ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: نفاق الغرب..

كتب إبراهيم الموسوي
ثمة أساطير مؤسسة في الغرب، ويتم تداولها والتعاطي معها على أنها حقائق ثابتة أولية وجوهرية وبديهية إلى درجة أنها لا تحتمل أي نقاش، لكن تأملاً بسيطاً خلف الواجهة البرّاقة للغرب (وطبعاً فإن هذا الكلام لا ينفي وجود قدر هام من القيم المحترمة هناك) يكشف عن عيوب جوهرية تعتري كيانه، ولا سيما في منظومة القيم التي يتغنى الغرب بها ويحاول التبشير بها خارج أرضه. يتحفنا ساسة الغرب بالكلام والقوانين وهيئات الرقابة لأجل ضمان حقوق الانسان من أن تنتهك، وإعطائه الحرية في التعبير عن الرأي واعتناق الفكر والدين اللذين يراهما مناسبين له، لكن هذا الكلام يسقط أمام الوقائع الدامغة التي تأتينا من بلد المصدر أيضاً.
آخر ما جاءنا من هناك ما ذكره الزميل الصحافي الفرنسي ريشار لابفيار رئيس التحرير السابق في راديو فرانس انترناسيونال الذي سرح من عمله بشكل تعسفي على خلفية آرائه في 12 آب 2008، وقد عرض الزميل لابفيار ظروف صرفه من عمله في مؤتمر صحافي عقده في دار نقابة الصحافة اللبنانية في بيروت قبل أيام، وأكد في معرض كلامه أن مستوى تعددية الصحافة وحرية التعبير أعلى في بيروت مما هو في باريس، مشيراً إلى أن وكالة الصحافة الفرنسية تجمد منذ أكثر من أسبوع أربع برقيات، ومن بينها بيان مشترك صادر عن نقابات الصحافيين تندد بتسريحه. وقد فضح الزميل الفرنسي المنهج الذي تتبعه السلطات الفرنسية الرسمية في توجيهها للرأي العام وتضليله ومنعه من معرفة حقيقة ما يجري.
يقول لابفيار "ان الخطأ في خيار كبار المسؤولين في وكالات الصحافة الذين يريدون أن يفرضوا صحافة تتلقى الأوامر، وصحافيين مبرمجين يستجيبون لأوامر اللوبي الصهيوني وحده"، مضيفاً "لم يعد من مكان في فرنسا لصحافي يعترف للعرب، كائناً من كانوا ومهما كانت مشاربهم السياسية، بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الاسرائيليون والغربيون"، ويتابع قائلاً "إن توجيه الاعلام المرئي والمسموع الخارجي في فرنسا، راديو فرانس انترناسيونال France 24, TV 5monde على يد الاعلاني ألان دوبوزلال، وكريستين أوكرنت/ كوشنير زوجة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، يندرج في اطار ارادة تسعى الى فرض قراءة وفكر محافظين ومؤيدين لإسرائيل".
وتحدث الزميل أيضاً وأيضاً عن اقصائه عن أكثر من منصب من دون إعطاء تفسير لذلك.
هذه الشهادة الجديدة الآتية من فرنسا تفضح زيف ادعاءات الغرب بحرصه على حرية التعبير وإيصال الأخبار للجمهور، وحقه المقدس بمعرفة الحقيقة كما هي، تلتقي مع العديد من الشهادات والوقائع الآتية من العديد من البلدان الغربية الأخرى، سواء منها ذات البعد الاعلامي أو السياسي أو حتى الأكاديمي.
لم يعد الغرب يحب إلا أن يرى صورته، ويسمع صوته، ويبشّر برسالته وكل ما يتناسب معها كما يراها قادته وساسته، وليس كما تريدها شعوبه.
ان الغرب يعيش في أزمة أخلاقية عميقة، ما زال حتى الآن ينكرها ويتنكر لها، إنها أزمة الانحياز الأعمى لاسرائيل وكل ما يتصل بها، إنها أزمة التبرير الدائم لفظائع اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني واللبناني وغيرهما، وأزمة التضليل القائم والمبرمج للجماهير الغربية، وأزمة ازدواج المعايير، وإذا ما أردنا إيراد الأمثلة على ذلك فستكون طويلة وطويلة جداً، وهي تتضمن أعمال سجن وطرد وتضييق على كل الاعلاميين والصحافيين والمؤرخين الشرفاء والأحرار الذين جاهروا بحقيقة ما رأوا ويرون، بما لا يتناسب مع سياسات الحكومات الغربية. هل تذكرون قصة الفيلسوف روجيه غارودي مع السلطات الفرنسية، وغيره من المفكرين والكتّاب والناشرين في دنيا الغرب. القصة تستحق التوقف عندها، وتستحق أكثر من ذلك، أوسع عملية دعم وأكبر حملة تضامن مع لابفيار وغيره من المفكرين والكتّاب الشرفاء، لنتضامن معهم تضامناً مع أنفسنا ومع الانتصار للحق والحقيقة وحرية الرأي، وكي لا يشعروا أنهم متروكون في هذا العالم. إن جهداً حقيقياً ومبرمجاً ومنظماً يجب أن يبدأ من جانب العالمين العربي والاسلامي بحكوماته ووزارات خارجيته وأطقمه الدبلوماسية والأكاديمية وتلامذته وصحافييه وجامعاته الثقافية من أجل إيصال الصوت الحقيقي والصورة الحقيقية وما يجري في الواقع، الى الجمهور الغربي الذي يعاني من التضليل والجهل بمجريات الأمور.
ان هذا العمل سيضمن بداية تحول حقيقي على الأرض، وسيكون مقدمة للتغيير المرتجى في سياسات الحكام والحكومات ولو بعد حين!
