافرقاء ومواقعهم وقدرتهم في ادارة الامور. وكان جليا بالنسبة اليهم الاحتمال الكبير لـ"حزب الله" في تسويق مشروعه الذي كان دوما مبنيا على النسبية، انما على اساس دائرة واحدة تعامل معها بذكاء، في دفع الافرقاء الى استخلاص نتيجة قضت بالوصول الى النسبية في نهاية الامر بعدما طرحت مشاريع "لا تركب على قوس قزح" كما يقول هؤلاء، وليس عبر فرض قانون النسبية باعتبار انه سيقيض له الفشل لو حصل ذلك بالاكراه. واذا اخذت في الاعتبار هذه النتيجة المرتقبة فان المد والجزر اللذين طبعا مرحلة الاشهر القليلة الماضية يبدوان من عدة الشغل الطبيعية للوصول الى النتيجة التي سنصل اليها، اي قانون انتخاب على أساس نسبي يحقق للحزب خطوة مهمة جدا، لا بل مكسبا كبيرا لجهة نجاحه في أن يكون اقتراحه الانتخابي هو الذي ساد بعد نجاحه في فرض مرشحه للرئاسة وانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية. ومع انه يفترض ان ينظر الى مسألة الوصول الى قانون جديد، فان ذلك لن يمنع البعض من تسجيل أمرين أساسيين، ان الواقع السياسي في البلد بات ميزانه مختلا لمصلحة فريق كان حتى الامس القريب، ولا يزال يتهم بانه امتداد لمحور اقليمي سجل مكسبا في ايصال مرشحه للرئاسة الاولى. وثانيا، ان الواقع السياسي بات مستتبا له على نحو كلي. وهو امر مهم قياسا برهانات على عودته من سوريا متعبا باحثا عن شرعية ما يتظللها او عن مكاسب يعوض بها انسحابه من سوريا، في حين ان هذه العودة في ظل الظروف التي تتفاعل بها الامور في لبنان لن تبدو مهمة او محرجة من هذه الزاوية بالذات. وسيكون من المكابرة عدم الإقرار بقيادة الحزب ولو من الخلف لآلية الوصول الى القانون النسبي الذي أعلن دوما انه هو ما يريده وما يعتقد انه الانسب للبنان، فيما يقدم تنازلات لجهة القبول بدوائر انتخابية بدلا من ان يكون على اساس دائرة واحدة كما يطالب اساسا.

كما يحقق رئيس الجمهورية مكسبا كبيرا بدوره انطلاقا من انه اساسا كان يؤيد النسبية والتوصل الى قانون انتخابي جديد سيكون انتصارا له يقوي مفاعيل موقفه الرافض لاجراء الانتخابات وفق قانون الستين، كما رفضه للتمديد، ولو ان تأخير اجراء الانتخابات حتى ايلول او ربما حتى اوائل السنة المقبلة على رغم استبعاد المتصلين بدوائر قصر بعبدا بذلك سيكون مبررا في ضوء التحضير لاجراء الانتخابات على اساس نسبي. ومجرد الوصول الى قانون انتخابي جديد يعني ان الفراغ غير محتمل ولو انه يتم استخدامه كفزاعة لجعل كل الامور الاخرى مقبولة.

ومع ان النقاش لم يؤد الى إنضاج ما سيتم اعتماده من نسب في القانون العتيد، ولا تزال الشروط تناقش من اجل تمرير ما يمكن ان يرضي الجميع او بالحد الادنى من التحفظات والانتقادات، وهناك من يظهر تشاؤما على طول الخط بامكان الوصول الى قانون جديد، فإن ثمة من يعتقد أن رئيس الجمهورية لن يتساهل ازاء عدم بت ذلك قريبا، لأنه ينتظر انطلاق عهده مع مجلس نواب جديد وحكومة جديدة وتوازنات سياسية مختلفة.

أما الأفرقاء الآخرون الذين أظهروا مرونة كبيرة في القبول بالنسبية تحت وطأة الضغوط التي حصلت وطبيعة هذه الضغوط وصولا الى اقتراحات قوانين طائفية، فإن المقياس لمدى الكسب او الخسارة سيكون رهنا بنتائج الانتخابات وما يمكن ان تحمله من مفاجآت، ولو ان النتائج مضمونة على الورق الى حد بعيد.

2017-05-11