ارشيف من :أخبار عالمية
خاص "الانتقاد.نت" : الاحتلال طردهم وأحلّ المستوطنين مكانهم ورفضوا الخيمة بديلاأ
القدس المحتلة - ميرفت صادق
الخامسة فجرا من فجر الثاني من آب..، مئات الجنود الإسرائيليين يهاجمون منازل عائلتي الغاوي وحنون الفلسطينيتين وسط حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة... يلتصق الآباء والأمهات مع أطفالهم بأبواب البيوت.. ويتم "سحبهم وإلقاؤهم إلى العراء"..
انتهى المشهد في مهمة الجنود، ولم يتوقف في مخيلة 14 طفلا جميعهم اقل من 12 عاما...ومنذ ذلك اليوم، يصحو الصغار عبد الله ومحمد وآدم وسارة وبيان وبراء الغاوي، وأقرانهم من عائلة حنون، على رصيف الشارع... ينهضون مسرعين باتجاه بوابات منازلهم ينادون آباءهم "بدنا نروّح على البيت"، فتردهم شرطة الاحتلال تحت تهديد السلاح ، ولا تدري الأمهات كيف يخبرنهم بأن "البيت ضاع ولا مأوى لهم بعد اليوم..".
على الرصيف يقول ناصر الغاوي أحد أفراد العائلة: نحن ننام على الرصيف منذ إخراجنا من منزلنا، وفي النهار نجلس مرابطين في المكان بانتظار الفرج وعلى أمل العودة.. لكن الأطفال لا يستوعبون أننا لن نعود للبيت، وأن الاحتلال صادر كل شيء...".وعائلة الغاوي المكونة من عدة أشقاء وأطفالهم في مجموع 38 شخصا، وإلى جانبهم عائلة حنون المكونة من 18 شخصا، ومن بين الطرفين 20 طفلا، طردتهم سلطات الاحتلال من منازلهم المكونة من 10 شقق سكنية بعد معركة قضائية خاضوها منذ عام 1972 لإثبات ملكية في 11 وثيقة قدمتها العائلتين ولم تقتنع بها محاكم الاحتلال أمام أطماع الجمعيات الاستيطانية.
ويذكر ناصر الغاوي بالقول:" نحن جميعا أبناء الحاج عبد الفتاح الغاوي الذي يسكن الحي منذ عام 1956 أي قبل احتلال الشق الشرقي من القدس، ولدنا في هذا البيت وكبرنا وتزوجنا وأنجبنا أطفالا فيه، قبل أن يأت المستوطنون إلى هنا... والآن طردنا بدم بارد وبلا أي أمل...".وبعد إخلائهم مباشرة، شرعت شرطة الاحتلال بإحضار عشرات المستوطنين المتطرفين وإحلالهم في منازل عائلتي الغاوي وحنون في مشهد مأساوي تقف فيه العائلتان أمام منازلها ولا تفعل شيئا سوى البكاء والاستغاثة بلا مجيب، كما يقول ناصر.ويضيف:" كان مشهد المستوطنين يدخلون ويخرجون من بيوتنا وإليها، من أسوأ الظروف التي يمكن أن يتعرض لها بشر، ما زالت المرارة في حلوقنا، والقهر لا يفارقنا، لكننا لن نترك المكان لهم ما دام الأمر صراعا على الوجود والحق.رفضوا الخيامورغم إلقائهم في العراء، رفضت العائلتين تسلم خيام الصليب الأحمر التي تزود بها العائلات المشردة عادة.