الانتقاد/ العدد 1294 ـ 29 آب/ أغسطس 2008
ثمة أساطير مؤسسة في الغرب، ويتم تداولها والتعاطي معها على أنها حقائق ثابتة أولية وجوهرية وبديهية إلى درجة أنها لا تحتمل أي نقاش، لكن تأملاً بسيطاً خلف الواجهة البرّاقة للغرب (وطبعاً فإن هذا الكلام لا ينفي وجود قدر هام من القيم المحترمة هناك) يكشف عن عيوب جوهرية تعتري كيانه، ولا سيما في منظومة القيم التي يتغنى الغرب بها ويحاول التبشير بها خارج أرضه. يتحفنا ساسة الغرب بالكلام والقوانين وهيئات الرقابة لأجل ضمان حقوق الانسان من أن تنتهك، وإعطائه الحرية في التعبير عن الرأي واعتناق الفكر والدين اللذين يراهما مناسبين له، لكن هذا الكلام يسقط أمام الوقائع الدامغة التي تأتينا من بلد المصدر أيضاً.
آخر ما جاءنا من هناك ما ذكره الزميل الصحافي الفرنسي ريشار لابفيار رئيس التحرير السابق في راديو فرانس انترناسيونال الذي سرح من عمله بشكل تعسفي على خلفية آرائه في 12 آب 2008، وقد عرض الزميل لابفيار ظروف صرفه من عمله في مؤتمر صحافي عقده في دار نقابة الصحافة اللبنانية في بيروت قبل أيام، وأكد في معرض كلامه أن مستوى تعددية الصحافة وحرية التعبير أعلى في بيروت مما هو في باريس، مشيراً إلى أن وكالة الصحافة الفرنسية تجمد منذ أكثر من أسبوع أربع برقيات، ومن بينها بيان مشترك صادر عن نقابات الصحافيين تندد بتسريحه. وقد فضح الزميل الفرنسي المنهج الذي تتبعه السلطات الفرنسية الرسمية في توجيهها للرأي العام وتضليله ومنعه من معرفة حقيقة ما يجري.
يقول لابفيار "ان الخطأ في خيار كبار المسؤولين في وكالات الصحافة الذين يريدون أن يفرضوا صحافة تتلقى الأوامر، وصحافيين مبرمجين يستجيبون لأوامر اللوبي الصهيوني وحده"، مضيفاً "لم يعد من مكان في فرنسا لصحافي يعترف للعرب، كائناً من كانوا ومهما كانت مشاربهم السياسية، بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها الاسرائيليون والغربيون"، ويتابع قائلاً "إن توجيه الاعلام المرئي والمسموع الخارجي في فرنسا، راديو فرانس انترناسيونال France 24, TV 5monde على يد الاعلاني ألان دوبوزلال، وكريستين أوكرنت/ كوشنير زوجة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، يندرج في اطار ارادة تسعى الى فرض قراءة وفكر محافظين ومؤيدين لإسرائيل".
وتحدث الزميل أيضاً وأيضاً عن اقصائه عن أكثر من منصب من دون إعطاء تفسير لذلك.
هذه الشهادة الجديدة الآتية من فرنسا تفضح زيف ادعاءات الغرب بحرصه على حرية التعبير وإيصال الأخبار للجمهور، وحقه المقدس بمعرفة الحقيقة كما هي، تلتقي مع العديد من الشهادات والوقائع الآتية من العديد من البلدان الغربية الأخرى، سواء منها ذات البعد الاعلامي أو السياسي أو حتى الأكاديمي.
لم يعد الغرب يحب إلا أن يرى صورته، ويسمع صوته، ويبشّر برسالته وكل ما يتناسب معها كما يراها قادته وساسته، وليس كما تريدها شعوبه.
ان الغرب يعيش في أزمة أخلاقية عميقة، ما زال حتى الآن ينكرها ويتنكر لها، إنها أزمة الانحياز الأعمى لاسرائيل وكل ما يتصل بها، إنها أزمة التبرير الدائم لفظائع اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني واللبناني وغيرهما، وأزمة التضليل القائم والمبرمج للجماهير الغربية، وأزمة ازدواج المعايير، وإذا ما أردنا إيراد الأمثلة على ذلك فستكون طويلة وطويلة جداً، وهي تتضمن أعمال سجن وطرد وتضييق على كل الاعلاميين والصحافيين والمؤرخين الشرفاء والأحرار الذين جاهروا بحقيقة ما رأوا ويرون، بما لا يتناسب مع سياسات الحكومات الغربية. هل تذكرون قصة الفيلسوف روجيه غارودي مع السلطات الفرنسية، وغيره من المفكرين والكتّاب والناشرين في دنيا الغرب. القصة تستحق التوقف عندها، وتستحق أكثر من ذلك، أوسع عملية دعم وأكبر حملة تضامن مع لابفيار وغيره من المفكرين والكتّاب الشرفاء، لنتضامن معهم تضامناً مع أنفسنا ومع الانتصار للحق والحقيقة وحرية الرأي، وكي لا يشعروا أنهم متروكون في هذا العالم. إن جهداً حقيقياً ومبرمجاً ومنظماً يجب أن يبدأ من جانب العالمين العربي والاسلامي بحكوماته ووزارات خارجيته وأطقمه الدبلوماسية والأكاديمية وتلامذته وصحافييه وجامعاته الثقافية من أجل إيصال الصوت الحقيقي والصورة الحقيقية وما يجري في الواقع، الى الجمهور الغربي الذي يعاني من التضليل والجهل بمجريات الأمور.
ان هذا العمل سيضمن بداية تحول حقيقي على الأرض، وسيكون مقدمة للتغيير المرتجى في سياسات الحكام والحكومات ولو بعد حين!
الانتقاد/ العدد 1294 ـ 29 آب/ أغسطس 2008