ويقول الغاوي: رفضنا استلام الخيام من الصليب الأحمر لأننا طلبنا منهم حماية دولية للخيمة ولمكان صمودنا أمام منازلنا وأن لا يقتصر الأمر على مجرد إيواء إنساني مؤقت، فلم يقبل الصليب ذلك".وضربت شرطة الاحتلال في المكان الذي اتخذته العائلتين محلا للصمود على أمل العودة إلى منازلهم، حصارا أمنيا مشددا، ومنعت وصول أي من المتضامنين المحليين والأجانب أو ممثلي الفعاليات الرسمية والشعبية، وحتى الزوار من أهالي القدس منعوا من الاقتراب من العائلتين.37 عاما من المعاناةويروي الغاوي قصة الأطماع الاستيطانية التي بدأت بمنازل عائلتي الغازي وحنون منذ عام 1972، عندما ادعت بلدية الاحتلال في القدس أن الأرض التي بنيت عليها منازل العائلتين مملوكة لمستوطنين منذ زمن طويل.وبقي تداول هذه القضية في المحاكم الإسرائيلية حتى عام 2002 حيث أصدر الاحتلال قرارا بإخلاء منزل الوالد عبد الفتاح الغاوي، " لكن بقينا في المنزل ولم نخرج حتى قررت المحكمة الإسرائيلية العليا عام 2006 انه لا يوجد وثائق للطرفين تكفي للبت في القضية، لذلك يبقى الوضع على حاله إلى حين إحضار أوراق ثبوتية" كما يوضح.
ويضيف أن الاحتلال في تلك الفترة شعر بأن معركته خاسرة بهذا الشكل لأن ليس لدى المستوطنين الذين ادعوا ملكية الأرض الإثباتات على ذلك، لذلك تم تدبير عملية بيع للأرض لصالح شركة استيطانية استثمارية يهودية أمريكية في ذلك الحين.وعندما اشترتها، بدأت الشركة باستئجار محاميين كبار وشنت عملية مطاردة على كل حي الشيخ جراح ابتداءً بعائلتي الغاوي وحنون وبدعوى أن العائلة تسلمتا إخطارات بالإخلاء منذ عام 2002 ولم تتم العملية، أي أنهم استندوا على قرار قديم قبل شرائهم الأرض.ولم تسلم العائلتين بالواقع الجديد، حيث بدأت مع أهالي الحي بحملة بحث عن أية أوراق تثبت ملكية أراضي الحي المعروفة للمواطن المقدسي سليمان درويش حجازي، وبالفعل نجح أحد المحامين في الوصول إلى أرشيف الطابو الاسرائيلي شخصيا وعثر على أوراق ملكية الأرض مختومة بشكل رسمي.وإلى جانب ذلك، تمكن الجانب الفلسطيني من الحصول على 11 وثيقة تركية تثبت ملكية أراضي الحي كاملة لحجازي منذ العهد العثماني وتم استخراجها من أرشيف الدولة التركية. إلا أن العائلتين، ومعهم 27 عائلة مهددة بالطرد في الحي واجهت الرفض عند تقديم هذه الوثائق للمحكمة الإسرائيلية بدعوى أنها صحيحة ولكن "حال عليها قانون التقادم" أي انها قديمة وفقدت صلاحيتها ولا تعترف بها المحكمة.
ويقول الغاوي: كما ندرك منذ البداية أن القضاء الاسرائيلي لن ينصفنا، ولكن عند رفض كل هذه الوثائق والإثباتات شعرنا بظلم كبير خاصة أن المحكمة قبلت ادعاءات المستوطنين بملكية الأرض من مئات السنين، ورفضت وثائقنا الرسمية التي تعود للعهد العثماني".تهجير وطرد العرب فقط .
وأضاف: لاحظنا من قرارات المحاكم المختلقة فيما يخص قضيتنا بأن لا هدف عندهم سوى تهجير العرب بأي وسيلة وبغض النظر عن وجود وثائق وإثباتات.
وترى العائلتان اللتان تفترشان الرصيف أمام منازلها أن مصير الطرد والتشريد الذي واجههم سيكون مصير مئات العائلات المهددة في القدس، حيث يقول ناصر الغاوي: القضاء الاسرائيلي يفتقر ويفتقد لأي عنصر من عناصر العدالة، وإذا بقي العالم والأخوة العرب في حالة السبات حيال أهالي القدس فسوف تطرد المدينة بأكملها ولن يبقى في القدس وجود فلسطيني.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018